احتفالية القرنقعوه تحتفظ بروح التراث رغم الحداثة

لوسيل

الدوحة - قنا

برغم التطورات التي تشهدها الحياة الاجتماعية والتقدم المستمر في التكنولوجيا الحديثة فمازال القطريون يحتفظون باحتفالاتهم ومناسباتهم الاجتماعية المميزة، ومن أبرزها احتفالية /القرنقعوه/ وهي عادة شعبية رمضانية تأتي في ليلة 15 من شهر رمضان المبارك من كل عام وتحمل في طياتها ذاكرة جميلة يتذكرها الآباء والأجداد وينتظرها الأطفال.
وللقرنقعوه نكهة خاصة ينتظرها الجميع حيث تلبس البنات فساتين مزركشة ذات ألوان جميلة ويتزين الجبين بأطواق الذهب والرقبة بقلادة أو عقد والأذن بالحلق والمعصم بعدد من الأساور الجميلة ذات الأشكال الملفتة، وأما الأولاد الصغار فيلبسون الثوب والسديري والطاقية وبعض الأحزمة ويحملون في أعناقهم كيسا مصنوعا من القماش مخصصا لهذه المناسبة، ويطرقون الأبواب طلبا للحلوى والمكسرات، ويدعون لأهل البيت بالرزق والصلاح.
ولتسليط الضوء على هذا الموضوع، التقت وكالة الأنباء القطرية /قنا/ مع الباحثة سلمى علي النعيمي مستشار ثقافي بالمؤسسة العامة للحي الثقافي /كتارا/ لتحدثنا عن أهم المواقف الجميلة التي تميز هذه الليلة، فقالت تعتبر ليلة القرنقعوه من العادات الشعبية الاجتماعية القطرية التي أصبحت حدثا جميلا في كل منزل وأبطالها الأطفال، فسعادتهم لا توصف في هذه الليلة، مبينة أن الفرحة لا تقف عند الأطفال فقط بل تتجاوز إلى الجميع ففرحة الأجداد لا توصف حين يرون أحفادهم وهم يلبسون ملابس القرقيعان، حيث يسترجع شريط الذكريات الجميلة فيتذكر الحي الذي كان يلف فيه ويتذكر أصدقاءه الموجودين والذين رحلوا مبتسما وحامدا الله على وجوده مع أبنائه وأحفاده.
وأشارت إلى أن فرحة القرنقعوه اختلفت عما كانت عليه من قبل ولكل عصر وزمان مواقف فنجد الآن احتفالية القرنقعوه اقتصرت مع الأهل والجيران على عكس ما كان عليه من قبل، فكان الأطفال يطوفون الفرجان ويجمعون أعدادا كبيرة من القرنقعوه، مؤكدة أن احتفالية القرنقعوه مازالت موجودة بكل تفاصيلها وتوجد هناك عائلات تطبق القرنقعوه بالطبعة القديمة دون إدخال أي تحديث وتجد لها نكهة مميزة من خلال استخدام /جفير/ (الوعاء من الخوص) هذا إلى جانب طبعة حديثة ممزوجة بعبق الماضي الجميل خامة القماش قديمة إلا أن الخامة اختلفت وأصبحت متطورة بوجود بعض الزخارف المتنوعة وكذلك محتوى القرنقعوه كان يقتصر على مكسرات بسيطة، إلا أنها أصبحت الآن تحتوى على أرقى الماركات من محلات الشيكولاته والفستق المستورد، ووجود علب وأكياس مزركشة جميلة مكتوب عليها أجمل العبارات.
وثمنت النعيمي دور إدارة سوق واقف من خلال خطة تكتيكية في الحفاظ على التراث بمختلف مفرداته وأشكاله، فالسوق تحرص على جلب المنتجات التراثية من الألعاب والملابس، حيث تهتم الإدارة في منتجاتها والمطاعم الموجودة في السوق بشكل كبير بالجانب التراثي إذ تعتبر سوق واقف معلما تراثيا جميلا يقصده الجميع من مواطنين ومقيمين وزوار الدولة من السائحين.
وأكدت النعيمي حرص العائلة القطرية على استثمار هذه المناسبة والتجمع فيها وتناول أطراف الحديث عن الماضي الجميل والتذكير بتراث أبنائنا وأجدادنا، كما أن الجهات الحكومية تهتم بهذه المناسبة اهتماما كبيرا وتحتفل مختلف المؤسسات والمراكز الشبابية وملتقيات الفتيات والشباب وكذلك إدارة التراث، إلى جانب جهات متنوعة مثل الحي الثقافي /كتارا/ وسوق واقف وجهات أخرى متنوعة، لافتة إلى دور الجهات الحكومية الأخرى لعمل هذه الاحتفالية الرائعة من خلال مشاركة أبناء الموظفين في هذه الاحتفالية، حيث تكون فرصة لتعريفهم بتلك العادة التراثية وتبين لهم مكانة القرنقعوه.
ويعد الاحتفال بليلة القرنقعوه إحدى العادات الشعبية الرمضانية في دولة قطر والتي يردد الأطفال فيها أهازيج شعبية هي من المناسبات الاجتماعية التراثية المتعارف عليها في أغلب الدول الخليجية وإن اختلفت التسمية من منطقة إلى أخرى.