قال التقرير الاقتصادي لمجموعة QNB إن الأسواق الناشئة ظلت هادئة بصورة تثير الدهشة خلال الارتفاع الأخير في أسعار الفائدة الأمريكية، فبالمقارنة مع المرات المماثلة السابقة التي صاحبها هروب رؤوس الأموال وانهيار العملات وهبوط أسعار الأصول، ظلت الأسواق المالية في الاقتصادات الناشئة مستقرة نسبياً في أواخر عام 2016 وأوائل عام 2017 وأشار التقرير إلى أنه يبدو أن المخاوف بشأن هروب رؤوس الأموال قد تبددت، وعليه، يبدو أن الوقت قد أصبح الآن مناسباً لنسأل عما إذا كانت أزمة هروب رؤوس الأموال قد انتهت.
للإجابة عن هذا السؤال، علينا أن نقوم بدراسة الأسس الاقتصادية الحالية في الأسواق الناشئة الرئيسية التي لا ترتبط عملاتها بعملات أخرى ومقارنتها مع الأسس خلال فترة نوبة الغضب التي ثارت عام 2013.
وسنجد أن الأسواق الناشئة أكثر مرونة الآن، ويعود ذلك بصفة أساسية إلى التحسن الذي طرأ على المراكز الخارجية.
وذهب التقرير إلى أن تقلص المخاطر الخارجية وتحسن آفاق النمو المحلي قد جعلا من الأسواق الناشئة أقل عرضة لهروب رؤوس الأموال.
فالمستثمرون مهتمون بشكل رئيسي بالمخاطر التي يواجهونها والعائدات التي يحصلون عليها.
وبالتالي، فتحسن المراكز الخارجية للأسواق الناشئة يعني تراجع المخاطر، بينما يعني ارتفاع النمو أن العائدات سترتفع.
على المستوى الخارجي، تحسنت موازين الحساب الجاري في الأسواق الناشئة منذ 2013، وهو ما يفسر بشكل كبير انخفاض تأثير ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة على عملات الاقتصادات الناشئة.
والسبب الرئيسي وراء تحسن مراكز الحسابات الجارية هو انخفاض سعر الصرف في جميع الأسواق الناشئة التي نتابعها، وهو ما ساعد هذه الاقتصادات على التكيف من خلال جعل صادراتها أكثر تنافسية ووارداتها أكثر كلفة.
محلياً، تعتبر توقعات النمو أفضل الآن مما كانت عليه في 2013.
وفي 2017، من المتوقع أن يتسارع النمو في ثمانية من الاقتصادات الناشئة الأحد عشر التي اخترناها.
وعلى عكس ذلك، كان النمو قد تباطأ في ستة من هذه الاقتصادات في الفترة من 2012 إلى 2013.
وتشير أحدث استطلاعات مؤشر مديري المشتريات (وهو مؤشر يهتم بالنشاط الاقتصادي المستقبلي) إلى حدوث تحسن مطرد في أنشطة الأسواق الناشئة منذ منتصف 2016، حيث ارتفع المؤشر من 50.0 في يونيو 2016 إلى 52.1 في فبراير 2017 (ما فوق 50 يعني توسعاً في النشاط الاقتصادي)، وهو أعلى مستوى له في عامين ونصف العام.
ويمكن لتحسن موازين الحساب الجاري والآفاق الإيجابية أن تساعد في تفسير تزايد استقرار الأسواق الناشئة مقارنة مع الفترات السابقة من رفع أسعار الفائدة الأمريكية.
ومع ذلك، من الصعب الجزم بأن جميع الأسواق الناشئة قد أصبحت في مأمن الآن، فهناك عدد من الأسواق الناشئة التي لديها ديون خارجية كبيرة وآخذة في الارتفاع ويمكنها أن تتعرض لضغوط خارجية في حال ساءت توقعات النمو.
وترتفع نسبة الديون الخارجية في جميع الاقتصادات الناشئة التي تطرقنا إليها، باستثناء الفلبين.
وعلاوة على ذلك، فإن الديون الخارجية تزيد على 50% من الناتج المحلي الإجمالي في كل من ماليزيا وجنوب أفريقيا وتركيا.
وهذه المستويات المرتفعة نسبياً من الديون الخارجية تعني أنه لا يزال هناك تهديد من أن ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية وتزايد قيمة الدولار قد يزيدان تكاليف سداد الديون الخارجية، وهو ما يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال مجدداً.
وأكد التقرير أن الأسواق الناشئة تتسم حالياً بقدر أكبر من المرونة تجاه ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة مقارنة بما كانت عليه في عام 2013 وذلك بفضل التصحيحات الهامة في العملات والموازين الخارجية وتحسن توقعات النمو.
ومع ذلك، فإن الديون الخارجية الكبيرة والآخذة في الارتفاع في تلك الأسواق تعني أنها لم تتجاوز دائرة الخطر بالكامل.