وجهت دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية رسالة مفتوحة إلى رؤساء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تعبر عن قلقهما العميق حول توجيه العناية الواجبة للاستدامة المؤسسية (CSDDD)، وعواقبه غير المقصودة على القدرة التنافسية لصادرات الغاز الطبيعي المسال وإتاحة الطاقة الموثوقة وبأسعار معقولة للمستهلكين في الاتحاد الأوروبي.
الرسالة التي حملت توقيع سعادة المهندس سعد بن شريده الكعبي، وزير الدولة لشؤون الطاقة، وسعادة السيد كريس رايت، وزير الطاقة في الولايات المتحدة، أكّدت أن التوجيه في صيغته الحالية يحمل مخاطر كبيرة أمام القدرة على تحمل تكاليف إمدادات الطاقة الحيوية للأسر والشركات في جميع أنحاء أوروبا وعلى وموثوقيتها، ويشكل تهديداً وجودياً لنمو الاقتصاد الصناعي في الاتحاد الأوروبي، ومرونته وقدرته التنافسية.
وأشار سعادة الوزيرين الكعبي ورايت إلى أن أحكام توجيه العناية الواجبة للاستدامة المؤسسية تشكل تحديات جسيمة وتقوض بشكل خطير قدرة الولايات المتحدة، ودولة قطر، ومجتمع قطاع الطاقة الدولي بشكل أوسع، على الحفاظ على شراكاتهم وعملياتهم داخل الاتحاد الأوروبي وتوسيعها.
وأضافت الرسالة: نحن، كحلفاء وأصدقاء للاتحاد الأوروبي، نؤمن بصدق أن توجيه العناية الواجبة للاستدامة المؤسسية سيسبب ضرراً كبيراً بالاتحاد الأوروبي ومواطنيه، لأنه سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة والسلع الأخرى، وسيكون له أثر سلبي على الاستثمار والتجارة.
ودعا سعادة المهندس سعد بن شريده الكعبي وسعادة السيد كريس رايت في رسالتهما الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء إلى التحرك بسرعة لمعالجة هذه المخاوف المشروعة، إما عن طريق إلغاء توجيه العناية الواجبة للاستدامة المؤسسية بالكامل أو إزالة أحكامه الأكثر ضرراً اقتصادياً.
وفي ما يلي النص الكامل للرسالة المشتركة:
رسالة مفتوحة إلى رؤساء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي
السادة قادة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي،
نكتب إليكم اليوم في لحظة محورية لأمن الطاقة في الاتحاد الأوروبي ولقدرته التنافسية الاقتصادية. وبصفتنا من أكثر شركاء الاتحاد موثوقية، وأكبر منتجين للغاز الطبيعي المسال في العالم، نؤكد التزامنا الراسخ بدعم ازدهار الاتحاد الأوروبي واستقراره.
وبهذه الروح، نكتب لكم، متحدين في آرائنا، لنعرب عن قلقنا العميق إزاء الاستمرار في عدم اتخاذ إجراءات لمعالجة المخاوف الجدية والمشروعة التي تسود العالم والتي أثارها مجتمع الأعمال العالمي حول توجيه العناية الواجبة للاستدامة المؤسسية (CSDDD)، ولا سيما عواقبه غير المقصودة على القدرة التنافسية لصادرات الغاز الطبيعي المسال وإتاحة الطاقة الموثوقة وبأسعار معقولة للمستهلكين في الاتحاد الأوروبي.
وقد انخرط بلدانا على مدار العام الماضي في حوار بناء مع ممثلين عن حكومات عديدة في الاتحاد الأوروبي بشأن محتوى توجيه العناية الواجبة للاستدامة المؤسسية، حيث تم تقديم توصيات محددة لتجنب العواقب غير المقصودة التي أثرناها في وقت سابق. وبينما نقدر جهود الدول الأعضاء التي رحبت بالحوار، فإن الافتقار إلى مشاركة جوهرية في بحث هذه القضايا الحرجة أمر يثير قلقاً عميقاً، خاصة بالنظر إلى الآثار بعيدة المدى لهذا التشريع.
لقد أوضحنا باستمرار وبشفافية كيف أن توجيه العناية الواجبة للاستدامة المؤسسية، بصيغته الحالية، يضع مخاطر كبيرة أمام القدرة على تحمل تكاليف إمدادات الطاقة الحيوية للأسر والشركات في جميع أنحاء أوروبا وعلى موثوقيتها، ويشكل تهديداً وجودياً لمستقبل نمو الاقتصاد الصناعي في الاتحاد الأوروبي، ومرونته وقدرته التنافسية. ونحن، كحلفاء وأصدقاء للاتحاد الأوروبي، نؤمن بصدق أن توجيه العناية الواجبة للاستدامة المؤسسية سيلحق ضرراً بالغاً بالاتحاد الأوروبي ومواطنيه، حيث سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة والسلع الأخرى، وسيكون له أثر سلبي على الاستثمار والتجارة.
ونشعر بالقلق الكبير من عدم التعامل بشكل مناسب حتى الآن مع أي من هذه القضايا في النصوص البديلة التي اعتمدها المجلس الأوروبي والبرلمان الأوروبي بشكل رسمي، استجابة للحزمة التشريعية المبسّطة التي اقترحتها المفوضية الأوروبية في فبراير 2025. إن هذه الحزمة الشاملة، التي كان هدفها المعلن هو تبسيط متطلبات التوجيه الصادر بخصوص العناية الواجبة للاستدامة المؤسسية لجعله قابلاً للتطبيق من قِبل الشركات في دول الإتحاد الأوروبي وخارجه والراغبة في الاستثمار ومواصلة ممارسة أعمالها التجارية في الاتحاد الأوروبي، لا ترقى إلى مستوى الطموحات والتطلعات.
إن على الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء التحرك بسرعة لمعالجة هذه المخاوف المشروعة، إما عن طريق إلغاء توجيه العناية الواجبة للاستدامة المؤسسية بالكامل أو إزالة أحكامه الأكثر ضررا اقتصاديا. ونحثّ، على وجه الخصوص، على إعادة النظر في:
المادة 2، المتعلقة بتطبيق التوجيه خارج الحدود الإقليمية؛
المادة 22، المتعلقة بخطط التحول إلى طاقة منخفضة الكربون للتخفيف من آثار تغير المناخ؛
المادة 27، المتعلقة بالعقوبات؛
المادة 29، المتعلقة بالمسؤولية المدنية للشركات.
إن هذه الأحكام مجتمعة تشكّل تحديات جسيمة، وتقوض بشكل خطير قدرة الولايات المتحدة، ودولة قطر، ومجتمع قطاع الطاقة الدولي بشكل أوسع، على الحفاظ على شراكاتهم وعملياتهم داخل الاتحاد الأوروبي وتوسيعها. ويأتي هذا في وقت حرج لا تسعى فيه بلداننا وشركاتنا إلى استدامة إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى الاتحاد الأوروبي فحسب، بل إلى زيادتها بشكل كبير بما يواءم طموحات الاتحاد الاستراتيجية. ولا خلاف هناك أن الغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال سيبقيان مصدرين أساسيين للطاقة وجزءاً أساسياً من مزيج الطاقة في الاتحاد الأوروبي لعقود قادمة.
وبالإضافة إلى المخاطر المباشرة على أمن الطاقة، يهدد التوجيه الصادر بخصوص العناية الواجبة للاستدامة بتعطيل التجارة والاستثمارات في الغالبية العظمى من الاقتصادات الشريكة للاتحاد الأوروبي. وقد يهدد تطبيقه الاستثمارات الحالية والمستقبلية، وفرص العمل، والامتثال لاتفاقيات التجارة الأخيرة ويعرضها للخطر.
هذه مخاوف يتشارك بها مجتمع الأعمال العالمي على نطاق واسع؛ وتمتد لأبعد من قطاع الطاقة بكثير، ولا تقتصر على الولايات المتحدة وقطر فقط. وقد أعربت شركات أوروبية بارزة ورابطات وجمعيات صناعية عن تحفظات جدية بشأن تداعيات التوجيه على المرونة الاقتصادية للاتحاد الأوروبي وعلى أمن طاقته. وفي الواقع، قام الرؤساء التنفيذيون لست وأربعين شركة أوروبية كبرى مؤخراً بالدعوة إلى إلغاء التوجيه، مؤكدين أن إجراءً كهذا سيبعث برسالة واضحة ورمزية للشركات الأوروبية والدولية مفادها أن الحكومات والمفوضية ملتزمة التزاماً حقيقياً باستعادة القدرة التنافسية في أوروبا .
إن الاتحاد الأوروبي يقف الآن أمام لحظة حاسمة للوفاء بالتزامه بتزويد المواطنين والصناعات والاقتصادات بطاقة موثوقة وبأسعار معقولة، تمنع المزيد من التراجع في النشاط الصناعي وتحافظ على تنافسية الاتحاد الأوروبي ومكانته العالمية. وكحليفتين رئيسيتين للاتحاد الأوروبي وموردتين كبيرتين للغاز الطبيعي المسال ومنتجات الطاقة الأخرى له، فإن كلاً من الولايات المتحدة وقطر حريصتان جداً وملتزمتان باستمرار نجاح الاتحاد الأوروبي واستقراره.
نحث قادة الاتحاد الأوروبي على اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة من خلال إعادة فتح حوار جوهري مع شركائكم العالميين، بما في ذلك الولايات المتحدة وقطر، ومع مجتمع الأعمال الدولي على نطاق أوسع، لمعالجة هذه الأحكام الإشكالية في توجيه العناية الواجبة للاستدامة المؤسسية. إن هذا الحوار يُعد ضروريا لضمان نهج متوازن وعملي وقابل للتطبيق، يضمن أمن الطاقة في الاتحاد الأوروبي، وقدرة الاتحاد التنافسية على المدى الطويل، ورخاء مواطنيه.
إن الولايات المتحدة ودولة قطر ثابتتين في التزامهما باستمرار نجاح الاتحاد الأوروبي، ونقف معا كشركاء راغبين وبنّائين في هذا المسعى. وكما أكدنا باستمرار، نحن على استعداد لمساعدتكم في ضمان أن لا تعيق أي لوائح، مثل توجيه العناية الواجبة للاستدامة المؤسسية، طموحات شعوب الاتحاد الأوروبي وصناعاته دون قصد.
إن مواطني دولكم يتوقعون، وبحق، من قادتهم مواجهة هذه التحديات بجدية ومسؤولية وعزيمة. ونحن على أتم الاستعداد للمشاركة في حوار بنّاء حول هذه المسائل وغيرها في أي وقت يناسبكم.
مع خالص التحيات،