تتجه الأنظار إلى العاصمة الفيتنامية هانوي، حيث تبدأ هناك اليوم لقاءات القمة التاريخية الثانية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون في محاولة جديدة لتجاوز 70 عاماً من الحرب والعداء في شبه الجزيرة الكورية وإخلائها من التهديدات والسلاح النووي، مقابل تخفيف العقوبات الأمريكية المفروضة على بيونغ يانغ وتحسين العلاقات الثنائية بين البلدين.
وقال البيت الأبيض، إن الرئيسين سيعقدان سلسلة من محادثات القمة غدا الخميس، وحسب مصادر إعلامية كورية فمن المتوقع أن يجتمع الرئيسان خمس مرات على الأقل في قمة هذا الأسبوع، ومن غير المستبعد عقد اجتماع إضافي بينهما، إذا تطلبت تطورات المحادثات بين الرئيسين اللذين تبادلا ذات يوم خطاباً قاسياً وإهانات وتهديدات نووية، لكنهما حققا في قمة سنغافورة مصافحة تاريخية على أمل صنع السلام في شبه الجزيرة الكورية.
ويرى المراقبون أن أجواء التفاؤل المحيطة بالقمة تثير أسئلة عديدة تصعب إجابتها، لكنهم يؤكدون أن نظام الرئيس كيم قرر وضع منشآته النووية على الطاولة، وأنه مستعد لتفكيك وتدمير ما يتم الاتفاق بشأنه، مقابل إجراءات وخطوات ومكافآت اقتصادية تخرجه من طوق العزلة المفروضة عليه.
وتطالب الولايات المتحدة الأمريكية بوضوح بتخلي كوريا الشمالية عن أكبر قدر ممكن من برامجها وأسلحتها النووية، وبشكل يمكن التحقق منه، وفي المقابل لا يبدو واضحا بصورة قاطعة مدى استعداد الرئيس الكوري الشمالي للتخلي عن أسلحته النووية التي يعتبرها الضمانة الأقوى لبقاء نظامه، وأمنه العسكري، لكنه في الوقت ذاته يبدو راغباً في تحسين الأوضاع الاقتصادية لبلاده، وتخليص شعبه من حالة الفقر التي يعيشها.
وقد لوح الرئيس الأمريكي بالورقة الاقتصادية قبل وصوله إلى هانوي، حيث أعلن أن بإمكان كوريا الشمالية أن تصبح قوة اقتصادية عظمى إذا تخلّت عن ترسانتها النووية، وأضاف أن الرئيس كيم يدرك، وربما أفضل من أي شخص آخر، أنه بدون الأسلحة النووية، يمكن لبلاده أن تصبح وبسرعة واحدة من القوى الاقتصادية الكبرى في أي مكان من العالم بسبب موقعها وشعبها، وامتلاكها مقومات للنمو السريع أكثر من أي دولة أخرى.
وفي إشارة إلى وجود أهداف اقتصادية كورية شمالية في هذه القمة، تم إدراج نائب رئيس حزب العمال الكوري الشمالي ومدير إدارة الشؤون الاقتصادية بالحزب، في الوفد المرافق للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إلى هانوي.
وخفض ترامب من سقف توقعاته للقمة بالقول إنه ليس في عجلة من أمره، بينما قال وزير خارجيته مايك بومبيو، إن العقوبات الاقتصادية الرئيسية على بيونغ يانغ ستظل قائمة حتى نزع السلاح النووي بشكل كامل، إلا أنه أشار إلى أن الولايات المتحدة ستوفر ما أسماه مخرجا اقتصاديا إذا تحقق تقدم.
وبما أن كوريا الشمالية والولايات المتحدة لم تتفقا حتى الآن على تعريف المقصود بنزع السلاح النووي الكامل، يرى المراقبون أن هذه الغاية يجب أن تكون هدفاً بعيد المدى لأنه سيستمر حتى بعد انتهاء رئاسة الرئيس ترامب، وقالوا، إن بالإمكان تسريع جهود نزع السلاح النووي في قمة هانوي، لكن ذلك لن يحدث بين ليلة وضحاها، خاصة وأنه لم يتم حتى الآن بناء الثقة بين البلدين.
وفي سول قال مسؤول حكومي كوري جنوبي، إن الدولتين قد تتفقان على كيفية الإعلان عن نهاية الحرب الكورية في قمة هانوي، وأضاف أن استبدال الهدنة الكورية بمعاهدة سلام سيستغرق بعض الوقت، ويجب أن يكون جهدا متعدد الأطراف يشمل الكوريتين والصين. لكن من المرجح أن يثير إعلان نهاية الحرب الكورية الجدل السياسي والاحتجاجات من المحافظين في كوريا الجنوبية، الذين يقولون إن هدف الشمال هو إزالة كوريا الجنوبية وإعادة توحيد الشطرين بشروط الشطر الشمالي.
ويرى بعض المراقبين أنه ما لم تحقق قمة الزعيمين تقدما واضحا فسيكون من الصعب تحقيق تقدم فيما بعد، نظرا لانشغال الجانبين بشؤونهما الداخلية مثل انطلاق سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية أواخر العام الجاري، واحتفالات كوريا الشمالية بالذكرى السنوية ال 75 لتأسيس حزب العمال الحاكم، وحاجة الرئيس كيم لاختراق اقتصادي من خلال تخفيف العقوبات المفروضة على بلاده قبل حلول تلك المناسبة.