ولد فردريك كانوتي في الثاني من سبتمبر عام 1977 في مدينة ليون الفرنسية من أب مسلم وأم مسيحية.. وتعود أصوله إلى مالي، كما أنه حمل الجنسية الفرنسية وقد احترف لعب كرة القدم في أندية ليون الفرنسي ووست هام يونايتد وتوتنهام الإنجليزيين وإشبيلية الإسباني الذي قضى بصفوفه فترة ذهبية حقق خلالها العديد من الألقاب المحلية والقارية، وبكين غوان الصيني، كما أنه دافع عن ألوان منتخب بلاده مالي قبل أن يعتزل اللعب عام 2013..
يعدّ فردريك كانوتي من أكثر اللاعبين تمسكا بالإسلام بعدما اعتنقه وكان دائما يفتخر بذلك ويرفض كل ما يتعارض مع تعاليمه.. وقد عُرف عن كانوتي الذي أحب أن يناديه الناس باسم عمر نصرته للقضية الفلسطينية وأنقذ المسجد الوحيد في إشبيلية من الهدم والزوال..
بدأ كانوتي يمارس شعائر الدين الإسلامي عندما كان في العشرين من عمره قبل أن يسطع اسمه في سماء كرة القدم الأوروبية وعن مكانة الإسلام في حياته صرح في إحدى مقابلاته: الإسلام هو حياتي، فهو ليس شيئا أمارسه خارج وقت عملي، بل هو كل الحياة.. شيء مهم أن نعيش ديننا وأن نظهر للناس أخلاقنا الإسلامية .. وكان دائما ما يحمد الله على نعمة الإسلام ويبدي فخره الشديد باعتناقه، موضحا: كنت أقرأ كثيراً عن تعاليم الإسلام، وقيمه الإنسانية، وأخلاقه الحميدة، لم أدخل الإسلام دون أن أفهمه، فقد اطلعت كثيراً على مراجع عدة، وقرأت لكل الديانات وليس الإسلام فقط، حتى اقتنعت بالإسلام . وأضاف: سافرت كثيراً، وبالخصوص إلى مالي، للتعرف على المسلمين عن قرب، وعاشرت إخوة مسلمين في ليون، وبالتالي فقد سألت واستفسرت كثيراً قبل اتخاذ هذا القرار، الذي أعتبره بمنزلة تحولٍ كبير في حياتي . إن لعبه لكرة القدم لم يكن يتعارض مع أداء الصلاة، قائلا: هذا العمل ليس صعبا، لأنه يسمح لك أن تؤدي صلاتك لأن وقت الصلاة موسع.. عادة ما نتمرن في الصباح.. بعد صلاة الصبح وبعد التمرين نرجع للبيت قبل وقت الظهر وبعده يكون لك متسع من الوقت.. هذه أفضل وظيفة بالعالم. وتابع: أحيانا يصادف المباراة قبل الصلاة أو بعدها مباشرة لكن إذا كنت تحترم دينك فسوف تجد دائما الحلول حتى ولو أنت بالملعب، إذ يمكن أن تستأذن وتصلي في إحدى الغرف.. ولكن في بعض الأحيان خصوصا عندما لعب في إشبيلية كان يضطر لقطع التدريبات من أجل أداء الصلاة فتلقى بسبب ذلك أكثر من إنذار من طرف إداة النادي قبل أن تقرر فرض خصومات من مرتبه بيد أنه لم يبال وحافظ على أداء الصلاة، ولذلك قرر مدربه إيقاف التدريبات من أجل أن يؤدي كانوتي الصلاة.
قررت شركة للعقار إزالة المسجد الوحيد بمدينة إشبيلية بعد انتهاء عقد إيجار الأرض التي كان يقام عليها وبات من حقها استردادها واستخدامها في أي مشروع آخر ترغب فيه.. كان الموقف عصيبا بالنسبة لمسلمي المدينة الذين باتوا مهددين بفقدان مسجدهم لأنهم لا يملكون ثمن شراء الأرض من أجل المحافظة على بقائه قائما واستمرارهم في أداء شعيرتهم الدينية عليه، كما أنهم لا يتوفرون على متسع من الوقت لكي ينظموا حملة تبرع لجمع المبلغ الكبير اللازم لشراء أرض المسجد..
أحد المسلمين بالمدينة اتصل بكانوتي هاتفيا وأبلغه بالواقعة الحزينة فأسرع النجم المالي وقام بدفع أكثر من نصف مليون يورو لشركة العقار مقابل شراء الأرض حتى ينقذ المسجد من الهدم والزوال.. دفع كانوتي ما يعادل آنذاك قيمة راتبه السنوي الذي كان يتقاضاه من ناديه إشبيلية.. وعندما سئل عن أسباب قيامه بالأمر من قبل أحد الصحفيين أجاب: أجل دفعت نصف مليون يور من مالي الخاص لمنع إزالة المسجد، أنا مسلم وديني هو حياتي، ولست لاعب كرة فقط وأعتقد أن شراء أرض المسجد أفضل من كل ألقاب كرة القدم ودروع الليغا .
وفي مايو عام 2019 نشر النجم المالي السابق مقطع فيديو عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي تويتر برسالة إلى الأمة الإسلامية في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، طلب فيها التبرع والمساهمة لبناء أول مسجد في إشبيلية، منذ 700 عام.
عندما اعتنق فردريك كانوتي الإسلام قرر أن يختار لنفسه اسم عمر تعبيرا عن حبه لشخصية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه.
قام عمر كانوتي بأداء فريضة الحج كما اعتمر أكثر من مرة وانخرط في الأعمال الإنسانية والقيام بالمشاريع الخيرية.
وقد أنشأ كانوتي مؤسسته الخاصة التي تحمل اسمه مؤسسة كانوتي وهي مؤسسة للأعمال الخيرية من أهم مشاريعها إنشاء قرية للأيتام على أطراف العاصمة المالية باماكو تعنى باستقبال الأيتام ورعايتهم وتوفير عائلات لهم لاحتضانهم وتضم مدرسة ومركزا صحيا.. وتسعى إلى مساعدة الأطفال في تربيتهم وتعليمهم كيفية الاعتماد على النفس وأن تكون لهم الخبرة في العمل حتى إذا ما بلغوا سن الشباب يصبح بإمكانهم الخروج منها والاندماج بالمجتمع.. وقد أوضح النجم المالي المسلم في هذا الصدد قائلا: نحن نريد أن نقدم لهم الأدوات ليكونوا أحرارا في حياتهم وهي مهمة ليست سهلة لأنها تتطلب المساعدة والكثير من العمل.. وأشار إلى أن والده كان يتيما وقد عمل المشروع الخيري من أجله وحتى يكون صدقة جارية وأجرا لوالده..
ومن أعماله أيضا إنشاء سلسلة مطاعم حلال في أكثر من دولة أوروبية، لتقديم الأطعمة والمشروبات المباحة تبعاً للدين الإسلامي. وتنظم مؤسسة كانوتي سنويا بمساهمة اليونيسف أو ما يعرف بمنظمة الأمم المتحدة للطفولة مباراة خيرية CHAMPIONS FOR AFRICA على ملعب رامون سانشيز بيثخوان بمدينة إشبيلية بين نادي إشبيلية ونجوم القارة الإفريقية تذهب عائداتها لصالح قرية الأيتام بباماكو..
عُرِف عن كانوتي مناصرته الشديدة للقضية الفلسطينية ورفضه للعدوان الإسرائيلي على شعبها وأطفالها.. ومن أشهر مواقفه في هذا الصدد قيامه عقب تسجيله هدف الفوز على نادي ديبورتيفولاكورونيا في ذهاب دور ربع النهائي لكأس إسبانيا في 7 يناير 2009، برفع قميصه ليكشف عن قميص داخلي كتب عليه اسم فلسطين بأكثر من لغة.. عوقب كانوتي بالبطاقة الصفراء إلا أنه كان فرحا جدا عندما تلقاها واعتبر ما فعله أمرا عاديا وطبيعيا مثلما يفعله كل المسلمين وغيرهم بشتى بقاع العالم تضامنا مغ القضية الفلسطينية.. وعندما كان لاعبا كان يُصِر على الصيام، وعدم الإفطار في التدريبات والمباريات.. في إحدى مقابلاته قال كانوتي: الصوم والتمسك بتعاليم ديني يزيدني قوة وحيوية.. ولا تعارض في ذلك، فمن يعرف الإسلام جيدا يدرك تماما أنه لا يضعف الإنسان بقدر ما يقويه ويفيد صحته . وأمام إصرار كانوتي على الصيام اضطر مدربه في نادي إشبيلية لتغيير مواعيد تدريبات الفريق، لتتناسب مع مواعيد صيام النجم المالي وصلواته.. وقد أكد في حواره مع صحيفة إندبندنت البريطانية: الأمر يجعل الزملاء والمدربين يتساءلون حول عدم تناولي للطعام، يروني أصلي في غرفة الملابس، ولا أفكر أبدا في الطريقة التي ينظرون لي بها، أنا فقط شخص طبيعي يعيش حياته بطريقته..
من المواقف الشهيرة التي عبرت عن التزام عمر كانوتي دينيا رفضه ارتداء قميص نادي إشبيلية الذي كان يحمل إعلانا لإحدى شركات القمار المتعددة الجنسيات على الإنترنت والتي كانت ترعى قميص النادي الأندلسي..
وقال اللاعب في تصريحاته بخصوص الواقعة: إن المشروبات الكحولية والمقامرة من أفعال الشيطان القذرة وهي محرمة في القرآن. ولذلك قررت إدارة نادي إشبيلية السماح له بارتداء القميص من دون وجود اسم الراعي عليه دون غيره عن بقية زملائه في الفريق. وقد تعرض كانوتي بسبب التزامه الديني للكثير من الإهانات العنصرية والدينية ولانتقادات من قبل وسائل الإعلام الإسبانية حيث إنها نعتته بالتزمت الديني وهاجمت سجوده بعد كل هدف كان يحرزه واعتبرت ذلك غير مسموح به في ملاعب كرة القدم لأنه رمز ديني.
وكانت العلاقة بينه وبين الصحافة الإسبانية تصل أحيانا إلى حد التوتر بسبب ذلك، لدرجة أنه اشتبك مع أحد الصحفيين بعد مباراة خاضها إشبيلية مع ريال مدريد في الدوري، وكان قد أحرز فيها هدفاً قاد به إشبيلية للفوز.
فقد سأله الصحفي ساخرا: ماذا تعرف عن الدين الإسلامي الذي تعتنقه؟ وهل تعتبر سجودك بعد تسجيل الأهداف أمراً مقبولاً؟.
فجاءه الرد حادا من كانوتي: أنت جاهل، ولا تعرف شيئاً عن الإسلام.
وقال بعد ذلك: عندما يسألك مغفل مثل هذا السؤال، فردك سيكون قاسياً حتماً، فهو لا يعرف الدين الإسلامي، وما يحمله من معانٍ سامية ورحمة، وفوق ذلك يسأل بتهكم وسخرية عن معرفتي بهذا الدين .