10 % الزيادة السنوية في القطاعات غير النفطية

5 أسباب تُجنب الاقتصاد القطري مخاطر هبوط أسعار النفط

لوسيل

محمد علاونة

يواجه العالم استمرار هبوط أسعار النفط، التي هوت من 115 دولارا للبرميل في يونيو 2014 إلى نحو أقل من 35 دولارا حاليا، وبنسبة 65%، سجلت أطول فترة انخفاض في 11 عاما، وسط توقعات بأن يصل الإنتاج العالمي إلى مستويات قياسية مرتفعة بسبب دخول إمدادات جديدة من دول، مثل إيران وليبيا إلى الأسواق.

الهبوط في الـ 20 شهرا الأخيرة هو الأقوى منذ تسعينيات القرن الماضي، والأقسى على دول تحتل إيرادات النفط في موازناتها الحصة الكبرى، سواء كانت عضوا في منظمة الدول المصدرة أوبك ، أم من خارجها، وبنسب تتجاوز 95% بالنسبة للجزائر والكويت، و80% بالنسبة للسعودية، بحسب بيانات المنظمة ذاتها.
صندوق النقد حث دول الخليج على إجراء تعديلات مالية لمواجهة انخفاض أسعار النفط، وسط توقعات ببقاء الأسعار عند مستويات متدنية لسنوات، كشفت مديرة الصندوق كريستين لاجارد في زيارتها الأخيرة للدوحة في نوفمبر العام الماضي عن انخفاض عائدات النفط لدول الخليج بنحو 275 مليار دولار للعام الماضي، مقارنة بـ 2014.
الهبوط دفع بدولة مثل السعودية إلى النظر في خفض إنفاقها إلى 840 مليار ريال سعودي، أي ما يعادل 224 مليار دولار في موازنة العام المقبل، مقارنة بـ 975 مليار ريال للعام الحالي، وخفض الإنفاق الاستثماري بنحو 102 مليار دولار، وفقا لبيانات الموازنة المعلنة بداية العام الحالي.
لكن التحديات التي تواجهها قطر، وبالرغم من الاعتماد على النفط بنسب تتراوح بين 40 و50%، تبقى أقل حدة، بسبب وجود بدائل، سواء كانت موارد اقتصادية غير نفطية، أم مشاريع قيد الإنشاء بإنفاق رأسمالي يقدر بمئات المليارات من الدولارات، فمثلا قطر تملك من الخيارات ما يجنب اقتصادها هبوط أسعار النفط، وهناك 5 أسباب تدعم تلك الخيارات.
في نفس الوقت ما زالت التحديات قائمة في حال واصلت أسعار النفط انخفاضها وبقيت عند مستويات متدنية لفترات طويلة، فتلك الدول ستكون أمام خيارات صعبة، مثل ترشيد الإنفاق والبحث عن موارد أخرى قد تلقي بظلالها على الدورة الاقتصادية ككل مثل فرض مزيد من الضرائب أو إلغاء الدعم عن سلع أساسية مثل الوقود.
من المرجح أن يحقق الاقتصاد القطري نموا بالأسعار الثابتة بنسبة 7.1% خلال العام الماضي، بحسب توقعات الأداء الاقتصادي لشبكة سي إن إن ، وتقرير لصندوق النقد الدولي صدر في أبريل العام الماضي، لتحل في المرتبة الثانية عالميا بعد الهند التي حققت نموا بنسبة 7.5%، وجاءت الصين في المرتبة الثالثة وبنسبة 6.8%، أما النمو الحقيقي فيمكن أن يبلغ معدل 4.8% وبالأسعار الجارية.
وقدرت وزارة التخطيط الناتج المحلي الإجمالي للدولة بالأسعار الثابتة (الحقيقي) بنحو 201.33 مليار ريال خلال الربع الثالث من العام الماضي، محققاً بذلك نمواً بلغ 3.8% قياسا بالربع المماثل من العام 2014.
من أهم العوامل التي ساهمت في هذا النمو عدم ارتباط الاقتصاد القطري بشكل كلي بصادرات النفط، إذ تأتي قطر في المرتبة الأخيرة بقائمة المصدرين في أوبك بمعدل 700 إلى 800 ألف برميل يوميا، مقابل 10 ملايين برميل للسعودية و2.86 مليون برميل للإمارات و3.7 مليون للعراق و2.7 مليون للكويت.
تعمل قطر، بحسب بيانات رسمية، على التوسع في القطاعات غير النفطية والغازية، بما يزيد على 10% سنويا، وشهدت الفترة الماضية ارتفاعا في مساهمة القطاع غير النفطي والتي تقوده المؤسسات الصغرى والمتوسطة، حيث ارتفع القطاع غير النفطي في الاقتصاد القطري من أقل من 42% عام 2005 إلى نحو 50% بنهاية عام 2014، وهي زيادات أكبر بكثير من المتوقعة في قطاع النفط والغاز، وبلغت الصادرات غير النفطية للشركات الصغيرة والمتوسطة في يوليو الماضي نحو 1.5 مليار ريال وسط توقعات بزيادة 10% سنويا، وفقا لتقرير البنك الدولي الصادر نهاية العام الماضي.
قطر اتخذت خطوات استباقية لمواجهة نزيف النفط، إذ كشفت وزارة المالية في بيان الموازنة العامة، أن متوسط سعر النفط في موازنة العام الحالي عند مستوى متحفظ يبلغ 48 دولاراً للبرميل مقابل 65 دولاراً للبرميل في الموازنة الماضية، وذلك تماشياً مع الانخفاض الكبير في أسعار النفط في الأسواق العالمية خلال الفترة الماضية، فيما تأتي الموازنة استكمالاً لإستراتيجية التنمية الوطنية 2011-2016 في عامها الخامس، والتي تؤكد عزم الدولة على مواصلة مسيرة التنمية المستدامة، مع التركيز على تنفيذ المشاريع الرئيسية في قطاعات الصحة والتعليم والبنية التحتية والنقل.

تنفيذ برنامج للبنية التحتية بقيمة 200 مليار دولار

تنفذ قطر حاليا برنامجا للبنية التحتية تبلغ قيمته 200 مليار دولار (نحو 727.5 مليار ريال)، بهدف تنويع الاقتصاد والاستعداد لبطولة كأس العالم لكرة القدم في 2022، وفقا لتقرير حديث صادر عن صندوق النقد الدولي، أظهر أن معدلات النمو بقيت مستقرة أخيرا بسبب توسع ثنائي الرقم في القطاع غير الهيدروكربوني.
تمتلك قطر صندوقا سياديا تقدر أصوله بـ300 مليار دولار تم إنشاؤه في عام 2005، وتمكن الصندوق من تمويل استثمارات في قطاعات المال، والصناعة، والسياحة، والعقار، إذ ينشط دور الصندوق في أكثر من 39 بلداً حول العالم، إذ ارتفعت أصوله بنسبة 50% في عام 2014.
ويعد الصندوق القطري أحد أكثر المستثمرين السياديين نشاطاً في العالم، فقد استحوذ على حصص في قطاعات عدة من العقارات إلى السلع الفاخرة.
وبحسب التقارير، فقد حل الصندوق السيادي القطري في المرتبة التاسعة عالمياً من حيث الأصول خلف صناديق النرويج وأبو ظبي والسعودية.

الغاز القطري

لدى قطر ميزة إضافية تتمثل بإنتاج الغاز، إذ تعد قطر حتى الآن أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، واحتلت المرتبة الأولى عالمياً، في تصدير الغاز المُسال للمرة التاسعة على التوالي، وبلغ حجم التصدير لديها 76.8 مليون طن متري، في حين بلغت الإمدادات العالمية للغاز الطبيعي المسال 241 مليون طن، وذلك وفقاً للتقرير السنوي للاتحاد الدولي للغاز، الصادر في سبتمبر العام الماضي.
تأتي احتياطيات قطر من الغاز في المرتبة الثالثة عالميا، أو نحو 871.5 تريليون قدم مكعبة (24.7 تريليون متر مكعب)، وهو ما يمثل نحو 13.3% من احتياطيات الغاز العالمية المؤكدة في عام 2013.
وبلغ إنتاج قطر في 2014 نحو 158.5 مليون متر مكعب، أو ما يعادل 4.7% من إنتاج الغاز العالمي، مما جعلها تحتل رابع أكبر منتج للغاز في العالم (بعد روسيا والولايات المتحدة وإيران)، ووفقا للبيانات التي أوردها الاتحاد الدولي للغاز، الذي ذكر أن قطر صدرت أكثر من 84% من إنتاجها من الغاز على شكل الغاز الطبيعي المسال (LNG)، وأكثر من ثلثي ذلك الغاز المسال، 71.4% تم شحنه إلى دول آسيا.
الدولة وقعت العديد من الاتفاقات بهدف فتح أسواق جديدة كان آخرها توقيع الشركة القطرية للغاز المسال المحدودة (قطر غاز 2) اتفاقية طويلة الأجل لتوريد الغاز الطبيعي المسال لشركة نفط باكستان المحدودة، تقوم بموجبها قطر غاز 2 بتزويد شركة نفط باكستان بـ 3.75 مليون طن متري سنويا من الغاز الطبيعي المسال لمدة 15 عاما، حيث يتوقع أن يتم تسليم أول شحنة من هذا الاتفاق في شهر مارس المقبل.