نوه معهد التمويل الدولي إلى مكانة الاقتصاد القطري، وقدرته على مواجهة كافة التحديات التي شهدتها منطقة الخليج العربي، والعالم بشكل عام نتيجة تفشي جائحة فيروس كورونا كوفيد 19 ، وذلك في أحدث تقرير صادر عن المعهد صباح أمس الخميس، ليكون هذا التقرير بمثابة شهادة نجاح أخرى تضاف إلى الشهادات التي حازها الاقتصاد القطري طيلة الأشهر القليلة الماضية والصادرة عن كبرى المؤسسات المالية والنقدية العالمية، وفي مقدمتهم صندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي، إلى جانب وكالات التصنيف الائتماني العالمية والتي أجمعت كلها على متانة الاقتصاد القطري ومرونته في مواجهة التحديات التي نشأت خلال الفترة الماضية أو يتوقع لها أن تنشأ على الصعيد العالمي خلال السنوات المقبلة.
ووفقا للتقرير الذي اطلعت عليه لوسيل ، فإن معهد التمويل الدولي قال إن الاقتصاد القطري تمكن من مواجهة الآثار الاقتصادية المترتبة على جائحة فيروس كورونا بدرجة أولى، ومن ثم تمكن من تجاوز الأزمة. وتابع التقرير بالقول: كان الانكماش في الاقتصاد أقل حدة والتأثر المالي أقل بكثير من دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، كما أن الاقتصاد القطري لم يتأثر بالمتغيرات والتقلبات الحاصلة على مستوى اتفاقية أوبك +، خاصة أن أكثر من 70% من الصادرات الهيدروكربونية القطرية هي في شكل الغاز الطبيعي، كما أن دولة قطر ليست جزءًا من خفض إنتاج النفط الخاص بأوبك + .
ومضى تقرير معهد التمويل الدولي بالتأكيد على أن الآفاق الاقتصادية لدولة قطر متفائلة وستكون إيجابية على المديين المتوسط والبعيد، متوقعا في ذات الإطار أن يواصل الانتعاش الاقتصادي خلال العام الجاري مسيرته، وبشكل قوي على خلاف المستويات المسجلة خلال العام الماضي، وعليه يمكن أن يحقق الاقتصاد القطري خلال العام الجاري نسبة نمو تصل إلى مستوى 3.3% العام الجاري.
وقد استندت تقديرات معهد التمويل الدولي إلى مجموعة من العوامل الأساسية، سواء ما يتعلق بمواصلة تنفيذ الخطط الإستراتيجية والمشاريع الكبرى في الدولة وعلى رأسها زيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال من خلال تطوير حقل الشمال والوصول إلى مستويات إنتاج عالية يتوقع أن تبلغ مع حلول العام 2026 مستوى 127 مليون طن، أو من خلال مواصلة عمليات الاستثمار في مختلف القطاعات الاقتصادية، عبر العمل على تنويع مصادر الدخل الاقتصادي وتطوير الصناعات وتحقيق الاكتفاء الذاتي في العديد من المنتجات التي كان في السابق يتم استيرادها.
كما أشار تقرير معهد التمويل الدولي إلى تواصل تنفيذ المشاريع الكبرى الأخرى في دولة قطر والتي ترتبط مباشرة بالبنية التحتية في الدولة، أو بقية المشاريع التي تتعلق باستضافة دولة قطر لفعاليات كأس العالم قطر 2022، حيث يتوقع أن تواصل هذه المشاريع تنشيط الحياة الاقتصادية بشكل كبير، كما تساهم في جذب تدفقات نقدية واستثمارية كبيرة على المديين المتوسط والبعيد، وبما يساهم في تعزيز الأوعية الاستثمارية ويدعم الموازين المالية في الدولة، ويكون محفزا لبقية الأنشطة الاقتصادية الأخرى في الدولة بالإضافة إلى أنها ستكون محركا رئيسيا لمبادرات القطاع الخاص في الدولة والذي أظهر قدرة كبيرة خلال السنوات الماضية على تقديم القيمة المضافة للاقتصاد الوطني عبر حزمة من المشاريع الرائدة والمتميزة والتي تتماشى مع أعلى المعايير العالمية، بالإضافة إلى قدرتها على المنافسة بشكل كبير.
وفي ما يتعلق بالجوانب المالية، فقد أوضح التقرير الصادر عن معهد التمويل الدولي أن دولة قطر تتمتع بأصول مالية ضخمة سواء عبر جهازها السيادي والمتمثل في جهاز قطر للاستثمار والشركات التابعة له، أو عبر الأجهزة الرسمية في الدولة على غرار مصرف قطر المركزي. وأضاف التقرير أن توفر أصول مالية واستثمارية أجنبية لدى الدولة يمكنها من التحرك بمرونة كبيرة خاصة أن تلك الأصول متوفرة وبشكل كبير وهي تسجل نموا من فترة إلى أخرى. وفي ذات الإطار فقد قدر معهد التمويل الدولي الأصول السيادية التي تتمتع بها دولة قطر عبر جهازها الاستثماري أن تصل إلى نحو 1164.8 مليار ريال بما يعادل تقريبا نحو 320 مليار دولار أمريكي.
وحافظت الاحتياطيات الدولية والسيولة بالعملات الأجنبية لدى دولة قطر منذ مطلع العام الجاري على ارتفاعها وإن كان بزيادة هامشية، بعد أن حققت استقرارا خلال الشهر الأخير من العام الماضي على مستوى قيمة الذهب وحصة ودائع حقوق السحب والحصة لدى صندوق النقد الدولي والموجودات السائلة الأخرى بالعملة الأجنبية بالإضافة إلى ذلك فقد سجل تسييل دولة قطر جانبا من السندات والأذونات الأجنبية، حيث سجلت مستوى 204.9 مليار ريال بما يعادل تقريبا مستوى 56.29 مليار دولار أمريكي، وذلك وفقا للتقديرات الأولية الصادرة عن مصرف قطر المركزي في انتظار صدور النشرة النقدية الرسمية والتي ستحدد بالضبط قيمة الاحتياطيات الدولية والسيولة بالعملات الأجنبية لدى مصرف قطر المركزي ضمن النشرة النقدية الشهرية والفصلية والتي ستصدر قريبا عن المركزي .
وقال تقرير معهد التمويل الدولي إن الميزان المالي لدولة قطر سيتحول العام الجاري إلى فائض ملحوظ مقارنة بالمستوى المسجل خلال العام الماضي، حيث توقع معهد التمويل الدولي أن يصل مستوى الفائض المالي إلى ما نسبته 3% في العام الجاري خاصة في ظل تواصل تعافي الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى استمرار تحرك أسعار الطاقة فوق مستوى سعر التعادل المالي بالنسبة لدولة قطر والمقدر بنحو 52 دولارا للبرميل الواحد بالنسبة للنفط.
وأشار تقرير معهد التمويل الدولي إلى أن الناتج المحلي الإجمالي الاسمي قد يصل إلى مستوى 618.8 مليار ريال العام الجاري بما يعادل تقريبا نحو 170 مليار دولار أمريكي، على أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي الاسمي خلال العام المقبل إلى مستوى 637 مليار ريال بما يعادل تقريبا نحو 175 مليار دولار أمريكي. أما بالنسبة للفائض المالي فقد توقع معهد التمويل الدولي أن يصل هذا الفائض خلال العام الجاري إلى مستوى 18.56 مليار ريال بما يعادل تقريبا نحو 5.1 مليار دولار أمريكي وهو ما يوازي ما نسبته قريبا بنحو 2.9% إلى الناتج المحلي الإجمالي الاسمي المتوقع تسجيله في العام الجاري، على أن يرتفع هذا الفائض خلال العام 2022 إلى نحو 27.39 مليار ريال بما يعادل تقريبا نحو 7.52 مليار دولار أمريكي، وهو ما يوازي ما نسبته قريبا بنحو 4.3% إلى الناتج المحلي الإجمالي الاسمي المتوقع تسجيله في العام المقبل.
أما بالنسبة للحساب الجاري، فقد توقع معهد التمويل الدولي أن يكون خلال هذا العام عند مستوى 4.6% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي الاسمي المتوقع، بما يعادل تقريبا نحو 28.46 مليار ريال بما يعادل تقريبا نحو 7.82 مليار دولار أمريكي، على أن ترتفع هذه النسبة وفقا لذات التوقعات التقديرية إلى نحو 5.5% خلال العام المقبل لتصل إلى مستوى 35.03 مليار ريال بما يعادل تقريبا نحو 9.62 مليار دولار أمريكي، وقد شدد معهد التمويل الدولي على أن دولة قطر تضع المركز المالي على أسس علمية سليمة على المدى المتوسط والمدى البعيد حتى إذا عادت أسعار النفط للانخفاض، الأمر الذي سيمكنها من أن تكون في مأمن إلى حد ما من كافة التقلبات في أسواق الطاقة العالمية.
وعلى مستوى الجهاز المصرفي في دولة قطر، فقد نوه معهد التمويل الدولي إلى قوة هذا الجهاز وقدرته على تقديم التمويلات اللازمة لفائدة كافة الأنشطة الاقتصادية في الدولة، حيث قال معهد التمويل الدولي إن العام الماضي سجل تسارع النمو في ائتمان القطاع الخاص في دولة قطر، حيث بلغت نسبة النمو تقريبا نحو 9%. أما على مستوى نسبة رأس المال من المستوى الأول فقد بلغت نحو 17.5% بما يعكس التزام كافة البنوك والمصارف الإسلامية العاملة في الدولة بالمعايير والضوابط التي يحددها مصرف قطر المركزي، بالإضافة إلى استجابة البنوك والمصارف الإسلامية العاملة في الدولة إلى معايير بازل 3 فيما يتعلق بكفاية رأس المال بما يعكس الحرص الشديد للبنوك والمصارف القطرية على الالتزام بكافة المعايير الأساسية في الجوانب المصرفية الإشرافية والرقابية. كما أشار تقرير معهد التمويل الدولي إلى أن متوسط نسبة القروض غير العاملة في الجهاز المصرفي لا تتجاوز مستوى 2.8% وهي تعد من أقل النسب العالمية، بما يعكس جودة الائتمان المحلي في داخل دولة قطر ومدى الاستقرار الائتماني والنقدي في داخل الدولة، في وقت أشار فيه التقرير إلى أن نسبة القروض إلى الودائع في الجهاز المصرفي داخل دولة قطر تصل إلى مستوى 120%. إلى ذلك تقدر الميزانية المجمعة للبنوك والمصارف الإسلامية العاملة في الدولة والتي تتضمن الموجودات والمطلوبات الخاصة بالبنوك بنهاية شهر يناير من العام الجاري نحو 1694 مليار ريال بما يعادل تقريبا نحو 465.38 مليار دولار أمريكي.