اكتمال مصب «أبو هامور» البحري 2021 للحد من تجمعات المياه

أمطار الخير .. تحديات بيئية تتطلب بنى تحتية متكاملة

لوسيل

محمد عبدالعال

أثارت موجة الأمطار غير المسبوقة ومتفاوتة الغزارة التي تعرضت لها مختلف مناطق الدولة مطلع الأسبوع الجاري بمصاحبة رياح قوية أدت لتجمع المياه في بعض الطرق والمناطق المحلية، ردود فعل متباينة بين جمهور المواطنين والمقيمين بشأن كفاءة شبكات الصرف وتصريف مياه الأمطار في الدولة.
وبينما اعتبر البعض أن هذه الأمطار كشفت عن وجود بعض القصور في التعامل مع كميات الأمطار في بعض المناطق، رأى آخرون أن التعامل كان مثالياً، فعلى الرغم من غزارة الأمطار بشكل فاق السعة التصميمية لشبكات تصريف مياه الأمطار والصرف الحالية، إلا أن الحياة عادت إلى طبيعتها في مختلف المناطق خلال أقل من 24 ساعة نتيجة لتضافر جهود الجهات المعنية بمواجهة مثل هذه الأزمات.
ويرى مراقبون أن إخلاء الطرق الرئيسية والداخلية والأنفاق من تجمعات المياه المتراكمة في أقل من 24 ساعة دليل على نجاح خلية الأزمة في التعامل مع الموقف منذ بداية هطول الأمطار.
وأصدرت أشغال بالتعاون مع الجهات المعنية ممثلة في وزارتي الداخلية والبلدية والبيئة والهيئة العامة للطيران المدني آلية عمل تضم 3 مستويات هي: التنبيه، والحدث (غرفة العمليات)، والطوارئ الكبرى، حددت مهام وأدوار الجهات المعنية التي يتم تنفيذها بناء على معلومات إدارة الأرصاد الجوية المحدثة.
حسب المهندس ناصر اليامي، مدير الحدث بغرفة العمليات بقطاع الأصول، مساعد مدير إدارة صيانة وتشغيل الصرف الصحي بهيئة الأشغال العامة، فإنه خلال الأمطار التي هطلت الأسبوع الجاري تم تفعيل درجة الطوارئ الكبرى وتم عزل بعض الطرق الرئيسية لسلامة المواطن والمقيم، في الوقت الذي تكاتفت فيه الجهود لسحب المياه من مختلف المناطق خاصة الطرق الرئيسية والأنفاق في أقل من 24 ساعة.
وفرت الدولة هذا العام 450 سيارة سحب مياه مقارنة بـ 300 العام الماضي و85 مضخة إضافية محملة على سيارات تم توزيعها في مناطق متفرقة لسحب تجمعات مياه الأمطار.
ويبدأ استعداد الدولة لموسم الأمطار قبل بدايته بفترة حيث تنفذ أشغال بالتنسيق مع أجهزة البلديات خطة لصيانة وتنظيف شبكات الصرف الصحي وفتحات تصريف مياه الأمطار.
وقال اليامي ، في حديث لإذاعة قطر، أمس، إن شبكات تصريف مياه الأمطار تضم 3 فئات: الأولى تشمل الأنفاق والطرق السريعة، والثانية الطرق الرئيسية، والثالثة الطرق الداخلية، حيث يتم تنظيف كل هذه الشبكات وصيانة محطات الضخ والمعالجة وتجهيز معدات إلكتروميكانيكية ضمن خطة الاستعداد لموسم الأمطار.
ويقول مختصون، إنه على الرغم من أن خطة الاستعدادات المنفذة شملت رصد وتحديد الأماكن المتوقعة لتجمعات مياه المطار ووضع الخطط المرحلية لحين استكمال وتنفيذ الوضع الأمثل لشبكات تصريف مياه الأمطار في حال عدم اكتمالها، إلى جانب التوعية بالإجراءات الاحترازية الواجب اتباعها قبل وأثناء هطول الأمطار، إلا أن هناك بعض المناطق تعرضت لبعض المشكلات.
وأضاف اليامي : تم تنفيذ كل هذه الأمور بنجاح، لكن المشكلة تمثلت في أن كمية الأمطار كانت غير مسبوقة ومضاعفة وتفوق السعة التصميمية لمحطات الضخ والمعالجة في ظل عدم وجود شبكة متكاملة ومصبات بحرية، فالأرصاد الجوية رصدت نحو 86 ملم وبعض القراءات الخاصة بنا في بعض المناطق رصدت تجاوزها حاجز 100 ملم، بينما الأنفاق في الدولة مصممة لاستيعاب كميات من 1 إلى 50 ملم .
وفقا لـ الطيران المدني ، فإن مستوى سقوط الأمطار تراوح بين المتوسطة والغزيرة حيث بلغت أعلاها 84 ملم في منطقة أبو هامور وهي أعلى كمية مسجلة في مناطق الدوحة خلال شهر أكتوبر، فيما انخفضت بمحطة رأس لفان إلى 31 ملم، والخور إلى 23 ملم.

جيولوجيا التربة

يعتقد مختصون أن الطبيعة والخصائص الجيولوجية للتربة تعد أحد العوامل المؤثرة في تسريع معدل امتصاص مياه الأمطار وتسهيل عملية التخلص منها، إلى جانب توافر البنية التحتية المتكاملة.
المهندس ناصر فخرو، مدير إدارة تصاميم شبكات الصرف الصحي في هيئة الأشغال العامة، قال إن قطر تمتلك طبيعة أرض صخرية لا تتسرب فيها المياه بسهولة، الأمر الذي يتطلب نظام صرف صحي سطحي ومعبد باهظ التكلفة.
وتنفذ الدولة مشروعات أنظمة وشبكات الصرف الصحي المعتمدة وفق مقاييس عالمية مستندة على تاريخ الهطول المطري في دولة قطر.
وأضاف فخرو : أحد أسباب عدم التخلص من مياه الأمطار وحدوث طفح وتجمعات كبيرة هو عدم اكتمال المصبات البحرية، ونتوقع في سنة 2021 اكتمال نفق أبو هامور (مسيمير) ما سيجعل هذه الأنظمة تعمل بكفاءة عالية وكاملة لأن في عدم وجود المصب نلجأ إلى حلول وسطية لحين الانتهاء من هذا المصبات، والحلول هي إما اعتبار مخارج المياه بحيرات، أو الحقن في طبقات الأرض السفلى أو التبخير على مساحات كبيرة.
ويقول خبراء إن تلك الحلول المؤقتة ربما تكون غير فعالة في كثير من الأحيان ما قد يؤدي إلى تفاقم المشكلات في كثير من المناطق.
وتابع فخرو : هذه الحلول لها فعالية معينة مقارنة بفعالية المصبات البحرية التي تسمح بضخ كميات هائلة في وقت أقل، وبالتالي لو زادت معدلات الهطول عن مستواها الطبيعي مثلما حدث في الأمطار الماضية ستحدث تجمعات للمياه مؤقتة لا تدوم 10 دقائق أو أكثر لها، لكن في الحلول الوسطية المؤقتة قد تدوم لساعات وفي بعض المناطق السكنية ربما تصل إلى يوم أو أكثر .
وتشير البيانات الرسمية المعلنة إلى أن متوسط معدل تاريخ الهطول المطري في قطر يتراوح بين 10 و15 يوماً سنوياً.
وفقا لـ فخرو فإنه عند تصميم المشروعات يتم وضع الأسس التصميمية التي تستطيع الدولة خدمتها واعتمادها في ميزانيات سهلة إلى جانب كونها مناسبة للتخلص من مياه الأمطار المتوقعة بناء على تاريخ الهطول المطري وليس الأمطار أو السيول المفاجئة.
يرى مسؤولون أن التشكيك في قدرة الدولة على التعامل مع أي عملية هطول أمطار مماثلة خلال بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 التي تتزامن مع موسم الأمطار الشتوية السنوي أمر غير مقبول.
وقال فخرو : في 2021 سيكتمل مصب أبو هامور (نفق مسيمير)، والمرحلة الثانية منه هي دخول النفق إلى داخل البحر لمسافة 10 كيلو مترات ما سيجعل من حدوث عمليات الطفح في الشوارع والمناطق السكنية أمرا غير ممكن حتى في حالة غزارة الأمطار .
وتعمل هيئة الأشغال العامة على وضع الحلول الدائمة لتصريف مياه الأمطار، حيث كانت انتهت في عام 2016 من إنشاء نفق مسيمير الرئيسي والذي يربط شبكات الصرف القائمة والمستقبلية في المناطق التي يمر فيها.
وسيعمل النفق بعد تشغيله واكتمال المصب البحري التابع له والذي يجري العمل فيه حالياً على استيعاب المياه السطحية من الشبكات الفرعية المتواجدة في مواقع مختلفة تقدر مساحتها بحوالي 170 كيلو مترا مربعا، مما سيعمل على الحد من تجمعات مياه الأمطار، خصوصاً في أنفاق السيارات، حيث إنه يتصل بشبكات تصريف مياه الأمطار في 22 نفقا للمركبات.

استيعاب جزئي

تفسير آخر يروجه البعض بشأن المشكلات المؤقتة التي شهدتها بعض المناطق جراء موجة الأمطار متفاوتة الغزارة المصاحبة لرياح قوية، يتمثل في عدم اكتمال تنفيذ شبكات الصرف الصحي في العديد من المناطق بشكل كامل.
المهندس سالم الشاوي، مساعد مدير إدارة مشاريع الطرق في أشغال ، قال: مشروعات البنية التحتية الجديدة والجاري تنفيذها في الفرجان والمناطق السكنية تستغرق فترات من 2 إلى 3 سنوات لإنجازها، يتم التنفيذ بشكل جزئي ومع قدوم موسم الأمطار تكون نسبة الإنجاز متراوحة بين 40 و70%، لذا فإن عدم إنجاز المشروع بنسبة 100% وعدم اكتمال ربطه بنقطة المصب النهائية تظل الشبكة الداخلية مستخدمة كخزانات فقط لاستيعاب المياه القادمة لمستوى معين إذا تخطته يتم بالتعاون مع مقاول المشروع وهيئة الأشغال اتخاذ اللازم لمنع حدوث طفح للمياه عبر السحب بالتناكر أو المضخات .
وأضاف: استيعاب هذه المشاريع يكون جزئيا لحين اكتمال ربطها بالمصب النهائي وأغلب المشروعات التي شهدت طفحا وتجمعات للمياه لا تزال في المرحلة النهائية في التنفيذ ولم يتم ربطها بالنقطة النهائية .
ويطالب البعض بالالتفات إلى المناطق السكنية غير مكتملة الخدمات التي تضرر بعضها من الأمطار الغزيرة نتيجة عدم احتوائها على شبكة صرف صحي.
وحسب الشاوي، فإن الهيئة تعمل على هذه المناطق حاليا وتمت مطلع أكتوبر الجاري ترسية مشروعين في منطقة العب ولعبيب و3 مشاريع في معيذر والمعراض وهي مشاريع مكتملة البنية التحتية تمنع حدوث الأضرار، إلى جانب أن مطلع العام المقبل سيشهد تنفيذ 7 مشروعات، جزء منها قيد الترسية حاليا وجزء آخر قيد الطرح، منها مشروعان في العب ولعبيب ومشروعان في الخريطيات و3 مشروعات في الوكير ستخدم أكثر من 5000 وحدة سكنية.