قطعت الأسواق الناشئة ما يقرب من ثلثي طريق النمو خلال العام الحالي بأداء أفضل مما كان متوقعاً، بحسب التحليل الأسبوعي لـ QNB.
وأفاد التحليل الصادر أمس أن الصين شكلت جزءاً كبيراً من تلك القصة، حيث بلغ متوسط النمو بها في النصف الأول من العام 6.9%، بارتفاع من 6.7% في العام الماضي.
وأضاف أنه حتى خارج الصين، كانت قوة الأسواق الناشئة واسعة النطاق، حيث سجلت كل من البرازيل، وروسيا، وإندونيسيا، وتركيا، وجنوب أفريقيا وماليزيا جميعها نمواً مساوياً أو أقوى مما كانت عليه في عام 2016 حتى الآن.
وعزا التحسن إلى انتعاش التجارة العالمية، وقابلية تحمل المخاطر رغم بقاء بعض المخاطر السلبية، متوقعا أن يستمر زخم النمو خلال بقية العام، مشيراً إلى ثلاثة عوامل تدعم النمو.
عوامل النمو
واعتبر التحليل العامل الأول هو الانتعاش في التجارة العالمية ونمو الصادرات بتلك الأسواق لتشكل الحصة الأكبر من نمو الأسواق الناشئة بالمقارنة مع الاقتصادات المتقدمة، الأمر الذي يجعلها أكثر اعتماداً على التجارة.
وأشار إلى أن الدافع وراء هذا التغير كان تحسن الظروف المحلية في أوروبا والولايات المتحدة الذي بدوره عزز الطلب على الواردات، وكانت الصين أبرز المستفيدين من زيادة قوة الطلب.
وكان صافي الصادرات الصينية قد تحول إلى رقم إيجابي خلال النصف الأول من 2017 وذلك لأول مرة منذ 2014 كما ارتفعت صادراتها إلى أوروبا والولايات المتحدة بأسرع وتيرة لها في عامين.
ومثل تحسن نسبة المخاطر في الأسواق الناشئة العامل الثاني، حيث أدى ارتفاع التجارة العالمية لزيادة الثقة لدى المستثمرين، مدعوماً في الأساس بتلاشي المخاوف بشأن الحمائية الاقتصادية وتراجع قيمة الدولار الأمريكي.
وكانت توجهات الإدارة الأمريكية بوضع حواجز كبيرة أمام التجارة مع الأسواق الناشئة قد أفزعت المستثمرين في البداية بسبب المخاوف من انخفاض النمو مستقبلاً.
لكن هذه التوجهات لم تترجم على أرض الواقع وبدا حدوث ذلك أمراً غير محتمل بشكل متزايد في الوقت ذاته.
وأدى تراجع قيمة الدولار الأمريكي، الذي انخفض بنسبة 5% على أساس القيمة المرجحة بالتجارة، إلى مساعدة الأسواق الناشئة في تجاوز تأثيرات تشديد السياسة النقدية من طرف بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) وذلك من خلال خفض قيمة ديون الأسواق الناشئة المقومة بالدولار الأمريكي، وهو ما أدى إلى خفض تكلفة خدمة الديون بشكل فعال.
وأضاف التقرير أن هذه التطورات أسهمت في تعزيز الثقة وجذب تدفقات كبيرة نحو الأسواق الناشئة.
وقد بلغت تدفقات المحفظة ما يقدر بـ 183 مليار دولار أمريكي خلال السبعة أشهر الأولى من 2017 مقارنة بـ 87 مليار دولار فقط خلال العامين الماضيين.
ونوه التقرير إلى أن العامل الثالث الذي دعم النمو هو تعافي أسعار السلع الأساسية، حيث شهدت أسعار النفط والمعادن الأساسية ارتفاعاً كبيراً بالمقارنة مع العام الماضي على خلفية تحسن نمو إمدادات النفط وتحسن الطلب على المعادن، حيث استفادت الدول الرئيسية المنتجة للسلع الأساسية، مثل روسيا والبرازيل وجنوب أفريقيا.
وبحسب التقرير فقد سمح ارتفاع عائدات تصدير السلع الأساسية بتبني سياسات مالية مخففة لدعم الطلب المحلي، فعلى وجه الخصوص، بدأ الاستثمار في هذه البلدان الثلاثة يشهد انتعاشاً تدريجياً بعد عامين من الانخفاض.
مخاطر محتملة
وحذر التقرير: بالرغم من هذه العوامل، بأن الأسواق الناشئة لا تزال تواجه بعض المخاطر الهبوطية، حيث يمكن لسياسة البنك المركزي في الولايات المتحدة وفي أوروبا تحديداً أن تصبح أكثر تشدداً نتيجة للأوضاع المحلية القوية.
وسيؤدي ذلك إلى هروب رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة وزيادة الالتزامات الخارجية.
كما أن المخاطر السياسية، لا سيما في البرازيل وجنوب أفريقيا وشبه الجزيرة الكورية، مرتفعة ويمكن أن تشكل عبئاً على النمو.
ويتوقع ألا تستمر الصين في الاتجاه التصاعدي للنمو مع تحوّل السلطات تدريجياً إلى معدلات أبطأ للإقراض وشروعها في تقليل المخاطر المالية، الأمر الذي ستكون له انعكاسات سلبية على الأسواق الناشئة الأخرى.
إلا أنه أردف موضحا أنه لا يُرجح أن يكون لهذه المخاطر تأثير كبير على النمو في الفترة المتبقية من 2017، متوقعا في نهاية المطاف استمرار زخم النمو خلال الفترة المتبقية من العام.