من المتوقع أن يتحول سوق النفط العالمي من زيادة في المعروض في عام 2016 إلى نقص في الإمدادات في عام 2017، ولكن بإمكان منتجي النفط الصخري الأمريكي زيادة الإنتاج بمقادير كبيرة عندما ترتفع الأسعار فوق تكلفة الإنتاج، والتي تقدر حاليًا بنحو 55 دولارا للبرميل، مما يحد بشكل فعال من أسعار النفط عند هذا المستوى. وعليه، فإن من المرجح أن يكون محدّد أسعار النفط مستقبلًا هو تطور سعر التعادل للنفط الصخري الأمريكي. فبعد انخفاضه من نحو 80 - 90 دولارا أمريكيا للبرميل في 2013-2014، نعتقد أن سعر تعادل النفط الصخري الأمريكي قد بلغ الآن أقصى انخفاض له، ومن المرجح أن يرتفع إلى نحو 60 دولارا أمريكيا للبرميل على مدى العامين القادمين.
هناك 4 عوامل يرجّح أن تؤدي لارتفاع تكاليف إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة. أولًا: ارتفاع تكاليف المعدات والمواد والخدمات النفطية والوقود واليد العاملة، فبعد الانتعاش الأخير في قطاع النفط وأسعار السلع الأساسية، أخذت تكاليف إنتاج منتجي النفط الصخري الأمريكي في الارتفاع مع توقعات بأن ترتفع أكثر. كما يتوقع لتكاليف الاستخراج أن ترتفع بنسبة 20% خلال العام المقبل، ولكنها ستظل دون مستويات 2013-2014.
ثانيًا: سيأتي الإنتاج الإضافي من حقول تكون تكلفة تطويرها مرتفعة. ومن أجل خفض التكاليف عندما انخفضت أسعار النفط في 2014، ركز منتجو النفط الصخري عملياتهم على الحقول الأقل كلفة. والآن مع ارتفاع إنتاج النفط الصخري الأمريكي مرة أخرى، سيأتي الإنتاج الإضافي من حقول ذات تكلفة أعلى في التطوير، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع سعر التعادل للنفط الصخري.
ثالثا: من المتوقع أن يرتفع الإنفاق الرأسمالي على صيانة حقول النفط الصخري، فطبيعة حقول النفط الصخري تسمح بارتفاع الإنتاج بشكل سريع، لكن معدل انخفاض الإنتاج يكون سريعًا أيضًا، فالخصائص الجيولوجية لحقول النفط الصخري والتقنيات المستخدمة لتطويرها تعني أن هناك ارتفاعا في الإنتاج في الآبار الأولى، لكن عملية الاستخلاص تصبح أصعب في المراحل اللاحقة. الحفاظ على الإنتاج يتطلب استثمارات أضخم في منصات الحفر والبنية التحتية من تلك المطلوبة في حقول النفط التقليدية.
رابعًا: من المتوقع أن ترتفع تكاليف الفوائد البنكية لمنتجي النفط الصخري الأمريكي، فمديونية العديد من منتجي النفط الصخري الأمريكي مرتفعة بشكل كبير، وسيحتاجون إلى ديون إضافية لتطوير حقول جديدة. نتيجة لذلك، فإن الفوائد تشكل جزءًا كبيرًا من تكاليفهم.
ومن جانب آخر، هناك عاملان من شأنهما خفض سعر التعادل للنفط الصخري، لكن من غير المرجح أن يكون لهما تأثير كبير. أولًا، كانت مكاسب الإنتاجية فيما مضى مهمة في تقليص تكلفة إنتاج النفط الصخري. منذ 2014، أدى الحفر الأعمق والأفقي بشكل أكبر إلى زيادة مهمة في متوسط الإنتاج لكل منصة حفر، لكن مكاسب الإنتاجية ظلت تشهد انخفاضًا، ومن المتوقع أن تستقر مستقبلًا.
ثانيًا، يمكن لخطوط الأنابيب الجديدة أن تخفض تكاليف النقل، فبعد توليه مهامه في يناير 2017، وقع الرئيس ترامب أمرًا تنفيذيًا لمواصلة بناء خطي الأنابيب داكوتا أكسس وكيستون إكس إل. وقد بدأ الخط الأول العمل في يونيو 2017، وينبغي أن يساعد في خفض تكاليف النقل. ولكن، يُرجح أن يكون التأثير الإيجابي لذلك صغيرًا على التكلفة وأن يستغرق وقتًا طويلًا لكي يظهر. ولم يعلن بعد تاريخ بدء بناء مشروع كيستون إكس إل، ولذلك لا يُتوقع أن يبدأ العمل قبل ثلاث سنوات على الأقل. وسيقتصر دور الخطين على نقل النفط من حقل نفط باكين في مونتانا وداكوتا الشمالية الذي يمثل 19% فقط من إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة.
في الختام، يُتوقع أن ترتفع تكاليف إنتاج النفط الصخري مستقبلًا بعد سنوات من الانخفاض، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط تدريجيًا. ونتيجة لذلك، فإننا سنبقي توقعاتنا لمتوسط أسعار النفط عند 55 دولارا للبرميل في 2017، و58 دولارا للبرميل في 2018، و60 دولارا للبرميل في عام 2019.