كشفت منظمة الأغذية والزراعة العالمية الفاو عن تضاعف عدد حالات السمنة في جميع أنحاء العالم ثلاثة أضعاف تقريباً منذ عام 1975، وإلى جانبها ظهرت أمراض القلب والسرطان والسكري. ووضعت البلدان مبادئ توجيهية عن التغذية، تتواءم مع الأوضاع الغذائية والسكان المحليين.
وخلال إحدى الندوات مدينة صحة للأطفال التي سبق ونظمتها وزارة الصحة العامة بالتعاون مع مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية ويش ، أوضح سعادة الشيخ الدكتور محمد بن حمد آل ثاني، مدير إدارة الصحة العامة في وزارة الصحة العامة: إن معدل انتشار السمنة بين الأطفال في قطر يصل إلى 15 % تقريباً، ولدى البالغين تصل لقرابة 40 %، منوهاً إلى أن المؤشرات الأولى للفحص القادم للسمنة في قطر 2020 تشير إلى تراجعها وتحقيق الهدف المطلوب .
وكشفت الدكتورة صدرية الكوهجي: إن سمنة الأطفال تعتبر أحد التحديات الأساسية، حيث توضح الإحصاءات أن 18.8 % من الذكور و15.5 % من الإناث دون 20 عاماً يعانون من السمنة .
ووفق دراسة للفاو: تختلف أنماط التغذية اختلافًا كبيرًا من مكان لآخر، بناءً على توافر الطعام وعادات الأكل والثقافة. ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بالطعام، نعرف الكثير عما هو جيد وما هو غير صالح للإنسان وهذا صحيح بغض النظر عن المكان الذي نعيش فيه. بيد أن التغيرات المجتمعية تجعل هذه الخيارات أكثر تعقيدًا. وباستمرار العديد من البلدان في التعامل مع نقص التغذية، يزداد عدد الأشخاص حول العالم الذين يتناولون أغذية كثيفة الطاقة ومرتفعة الدهون والسكر والملح. إن التحضر وأنماط العمل المستقرة وأنماط النقل المتغيرة تؤدي إلى انخفاض مستويات النشاط الفيزيائي لدى الناس، مما يخلق مجتمعات سكانية كاملة معرضة لخطر السمنة وزيادة الوزن والأمراض ذات الصلة .
ووفق دراسة الفاو، ففي ظل تضاعف أعداد المصابين بالسمنة تزيد المشاكل الصحية مثل السكري وأمراض القلب وبعض أنواع السرطان. ولا يقتصر هذا الاتجاه على البلدان المرتفعة الدخل. في الواقع، يرتفع معدّل عدد الأشخاص الذين يعانون من السمنة والسمنة المفرطة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل بوتيرة أسرع. وفي نفس الوقت، في العديد من الحالات، يتعين على البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط أن تتعامل أيضاً مع معدلات عالية من التقزم والهزال ونقص المغذيات الدقيقة.
وحذر الدكتور عبد الله الحمق - المدير التنفيذي للجمعية القطرية للسكري، عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع- من انتشار السمنة بين الأطفال، مشيراً إلى أن سمنة الطفولة من أخطر المشاكل الصحية على الصغار، وتمثل بوابة للعديد من الأمراض في سن مبكرة.
ونوه بأن سمنة الأطفال تمثل تحدياً يجب تجاوزه لتعزيز صحة المجتمع في ظل انتشار الأطعمة السريعة وأسلوب الحياة الخالي من النشاط البدني، داعياً إلى إعادة النظر في منظومة الأنشطة داخل المدارس من خلال زيادة الجرعة الرياضية أو تعديل برامجه.
وأوضح: إن السمنة ليس لها سبب واحد، بل هنالك أسباب متعددة لها، فهي عبارة عن محصلة لنظام غذائي غير متوازن، ونمط حياة لا يعتمد على الحركة، بالإضافة للوراثة، وتعد سمنة الأطفال تحدياً يجب تجاوزه لتعزيز صحة المجتمع، في ظل انتشار الأطعمة السريعة والمصنّعة، وأسلوب الحياة الخالي من النشاط البدني والحركة بحكم التطور التكنولوجي وإفراط الأطفال في قضاء أوقاتهم على الألعاب الإلكترونية والأجهزة الذكية .
ووفق منظمة الأغذية والزراعة العالمية الفاو فإن الخطوط التوجيهية للطعام الصحي لمعظم البلدان في العالم توصي بأن يكون لدى الأشخاص ما لا يقل عن 3-5 حصص من الفواكه والخضروات يومياً. وبالنسبة لمن يروقه المذاق الحلو، تعتبر الفاكهة بديلاً جيدًا للسكريات المصنعة. وتحدد المنظمة 7 عادات غذائية نعرف أنها صحية وجيدة بالنسبة للمستهلكين ومن خلال قراءة للفاو في تلك الخطوط للبدان المختلفة تري
وتركز الخطوط التوجيهية القطرية بالحرص على التغذية السليمة وهي من أهم عوامل نمو الإنسان واستمرار حياته بشكلٍ صحي ومتوازن. فالغذاء بمثابة الوقود الذي يحرِّكنا. ولابُدّ أن تكون المواد الغذائية التي يتناولها كل فرد متكاملة ومتنوعة وبكميات ملائمة بحيث لا يتعرض الإنسان إلى مشاكل صحية كثيرة، ومنها: أمراض القلب، ومرض السكر، ونزيف المخ، ومسامية العظام، وبعض الأنواع من السرطانات، كما أن العادات التي يتبعها الشخص طيلة حياته تبدأ منذ الطفولة ومن الصعب تغييرها في الكبر، لذلك لابُدّ من تنشئة الأطفال على عاداتٍ غذائيةٍ سليمةٍ .
يقول يوسف بن خالد الخليفي مدير إدارة الشؤون الزراعية بوزارة البلدية والبيئة: إن الوزارة تلتزم بالخطوط التوجيهية لمنظمة الأغذية والزراعة العالمية فيما يتعلق بإنتاج المواد الغذائية الزراعية وتضع البيئة على رأس أولوياتها بحيث تنتج تلك المواد في ظل بيئة صحية ونظيفة خالية من أية ملوثات حرصا منها على الصحة العامة للمواطن وللبيئة وللمجتمع ككل بحيث تكون نظمها الغذائية مؤهلة للمستويات العالمية .
وبخصوص تناوُل الكثير من أنواع الخُضر والفواكه تشير الفاو إلى أن بعض البلدان بخطوطها التوجيهية للنظام الغذائي كل الدقة بشأن عدد الحصص من الفواكه والخضراوات التي يجب استهلاكها يوميا، على سبيل المثال توصي اليونان بست حصص منها، وكوستاريكا وأيسلندا خمس حصص منها. حتى أن كندا تحدد ألوان الخضار لتستهلك (واحدة خضراء داكنة وأخرى برتقالية في اليوم). وقد يختلف حجم الوجبة باختلاف البلد؛ ومع ذلك، توصي جميع الإرشادات بتناول كمية كبيرة من الخضراوات والفواكه الطازجة يوميًا .
وتركز الخطوط الإرشادية للغذاء الصحي للدول على مراقبة الاستهلاك من الدهون، بعبارات مختلفة، إلى الحد من الدهون الصلبة المشبعة وتقدم توصيات لاستبدال الدهون الحيوانية بالزيوت النباتية. في اليونان، يوصى بزيت الزيتون، وفي فيتنام بزيت السمسم أو زيت الفول السوداني - مما يدل على أهمية التوافر والتفضيل الثقافي في الخطوط التوجيهية لكل بلد. إضافة إلى توصيات بتقليل الأطعمة والمشروبات التي تحتوي على نسبة عالية من السكر حيث إنه من المتفق عليه عموما أن السكر المعالج ضار بصحة الإنسان. وتوصي الخطوط التوجيهية في كل بلد بالحفاظ على نظام غذائي منخفض السكر، وتفضيل الفواكه على الحلويات المجهزة أو المشروبات السكرية بالنسبة للناس الذين يروقهم المذاق الحلو .
وفيما يتعلق بالحد من الصوديوم أو الملح في حين تشير نيجيريا إلى الحد من استخدام مكعبات الحساء، تحدد مالطا الحد من الطعام الجاهز المحتوي على الصوديوم بنسبة عالية. من ناحية أخرى تقترح كولومبيا تحديد اللحوم المصنعة والأطعمة المعلبة والمنتجات المعبأة التي عادة ما تحتوي على نسبة عالية من الملح. وفي جميع البلدان، يُتّفق على أن الأنظمة الغذائية التي تحتوي على كميات أقل من الملح هي الأفضل. وبخصوص شرب الماء بانتظام في جميع المجالات، توصي الخطوط التوجيهية بأن الماء هو أفضل ما يروي العطش، بالطبع، يجب أن نتأكد دائما من أن الماء آمنٌ للشرب.
وتنصح الفاو بأن يجعل المرء النشاط البدني جزءاً من الأنشطة اليومية بالنسبة للأشخاص الذين لديهم وظائف أو أنماط حياة أكثر استقلالية، يوصى عموماً بفترة 30 دقيقة على الأقل من التمارين اليومية. لكن تشير الخطوط التوجيهية في بنين إلى أنه بالنسبة للأشخاص الذين لديهم وظائف تتطلب عملاً بدنيًا شاقًا، لا تعدّ التمارين الإضافية ذات أهمية قصوى.
وتقدم مختلف الخطوط التوجيهية نصائح أخرى حول الطعام الصحي فتشير إلى تمتع بتناول طعامك (رومانيا)، وتناول الطعام مع عائلتك (فنزويلا)، والحفاظ على الأنظمة الغذائية التقليدية (بنين)، وحماية البيئة (قطر)، وتقاسم الوجبات (كوستاريكا) وعدم الإفراط في طبخ الأكل (ألمانيا).
وفي إطار خطوطها التوجيهية اقترحت البرازيل طريقة بديلة لتجميع الأطعمة حسب مستويات المعالجة وأوصت بتجنب الأطعمة المعالجة بشكل كبير. كما أن بعض الخطوط التوجيهية تركّز على أنه يتوجّب علينا حماية مواردنا الطبيعية والتنوع البيولوجي للطبيعة وضمان الأمن الغذائي والتغذوي لجميع الناس.
وتقول منظمة الأغذية والزراعة إنها تدعم البلدان من أجل تطوير ومراجعة وتنفيذ خطوطها التوجيهية المتعلقة بالأنماط الغذائية. وإذ تستخدم الخطوط التوجيهية بشأن التغذية، كقاعدة لسياسات التغذية وبرامج التعليم، فهي تساعد الأشخاص في تحقيق عادات غذائية وأنماط حياة صحية.