تعتبر الجمهورية الفرنسية من بين أهم المناخات الاستثمارية المحبذة لدى رجال الأعمال والمستثمرين القطريين، حيث تصنف المؤشرات الاقتصادية فرنسا كثاني وجهة أوروبية وعالمية جاذبة للاستثمار بعد المملكة العربية المتحدة.
وتعززت العلاقات الثنائية بين قطر وفرنسا على المستويين الاقتصادي والسياسي بفضل تبادل الزيارات رفيعة المستوى وإجراء اللقاءات الثنائية بتواتر، ورحلات رجال الأعمال القطريين إلى فرنسا لاستطلاع السوق الفرنسية وتحيين الفرص المناسبة لافتتاح استثمارات جديدة.
مستعدون للمساهمة في رؤية 2030
قال السفير الفرنسي إيريك شوفالييه لـ لوسيل ، إن بين قطر وفرنسا ديناميكية اقتصادية صاعدة ومتطورة، بفضل علاقات الصداقة بين البلدين، مشيرا في ذات الإطار إلى وجود أكثر من 100 شركة فرنسية تستثمر في السوق القطري.
وأضاف الشركات الفرنسية الموجودة في قطر آلت على نفسها المساهمة في تطوير الاقتصاد القطري وتنويعه، ومرافقة الرؤية الاقتصادية لدولة قطر 2030، إضافة إلى المساهمة في إنجاح التظاهرة العالمية المقبلة عليها قطر في 2022 والمتمثلة في استضافة كأس العالم .
وتوجد في فرنسا أكثر من 20 ألف شركة أجنبية (عربية وغير عربية) بطاقة توظيف ناهزت مليوني شخص، وتعلن 19 شركة أسبوعيا اختيارها السوق الفرنسية لإطلاق استثماراتها، الأمر الذي مكن فرنسا من احتلال المرتبة السادسة كأقوى اقتصاد في العالم والمرتبة الثانية في أوروبا.
علاقات ممتازة ستعزز مستقبلا
وقال محمد بن أحمد بن طوار الكواري نائب رئيس غرفة تجارة قطر لـ لوسيل أمس إن فرنسا تعد من أهم الشركاء المهمين لدولة قطر بحكم علاقات التعاون الاقتصادية والمصالح المشتركة، مشيرا إلى تبادل الزيارات بين رجال الأعمال القطريين والفرنسيين بفضل ما تقوم به غرفة تجارة قطر ومجلس الأعمال القطري الفرنسي، وتابع قائلا: فرنسا حاضرة بقوة في السوق القطرية من خلال استثمارات تغطي مجالات عدة، والزيارة الرسمية التي قام بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى العاصمة الفرنسية ستعزز العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين وتطورها في مختلف المجالات.
وفاق حجم الاستثمارات القطرية في فرنسا، التي تعتبر ثاني أكبر بلد استقطابا للاستثمارات القطرية في الاتحاد الأوروبي، 25 مليار دولار بالإضافة إلى الاستثمارات القطرية الخاصة التي تقدر بنحو 5 مليارات دولار.
وأوضح نائب رئيس غرفة التجارة أن قطر نوعت استثماراتها في فرنسا عبر القطاعين الخاص والعام، سواء من خلال شركات قطرية مئة بالمئة أو شركات مساهمة مع فرنسيين في مجال السياحة والخدمات والعقارات إلى غير ذلك.
وشدد الكواري على أن فرنسا تتوفر على فرص مهمة للمستثمر القطري، مضيفا أن رجال الأعمال القطريين يتبعون الفرص المميزة وفرنسا من بين الدول التي تكتنز بالفرص الاستثمارية الجيدة.
يعتقد الكواري أن العلاقات الاقتصادية الثنائية ستشهد تطورا ملحوظا مقارنة بالفترة الماضية.
صفقات مع فرنسا بالملايين
واقتنى في نهاية العام الماضي أحد المستثمرين القطريين قصر كلام غالاس وهو أحد أهم المباني التي تملكها فرنسا في فيينا.
وبني القصر النيوكلاسيكي وبلغت قيمة الصفقة حوالي 30 مليون يورو ما يعادل نحو 32.7 مليون دولار، إضافة إلى زيادة قطر القابضة لحصتها من مؤسسة فينسي الفرنسية إلى 5.33% بقيمة 1.72 مليار دولار.
واقتنت قطر في وقت سابق متاجر لوبرانتان الكبرى ومجموعة لوتانور للصناعات الجلدية، وحصصا في مجموعات مدرجة في بورصة كاك 40 مثل توتال بنسب تتراوح بين 3% و5% وفيفندي 3% ولاغاردير 12%.
وفينسي 5.5% وفيوليا البيئية 5% وإل في إم إش 1%، إضافة إلى الفنادق المنتشرة في العاصمة الفرنسية باريس على غرار رافلز وكونكورد لافايت وفندق اللوفر وبينينسولا ومارتينيز وكارلتون في مدينة كان وبالي دولا ميديتيراني في نيس، إلى جانب استثمارات قطر في جادة الشانزيليزيه (35 ألف متر مربع) والذي يعد أهم الشوارع الرئيسية في باريس، كما تملكت قطر أيضا في شوارع كبرى مبنى من 23 ألف متر مربع توجد فيه مقر صحيفة لوفيغارو.
وكانت مصادر قطرية مسؤولة أعلنت نهاية 2014 عن نية قطر زيادة استثمارتها في السوق الفرنسية بـ 10 مليارات يورو.
إعفاء القطري من ضرائب العقار
يتمتع المستثمرون القطريون بإعفاء من دفع الضرائب على أرباحهم من بيع العقارات في فرنسا، ووقع الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي اتفاقية بهذا الشأن في 2008، ومكنت هذه الاتفاقية رجال الأعمال القطريين من اقتناء العديد من العقارات التاريخية المهمة وتحديدا في باريس مع إعفاء الكيانات المملوكة لدولة قطر من ضريبة الأرباح الرأسمالية والتي لا تقل عن 4.34% عن أي أرباح من بيع عقارات فرنسية سواء مملوكة ملكية مباشرة أو عن طريق شركات تابعة.
ويستفيد المستثمرون القطريون من القطاع الخاص من الإعفاء بشرط أن يحتفظوا بالعقار ضمن شركة استثمارية تملك أصولاً غير عقارية بنسبة 20%.
علاقات تاريخية
وأكد رجل الأعمال أحمد الخلف لـ لوسيل أن العلاقات الاقتصادية بين قطر وفرنسا، ضاربة في التاريخ وتعود إلى ستينيات القرن الماضي، وأن أضخم استثمار فرنسي انطلق في قطر كان من خلال شركة توتال التي ساهمت في تطوير حقل الشمال، مضيفا أن العلاقات مع فرنسا استراتيجية ومهمة وتتطور يوما بعد يوم.
واعتبر الخلف أن تراجع أسعار النفط في هذه الفترة يعزز من الفرص الاستثمارية في الخارج بما فيها فرنسا من خلال شراء العقارات والدخول في الشركات الكبرى.
وتقدر حجم المبادلات التجارية بين قطر وفرنسا خلال النصف الأول من العام الماضي بـ 2.004 مليون ريال بحصة 2%، فيما بلغت حجم الصادرات 760 مليون ريال في حين بلغ حجم الواردات 1.244 مليون ريال، حسب بيانات وزارة الإحصاء والتخطيط التنموي القطرية للربعين الأول والثاني من العام الماضي.
مبادلات ضخمة
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية إن المبادلات التجارية بين فرنسا وقطر تجاوزت الملياري يورو في عام 2014، مسجّلة ارتفاعا بمعدل 23% مقارنة بعام 2013.
وزادت الصادرات الفرنسية إلى 1.45 مليار يورو بنسبة الضعفين تقريبا مسجلة ارتفاعا بمعدل 96% ولا سيّما بفعل تسليم طلبيات إيرباص، بينما تراجعت الواردات من قطر بمعدل 25% مسجّلة 632 مليون يورو.
وسجّلت صادرات فرنسا إلى قطر في الأشهر الثمانية الأولى للعام الماضي ارتفاعا بمعدل 300% مقارنة بنفس الفترة لعام 2014، إذ بلغت 1.58 مليار يورو.
كما سجّلت الصادرات في غير الصناعات الجوية ارتفاعا بمعدل 55% وبلغت 463 مليون يورو.
وتشير بيانات مصرف فرنسا إلى أن مخزون الاستثمارات الفرنسية المباشرة في قطر بلغ 1.9 مليار يورو في عام 2013.
ولا ينفك عدد فروع المنشآت الفرنسية في قطر يتزايد بفعل استهلال العديد من المشاريع المرتبطة بتنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم لعام 2022.