واصل كبار المسؤولين الأمريكيين والصينيين أمس مفاوضات شاقة تهدف إلى تضييق الخلافات بين أكبر اقتصادين في العالم وذلك قبل ثمانية أيام على انتهاء هدنة تجارية بين البلدين، وكثيرا ما يؤكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن المحادثات مع بكين تمضي بشكل جيد جدا دون أي مؤشرات ملموسة على إحراز تقدم في الأشهر الثلاثة منذ اتفاق الجانبين على إعلان هدنة في نزاعهما التجاري.
ويقول الخبراء إن الهوة بين واشنطن وبكين والوقت القصير المتبقي قبل حلول مهلة الأول من مارس يرجحان أن تكون النتيجة إعلانات كبيرة لكن دون تحقيق أهداف ترامب الأكثر أهمية. وقال وليام رينش، المسؤول التجاري الأمريكي السابق وحاليا من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية أعتقد بأن المتابعين لهذه المسألة يجمعون على أنهم (المفاوضون) لا يحققون التقدم الذي يقول الرئيس على تويتر إنهم يحرزونه .
وترأس الموفد التجاري الصيني ليو هي وفد بكين في الاجتماعات مع ممثل التجارة الأمريكي روبرت لايتهايزر ومسؤولين أمريكيين آخرين، بهدف الحيلولة دون زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية. وتأتي رابع جولة من المفاوضات بعد يومين من محادثات تمهيدية على مستوى مساعدين. وقال ترامب في وقت سابق هذا الأسبوع إن مهلة الأول من مارس للتوصل إلى اتفاق ليست موعدا سحريا مثيرا الأمل من احتمال إرجاء خطة زيادة الرسوم بأكثر من الضعفين على ما قيمته 200 مليار دولار من السلع الصينية.
وحذرت صحيفة غلوبال تايمز الصينية المملوكة من الحزب الشيوعي في ساعة متأخرة الثلاثاء من أن زيادة الرسوم الأمريكية ترقى إلى ضربة كارثية على الأسواق المالية العالمية. ومنذ يوليو تبادلت واشنطن وبكين فرض رسوم على أكثر من 360 مليار دولار من السلع التجارية فيما بينهما، مما أرخى بثقله على قطاعات التصنيع في كلا البلدين. وتطالب واشنطن بأن تتخلى بكين عن معظم سياساتها الصناعية، وتقول إن الصين تسعى للسيطرة العالمية من خلال السرقة المفترضة لتكنولوجيا أمريكية، والدعم الهائل لمؤسسات عملاقة مملوكة من الدولة والترويج لها. ويؤكد المسؤولون الأمريكيون أن أي اتفاق يجب أن يكفل ضمان احترام بكين لتعهداتها.
وسيكون التوصل إلى اتفاق بشأن المطالب بإدخال تعديلات هيكلية أصعب بكثير على الأرجح من حل الشكاوى المتعلقة بالعجز الكبير في الميزان التجاري الأمريكي الصيني، والذي بلغ مستويات قياسية منذ تولي ترامب الرئاسة. ويؤكد ترامب أن الاتفاق النهائي سيتم التوصل إليه خلال اجتماع مع نظيره الصيني شي جين بينغ. وقال رينش إن الجانبين سيتوصلان على الأرجح لصفقة من نوع ما. وأوضح أنا متأكد من أنهما سيخرجان بشيء سيكون أكثر من تجميلي لكن أقل مما نطلبه . وأضاف سيكون ذلك ربما في مجال سرقة الملكية الفكرية وزيادة الاستثمارات في الصين لأنها الأمور التي تعود عليهم بالفائدة وعلينا أيضا .
لكن تعديلات أخرى، مثل إخضاع المؤسسات المملوكة من الحكومة الصينية لمبادئ السوق الحرة، يمكن أن تضعف نفوذ الحزب الشيوعي الحاكم، مما يجعل المسؤولين الصينيين غير راغبين في تغيير موقفهم، بحسب رينش.
من ناحية أخرى، بدأ الاقتصاد الصيني يسجل تباطؤا حادا أيضا، مما يبدد أي آمال بتسجيل نمو عالمي هذا العام. وأعلنت اليابان الثلاثاء أن الصادرات إلى الصين تراجعت بنسبة 17,4 بالمئة الشهر الماضي، هي الأعلى في ثلاث سنوات وسط تراجع الطلب هناك. غير أن بحثا أجراه معهد المالية الدولية، أظهر بأن تأثير الرسوم الأميركية العقابية على 250 مليار دولار من السلع الصينية، جاء لأسباب منها خفض قيمة العملة بنسبة 7 بالمئة العام الماضي.
وفيما خفف ذلك من وطأة ضربة الصادرات الصينية على المستهلك الأمريكي، قال كبير خبراء الاقتصاد في معهد المالية الدولية روبين بروكس لوكالة فرانس برس إنه التأثير طال شركات صينية أساسية.