أثار قرار سلطات الإقليم الكردي بإجراء استفتاء الانفصال عن العراق، في سبتمبر المقبل، ردود فعل رافضة، من معظم أطراف المجتمع الدولي، في حين أعلنت إسرائيل دعمها للخطوة، إلى جانب حكومة أبو ظبي. فقد أوضح تقرير صحفي، مطلع يونيو الماضي، أن قيادات حزبي التغيير و الاتحاد الديمقراطي المعارضين في مدينتي السليمانية ودهوك، قاموا بنقل معلومات إلى حكومة بغداد، أكدت قيام أبو ظبي بدعم مشروع انفصال إقليم كردستان العراق.
وبموجب هذه المعلومات، فقد تعهدت أبو ظبي لأربيل بتمويل مشروع الاستفتاء الشعبي المزمع إجراؤه نهاية العام الجاري رغم رفض بغداد، ووسط تحفظ على توقيته وظروفه من قبل الأطراف الكردية في السليمانية التي تعد عاصمة المعارضة التقليدية في الإقليم الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي منذ الاحتلال الأمريكي للبلاد عام 2003.
وقال التقرير إن السبب الرئيسي لدعم أبو ظبي خيار انفصال العراق وبالتالي تقسيمه، يعود إلى الرغبة بمناكفة تركيا قدر الإمكان، وكذلك إيران، على اعتبار أن أنقرة تعتبر أن دولة كردية مستقلة على حدودها خط أحمر ممنوع بالكامل، وهو موقف لا تبدو طهران بعيدة عنه أيضا.
ونقلت صحيفة العربي الجديد ، في 9 يونيو الماضي، عن سياسي كردي بارز في السليمانية، أن الحراك السياسي الإماراتي في أربيل انتهى أخيرا إلى تعهد أبو ظبي بتمويل مشروع استفتاء الانفصال عن العراق نهاية العام الجاري.
وأشار إلى أن القنصل الإماراتي في أربيل، رشيد المنصوري ، فضلا عن السفير في بغداد، حسن الشحي ، يقودان حراكا كبيرا لدعم رئيس الإقليم مسعود البارزاني وعائلته منذ عامين.
وكان رئيس الإقليم، مسعود بارزاني، قد حدد 25 سبتمبر المقبل، موعدًا لإجراء استفتاء، نتائجه غير ملزمة، أي فقط اختبار اتجاهات التصويت، إزاء الوحدة أو الانفصال.
رفض ساحق
ووصفت العديد من الدول الغربية والإقليمية، وأغلبيتها الساحقة تعارض أصلا، إجراء الاستفتاء، خطوة بارزاني بأنها ليست صائبة.
وبالضرورة، تأتي بغداد، في صدارة الرافضين، إذ أكد رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، أن إجراء الاستفتاء، سيعقد الأمور، بدلا من حل المشاكل العالقة، بين حكومته وأربيل.
واعتبر العبادي أن الاستفتاء غير دستوري ، وأن الإقليم جزء من العراق، والأكراد مواطنون من الدرجة الأولى، وسيبقون كذلك .
كما قال وزير الخارجية العراقي، إبراهيم الجعفري، خلال لقائه الوفد المفاوض الخاص بموضوع الاستفتاء في بغداد مؤخرا، إن الاستفتاء لا يصبُّ في مصلحة وحدة العراق، الذي خرج توّا، من حرب عالميَّة ضدّ تنظيم داعش الإرهابي .
وأضاف: لم يُسمع من أيِّ بلد من بلدان العالم، دعمًا لخطوة الاستفتاء، والجميع يؤمنون أن وحدة العراق مُهمّة لاستقرار المنطقة . مؤكدًا أن الانفصال لا يصب بمصلحة أحد، وأننا نحترم رأي المواطن الكرديّ، بشرط أن يكون ضمن الدستور .
موقف إيران
أعربت إيران عن رفضها للاستفتاء، وفقا للمتحدث باسم خارجيتها، بهرام قاسمي، الذي قال إن موقف حكومته واضح في هذا الموضوع، وهو دعم حماية وحدة الأراضي العراقية وسيادتها .
ودعا قاسمي إلى حل الخلافات بين بغداد وأربيل، عبر الحوار، مبينا أن العراق بحاجة إلى تضامن وطني أكثر من أي وقت مضى.
الاتحاد الأوروبي
الاتحاد الأوروبي حث، في بيان صدر عنه، الإقليم الكردي على الابتعاد عن اتخاذ خطوات أحادية الجانب.
وأكد التكتل الأوروبي دعمه لوحدة الأراضي العراقية، وحل المشاكل العالقة، وفقا للدستور وعبر الحوار.
ومن برلين، قال وزير الخارجية الألماني، سيغمار غابرييل، إن بلاده تشعر بالقلق الشديد حيال تصريحات الإقليم الكردي المتعلقة بإجراء استفتاء للانفصال عن العراق.
وصرح غابرييل بأن الأمر الوحيد الذي يمكن القيام به بهذا الخصوص، هو التحذير من اتخاذ خطوة أحادية .
ورأى أن تعريض وحدة العراق للخطر، وحتى الرغبة في رسم حدود جديدة، ليست طريقا صحيحا، هذا سيزيد من الوضع الصعب وغير المستقر، في أربيل وبغداد .
ودعا جميع الأطراف للحوار، قائلا: لابد من حل المشاكل بالتوافق، وعدم تأجيج الخلافات .
ونبه الوزير إلى أن الحرب على داعش لم تنته بعد، وأنه يمكن التغلب على المشاكل عبر الوحدة.
واشنطن وموسكو
طلب وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، من بارزاني، خلال اتصال هاتفي جرى بينهما، تأجيل تنظيم الاستفتاء، ودعاه لمواصلة الحوار مع بغداد.
بينما قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، هيذر نويرت، إنهم يدعمون عراقًا موحدًا ومستقرا، معتبرة أن من شأن الاستفتاء، إبعاد جميع الأطراف عن أولوية القضاء على داعش .
وفيما وصفت الاستفتاء بأنه شأن عراقي داخلي ، أكدت دعم بلادها لـ عراق موحد، مستقر وديمقراطي .
وأفادت بأنه لدينا أصدقاء في الشمال (في الإقليم الكردي)، ولدينا أيضا أصدقاء داخل الحكومة العراقية، لكن ينبغي علينا أولا، إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش، وعقب تحقيق هذا الهدف، يمكن مناقشة الاستفتاء لاحقا .
من جانبها أعربت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، عن دعم بلادها وحدة العراق وأراضيها، في معرض تعليقها على عزم الإقليم الكردي إجراء الاستفتاء.
وقالت زاخاروفا: أود أن أؤكد مرة أخرى، أن روسيا تدعم وحدة الأراضي العراقية، وينبغي تسوية المشاكل القائمة بين بغداد وأربيل عبر حوار بناء .
تركيا
أبدت تركيا مبكرا رفضها لإجراء الاستفتاء، حيث قال الرئيس، رجب طيب أردوغان، إنّ بلاده لا تعتبر هذه الخطوة صائبة، وأبلغنا حكومة الإقليم بذلك .
وأضاف: سيندمون على هذه الخطوة، لأن مسعود بارزاني وحكومة الإقليم ليسا جاهزين بعد لهذه المرحلة، ولأن هذه الخطوة مخالفة لمبدأ وحدة الأراضي العراقية .
ورأى أردوغان أنه في حال أقدم الإقليم على الانفصال عن العراق، فإنّ ذلك لن يكون الأخير، إنما ستقوم فئات أخرى بعد ذلك، وستطالب بالشيء نفسه .
من جانبه، وصف رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، قرار الإقليم الكردي بأنه غير مسؤول في ظل الأزمات التي تشهدها المنطقة.
وقال يلدريم إن موقف أنقرة واضح وصريح حيال هذه المسألة، وهي تريد وحدة الأراضي العراقية، وأن يعيش الشعب العراقي معًا، تحت سقف دولة واحدة.
وبالتالي، يضيف يلدريم، نرى أنه من غير الصائب إحداث مشكلة جديدة في المنطقة، لأن هناك ما يكفي من المشاكل فيها .
بدورها، وصفت وزارة الخارجية التركية، قرار الإقليم الكردي حيال تنظيم استفتاء الانفصال عن العراق بـ الخطأ الفادح .
وأكدت الخارجية في بيان لها، أن الحفاظ على سلامة أراضي العراق ووحدته السياسية، على رأس أولويات السياسة التركية الخارجية.
وبحسب البيان، فإن أنقرة نقلت قلقها وموقفها من تنظيم الاستفتاء، للحكومة المركزية في بغداد، وللإقليم الكردي، وأهم الدول الفاعلة في المجتمع الدولي.
وشددت على أن استفتاء الانفصال لن يصبّ في صالح العراق، مثلما أنه لن يكون أيضا لصالح الإقليم الكردي.
لا تراجع
ومحليا، دعت حركة التغيير الكردية، والجماعة الإسلامية الكردستانية، في بيان مشترك، لتأجيل الاستفتاء.
وتعتقد حركة التغيير الكردية، أن قرار الاستفتاء لا تتوفر له أرضية قانونية واقتصادية وسياسية واجتماعية مناسبة .
غير أن بارزاني أعلن مؤخرا، أنه لا تراجع عن قرار إجراء استفتاء الاستقلال، بحجة أن ذلك حق طبيعي للأكراد .
وبالنسبة إلى رئيس وزراء الإقليم، نجيرفان بارزاني، فاعتبر أن ردود فعل الدول طبيعية حيال الاستفتاء، ولا يوجد هناك أمر يدعو للقلق .