اشتكى عدد من أولياء الأمور، مواطنين ومقيمين، لـ لوسيل من ارتفاع الرسوم الدراسية للمدارس الخاصة، وطالبوا بتخفيضها وإعادة النظر بآليات الزيادة التي تعتمد كل عام، لإيجاد حلول جذرية لما وصفوه بالأعباء الإضافية التي تواجههم مع بداية كل عام دراسي، حيث يفاجأون بالوزارة توافق على زيادة الرسوم للمدارس الخاصة بنسب يرون أنها غير معقولة، ولا تتناسب مع الزيادة في مستوى الدخل، خصوصا وأن بعضهم لديه أكثر من طفل، وأوضحوا أن رسوم بعض المدارس الخاصة تزيد في كثير من الأحيان على تلك الرسوم التي يدفعها طلبة يدرسون في الجامعات.
وزارة التعليم والتعليم العالي أقرت في فبراير الماضي زيادات في الرسوم للمدارس الخاصة للعام الأكاديمي 2018 / 2019، لنحو 27 روضة ومدرسة خاصة، تتراوح نسبتها بين 2% و20%، وذلك من بين 115 روضة ومدرسة خاصة تمت دراسة طلبات الرسوم الدراسية والإضافية لها لنفس العام الأكاديمي، من قبل الفريق الإداري والمالي، وفق الشروط والمتطلبات والإجراءات التي تم تحديدها في تعميم الرسوم.
وأعلنت الوزارة في ذلك الوقت أن الطلبات التي تلقتها الوزارة لزيادة الرسوم، في شهري نوفمبر وديسمبر 2017، كانت من 144 مدرسة وروضة خاصة، من أصل 278 مدرسة وروضة خاصة، وتم استبعاد 29 مدرسة وروضة من دراسة طلبات زيادة رسومها الدراسية المالية لعدة أسباب تشمل عدم استيفاء متطلبات شروط تعميم الرسوم، أو لأنها لم تتقدم بطلب الموافقة على زيادة الرسوم الدراسية أو بالنسبة لحداثة المدرسة والروضة لسنة التأسيس (أقل من ثلاث سنوات من التشغيل) أو لم ترفق المدرسة أو الروضة المعنية المستندات والأدلة المؤيدة لمبررات طلب الزيادة، مشيرة إلى أنه لا يوجد الآن سقف محدد للرسوم بالنسبة لهذه المدارس، ولكن سيتم مستقبلا تصنيفها لفئات بعينها، يتحدد على ضوئها سقف الرسوم، يذكر أن العملية التعليمية بالمدارس ورياض الأطفال الخاصة في قطر يقودها حوالي 13591 معلما، كما شهد العام 2018 افتتاح 11 مدرسة وروضة خاصة، ليبلغ عدد المدارس ورياض الأطفال الخاصة 282 مدرسة وروضة، يدرس بها 19 ألف طالب وطالبة، كما تم الترخيص لـ 11 مدرسة وروضة خاصة توفر 4 آلاف مقعد.
دور الوزارة
بيد أن أولياء الأمور يؤكدون عدم معرفتهم بالأسس التي تتم بناء عليها الموافقة على زيادة الرسوم الدراسية، وتساءل أولياء الأمور عن الجهة التي يمكنها تقديم الحلول الناجعة لهذا الأمر الحيوي، وعن الدور الذي يمكن أن تلعبه وزارة التعليم والتعليم العالي في هذا الإطار، حيث قال م. خ، الذي طلب عدم نشر اسمه إن الوزارة تغض الطرف عن نداءاتنا المتكررة بألا تدع الحبل على الغارب لإدارات المدارس الخاصة لأن تزيد الرسوم المقررة على أبنائنا سنويا دون أن يقابل ذلك خدمات تعليمية أو خدمية تستحق، وتساءل عن التميز الذي يمكن أن تقدمه مدرسة تزيد رسومها على رسوم طالب في جامعة أوكسفورد مثلا.
وأضاف أن الوزارة يمكن أن تتدخل لفرض سقوف لهذه الرسوم مقابل الخدمات التي تقدمها هذه المدارس حتى لا يصبح الأمر سوقا مفتوحا ، وذلك بتقديم بعض الدعم المادي واللوجستي الملموس بعيدا عن الوعود، خصوصا فيما يتعلق بالمبررات التي يعلنها أصحاب المدارس مبررا لزيادة الرسوم، مثل توفير المزيد من المباني برسوم إيجارات تفضيلية، والمساهمة في تأسيس المدارس على أن ترد المدارس هذه المساهمات بأقساط طويلة الأجل حتى لا تضطر لفرضها رسوما مباشرة على طلاب السنة المعينة، إضافة إلى مساعدة هذه المدارس فيما يختص بتوفير المواصلات، والكراسات والكتب، وغيرها.
تشجيع الاستثمار
قال المواطن أبو حمد. أ: لقد سمعنا منذ فترة طويلة بمشروع طرح فرص استثمارية لتطوير وتشغيل المدارس الخاصة، في إطار التزام الدولة بدعم وتحفيز القطاع الخاص على المشاركة في التنمية الاقتصادية، وبصفة خاصة تشجيع الاستثمار في مجال قطاع التعليم، ولكننا لم نر شيئا حتى الآن، إذ ما زالت المدارس الخاصة تمارس نفس سياساتها القديمة في فرض رسوم مبالغ فيها، وخيالية أحيانا على أبنائنا.
وأشار إلى أن هناك بعض المدارس الخاصة تفرض رسوما أعلى من رسوم الدراسة في بعض الجامعات، ومع هذه الرسوم المرتفعة تتدنى فيها معايير الجودة، وقال إن المؤسسات الخاصة هي مؤسسات ربحية تجارية ، غير أن بعضها تقدم أداء متدنيا، ولا تقدم مخرجات ترضي طموحات أولياء الأمور أو تكون مناسبة لقيمة الرسوم العالية التي تحصلها من أولياء أمور الطلاب.
مدارس غير ربحية
لإيجاد حلول جذرية لمسألة الرسوم المرتفعة دعت ف. أ إلى التفكير بصورة مختلفة ومبتكرة، مثل تشجيع المشاريع التعاونية المجتمعية غير الربحية، التي يمكن أن تؤسس مدارس خاصة غير ربحية، يمكنها أن تستوعب الطلاب برسوم معقولة جدا، وتجني النفع والفائدة على المدى الطويل، ما سيؤثر في زيادة المعروض من المقاعد وبالتالي يدفع أصحاب المدارس الخاصة في التفكير بصورة تنافسية.
وأضافت أن بعض المدارس الخاصة تحولت إلى مؤسسات تنصلت من الهدف الأساسي الذي تأسست من أجله وهو الارتقاء بالتعليم وتقديم خدمة مميزة لخدمة الأجيال بما يساير رؤية قطر الوطنية 2030 ويرضي الجميع ويحقق طموحات الأبناء وأولياء الأمور، وذلك بتركيزها على عامل التربح والكسب التجاري، متناسية دورها في خدمة الرسالة التربوية التي قامت هذه المدارس من أجلها.
خط ساخن للتواصل
طالب ولي الأمر أبو أحمد بضرورة أن تفرض على جميع المدارس الخاصة في قطر، وسائل تواصل ساخنة تجيب عن استفسارات أولياء الأمور، بعيدا عن وسائل التواصل الاجتماعي التي لا تجد ردا ولا تعليقا دائما، وأحيانا يكون سؤال أولياء الأمور عاجلا وملحا، مثل ظروف الأمطار الأخيرة التي كنا في حيرة من أمرنا هل المدرسة التي يدرس فيها أبنائي تأثرت بالأمطار أم لا؟ ولم يرد علينا أحد، لا في مواقع المدرسة على التواصل الاجتماعي، ولا في مواقع الوزارة، حيث علمت عند الساعة السابعة صباحا أن المدرسة غير مؤهلة لاستقبال الطلاب في ذلك اليوم بعد أن وصلت أمام باب المدرسة، مؤكدا أن هذا أمر غير معقول ولا مقبول.
وأضاف أن أولاده الخمسة موزعون بين مراحل التعليم المختلفة، وأنهم يكبرون وتزيد متطلباتهم ومصاريفهم، وأقوم بالتحايل على هذه الأعباء بربط الحزام، وضغط المصاريف، ولكن رسوم المدارس الخاصة تزيد الطين بلة وتصيبنا بالصدمة بداية كل عام دراسي نتيجة لزيادة الرسوم والنفقات.
فاتورة التضخم
أما ولي الأمر عماد أ قال: إن التضخم أمر متوقع حدوثه في أي دولة في العالم وفقا لظروف محددة، ولكنه حينما يحدث لا يستثني أولياء الأمور ويستهدف مدخلات العملية التعليمية للمدارس فقط، بل يعم الجميع بمن فيهم أولياء الأمور، وتساءل عن المنطق الذي يجعل أولياء الأمور فقط هم من يسددون فاتورة التضخم التي تعلق عليها المدارس شماعة الزيادات في الرسوم، مشيرا في نفس الوقت إلى أن مرتبات أولياء الأمور لا تزيد بنفس وتيرة زيادة الرسوم المدرسية، الأمر الذي يضيف إليهم أعباء معيشية فوق طاقاتهم.
وأضاف أنه من غير المعقول أيضا أن تقوم بعض المدارس الخاصة بإجراء اختبارات أسبوعية تقريبا للطلاب، موضحا أن هذا الأمر يضع أولياء الأمور وأعضاء الأسرة تحت ضغط نفسي رهيب ومستمر، يكاد أن يفقد العملية التعليمية نكهتها والمتعة التي يجب أن يجدها الطالب أثناء أيام الدراسة.
غياب الوزارة
من ناحيته قال ولي الأمر محمد الرفاعي: إن هدف صاحب المدرسة الخاصة الربح في المرتبة الأولى بغض النظر عن مدى إيمانه بالعملية التعليمية، مشيرا إلى أن بعض أصحاب المدارس الخاصة مستثمرون وليسوا تربويين الأمر الذي يجعل المدارس الخاصة تستنزف ميزانية الأسر وبالأخص المقيمين بحكم عدم وجود مدارس بديلة يمكنهم أن يعلموا أبناءهم فيها.
وقال إن الضغوط المالية على أولياء الأمور لا تقف عند الرسوم فقط فهناك متطلبات كثيرة تفرضها المدارس الخاصة تحت مسمى أنها اختيارية وفي الحقيقة لا مناص لولي الأمر من الدفع حتى يشارك ابنه الطالب في الأنشطة المدرسية المكملة، الرحلات والمذكرات والحفلات.
وأشار إلى الغياب الواضح من قبل الوزارة في ممارسة دور الرقابة على المدارس الخاصة بافتراض أن ذلك تدخل في الاستثمار، ولا يتم التدخل إلا بعد وقوع مشاكل كبيرة تصل إلى الإعلام، ودعا إلى إعادة مراجعة سياسات القبول ورفع سن القبول للطلاب حتى 31 - 12 بدلا من 30 - 9، خاصة لأبناء المعلمين الذين هم أولى بالاستثناء.
ولفت النظر إلى أن هناك مدارس تفرض أحيانا زيا مدرسيا عبارة عن قماش يدفع أولياء الأمور عليه مبالغ كبيرة لخياطته، إضافة إلى رسوم الكتب التي تكون أحيانا أغلى من الكتب الجامعية، وتساءل عن غياب الوزارة عن الرقابة على بعض المذكرات المدرسية التي تعد وتباع في بعض المكتبات بأسعار غير معقولة، إضافة إلى أن هناك مدارس تفرض رسوم تسجيل كل سنة على الطالب مع أنه مسجل بنفس المدرسة ودرس بها العام الماضي.