أعاد خبر إعلان وزارة الخارجية، أمس الأول عن قيام دولة قطر بإرسال طائرة مزودة بتجهيزات وطاقم طبي متكامل إلى مطار آدم عدي الدولي بالعاصمة الصومالية مقديشو، لنقل مصابي الهجوم الانتحاري إلى الدوحة لتلقي الرعاية الطبية اللازمة، المهام الإنسانية التي تقدمها قطر إلى دول العالم ومن بينها الصومال الشقيقة.
وتربط قطر بالصومال علاقات متينة، تعتبر مثالاً للروابط القوية المتأصلة في وجدان البلدين وتاريخهما المشترك، وأضافت الزيارات المتبادلة لكبار المسؤولين في البلدين على العلاقات الثنائية مزيدا من القوة والرسوخ، وتحظى هذه العلاقات بدعم كامل من قيادتي البلدين من منطلق حرصهما على تطوير التعاون الثنائي في كافة المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية والثقافية وغيرها.. ويسلط التقرير التالي الضوء حول أهم الروابط بين الدولتين الشقيقتين.
والعلاقات بين قطر والصومال قائمة على إحلال الأمن هدفها تعزيز التعاون والتنمية، ومساعدة الصومال على إحداث تنمية شاملة في البلاد، من خلال تعزيز علاقات الاستثمار والتجارة بين الإقليمين، كما أن قطر تساند الصومال في جهود مكافحة الإرهاب.
وخلال السنوات القليلة الماضية، تم إبرام اتفاقيات عديدة بين البلدين، مثل التعاون في قطاعي الطيران المدني والتعليم، وتهدف المعاهدة إلى تسريع عملية إعادة الإعمار والتنمية الجارية في الصومال ودعم خلق فرص العمل المحلية. كما أطلقت قطر استثمارات في مقديشو ودعمت القوات الصومالية، حيث زودت الحكومة بـ 68 مركبة مصفحة في وقت سابق من هذا العام، وكل ذلك يستهدف مساندة الصومال وتحقيق الأمن والتنمية على حد سواء.
وتعمل الاستثمارات القطرية في الصومال على خلق التنمية وتوفر فرص عمل للشباب، وتولي قطر أهمية كبيرة لتطوير بعض المنشآت الحكومية وتقدم دعماً مباشراً لميزانية الحكومة، والتي كان أبرزها توجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، بدعم موازنة الحكومة الصومالية للعام الحالي 2019، وهو ما يدل على أن الدوحة تقف إلى جوار الصومال وتدعمها بما يخدم استقرار البلاد والتنمية هناك.
فالدعم المباشر للميزانية الحكومية أو من خلال المشاريع أو من خلال الاستثمار عبر القطاع الخاص، ساهم في مساندة الصومال والوقوف الى جانبها بمختلف المجالات، وكذلك الوقوف إلى جوارها في مكافحة الإرهاب، وأيضا منح الجالية الصومالية المقيمة في قطر العديد من فرص العمل. فقطر دائما وأبدا تساهم في دعم استقرار ووحدة الصومال، كما أنها لا تتدخل في الشؤون الداخلية للصومال، وتبذل جهدا كبيرا من أجل استقرار البلاد هناك.
وكانت زيارة الرئيس محمد عبدالله فرماجو رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية إلى الدوحة فبراير الماضي ناجحة بكل المقاييس ومهمة جدا، حيث تم التوقيع على عدد من الاتفاقيات، فضلا عن حث رجال الأعمال القطريين على الاستثمار في الصومال، فالاستثمارات القطرية في الصومال من خلال رجال الأعمال، ستؤدي إلى توفير فرص العمل للشباب ومزيد من التقدم في الصومال.
كما استقبلت جمهورية الصومال الفيدرالية مطلع العام الجاري منحة عسكرية مقدمة من القوات المسلحة القطرية، وذلك عبر ميناء مقديشو البحري. وتتكون المنحة القطرية من 68 آلية عسكرية حديثة تم شحنها بجهود مشتركة من مختلف الوحدات بالقوات المسلحة القطرية. وتأتي هذه المنحة في إطار دعم دولة قطر لجمهورية الصومال الشقيقة شعباً وحكومةً، لتسهم في الشد من عضد مؤسسات الدولة في جمهورية الصومال الفيدرالية الشقيقة والحكومة المركزية المعترف بها دوليا، ودعم جهودها الحثيثة لإرساء الأمن ومحاربة الإرهاب والتطرف.
دور مهم لقطر في تنفيذ المشاريع الحيوية وإعادة بناء الصومال
تنظم العلاقات بين الدولتين مجموعة من الاتفاقيات منها، اتفاقيات لتجنب الازدواج الضريبي، ومنع التهرب المالي، وتشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة، واتفاقية بشأن النقل البحري، واتفاقية للتعاون الاقتصادي والتجاري والفني واتفاقية بشأن استخدام العمال الصوماليين بدولة قطر، بالإضافة إلى ثلاث اتفاقيات لتمكين الشباب الصومالي اقتصادياً، عن طريق تأمين أكثر من 75000 وظيفة له داخل الصومال.
كما تنظم هذه العلاقات بين البلدين أيضا مجموعة من مذكرات التفاهم منها مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الموانئ، ومذكرة تفاهم لإنشاء لجنة عليا مشتركة، ومذكرة تفاهم للتعاون والتشاور السياسي بين وزارتي خارجية البلدين، ومذكرة تفاهم للتعاون بين المعهدين الدبلوماسيين القطري والصومالي، ومذكرة تفاهم للتعاون في المجال الصحي، ومذكرة تفاهم لدعم برامج التعليم في الصومال.
كما تشهد العلاقات السياسية بين دولة قطر وجمهورية الصومال تطوراً ملحوظاً يعكسه التنسيق المتبادل بين الجانبين في المحافل الإقليمية والدولية تجاه القضايا ذات الاهتمام المشترك بما يخدم مصلحة الجانبين.
وتلعب قطر دورا مهما في تنفيذ العديد من المشاريع الحيوية التنموية وإعادة البناء والتأهيل في الصومال، وتظل قطر داعماً أساسياً للصومال وشعبه الشقيق، لتحقيق آماله وتطلعاته لبناء دولته، وضمان مستقبل مزدهر لأجياله القادمة، والحفاظ على وحدة الصومال وسيادتها، مشيرة إلى أنها قدمت معونات لصالح خطط وبرامج الحكومة الصومالية الفيدرالية في عدة مجالات.
ودعمت دولة قطر تنمية القدرات الأمنية وبرامج التمكين الاقتصادي وخلق الوظائف للشباب بالصومال، كما دعمت الصندوق الاستئماني من أجل السلام والمصالحة، ونفذت مشاريع تنموية تشمل مدارس ومستشفيات وعيادات وبيوتاً للفقراء ومشاريع مدرة للدخل، فضلاً عن المساعدات والمشاريع الإنسانية التي يقدمها الهلال الأحمر القطري وجمعية قطر الخيرية وحزمة مشاريع تنموية بقيمة (200) مليون دولار تشمل بناء وتأهيل مبانٍ حكومية وطرق تربط العاصمة مقديشو بمدينتي جوهر وأفغوي.
مقديشو اكسبرس .. خدمات ملاحية مباشرة إلى الدوحة
شهد شهر مايو الماضي انطلاق أول خدمة ملاحية أسبوعية مباشرة بين قطر والصومال (مقديشو اكسبرس)، حيث استقبل ميناء حمد، بوابة قطر الرئيسية للتجارة مع العالم،، سفينة الحاويات ام اس سي هيمانشي ، وحسب شركة مواني قطر، تقدم الخدمة الجديدة التابعة لشركة ام اس سي العالمية حلولا سريعة للمصدرين والموردين من البلدين.
وكانت شركة كيوتيرمنلز التي تدير المرحلة الأولى من ميناء حمد، أعلنت قبل أيام عن بدء تشغيل الخدمة الأسبوعية (مقديشو اكسبرس) لشركة (MSC)، حيث تعتبر هذه الخدمة أول خدمة مباشرة بين دولة قطر وجمهورية الصومال.
وفقا لـ كيوتيرمنلز فإن تلك الخدمة الجديدة تصل إلى ميناءي مقديشو وكيسمايو وبالتالي فهي تتيح الفرصة لتجارة مباشرة بين الدولتين وذلك بخدمة منتظمة وسرعة فالوصول.
ونجح ميناء حمد في فترة قصيرة في بناء شبكة شحن عالمية توفر سلسلة إمداد مستقرة وموثوقة في جميع الظروف، حيث يعد اليوم ميناء محوريا لأكثر من 28 خدمة ملاحية مباشرة تربط أكثر من 50 ميناء حول العالم. واستطاع ميناء حمد بالفعل إحداث تحول نوعي في تنويع الاقتصاد القطري وتعزيز القدرة التنافسية من خلال دوره في تأمين الاستيراد وإعادة تصدير السلع والبضائع.
ويؤمن ميناء حمد لقطاع النفط والغاز ممثلاً في شركة قطر لتسويق وتوزيع الكيماويات والبتروكيماويات (منتجات) تصدير عدد من شحناتها عبر الميناء إلى وجهاتها النهائية في جميع أنحاء العالم، حيث يتولى الميناء مسؤولية توفير خدمات الشحن والتفريغ لحاويات الشركة، بما في ذلك الحاويات المحملة بالمنتجات. وكذلك الحاويات الفارغة. كما يقوم الميناء بتسهيل وتطوير خدمات الدعم المطلوبة للحاويات.
مشاريع مهمة في البنية التحتية ينفذها قطر للتنمية
لعب صندوق قطر للتنمية دورا مهما في إعادة بناء البنية التحتية في الصومال، وخلال العام الجاري وقع صندوق قطر للتنمية عقدا لمشروعي طرق، وهما طريق مقديشو جوهر وطريق مقديشو أفغوي مع المقاول الرئيسي (شركة إينيز إنسات التركية) وعقد الخدمات الإستشارية مع شركة إستاد لإدارة المشاريع القطرية، وهو المشروع الذي اعتبرته حكومة الصومال مكسبا كبيرا نظراً لتأثيره الإيجابي على الاقتصاد الصومالي ككل، معربة عن شكرها لحكومة قطر لمشاريعها التنموية والإنسانية ومساعداتها لشعب وحكومة جمهورية الصومال في مختلف المجالات.
ويبلغ طول طريق مقديشو جوهر 90 كم وطريق مقديشو أفغوي 22 كم، كما يهدف المشروع إلى المساهمة في دعم الأشقاء الصوماليين في توفير بنية تحتية ملائمة تساهم في تحفيز الإقتصاد في البلاد، بالإضافة إلى خلق وظائف جديدة في السوق و التي ستؤدي إلى تحريك عجلة التنمية في البلاد.
ويأتي هذا المشروع المهم في إطار إهتمام صندوق قطر للتنمية بالمشاريع التنموية، حيث يعتبر هذا المشروع مشروعا تنمويا بعيد المدى، يضمن الكثير لسكان المنطقة من استقرار لحياة الناس وتعزيز الأمن كما يسهل حياتهم في الوصول لمتطلبات الحياة اليومية، هذا بالإضافة أن المشروع سيساهم في نقل البضائع من وإلى ميناء مقديشو بهدف تعزيز الإقتصاد الداخلي والخارجي.
منتديات خارجية لإنهاء الصراع
قطر تدعو المجتمع الدولي لإيجاد حلول جذرية لأزمة الصومال
بخلاف المساعدات الإنسانية والمادية التي تقدمها دولة قطر إلى جمهورية الصومال، وقفت أيضا قطر إلى جانب الصومال في المحافل الدولية، وتبنت القضية الصومالية داعية المجتمع الدولي إلى تضافر جهوده من أجل إيجاد حلول جذرية للأزمة في الصومال الشقيق حتى يتمكن من الحفاظ على سيادته وتحقيق المصالحة الوطنية، منوهة بالجهود والخطوات الملموسة التي قطعها الصومال على جميع الأصعدة لما فيه مصلحة الشعب الصومالي.
وهو الموقف الذي بدا واضحا في منتدى الشراكة الدولي حول الصومال، في العاصمة البلجيكية بروكسل والذي شاركت قطر في أعماله، حيث أكدت قطر أن المشاركة الواسعة من المجتمع الدولي في هذا المنتدى تؤكد الإرادة الدولية المشتركة لإيجاد حلول جذرية للأزمة الصومالية، حتى يتمكن الصومال من الحفاظ على سيادته، وتحقيق المصالحة الوطنية، وإحلال الأمن على أراضيه، وبناء مؤسساته، وتوفير العيش الكريم لأشقائنا الصوماليين، ولن يكون هذا ممكنا دون تضافر جهود المجتمع الدولي .
وأكدت قطر على أهمية البناء على الزخم الذي تحقق، ومن ثم لابد من أن نستمر في تقديم المبادرات لدعم الصومال والوفاء بالتعهدات واحترام سيادة الصومال وعدم التدخل في شؤونه الداخلية من أي طرف كان وفقا للقانون الدولي ووفق الإعلانات السياسية الصادرة في هذا الشأن، وتقديم الدعم الكامل في مجال مكافحة الإرهاب الذي ندينه مهما كانت ذرائعه، وتوثيق التعاون بين الحكومة الفيدرالية وكافة ولاياته دون تهميش لأحد.
ولا تقتصر التحديات التي يواجهها الصومال على الجوانب الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والمؤسساتية والسلم الداخلي فحسب، بل تشمل الكوارث الطبيعية، ومن أهمها موجات الجفاف الشديدة التي تجتاح البلاد باستمرار، ولولا تكاتف الجهود الدولية وتفاني الجمعيات الخيرية والمدنية لكانت الخسائر البشرية مأساوية.
وأكدت قطر على مواصلة بذل جهودها الإغاثية، وتقديم المساعدات التنموية للصومال الشقيق وغيره من البلدان المنكوبة، متحملة بذلك مسؤوليتها كعضو فاعل ومسؤول في المجتمع الدولي، ومؤمنة بأن السلام والأمن والتنمية وحقوق الإنسان، هي عوامل مترابطة ومكملة لبعضها البعض، والطريق الأوحد لتجنب التطرف والعنف والإرهاب، وأن تلبية الاحتياجات الإنسانية والتنموية والإصلاحات والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان يجب أن تسود وفقا لمقاصد وأهداف الأمم المتحدة.
كما أكدت الدوحة على أنها على اتصال وثيق ودائم مع الحكومة الصومالية والبعثة الأممية في مقديشو، كما نعتز بشراكتنا مع الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي والاتحاد الإفريقي بمختلف مؤسساته، بالإضافة إلى البلدان المجاورة والصديقة لتنسيق وتوحيد الجهود بما يخدم أهدافنا السامية.
وقد حرصت قطر على دعم الصومال للفترة 2010- 2017 من القطاعين الحكومي وغير الحكومي تجاوز مبلغ 200 مليون دولار أمريكي، كما أعلنت دولة قطر في نوفمبر 2017 عن حزمة دعم بمبلغ 200 مليون دولار إضافية لدعم مشاريع الصحة والتعليم والتمكين الاقتصادي وكذلك البنية التحتية كمشاريع الطرقات التي تربط المدن وتدعم الاقتصاد بربط مناطق الإنتاج بالأسواق والموانئ وذلك لتشجيع المجتمع الدولي على تقديم مشاريع تنموية مماثلة لتنمية الاقتصاد والتبادل التجاري، وأنه يتم تنفيذ هذه المشاريع بالتنسيق مع حكومة الصومال.
وكانت حكومة قطر، ممثلة في وزارة الخارجية وهيئة تنظيم الأعمال الخيرية، أطلقت حملة تبرعات أهلية في أوائل شهر يونيو 2018 (خلال شهر رمضان الكريم) والذي يعتبر شهر العطاء والمحبة، وذلك لنجدة الشعب الصومالي.. منبها إلى أن كافة أشكال الدعم تتم عبر القنوات الرسمية بين البلدين وبالشراكة مع وكالات الأمم المتحدة وهيئات الإغاثة العالمية والحكومة الصومالية.