استعرض بنك قطر الوطني في تحليله الأسبوعي الأسباب التي أدت إلى ارتفاع الدولار الأمريكي في الآونة الأخيرة، مشيرا إلى أن الدولار ارتفع بحدة مقابل سلة من العملات منذ 26 مارس الماضي، حيث ارتفعت قيمته مقابل مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) الذي هو عبارة عن سلة من عملات الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة، بنسبة 4.1 بالمائة، وارتفع أيضا بنسبة بلغت 2.7 بالمائة خلال نفس الفترة، مقابل سلة من عملات الأسواق الناشئة.
وأوضح البنك في تحليله الصادر اليوم، أن المحرك الأهم الذي يفسر التحول الأخير في قيمة الدولار الأمريكي، كان الانخفاض الأخير في توقعات النمو العالمي نتيجة لخفض توقعات النمو خارج الولايات المتحدة، فقد كان الاقتصاديون في البنوك العالمية يقومون خلال الأسابيع الأخيرة بمراجعة وخفض توقعاتهم للنمو الاقتصادي في مجموعة كبيرة من اقتصادات الأسواق المتقدمة والناشئة، مقابل توقعات النمو في الولايات المتحدة، وعلاوة على ذلك، انخفضت أيضا المؤشرات المستقبلية للنمو العالمي التي تعتمد على مؤشرات مديري المشتريات مع تراجع مكون الطلبات الجديدة لثلاثة شهور متتالية.
وأشار البنك إلى أنه عندما يتم تخفيض توقعات النمو وبيانات الاقتصاد الكلي الواردة بالمقارنة بالولايات المتحدة، فإن ذلك يكون عادة في صالح الدولار الأمريكي لعدد من الأسباب، أولها: أن تراجع زخم النمو العالمي يشكل عاملا سلبيا لشهية المخاطرة لدى المستثمرين ويمكن أن يؤدي إلى إمالة ميزان التدفقات الرأسمالية لصالح الأصول الأمريكية بالدولار كسندات الخزانة الأمريكية والتي تعتبر بمثابة ملاذ آمن .
ووفقا للبنك فقد تمثل السبب الثاني في أن النمو العالمي يرتبط بشكل وثيق بالتجارة العالمية، كما أن الأسواق الناشئة تميل إلى أن تكون اقتصادات منفتحة أكثر (يقاس انفتاح الاقتصاد بحصة الصادرات زائد الواردات في الناتج المحلي الإجمالي)، وبالتالي فإن آفاق النمو لديها أكثر عرضة للتغييرات في زخم التجارة العالمية، ولذلك، فإن الأخبار السلبية بشأن النمو العالمي تكون عادة سلبية لعملات الأسواق الناشئة.
وأشار السبب الثالث إلى أن تراجع زخم النمو العالمي عادة ما يؤثر سلبا على أسعار السلع، مما ينتج عنه أداء سيئ لعملات الدول المصدرة للسلع، غير أن أسعار السلع ما تزال حتى الآن غير متأثرة، لأنه رغم تخفيض التوقعات بشأن النمو، فإن المستوى الكلي للنمو العالمي يظل في وضع صحي وهناك إجماع بأن البيانات الاقتصادية الأخيرة ستكون بمثابة مرحلة تصحيح طفيف ومؤقت في دورة الاقتصاد العالمي.
ولفت البنك إلى أن من بين الأسباب التي يمكن أن تكون وراء الارتفاع الأخير في سعر الدولار الأمريكي، التوقعات بأن الشركات الأمريكية قد بدأت في إعادة الأرباح التي كانت تحتفظ بها سابقا في الخارج إلى الولايات المتحدة، خاصة وأن حزمة الإصلاحات الضريبية الأخيرة التي أجيزت تحت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تقدم حوافز ضريبية للشركات الأمريكية التي تعيد أرباحها إلى الداخل.
وأشار البنك إلى أنه من الصعب جدا التنبؤ أو حتى رصد توقيت وحجم هذه التدفقات الرأسمالية المحتملة في الوقت الحقيقي.
وأفاد البنك بأنه في المستقبل، ستعتمد التطورات التي ستطرأ على الدولار الأمريكي على توقعات النمو العالمي، وعلى وجه التحديد توقعات النمو في أجزاء أخرى من العالم بالمقارنة مع الولايات المتحدة، إذ تشير البيانات الاقتصادية الأخيرة إلى حدوث تباطؤ مؤقت في النمو العالمي مع استقرار مؤشرات الاقتصاد الكلي خلال الأشهر القادمة.
ونوه البنك إلى أنه مع احتمال تباطؤ النمو العالمي خلال العام الجاري مقارنة بالعام الماضي، ولو بقدر ضئيل، بسبب تباطؤ نمو الاقتصادات خارج الولايات المتحدة، مثل الصين، فيبدو أن فترة الضعف الكبير في أداء الدولار الأمريكي التي بدأت منذ ديسمبر 2016 قد انتهت، وعلى العكس من ذلك، من المحتمل أن يشهد الدولار الأمريكي استقرارا على نطاق واسع في الفترة المتبقية من العام الجاري.