يستعد المغرب لإطلاق مشروع تحرير سعر صرف العملة المحلية الدرهم ، خلال وقت لاحق من العام القادم، بعد أشهر من المشاورات بين مسؤولي وزارة الاقتصاد والمالية والبنك المركزي، تخللتها محادثات رسمية مع صندوق النقد الدولي. وسيمكن المشروع، من تنفيذ تعويم تدريجي للدرهم على مراحل، تنطلق المرحلة الأولى، في مستهل النصف الثاني من العام المقبل، بحسب مسؤول حكومي تحدث لـ الأناضول .
وبالتوازي مع مسار تعويم العملة، سيعمل البنك المركزي على تنفيذ سياسة استهداف مستوى محدد للتضخم، بهدف ضبط الأسعار التي ستتأثر بالتعويم. وأثار قرار التعويم ، نقاشاً بين الاقتصاديين والمطلعين، بين مرحب ومتخوف، وتوقع المحلل المالي الطيب أعيس ، الذي يدير مكتب استشارات مالية، ألا يكون لقرار تعويم العملة المغربية، تداعيات على الاقتصاد المحلي. وقال أعيس، في تصريح للأناضول، تداعيات التعويم لن تكون كبيرة جداً على الاقتصاد المحلي، لأن الاقتصاد المغربي الآن في وضع جيد، بالنظر للمؤشرات الاقتصادية، وهو ما يسمح بهذا المستوى من الانفتاح المتعلق بتداول العملة المغربية ، مؤكداً أنه ربما قد يستفيد المغرب، بالنظر لوجود تنافسية للاقتصاد الوطني .
البنك المركزي المغربي توقع في سبتمبر الماضي، أن تبلغ نسبة النمو الاقتصادي للعام الجاري 1.4%، مقابل 4% خلال العام المقبل، بينما يبلغ التضخم في 2016 نحو 1.6% ويتراجع إلى 1.2% للعام القادم. وذهب الخبير الاقتصادي المغربي نجيب أقصبي، إلى أن مشروع تعويم العملة، من وصفات صندوق النقد الدولي، التي يريد أن يفرضها على عديد الدول التي يتعامل معها . وقال أقصبي في حديث مع الأناضول ، النقد الدولي طرح هذا الموضوع على المغرب أكثر من مرة، ويتعامل معنا حسب ميزان القوة، حين يحس بأنه الأقوى يدفع بقوة نحو فرض توصياته . واستبعد أقصبي فرضية ارتفاع الاستثمارات الأجنبية جراء التعويم، وقال، لا أرى إلا الخسارة، ولا يمكننا أن نتوقع استفادة الاقتصاد المغربي من هذا الإجراء، بل سيدخل الاقتصاد المغربي في دوامة تقلبات الاقتصاد الدولي .
ويرى الاقتصادي المغربي المتخصص في الأسواق المالية، عزيز لحلو، في حديث مع الأناضول ، أن تعويم الدرهم عملية لا مفر منها، بالنظر للالتزامات المغرب الدولية مع صندوق النقد الدولي . ويؤكد عزيز لحلو، أن المستثمر الأجنبي يجب أن توفر له ضمانات للتصرف في رأسماله بكل حرية ، مشيراً إلى أن الإجراء مهم جداً للاقتصاد المغربي، شريطة مواكبة العملية بإجراءات أخرى، منها الشفافية وضمان المنافسة، ثم توفير قضاء عادل ونزيه .
البنك المركزي، وفي محاولة منه للتخفيف من حدة توجس الفاعلين الاقتصاديين، أكد أكثر من مرة، أن الانتقال من نظام صرف ثابت إلى نظام صرف مرن، يقتضي الإعداد له بشكل جيد، عبر إعداد الفاعلين الاقتصاديين، وضبط التوازنات الماكرواقتصادية، ووجود قطاع بنكي متين قادر على التعاطي مع السياق الجديد . ويرى المركزي أن الانتقال لاتخاذ قرار تبني نظام صرف مرن، يستدعي دعم القيمة الخارجية للعملة المحلية، وبلورة نظام جديد للتوقعات الاقتصادية .