بوعصيبة: ضريبة القيمة المضافة تضمن تحسين الخدمات والاستقرار المالي

لوسيل

أحمد فضلي - (تصوير: عمرو دياب)


أكد المدير العام للهيئة الاتحادية للجمارك بدولة الإمارات العربية المتحدة محمد جمعة بوعصيبة، حرص إدارات الجمارك بدول الخليج على الارتقاء بمستوى التعاون والأداء في مجال العمل الجمركي وتعزيز العلاقات التجارية البينية، مشيراً إلى نجاح التجربة القطرية خاصة في مجال التخليص الجمركي، كما نوه المدير العام للهيئة الاتحادية للجمارك الإماراتية بنجاح مؤتمر ميليبول 2016 الذي احتضنته دولة قطر مؤخراً، مع تميز جناح وزارة الداخلية بالسيارة الحاصلة على براءة الاختراع من عدة جهات.
واعتبر ضريبة القيمة المضافة المنوي تطبيقها في 2018 إحدى الأدوات المالية المتبعة في العديد من دول العالم لضمان قيام الدولة بدورها في الإنفاق على التعليم والصحة والأمن وتطوير البنية التحتية والمرافق والخدمات، وتمثل هذه الضريبة أهمية كبيرة لضمان جودة المرافق والاستقرار المالي الذي تتمتع به دول الخليج.

◗ما هو تقييكم للعمل الجمركي في دول مجلس التعاون؟
◗ تعتبر تجربة الاتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام من التجارب الناجحة على المستويين الإقليمي والدولي، بعد اتفاقها على قيام الاتحاد الجمركي في عام 2003، حيث أصبحت دول المجلس ضمن جدار جمركي واحد تجاه العالم الخارجي، تستوفى فيه الرسوم الجمركية على السلع الأجنبية لمرة واحدة فقط في نقطة الدخول الأولى، ويتم انتقال كافة هذه السلع بين دول المجلس دون استيفاء رسوم جمركية مرة أخرى عليها، وهذه الخطوة تعتبر من أهم خطوات الاتحاد الجمركي والتي طبقتها دول المجلس في اليوم الأول من قيام الاتحاد، وتتم معالجة نصيب كل دولة من الدول الأعضاء من الرسوم الجمركية الخاصة بالسلع الأجنبية التي يتم انتقالها بين الدول الأعضاء من خلال آلية المقاصة والتحويل الآلي المباشر للرسوم الجمركية.

وعلى الصعيدين الإقليمي والدولي، أصبح الاتحاد الجمركي لدول المجلس حقيقة ملموسة وكياناً اقتصادياً فاعلاً، واحتل في وقت قصير- إذا ما قيس بالتجارب الدولية المشابهة - مكانة لا بأس بها في الاقتصاد الدولي.
وتتنافس دول المجلس، في إطار من التعاون والتنسيق، في تطبيق أفضل الأنظمة التكنولوجية لتسهيل وتيسير التجارة والحفاظ على أمن المجتمعات واستقرارها، الأمر الذي ساهم في ارتفاع معدلات التبادل التجاري البيني بين دول المجلس وكذلك مع دول العالم الأخرى.
وتعد قطر من الدول الفاعلة في هذا المجال ولديها العديد من قصص النجاح والتطور في مجال العمل الجمركي، سواء في مجال التخليص وإنهاء الإجراءات في زمن قياسي أو في مجال التفتيش والمعاينة.

إنجازات متنوعة
◗ما هي أبرز الإنجازات الجمركية التي تحققت مؤخرا؟

نجحت إدارات الجمارك في دول مجلس التعاون الخليجي خلال الآونة الأخيرة في تحقيق العديد من الإنجازات التي ساهمت بشكل أو بآخر في تذليل بعض العقبات التي كان التجار يعانون منها في الفترة السابقة، كما نجحت إدارات الجمارك الخليجية خلال العام الجاري في تطوير آلية المقاصة الجمركية بناء على مبادرة من دولة الإمارات، حيث تم تطبيق نظام التحويل الآلي المباشر للرسوم الجمركية بين دول المجلس.
ويعد النظام أحد المتطلبات الرئيسية لتحقيق التطبيق الكامل للاتحاد الجمركي الخليجي، وهو يسمح بتبادل للمعلومات أكثر سهولة ودقة.
كما أنه يدعم مبادرات تيسير التجارة وتنمية التبادل التجاري بين دول المجلس، ويرفع من تنافسية دول المجلس في مؤشر الكفاءة الجمركية عن طريق تقليل عدد الوثائق والإجراءات وتخفيض الوقت في إنجاز العمل في المنافذ البينية.
وفي ضوء التجربة فقد ساهم هذا النظام في اختصار زمن تحويل الرسوم الجمركية المستحقة للدول الأعضاء إلى شهر واحد بعد أن كان يستغرق عدة أشهر وربما سنة أو أكثر لإقرار تلك الرسوم والتدقيق عليها واعتمادها، ومن ثم تحويلها يدوياً.
وفوق هذا وذاك، يحقق النظام المزيد من الانسيابية في حركة البضائع المتنقلة بين دول مجلس التعاون، ويقلل بشكل كبير من الأخطاء الناتجة عن عملية الإدخال اليدوي، ويمنع تكرار الإجراءات الجمركية في المنافذ البينية، مما يساهم في تقليص زمن التخليص الجمركي.

أداة للتنمية
◗تستعد دول الخليج لتطبيق ضريبة القيمة المضافة والتي تعتبر الأولى من نوعها في المنطقة.. فإلى أين وصلت المشاورات؟

تمثل ضريبة القيمة المضافة إحدى الأدوات المالية المتبعة في العديد من دول العالم لضمان قيام الدولة بدورها في الإنفاق على التعليم والصحة والأمن وتطوير البنية التحتية والمرافق والخدمات، وتمثل هذه الضريبة أهمية كبيرة لضمان جودة المرافق والاستقرار المالي الذي تتمتع به دول الخليج، وكما أعلنت دول المجلس فقد تقرر تطبيق هذه الضريبة بشكل جماعي في 2018، وبدأت العديد من الدول في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتطبيق تلك الضريبة بإنشاء هيئات ضريبية وإقرار التشريعات اللازمة.
وقد أكدت دول المجلس في هذا الصدد على حرصها التام بأن تكون الضريبة أداة للتنمية وليس لزيادة الأعباء على المواطنين عبر رقابة صارمة على أسعار السلع وضمان التطبيق العادل والسليم لتلك الضريبة وتجنب الآثار التضخمية لها، وفي هذا الصدد استبعد صندوق النقد الدولي في تقرير له الأسبوع الماضي حدوث آثار سلبية كبيرة لتلك الضريبة على معدلات التضخم في دولة الإمارات وغيرها من دول المجلس في ظل خطط الحكومات المزمعة لتفادي آثار تلك الضريبة.

◗هل هناك تطوير للتشريعات والقوانين الجمركية وخاصة التعرفة الموحدة؟
يمثل القانون الجمركي الخليجي الموحد إحدى العلامات المضيئة في مسيرة العمل الجمركي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، لما يتمتع به من دقة في توصيف مراحل العمل ورؤية مستقبلية متطورة، حتى أنه أصبح مصدر إلهام للعديد من تجارب التطوير التشريعي في مجال العمل الجمركي.
وعلى الرغم من هذا تحرص دول المجلس ومن خلال لجنة القانون الجمركي على المراجعة الدورية للقانون في ضوء التجربة، وهناك مبادرات لإجراء بعض التعديلات تقوم اللجان المختصة على دراستها من منطلق الأهداف والمصالح المشتركة لدول المجلس.
وحالياً تقوم العديد من دول المجلس بتطبيق ما يعرف بالتعرفة الجمركية المتكاملة، مما يمثل نقلة نوعية في العمل الجمركي، إذ ستكون تلك التعرفة مرجعاً متكاملاً للمتخصصين في الجمارك، وهي تضم جميع التعليمات والأنظمة المتعلقة بالاستيراد أو التصدير، كما يتم فيها، ولأول مرة، ربط كل تعميم بالبند نفسه (القيمة، القيد، الاتفاقيات، التعهدات.. إلخ)، وربط كل مواصفة قياسية معتمدة مع سلعتها، الأمر الذي يساهم في تطبيق قانون الجمارك الموحد بدقة متناهية، وضبط بعض البنود المستهدفة في الرقابة والمنع والقيد.

تجارة حرة
◗كثر الحديث عن المناطق الحرة وحماية المنتج الوطني.. فإلى أين وصل الملف؟

تمثل المناطق الاقتصادية إحدى الأدوات لجذب الاستثمارات ونقل الخبرات والتكنولوجيا وتوطينها في العديد من الدول، ومن هذا المنطلق تحرص دول الخليج، ومن بينها الإمارات، على توفير بيئة عمل جاذبة ومشجعة لإقامة المناطق الحرة، أخذاً في الاعتبار حماية الاستثمارات الوطنية بتلك المناطق، وكذلك التجارب الدولية في هذا الشأن وخاصة تجربة سنغافورة.
وبخصوص التعامل مع منتجات المصانع الوطنية المقامة في المناطق الحرة بدول المجلس، تم تشكيل فريق عمل من دول المجلس لدراسة الموضوع.
كما تم ندب بيت خبرة استشاري معتمد لدى دول التعاون، وهو منظمة الخليج للاستشارات الصناعية للمساعدة في دراسة الأمر ووضع الحلول المناسبة له.
وأحب أن أطمئن أصحاب الاستثمارات الوطنية إلى أننا نهتم بهذا الموضوع ونحرص على النظر في مدى أهمية معاملة المصانع المقامة في المناطق الحرة باستثمارات خليجية معاملة المصانع الوطنية بناء على توجيه من قمة دول مجلس التعاون.
أما بخصوص حماية المنتج الوطني، فقد قامت هيئة الاتحاد الجمركي الخليجي عقب إطلاقها في يونيو 2012 بتشكيل العديد من فرق العمل من الدول الأعضاء لدراسة قضايا الحماية الجمركية والمصانع المقامة برؤوس أموال وطنية في المناطق الجمركية بدول المجلس والاتفاقيات الثنائية واقتراح الحلول العادلة لها مع الحرص على تعظيم استفادة رؤوس الأموال الوطنية ومنح منتجاتها حرية التنقل بين دول المجلس دون قيود.
وفيما يتعلق بالحماية الجمركية، ليست كل دول الخليج تفرض حماية جمركية على السلع الوطنية، ومصير هذه الحماية في ضوء توجيهات أصحاب السمو والجلالة القادة، أن تحل بالكامل، ومن ثم فهي مسألة وقت، خاصة أن هناك التزامات دولية مترتبة على الاتفاقيات الدولية على دول المجلس بإزالة هذه الحماية.

دول محورية
◗كيف تقيمون واقع علاقات التعاون بين الجمارك الإماراتية والقطرية؟

تعد كل من الإمارات وقطر دولا محورية في الاتحاد الجمركي الخليجي، خاصة أن تجربة مجلس التعاون الخليجي عامة، وتمثل تجربة دولة الإمارات في التنوع الاقتصادي والتطوير الجمركي نموذجاً يحتذى به، كما تمثل تجربة دولة قطر في تطوير المنافذ الجمركية وتطبيق أحدث النظم الجمركية وتعزيز الرقابة على حركة التجارة وتبسيط إجراءات المعاينة والتفتيش إحدى أبرز التجارب الناجحة في المنطقة.
كما أن الإمارات وقطر ترتبطان بعلاقات اقتصادية واجتماعية وسياسية تاريخية، ونحن في تواصل دائم مع الإخوة في الهيئة العامة للجمارك في قطر بهدف تبادل الخبرات والتجارب، ولا أخفيكم سراً، فقد أعجبت بالتجربة القطرية وخاصة فيما يتعلق بنجاحها في تقليص زمن التخليص الجمركي والذي يتراوح بين 7 إلى 8 دقائق وهو زمن قياسي.

تبادل متميز
◗ما هو حجم التبادل التجاري بين قطر والإمارات؟

بلغ إجمالي حجم التجارة غير النفطية المباشرة بين دولة الإمارات وقطر نحو 116.7 مليار درهم، منذ نشأة الاتحاد الجمركي الخليجي في عام 2003 وحتى نهاية النصف الأول من عام 2016، وكما تشير الإحصائيات، فإن حجم واردات الإمارات من قطر خلال تلك الفترة بلغ حوالي 24.2 مليار درهم، بينما بلغت قيمة الصادرات الإماراتية لدولة قطر حوالي 38.2 مليار درهم، وكذلك بلغت قيمة إعادة التصدير من الإمارات لقطر حوالي 53.3 مليار درهم خلال الفترة المذكورة.
وتؤكد الإحصاءات السابقة أن دولة قطر تمثل شريكاً تجارياً إستراتيجياً مهما لدولة الإمارات في كل من دول الخليج والمنطقة العربية.

اتفاقيات مختلفة
◗ما هي أبرز الاتفاقيات الموقعة بين جمارك قطر والإمارات؟ وهل هناك اتفاقيات أخرى في الأفق لتعزيز سبل التعاون بين البلدين؟

تمثل الاتفاقية الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي وغيرها من الاتفاقيات الجماعية لدول المجلس أحد أهم الأطر التي تربط العلاقات التجارية بين الإمارات وقطر، فكلا الدولتين وقعتا على هذه الاتفاقيات، كما أن الدولتين تتشاركان معاً في عضوية العديد من اللجان الخاصة بالعمل الجمركي على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية، وكذلك المنظمات والاتفاقيات الدولية، ومن ثم فهناك إطار قانوني قوي يربط بين الدولتين.
ونحن في الهيئة الاتحادية للجمارك نحرص على تعزيز علاقات التعاون مع الهيئة العامة للجمارك القطرية، ونتوقع في هذا الإطار أن يتم مستقبلاً توقيع اتفاقيات تعاون مشترك تساهم في تبادل الخبرات والتجارب الناجحة لتحقيق التنوع الاقتصادي والارتقاء بمستوى الأداء الجمركي في البلدين.