مدعوما بالسياسات الحكيمة للدولة

الاقتصاد القطري يواجه تراجع أسعار النفط بالتنويع

لوسيل

الدوحة -قنا


رغم الهبوط الحاد لأسعار النفط منذ عامين تقريبا، وتأثيره المتفاوت على اقتصادات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ظلت دولة قطر في موقف قوي يعضده النمو الاقتصادي المعتدل، والاستثمارات الهائلة خلال السنوات الأخيرة في قطاعي الطاقة والبنية التحتية، والمساهمة الفاعلة للقطاع غير النفطي في الاقتصاد الوطني.
ويشير تقرير الآفاق الاقتصادية لدولة قطر 2016-2018 الصادر عن وزارة التخطيط التنموي والإحصاء، إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بلغ العام الماضي 3.7%، ومن المتوقع أن يحقق معدلات نمو مستقرة عند حوالي 3.9 % خلال العام الجاري و3.8% لعام 2017، متقدما بذلك على العديد من كبرى اقتصادات العالم.
وذكر التقرير، أن المحرك الرئيسي لهذا النمو هو القطاع غير النفطي، كما هو الحال في السنوات القليلة الماضية حتى وإن كان بدعم من القطاع الهيدروكربوني هذا العام مع انطلاق مشروع برزان للغاز. وتشير سلسلة من التقارير الصادرة عن الاقتصاد القطري إلى استمرار زخم نموه وتنويعه، على الرغم من التراجع الكبير في أسعار النفط وهو ما يتجسد في تراجع معدلات التضخم، والنمو السكاني القوي، والفوائض الخارجية الضخمة.
وبحسب تحليل لمجموعة بنك قطر الوطني ، فقد كانت أكثر القطاعات إسهاما في النمو الحقيقي غير النفطي هي الخدمات المالية، والتشييد والبناء، والتجارة والفنادق والمطاعم حيث زاد نشاط التشييد والبناء بنسبة 19.7 % على أساس سنوي على خلفية مشاريع البنية التحتية الجاري تنفيذها.
ويعود زخم النمو في الاقتصاد القطري إلى السياسات الاقتصادية الحكيمة التي تنتهجها دولة قطر، وفق الرؤية الحكيمة والراسخة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، بما يترجم رؤية قطر الوطنية 2030 الرامية إلى إرساء اقتصاد متنوع وتنافسي مبني على المعرفة، كما دعمته الخطوات المحافظة والوقائية والاستراتيجيات التي اتخذتها الحكومة للحفاظ على معدل النمو المستدام، والوتيرة المتسارعة للتنويع الاقتصادي خلال السنوات الأخيرة.
ويضيف التقرير أن الموازنة العامة للدولة هذا العام /2016/ جاءت انعكاسا لقوة ومتانة الاقتصاد القطري، حيث رفعت الدولة مخصصاتها للمشاريع الرئيسية في موازنتها لهذا العام بنحو 3.3 مليار ريال لتصل إلى 90.8 مليار ريال مقارنة مع 87.5 مليار ريال في السنة المالية الماضية، واستحوذ قطاع البنية التحتية على النصيب الأكبر من إجمالي مصروفات الموازنة العامة لسنة 2016، وبلغت مخصصاته 50.6 مليار ريال تمثل 25% من إجمالي المصروفات.
ويشير تقرير صادر عن بيزنس مونيتور إنترناشونال، وهي إحدى الشركات التابعة لمجموعة فيتش جروب بعنوان قطاع العقارات القطري 2016 ، إلى أن هذه المخصصات انعكست إيجابيا على القطاع العقاري بالدولة، وسط توقعات إيجابية لهذا القطاع على مدى العامين الحالي والمقبل، لاسيما في قطاعي المكاتب والتجزئة، وذلك بفضل النظرة المستقبلية المستقرة للاقتصاد القطري في المدى المتوسط.
من جهتها استمرت المصارف القطرية في تحقيق أداء إيجابي خلال العام الحالي حيث ارتفعت ميزانياتها لأعلى مستوى لتصل تريليونا و120 مليار ريال حتى يناير الماضي، مقابل 976 مليارا في يناير من العام 2015، أي بزيادة 144 مليار ريال وهو ما يمثل أعلى ميزانية للمصارف القطرية في التاريخ.
ووفقا لتقارير ومصادر مصرفية مطلعة فإن استمرار الأداء الجيد للمصارف، يؤكد وضعها المالي القوي وتوافر السيولة لديها، وهو ما يسمح لها بتمويل عمليات القطاع الخاص وتمويل مساهمته في التنمية.
ومن أهم الآليات التي مكنت دولة قطر من تفعيل سياسة التنويع، توسيع مساهمة القطاع الخاص في عملية التنمية، والتوظيف الجيد لموارد النفط والغاز في الإنفاق على تنمية القطاعات الاقتصادية الواعدة وتوفير المناخ الملائم لجذب الاستثمارات، وإنشاء المناطق الاقتصادية والحرة، وتكوين شراكات استراتيجية مع الشركات العالمية متعددة الجنسية، وتحديث القوانين والتشريعات، والعمل على تكوين كوادر وطنية فاعلة.
وإضافة إلى ذلك أسهمت آليات أخرى بفاعلية في تنويع مصادر الدخل كالصندوق السيادي لدولة قطر والتطوير المتنامي لمشاريع البتروكيماويات، والشركات المساهمة العامة والخاصة، وفوق كل هذا المناخ العام المستقر الذي عملت من خلاله تلك الآليات من عوامل سياسية داخلية وخارجية، وطفرة اقتصادية تعيشها الدولة أدت لارتفاع معدل النمو.