اللجنة الشرعية: احترام المتوفى واجب شرعي

الأوقاف تدعو إلى تهيئة مكان لغسل وتكفين المتوفين بكورونا

لوسيل

مصطفى شاهين

أعلنت اللجنة الشرعية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية برئاسة د. ثقيل بن ساير الشمري عن الرأي الشرعي في كيفية التعامل مع مرضى الأوبئة المعدية وكذلك المصابين بها بما في ذلك المصابون بوباء كورونا.

وأكدت اللجنة في فتوى أصدرتها ووصل لوسيل نسخة منها بهذا الخصوص أن تكريم الإنسان وتفضيله على غيره يقتضي دفنه لأن جنس الإنسان مكرم لقوله تعالى وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا سورة الإسراء.

وأشارت إلى أن غسل المتوفى المسلم وتكفينه والصلاة عليه فرض كفاية وهو قول جمهور الفقهاء لأن ذلك حق من حقوقه لقوله صلى الله عليه وسلم في الذي وقصته راحلته اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه وأوضحت اللجنة أنه لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم خبر وفاة النجاشي أمر بالصلاة عليه وقد ورد ذلك عند البخاري ومسلم وأحمد والنسائي وغيرهم.

وأضافت اللجنة أن غسل الميت منقول عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن صحابته بالقول والفعل وقد اتفق المسلمون على أن الميت يغسل ولو كان نظيف البدن فلو اغتسل إنسان ونظف سائر بدنه ثم مات بعد دقائق لوجب أن يغسل لموته ولا يكفيه غسله الأول عن غسله بعد الموت لأن غسل الميت ليس المقصود منه تنظيفه فقط، بل هو من الأمور التعبدية.

وقالت اللجنة في فتواها: ومن توفي بسبب وباء كورونا كوفيد- 19 فإنه يغسل ويكفن من حيث الأصل، إذ إنه وهو على سرير المرض يقوم الأطباء بعد أخذ أسباب الوقاية من الأمراض المعدية حسب أصول مهنتهم بفحصه وعلاجه ومباشرته بالعناية، ومعهم الممرضون ومن يعاونهم فإنه ينبغي أن يعامل بعد موته بنفس الطريقة، فإذا أمكن أن يغسل ولو بصب الماء عليه من غير دلك في مكان خاص ويتم التخلص من السوائل بطريقة خاصة، وفقا لتوجيهات أصحاب الاختصاص وتحت إشرافهم ثم يكفن ويصلى عليه، تعين ذلك تكريما له وتطييبا لنفوس أوليائه وأقاربه.

وأوضحت أنه إن تعذر الغسل يمم فإن تعذر كل ذلك - بناء على كلام الأطباء المختصين بأن خطر نقل العدوى إلى المغسل وغيره أمر راجح - فهنا تعارضت مصلحتان، مصلحة الميت بغسله ومصلحة المغسل بسلامته من العدوى ومن ثم سلامة المجتمع.

وأكدت أن المقرر شرعا أن مصلحة الحي مقدمة على مصلحة الميت في هذه الحال لذا قدمنا مصلحة الحي على مصلحة الميت بعدم غسله لأن المحافظة على الأرواح وسلامة الأبدان أولى.

وتابعت: لا يقال إن تضرر الحي مع أخذ أسباب الوقاية احتمال لا يؤخذ به، نقول: وإن كان محتملا فإنه احتمال غالب كالظن الغالب والظن الغالب له حكم المتيقن كما هو مقرر في الأصول.

وقالت: وعليه فإن من توفي في هذا الوباء وتعذر في حقه الغسل والتيمم كفن وصلي عليه وهو مذهب الحنابلة ومن وافقهم من أهل العلم خلافا لمن جعل غسل الميت شرطا لصحة الصلاة عليه ولأن الشريعة جاءت برفع الحرج ورفع الحرج هنا هو إزالة الإثم عمن لم يفعله بإيجاد وسيلة للخلاص منه، لأن التكليف يكون بما هو في الوسع: لقوله تعالى لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا سورة البقرة، ولقوله تعالى فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ سورة التغابن، ولقوله عليه الصلاة والسلام: مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ أي أن يؤدي منه المستطاع لأن الأمر إذا ضاق اتسع والمشقة تجلب التيسير.