حذر من استمرار المخاطر

QNB: الروبية الإندونيسية تتفوق على عملات الاقتصادات المتقدمة

لوسيل

الدوحة - لوسيل

انتعشت الروبية الإندونيسية بقوة خلال الأشهر الأخيرة، وارتفعت مقابل الدولار الأمريكي، بما يقارب 3.0% منذ مطلع العام الجاري، و8.4% منذ أن سجلت أدنى مستوى لها في عدة أعوام في أكتوبر 2018، وهو ما يعني أن الروبية الإندونيسية تفوقت على كل من عملات الاقتصادات المتقدمة الرئيسية (سلة مؤشر الدولار الأمريكي) وعملات الأسواق الناشئة (مؤشر جيه بي مورغان لعملات الأسواق الناشئة).
وأشار التقرير الاسبوعي لـ QNB إلى أن ارتفاع قيمة العملة يعتبر تطوراً إيجابياً بالنسبة لإندونيسيا، حيث واجهت الروبية الإندونيسية انخفاضاً بنسبة 5.7% مقابل الدولار عام 2018، مما اضطر بنك إندونيسيا المركزي إلى تشديد سياسته النقدية على الرغم من أن الفجوة بين الإنتاج الفعلي والممكن كانت سلبية وعدم تعرض الاقتصاد للإنهاك. وفي ظل وجود عجز في كل من الحساب الجاري والميزان المالي، واعتماد الدولة على استثمارات المحافظ الأجنبية لسد الفجوة التمويلية، تتعرض إندونيسيا لضغوظ مستمرة للحفاظ على علاوة مخاطرة وأسعار أصول مغرية. وبسبب هذه الصعوبات، فإن الروبية حساسة بشكل خاص لعوامل الدفع العالمية مثل أسعار الفائدة الأمريكية المرتفعة أو الصاعدة، وقوة الدولار الأمريكي بشكل عام، ونوبات تجنب المخاطرة لدى المستثمرين، وانخفاض أسعار السلع.
وتطرق التقرير إلى الأسباب الكامنة وراء الانتعاش الأخير في قيمة الروبية والمخاطر التي تتعرض لها العملة على المدى القصير. وقد كان ارتفاع الروبية مدعوماً بثلاثة إجراءات تم اتخاذها في نطاق السياسة النقدية وبتطورين خارجيين إيجابيين. وفيما يتعلق بإجراءات السياسة النقدية، أولاً، أجرى بنك إندونيسيا المركزي سلسلة من زيادات أسعار الفائدة في العام الماضي بلغت في مجموعها 175 نقطة أساس وأدت إلى زيادة الفجوة مقابل أسعار الفائدة الخارجية الرئيسية الأخرى. وقد تم ذلك وفقاً لنهج محافظ بنك إندونيسيا المركزي بيري وارجيو الوقائي الذي يستبق منحنى التضخم . ومن المنتظر أن تؤدي هذه السياسة إلى ارتفاع عائدات الأصول المحلية، وبالتالي منع أو الحد من تدفق رؤوس الأموال إلى الخارج.
ثانياً، اعتمد بنك إندونيسيا المركزي سياسة مبتكرة وداعمة من خلال إطلاق عقود آجلة محلية (DNDF) مقومة بالروبية الإندونيسية. وتزيد هذه الوسيلة من خيارات التحوط للمشاركين في السوق وتقلل من تأثير العقود الآجلة الخارجية على سعر الصرف الفوري للدولار الأمريكي مقابل الروبية الإندونيسية، من خلال تعزيز السيولة والكفاءة في سوق الصرف المحلي، وأيضا زيادة إمداد الصرف الأجنبي بشكل عام لأغراض التحوط.
وتكمن أهمية ذلك في أن الارتفاع الدوري الذي يطرأ على أسعار العقود الآجلة الخارجية يزيد من تكاليف التحوط الخاص بالصرف الأجنبي ويشكل ضغوطاً على غير المقيمين والمقيمين للخروج من الأصول المحلية. وتشير التجارب الدولية مع العقود الآجلة المحلية، من أسواق ناشئة أخرى عالية العائدات كالبرازيل، إلى فعاليتها خلال المدى القصير، حيث يمكن تأجيل الطلب الفوري على الصرف الأجنبي مؤقتاً. وفي حين لا تزال هذه الآلية تحتاج إلى مزيد من الاختبار تحت أوضاع ضغوط سوقية أشدّ على إندونيسيا، فإن توقعات السوق للحد الاحترازي الأقصى لمركز بنك إندونيسيا المركزي للعقود الآجلة المحلية في المدى القصير تتراوح ما بين 25 إلى 35 مليار دولار أمريكي، وهو ما يصل إلى 81-113% من عجز الحساب الجاري في 2018.
ثالثاً، قامت الحكومة بتنفيذ العديد من الإجراءات لجذب إيرادات خارجية والحد من الواردات، وهو ما يُتوقع له أن يوقف التوسع الأخير في عجز الحساب الجاري. واشتملت الإجراءات المستهدفة على رفع سقف إنتاج الفحم، واعتماد نهج أكثر انتقائية للإنفاق على برامج البنية التحتية التي تتطلب كثافة في الاستيراد، وتسريع خطط خلط الديزل الحيوي المحلي مع البنزين، وفرض رسوم على أكثر من ألف سلعة استهلاكية. وتشير فعلاً بيانات التجارة لشهر ديسمبر 2018 إلى الفعالية النسبية لهذه الإجراءات، مع انخفاض الواردات النفطية المعدلة بالأسعار بشكل كبير واستقرار واردات السلع والمدخلات التصنيعية.