أظهرت مؤشرات حديثة تسارع الخطوات التطويرية والخدمية لتوسيع الاستثمارات المحلية والخارجية لدى اقتصادات دول المنطقة، استعدادًا لجميع الفرص الاستثمارية التي قد تكون متاحة أو تفرزها مسارات النمو والانتعاش، حيث بات من الملاحظ أن السيولة الاستثمارية لدى الاقتصاد القطري تعتبر الأعلى على مستوى المنطقة، والعديد من دول العالم، مما يتطلب البحث عن استثمارات متوسطة وطويلة الأجل قابلة للنمو والتوسع على المستوى المحلي والعالمي لمواكبتها.
وذكرت شركة المزايا القابضة في تقريرها الأسبوعي الصادر أمس، أن الاستثمارات القطرية حققت نجاحات متعددة على المستوى الخارجي، بسبب تركيزها على فرص الاستثمار في القطاع العقاري حول العالم، مما جعلها تستحوذ على حصص متقدمة من القطاع المصرفي العالمي، قبل أن تتسع لتشمل الأنشطة التجارية والماركات العالمية. وبينت المزايا أن الاستثمارات القطرية في الاقتصاد البريطاني في نمو وتطور، وتتمتع بسيولة مرتفعة وقيم متصاعدة وأصول مستقرة بالرغم من تحضيرات بريطانية للخروج من الاتحاد الأوروبي، مما انعكس ذلك على قرارات الاستثمار، وأدى إلى تشجيع المزيد من السيولة إلى الاتجاه نحو مختلف الأنشطة والمجالات التي يوفرها المناخ الاستثماري لدى المملكة المتحدة.
وأشارت المزايا إلى أن توسيع نطاق الاستثمارات وتنوعها على مختلف القطاعات الاقتصادية تحمل الكثير من الفرص والنجاحات، والمخاطر والتحديات، حيث سيشكل التوسع الكبير للاستثمارات القطرية في الخارج فرصة للسيطرة والاستحواذ على الفرص الاستثمارية حول العالم، إضافة إلى أن الارتفاعات التي سجلت على أسعار الأراضي والمنتجات العقارية سواء كانت السكنية أو التجارية ساهمت بشكل مباشر في خروج نسبة كبيرة من رؤوس الأموال العائدة للأفراد نحو السوق التركي والإماراتي، فيما تعززت خلال الفترة ذاتها الاستثمارات التي يقودها جهاز قطر للاستثمار، الذي استطاع الاستحواذ على العديد من فرص الاستثمار الجيدة في القطاع العقاري المصرفي البريطاني.
ولفتت المزايا إلى أن القطاع العقاري القطري واجه حالة من الركود نهاية عام 2015 و2016، بعد فترة من النشاط العمراني غير المسبوقة، التي شهدتها أسواق قطر عبر ضخ عدد كبير من المشاريع في كافة الأنشطة والمجالات، حيث كان من أهم معالم حالة الركود المسجلة تراجع قيم وحجم وعدد الصفقات العقارية بنسبة كبيرة وخاصة الأراضي، والتي تراجعت نسبة البيع فيها إلى 80%، في حين أن توافر عدد كبير من الوحدات السكنية وارتفاع المعروض على الطلب جعلت أسعار الإيجارات والبيع تتراجع بنسبة بين 10% و20%.
كما أن مساحات التجزئة في مناطق قطر الرئيسية شهدت توسعاً كبيراً خلال السنوات الماضية، حيث يتوقع أن تشهد هذه المساحات نموًا بنسبة تصل إلى 220%، بحلول عام 2019، فيما يتوقع أن تنمو المساحات المخصصة لمراكز التسوق إلى 1.3 مليون متر مربع خلال السنوات الثلاث القادمة، الأمر الذي سيجعل الطلب على الوحدات السكنية الموجهة لفئات ذوي الدخل المتوسط يحافظ على نموه، واستمرار طرح المشاريع السكنية لتوفير خيارات جديدة للباحثين بما يتناسب مع ميزانياتهم.
من ناحية أخرى، تعمل قنوات التمويل المصرفية في قطر على تحفيز الأنشطة العقارية على المستوى الداخلي والخارجي، وتطرح المزيد من منتجات التمويل العقاري على مستوى الأفراد والشركات، التي تصب جميعها في رفع وتيرة النشاط، حيث شهد عام 2016 نموًا على التسهيلات الائتمانية الموجهة للقطاع العقاري ليقفز حجم القروض إلى 6.6%، بما فيها التسهيلات الائتمانية العقارية وشراء الأراضي ومشاريع التطوير العقاري والمباني السكنية والتجارية.
وقالت المزايا إن للمصارف دورًا مركزيًا في دعم استثمارات القطريين في الخارج، بسبب مواصلة البنوك القطرية تعزيز استثمارات مواطنيها في القطاع العقاري على المستوى الدولي، حيث يسعى القطريون لامتلاك أصول عقارية في مختلف عواصم العالم، وبشكل خاص السوق العقاري البريطاني الذي توفر المصارف القطرية فيه منتجات متنوعة ونسب تمويل تصل إلى 70% ، بما يتوافق مع الضوابط التي يفرضها البنك المركزي القطري.
وتطرقت المزايا إلى الحراك النشط بين الاقتصاد القطري والبريطاني بعد نجاح السيولة القطرية في الاستقرار في السوق البريطاني والتأقلم مع المناخ الاستثماري في لندن، وجذب المزيد من الاستثمارات القطرية، حيث تحتل قطر المركز الأول على المستوى العربي في المملكة المتحدة، وتستحوذ على نسبة تتجاوز 8% من إجمالي مشتريات العقارات الجديدة في لندن، بينما تشير البيانات المتداولة إلى أن الاستثمارات القطرية في بريطانيا تقدر بـ 30 مليار جنيه إسترليني، تتوزع على أضخم المؤسسات العقارية.
ورأت المزايا أن مخاطر الاستثمار في الاقتصاد البريطاني باتت قابلة للتوقع والتقييم، وأن إجراءات الخروج من الاتحاد الأوروبي ستفرز الكثير من فرص الاستثمار الجديدة أمام خبراء الاستثمار والباحثين عنه، فيما سيكون للسيولة القطرية أفضلية، كون لديها خبرة متراكمة في السوق البريطاني منذ سنوات طويلة، وستكون الاستثمارات القطرية أكثر في البنية التحتية البريطانية، إضافة إلى أنها ستركز على قطاع الرعاية الصحية وتكنولوجيا المعلومات.
كما تشير التوقعات أن قطر ستضخ استثمارات جديدة تصل إلى 5 مليارات جنيه إسترليني خلال السنوات الخمس القادمة في الاقتصاد البريطاني، بحيث تتركز على قطاعات الطاقة والعقارات والخدمات وغيرها من القطاعات الحيوية الأخرى، حيث أن استمرار تدفق الاستثمارات القطرية نحو الاقتصاد البريطاني سيشكل فرصة جيدة للاقتصاد البريطاني للترويج لفرص الاستثمار المتوفرة، وجذب المزيد من الاستثمارات الخارجية، كون بريطانية تتطلع إلى أن تصبح سوقا عالمية بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، على عكس التوقعات التي كانت تشير إلى أن الاقتصاد البريطاني مرشح لمزيد من التراجع والانكماش جراء قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي.
واختتمت المزايا تقريرها، بأن الاقتصاد البريطاني استطاع تعزيز مكانته الاستثمارية خلال فترة قصيرة في الاتحاد الأوروبي، واستطاع الاستحواذ على العديد من مراكز اتخاذ القرار، وبشكل خاص القطاعات المالية والمصرفية، وأصبح مركزًا ماليًا عالميًا، مما يدل على أن بريطانيا لن تتنازل عن هذه المكانة بل ستسعى إلى تعزيزها خلال السنوات المقبلة، وسيكون لدول المنطقة نصيب كبير من هذا الاستهداف.