وسط فناء منزلها، جلست فاطمة شيلة، تعالج حبات الفلفل الأحمر المجفف تحت الشمس، بأصابع أخفتها القفازات الصفراء، فتزيل منه بذوره وتقلبه وتقص الشوائب، قبل وضعه في الإناء المنتصب أمامها.
لا تجهز فاطمة أكلة عائلية، بل هي تنفذ واجبا مهنيا ضمن بادرة اقتصادية اجتماعية غير مسبوقة بتونس، لمجابهة تزايد نسب البطالة والفقر، بطلتها 164 امرأة من محافظة القيروان - وسط - تتمثل في شركة تعاونية تعمل على تحويل الفلفل الأحمر الوافر، إلى معجون غذائي تقليدي يسمى الهريسة الحارة بمواصفات موروثة عن الأجداد.
وأصبحت فاطمة تجني من عملها الجديد 10 دنانير 5 دولارات في اليوم، وبين 100 و200 دينار- 50 و100 دولار- بالشهر.
ورغم كونه ظرفيا فإنها أصبحت أكثر راحة وهي تجمع بين توفير دخل للعائلة ورعاية شؤون بيتها.
حوالي 50 امرأة يقمن بنفس العمل الذي تقوم به فاطمة في المشروع، أما باقي النسوة فيشتغلن في تحويل الفلفل الأحمر الجاف إلى هريسة معلبة - معجون غذائي - بشكل أنيق موجهة للاستهلاك المحلي وللتصدير.
ونقلت الأناضول عن نجوى ضيفلاوي رئيسة شركة التحدي للهريسة، أن رأسمال الشركة - 16 ألف دينار أي 8 آلاف دولار- يعتبر قليلا بالنسبة لشركة صناعية تشتغل بها 164 امرأة.
تضم التعاونية النسائية فئات عمرية مختلفة بين العقد الثالث والعقد السادس، ومن مستويات تعليمية مختلفة منهن خريجات الجامعات ومنهن عاملات فلاحة ومنهن موظفات.
وانخرطت النساء في الشركة التعاونية التي اختير لها اسم التحدي بشراء أسهم (بـ10 دنانير /5 دولارات للسهم الواحد). وتتفاوت قيمة المساهمة بين 50 دينارا (25 دولارا) كأدنى تقدير وألف دينار (500 دولار)، ويفترض ذلك توزيع الأرباح على المنخرطات، ولكن الشركة في طور التأسيس ولم تحقق أرباحا بعد حسب المديرة المالية.
القاسم المشرك بين جميع النسوة أنهن من منطقة منزل المهيري (40 كلم غرب مدينة القيروان) التي تشتهر بإنتاج الفلفل والثوم.
جميعهن اشتغلن أجيرات في الضيعات الفلاحية ثم أحالتهن الظروف الاقتصادية على البطالة والأهم بالنسبة لمشروعهن الجديد هو اتقانهن صناعة الهريسة التقليدية في منازلهن.
يمر الفلفل المجفف بمراحل عديدة قبل الخروج في علب أنيقة.
تبدأ العملية بتنظيف كمية الفلفل الجاف المعدة للرحى (فرم) بالماء في أوانٍ متوسطة الحجم.
مع اقتراب ماء القدر من الغليان توضع كمية الفلفل وتترك دقائق محددة ثم ترشح في إناء ثان.
ثم يمر الفريق إلى رحى الفلفل في آلة مخصصة في مرحلتين مع مزجها بحبات الثوم المنتقاة والتوابل وزيت الزيتون.
وقبل وضع الخليط الأحمر الشهي في علب زجاجية هناك عملية تعقيم العلب عبر وضعها في الماء المغلي، ثم بعد تجفيفها يتم وضع الكمية المحددة من الفلفل وتعاد الكرة بعد غلق العلبة وفي النهاية يتم وضع الملصقات الإشهارية ووضع الكميات المطلوبة في علب كرتونية ثم توجه إلى الحريف أو السوق أو المعرض.