تتسابق المؤسسات والجمعيات الخيرية الخاصة على إقامة مشاريع إفطار الصائم بأشكالها المختلفة، التي يعد أبرزها الإفطارات الجماعية داخل الخيام أو المراكز المجهزة لإفطار الصائم والمنتشرة بجميع أنحاء الدولة.
وتتركز هذه الإفطارات على العمال العزاب وعابري السبيل وذوي الدخل المحدود؛ رغبة في توطيد أواصر الترابط الاجتماعي وتقويته بين مختلف شرائح المجتمع، وإحياء للسنة النبوية وقيمة التضامن وخلق أجواء التماسك والتواصل بين شرائح المجتمع.
لوسيل رصدت إجمالي تكاليف مشاريع إفطار الصائم لأكبر خمس جمعيات ومؤسسات خيرية خاصة، والتي بلغت 26.4 مليون ريال موزعة على 125 موقعا داخل قطر يستفيد منها 1.2 مليون شخص خلال شهر رمضان الحالي.
15 ريالا إفطار الصائم
وتبلغ قيمة إفطار صائم داخل قطر 15 ريالا، طبقاً للتعميم رقم 7 لسنة 2016 الصادر عن هيئة تنظيم الأعمال الخيرية للجمعيات والمؤسسات الخاصة الخيرية بشأن أسعار إفطار صائم داخل قطر، على أن توافي الجمعيات والمؤسسات الخاصة الخيرية إدارة الإشراف والرقابة بالهيئة بتقرير تفصيلي عن حصيلة مبالغ إفطار الصائم.
وأنشئت هيئة تنظيم الأعمال الخيرية في 2014 بموجب القرار الأميري رقم (43) لعام 2014 ، وأُسندت إليها مهام تنمية ودعم وتشجيع الأعمال الخيرية التي تنظمها وتشرف عليها الجمعيات بما يحقق الأهداف المرجوة منها، بالإضافة إلى مراقبة وتنمية ودعم الأعمال الخيرية والإنسانية والإشراف على جمع التبرعات وتنسيقها ومراقبتها بصورة دقيقة. ويُلزم قانون تنظيم الأعمال الخيرية كافة الجمعيات بالخضوع لرقابة الهيئة، وتزويدها بالمعلومات والمستندات اللازمة والمطلوبة للقيام بعملها وأداء واجبها الرقابي.
وتعد أعمال وأنشطة المؤسسات الخيرية وهياكلها داعماً للتنمية الاقتصادية من منظور حجم إنفاقها على مشروعاتها، ومكونات الأنشطة، وفرص العمل الدائمة، وعدد المستفيدين، وعدد المتطوعين وقيمة عملهم، غير أن اقتصاديا يؤكد ضرورة أن تركز المؤسسات الخيرية على المشروعات التي تسهم في التنمية الاقتصادية عبر إنشاء مشاريع تجارية وصناعية وعقارية عن طريق الوقف الإسلامي.
نقلة نوعية
وقال الشيخ محمد خليفة بوناصري، أستاذ الشريعة والقانون والمهتم بالعمل الخيري، أن الدعم الكبير من جانب الدولة للمؤسسات والجمعيات الخيرية نقل العمل الخيري في قطر نقلة نوعية كبيرة، الأمر الذي انعكس على تنامي العمل الخيري القطري داخلياً وخارجياً، حيث أصبحت الأعمال الخيرية في قطر تضاهي نظيراتها في أوروبا.
وأضاف: سياسة الدولة هي التي تحدد حجم المشاركة في الأعمال الخيرية، فكلما كانت الدولة أكثر انفتاحاً على الأعمال الخيرية زادت المشاركات في الأعمال الخيرية.
وثمن بوناصري أعمال الجمعيات الخيرية والتكامل الحاصل بين الجمعيات مؤكداً أنه يتابع هذه الأعمال عن قرب بحكم اهتمامه بالعمل الخيري.
مؤسسة راف
مؤسسة الشيخ ثاني بن عبدالله للخدمات الإنسانية راف تستقبل أكثر من 614 ألف صائم في 37 خيمة مكيفة ومركز توزيع، تم تجهيزها وتهيئتها لاستقبال العمالة الوافدة والعزاب وعابري السبيل الذين يرغبون في تناول وجبة الإفطار.
وطبقاً لما هو مخطط تبلغ التكلفة الإجمالية لمشاريع إفطار الصائم الداخلية التي ستنفذها راف خلال شهر رمضان الحالي ما يزيد على 11.6 مليون ريال .
ونقل بيان صادر من المؤسسة عن نائب المدير العام الدكتور محمد صلاح إبراهيم قوله: إن مشاريع راف الرمضانية يتم تمويلها من المحسنين والمحسنات القطريين، سواء للمشاريع الداخلية أو الخارجية، مؤكدا اعتزاز المؤسسة بالثقة الكبيرة التي يضعها فيها المحسنون والمحسنات وفي المشاريع التي تنفذها لصالح الفئات المتعففة والمحتاجة.
قطر الخيرية
ويستهدف مشروع موائد إفطار الصائم لمؤسسة قطر الخيرية أكثر من 173400 صائم، من خلال توفير الإفطار في 24 مائدة جماعية، تركز على العمال العزاب وعابري السبيل وذوي الدخل المحدود، ويهدف إلى إحياء سنة من فطر صائما كان له مثل أجره، وأحب الأعمال إلى الله أن تطرد الجوع عن مسلم، ويعزز قيمة التضامن وخلق أجواء التماسك والتواصل بين شرائح المجتمع.
ومن المقرر أن ينفذ المشروع بتكلفة إجمالية حوالي 6.8 مليون ريال، بتطور في عدد المستفيدين بزيادة 17400 صائم وعدد الموائد والمبالغ المخصصة قياسا بالعام الماضي.
وتشمل موائد إفطار الصائم مواقع الخور والذخيرة وسميسمة والخريطيات والغرافة والريان والشحانية والوكرة وبن محمود وفريج عبد العزيز والنجمة والمنصورة وبن عمران والمطار والسيلية والجميلية وأم صلال محمد، فضلا عن موائد جديدة في الرويس والكعبان إضافة لموائد في عدد من المساجد وجوار عدة مساجد.
عيد الخيرية والفيصل بلاحدود
وتضم موائد إفطار عيد الخيرية 63 موقعا في أنحاء قطر طوال الشهر لتفطير أكثر من 13 ألف صائم يوميا بنحو 400 ألف صائم طوال رمضان، إضافة إلى موقعين ليوم واحد لتفطير الجالية الهندية، وتبلغ التكلفة الإجمالية للمشروع ما يزيد عن 8 ملايين ريال، طبقاً للمؤسسة.
وتعد أكبر مائدة إفطار تضم 5800 صائم من الجالية الهندية في صالة مركز الإصلاح الهندي، تليها صالة الجمعية الهندية القطرية وتضم 2500 صائم، وهما ليوم واحد.
كما تضم خيمتا مؤسسة الفيصل بلا حدود بمنطقة الشحانية 1600 صائم يوميا طوال شهر رمضان، فيما تضم خيمة مسجد آل عبدالغني بالنجمة 600 صائم يوميا، وخيمة مسجد الشيخ فيصل بالغرافة 600 صائم أيضا.
عفيف الخيرية
مؤسسة عفيف الخيرية لا تركز على مشروع إفطار الصائم محلياً، وتعتمد على العديد من المشروعات الخارجية لإفطار الصائم والتي تجاوز فيها أعداد المستفيدين مليون شخص.
وداخلياً تقدم عفيف خلال شهر رمضان 10 آلاف وجبة بتكلفة 15 ألف ريال من خلال خيمتها الوحيدة المقامة لإفطار الصائم حيث تستقبل يومياً أكثر من 300 مستفيد.
وقال الرئيس التنفيذي لمؤسسة عفيف الخيرية، إبراهيم علي عبدالله، إن المؤسسة استطاعت أن تحقق إنجازاً مميزاً وتطوراً ملحوظاً في المشاريع المتعلقة بإفطار الصائم داخلياً وخارجياً.
وكشف عبدالله في تصريح خاص لـ لوسيل إن عدد المستفيدين محلياً ارتفع بنسبة 40 % عن العام الماضي، مشيراً إلى أن إفطارات الصائم خارجياً زادت بنسبة 20 ضعفاً اذ بلغت العام الماضي 50500 مستفيد، أما هذا العام فقد زادت أعداد المستفيدين من الإفطارات الرمضانية والإقبال عليها لتتجاوز المليون مستفيد.
وأضاف: هذا الفضل بعد الله سبحانه وتعالي كان بدعم ومساندة أهل الخير في بلدنا الحبيبة قطر، وإن الثقة الغالية التي أولاها الناس لنا هي وسام على صدرنا وأمانة نرجو من الله أن نوفق في حملها.
ركيزة للمبادئ الإنسانية
يعد العمل الخيري أحد العناصر الحيوية والمكملة لجهود الحكومة، حيث يدفع بها نحو مصلحة الوطن والمواطن عن طريق الارتقاء بمستوى الخدمات التي تقدمها.
وانطلاقًا من هذا المفهوم، تولي دولة قطر العمل الخيري اهتمامًا بالغًا باعتباره الركيزة الأساسية للمبادئ الإنسانية الموروثة عن الآباء والأجداد، النابعة من التقاليد والأعراف العريقة والمستمدة من القيم الإسلامية السمحاء.
وتم إصدار قانون رقم (2) لسنة 1974 بإنشاء الجمعيات والذي يعتبر أول قانون منظم للعمل الخيري في دولة قطر، وجرى تعديله لاحقًا بعدة قوانين أخرى. وفي العام 2014، صدر قانون رقم (15) لسنة 2014 بشأن تنظيم الأعمال الخيرية . وتهدف كل هذه القوانين إلى تنظيم العمل الخيري الذي تمارسه كافة الجمعيات والمؤسسات الخيرية المنتشرة في دولة قطر .
دعم التنمية الاقتصادية
وكشفت دراسة صادرة عن الشبكة العربية أن المنظمات الأهلية العربية تشكل قوة اقتصادية كبرى من منظور حجم إنفاقها على مشروعاتها، ومكونات الأنشطة، وعدد المتطوعين وقيمة عملهم، وفرص العمل، وعدد المستفيدين.
رجل الأعمال ورئيس مجلس إدارة ترويج قطر، يوسف أحمد الكواري، قال إن إسهام أنشطة الجمعيات الخيرية القطرية في التنمية الاقتصادية متواضع، مرجعاً أسباب ذلك لاعتمادها على كفاية حاجات المسلمين المحتاجين، كسد حاجتهم للمأكل سواء موائد إفطار الصائم أو غيرها، والمسكن وبناء المساجد وحفر الآبار، مشيراً إلى أن المبادرات المتعلقة بالأسرة المنتجة بسيطة، ومعظم الأفراد العاملين يكونون متطوعين.
وأوضح أن أعمال الجمعيات تتركز على أموال الزكوات والصدقات والتي يجب أن تصرف في أبواب معينة ولا يجوز إنفاقها في غير هذا الأبواب التي نص عليها القرآن الكريم والسنة النبوية، ويكون معظمها موجها لكفالة الأيتام أو بناء المساجد، إضافة إلى أن الجمعية الخيرية تكون ممثلة عن المتصدق لتنفيذ مشروع معين وليس لها حرية اختيار مشروعات تدعم التنمية الاقتصادية.
ودعا الكواري إلى ضرورة تفعيل الوقف الإسلامي عن طريق تأسيس هيئة مستقلة للزكاة لها كيان خاص ونظام يفرض الزكاة على القادرين، مؤكداً أن الوقف الإسلامي سيكون له دور كبير في التنمية الاقتصادية من المسلمين عن طريق إنشاء مشاريع تجارية وصناعية وعقارية.