الأردن ترحب بالاستثمارات القطرية
حوارات
12 سبتمبر 2011 , 12:00ص
أجرى الحوار: السيد العزوني
قال وزير المالية الأردني الدكتور محمد أبوحمور إن بلاده ترحب بالاستثمارات القطرية نحو المملكة التي تتوقع نموا اقتصاديا قدره %3 خلال العام الحالي.
وأعرب الوزير الأردني في حوار مع «العرب» عن تطلعاته الإيجابية حيال مسار اقتصاد بلاده رغم التباطؤ الناتج عن التطورات التي شهدتها الساحة العربية وأدت لانقطاع إمدادات الغاز المصري غير مرة، كما تأثرت عمان بانخفاض التدفقات النقدية الخارجية الناتجة عن الاستثمارات المباشرة أو تحويلات العاملين فضلا عن عوائد السياحة.
ويراهن الأردن على مصادر الطاقة غير المستخرجة من باطن الأرض ليتحول لدولة نفطية خلال السنوات المقبلة، إذ يعد من أبرز دول العالم على صعيد احتياطات الصخر الزيتي واليورانيوم فضلا عن المعادن الصناعية التي تؤهل اقتصاد البلاد لتحقيق نقلة نوعية، فيما تسير المملكة لبناء أحد أهم أكبر المفاعلات النووية العربية بغية الاستناد إليها في أغراض الصناعة وتوليد الطاقة فضلا عن الأبحاث العلمية.
وكانت شركات من أبرزها «وقود» و «الكهرباء والماء» قد قالت ربيع العام الحالي إنها تتجه لتدشين استثمارات خدمية في الأردن، في حين يعد «QNB» أكبر المؤسسات القطرية التي تمتلك استثمارات في عمان عبر حيازته %34 من رأسمال بنك الإسكان للتجارة والتمويل ثاني أهم المؤسسات المصرفية الأردنية بعد البنك العربي المتواجد منذ عقود في الدوحة.
وفيما دخل الأردن أمس الأحد مفاوضاته الرسمية للانضمام لمنظومة دول مجلس التعاون الخليجي، قال أبوحمور إن تلك العضوية تأتي في سياق حتمية توسيع رقعة التكتلات الاقتصادية لمواجهة التحولات الدولية الحاصلة في هذا الصدد.
وحصل أبوحمور على جائزة أفضل وزير مالية في الشرق الأوسط مرتين من قبل مؤسسات تقييم دولية وإقليمية وإلى تفاصيل الحوار..
ما قيمة الاستثمارات القطرية في المملكة الأردنية الهاشمية وكم يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين؟
- أبو حمور: يمكن رصد الاستثمارات القطرية من خلال العديد من المؤشرات في مختلف القطاعات، فمثلاً بلغت قيمة الاستثمارات القطرية المستفيدة من قانون تشجيع الاستثمار حوالي 50 مليون دولار حتى نهاية شهر يوليو من هذا العام. وتتوزع الاستثمارات القطرية على عدة قطاعات، فعلى سبيل المثال حلت الاستثمارات القطرية في المرتبة الرابعة بين 103 جنسيات عربية وأجنبية تستثمر في البورصة الأردنية، حيث بلغت نسبة هذه الاستثمارات في نهاية النصف الأول من هذا العام %4.3 أو ما مقداره 882 مليون دينار من إجمالي قيمة الاستثمارات الكلية في البورصة والبالغة 20.2 مليار دينار وفقاً لأحدث التقارير الصادرة. كما بلغ حجم بيوعات الأراضي للجنسية القطرية حوالي 2.1 مليون دينار خلال النصف الأول من هذا العام. أما حجم التبادل التجاري بين المملكة الأردنية الهاشمية ودولة قطر فقد بلغ 19.4 مليون دينار خلال النصف الأول من هذا العام، وبهذه المناسبة أود أن أوجه دعوة للجهات الاستثمارية القطرية من القطاعين العام والخاص لزيادة استثماراتها في الأردن، الذي يتمتع كما هو معلوم بميزة نسبية في العديد من القطاعات مثل الأدوية والتعليم العالي والألبسة وتكنولوجيا المعلومات، كما أدعو إلى تعزيز التعاون والتنسيق بين رجال الأعمال الأردنيين والقطريين، حيث يشكل هذا التعاون أساسا صلباً لإقامة مشاريع مجدية تعود منافعها على جميع الأطراف، خاصة لأننا في الأردن نؤمن بأهمية دور القطاع الخاص وضرورة توفير كافة الظروف اللازمة لتعزيز دوره في النشاط الاقتصادي، إضافة إلى أن الأردن لديه العديد من القطاعات الواعدة التي يمكن أن تشكل إقامة المشاريع فيها قاعدة للتعاون المثمر بين القطاعين العام والخاص، هذا عدا عن المشاريع الكبرى المطروحة مثل قناة البحرين ومشروع السكك الحديدية وغيرها. وأنا على ثقة من أن الاستثمارات الخليجية بشكل عام والقطرية بشكل خاص ستكتسب بعداً إضافياً خلال الفترة القادمة، ونحن عازمون على توفير كافة الظروف الملائمة لهذه الاستثمارات، وبما يعود بالنفع والفائدة على المستثمر وعلى الأردن في آن معاً.
هل يمكن المراهنة على التدفقات الاستثمارية الخليجية في حال إتمام التحاق الأردن بركب دول مجلس التعاون الخليجي؟
- أبو حمور: يشير الواقع الاقتصادي في العالم حالياً، إلى أن المستقبل هو للتكتلات الاقتصادية القائمة على أسس سليمة ووفق قواعد تخدم مصالح مختلف الجهات، ونحن على يقين بأن دول مجلس التعاون الخليجي تشكل عمقاً استراتيجياً للأردن، وبأن العلاقات بين الأردن ودول الخليج هي علاقات استراتيجية وتاريخية وقائمة على مبادئ التعاون المشترك والاحترام المتبادل، لذلك فإن انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي سيشكل إضافة لهذا التجمع الإقليمي، كما أنه سيشكل نقلة ذات مغزى بالنسبة للأردن، وهناك ثقة بأن هذا الانضمام ستكون له آثار إيجابية على الطرفين، خاصة أن الأردن يحظى حالياً بعلاقات مميزة مع دول الخليج الشقيقة، ومن المؤكد أن استثمارات هذه الدول في الأردن تشكل أحد الجوانب الرئيسة التي نقدرها عالياً، كما لا ينبغي أن ننسى مستوردات المملكة من دول الخليج خاصة النفط، حيث إن هذه الدول هي المزود الأساسي للمملكة بالطاقة، وهناك أيضاً جانب مهم لا بد من ذكره وهو العاملون الأردنيون في دول الخليج، فهؤلاء العاملون وإضافة لمساهمتهم في خدمة وبناء الدول التي يعملون فيها، فهم أيضاً يساهمون بتحويل جزء من رواتبهم لأسرهم وعائلاتهم التي تقطن في الأردن، مما ينعكس إيجاباً على مختلف جوانب الاقتصاد الأردني، ونحن حريصون على تطوير وتعزيز علاقاتنا مع دول مجلس التعاون على مختلف الصعد وفي مختلف المجالات، ولا بد هنا من الإشارة إلى أن الأحداث الأخيرة في عدد من دول المنطقة أثبتت مرة أخرى أهمية الأمن والاستقرار الذي يتمتع به الأردن وما يشكله ذلك من إطار ملائم للاستثمارات في مختلف القطاعات الاقتصادية. ونظراً لخصوصية الأوضاع في المنطقة خلال الفترة الأخيرة وآثارها المتوقعة على الاقتصادات المختلفة، فنحن نأمل وفي ظل الظروف الاستثنائية الحالية التي تشهدها المنطقة، أن تستطيع الدول الشقيقة زيادة دعمها للمملكة، وكذلك استيعاب أعداد أكبر من الأردنيين العاملين لديها حالياً، خاصة أن هؤلاء العاملين أثبتوا دوماً خلال العقود الماضية، قدرتهم على العمل الكفؤ والذي يتميز بإنتاجية مرتفعة ونوعية مميزة، هذا علاوة على الاستثمارات العربية البينية وتدفقها للأردن.
في ضوء التشابك القوي بين الاقتصاد الأردني واقتصادات دول مجلس التعاون في مختلف المجالات، من المتوقع أن يعود ذلك بالنفع الكبير على الاقتصاد الوطني من خلال تحسين التبادل التجاري (الصادرات السلعية والخدمية) وحوالات العاملين والدخل السياحي، والمنح والمساعدات، وتدفقات رؤوس الأموال والاستثمارات، وبشكل عام، سيتيح انضمام المملكة لدول مجلس التعاون الخليجي فرصة كبيرة للاقتصاد الأردني ليحتل مركزا متميزا، من خلال السعي لتطوير بيئة الأعمال وتأهيله لاستقطاب مزيد من الاستثمارات الخليجية.
يواجه الاقتصاد الأردني جملة تحديات من أبرزها المديونية وتراجع عائدات السياحة وتحويلات المغتربين، كيف يمكن للمالية الأردنية تجسير الفجوة الحاصلة في ميزان المدفوعات؟
- أبو حمور: من الواضح أن السؤال المطروح يتضمن عدداً من العناصر سأتطرق لكل منها بشكل موجز، ودعني أبدأ بموضوع التحديات التي تواجه الاقتصاد الأردني وهي كما هو معلوم كثيرة ومتنوعة، ولعله من المفيد بداية التأكيد أن التحديات هي صفة ملازمة للحياة، فلا حياة بدون تحديات، كما أنها أيضاً تعتبر حافزاً للابتكار والإبداع ومحركاً للتطور والتقدم في حال تم التعامل معها بأسلوب علمي وبمنهجية سليمة، ولا شك أن أهم التحديات التي نواجهها حالياً هو موضوع الطاقة والكلفة المترتبة عليها، سواءً تمثل ذلك في انقطاع التزود بالغاز المصري، أو الارتفاع المطرد في أسعار النفط العالمية، وكلا الأمرين يترتب عليه ارتفاع في كلف توليد الكهرباء وزيادة الكلفة الإنتاجية لمختلف القطاعات الاقتصادية. أما على صعيد المالية العامة فتتمثل التحديات في عجز الموازنة العامة وارتفاع حجم المديونية، وفي مجال آخر هناك الارتفاع في أسعار المواد التموينية وآثاره على مستوى معيشة المواطن، هذا إضافة إلى التحديات التي يشهدها العام الحالي بالتحديد، مثل تراجع عائدات السياحة وتحويلات العاملين في الخارج والاحتياطيات الأجنبية والتضخم، كما أنه يجب ألا يغيب عن أذهاننا التحديات الاجتماعية، التي لا تقل أهمية عن التحديات السابقة، مثل ارتفاع معدلات البطالة والفقر في بعض مناطق المملكة.
أما فيما يتعلق بموضوع المالية العامة وتجسير الفجوة في ميزان المدفوعات، فإنه لا بد من توضيح أن الهدف الأساسي للمالية العامة يتلخص في معالجة ما يمكن أن نسميه بالفجوة الداخلية والتي يعبر عنها بعجز الموازنة، وذلك عبر الإجراءات المتخذة على الصعيد المالي والمتعلقة بضبط النفقات الجارية وترشيدها وتعزيز فعالية وإنتاجية الإنفاق العام وتحسين الإدارة الضريبية وغيرها من الإصلاحات المالية والإدارية الأخرى. أما موضوع تجسير الفجوة في ميزان المدفوعات فإنه يتطلب تضافر عدد من السياسات الحكومية المالية منها والنقدية والاقتصادية، وبحيث تكون هناك رؤية شمولية تتناول مختلف مكونات ميزان المدفوعات، وفي هذا الإطار، فإن الحكومة تولي أهمية قصوى لمعالجة الاختلالات الحاصلة في ميزان المدفوعات من خلال تهيئة البيئة الاستثمارية المناسبة لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة، وزيادة حجم المبادلات التجارية مع كافة الدول من خلال تسهيل التجارة وعقد الاتفاقيات التجارية والحد من العوائق التجارية بكل أشكالها، إضافة إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتشجيع السياحة وفتح فرص العمل أمام الأردنيين في الخارج.
وقامت الحكومة خلال الفترة الماضية، باتخاذ العديد من الإجراءات التي تهدف إلى توفير البيئة الملائمة لجذب الاستثمارات وزيادة التبادل التجاري للمملكة، وذلك عبر مجموعة من التعديلات والإصلاحات التشريعية، منها إصدار قانون جديد لضريبة الدخل وإصلاح قانون الجمارك وقانون الاستثمار وتعديل قانون الضريبة العامة على المبيعات وإقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى عقد اتفاقيات التجارة الحرة مع العديد من الدول وإعفاء الصادرات من ضريبة الدخل وإنشاء المناطق الحرة والمناطق الصناعية المؤهلة وغيرها. كما تعمل الحكومة على تنويع مصادر الطاقة والاعتماد بشكل أكبر على مصادر الطاقة المتجددة للتخفيف من مخاطر تقلب أسعار النفط على الاقتصاد الوطني. وفي هذا المجال لا بد من الإشارة إلى أن الحكومة قامت بتوقيع عدة اتفاقيات امتياز لاستخراج الصخر الزيتي وإنتاج النفط منه، مثل مشروع شركة شل ومشروع تطوير غاز الريشة وطاقة الرياح. هذا وتسعى الحكومة أيضاً إلى تطوير آليات وبرامج دعم قطاع المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر من خلال توحيد وتنسيق المبادرات الحكومية العديدة على هذا الصعيد، إيماناً منها بأهمية هذا القطاع لنمو الاقتصاد الأردني وتطوره.
ما أسباب انخفاض الاحتياطيات في المملكة من العملات الأجنبية؟ وكيف تعوضون العجز الحاصل في التحويلات والنشاط السياحي عبر حفز الصادرات؟
- أبو حمور: لا بد من توضيح أن احتياطيات المملكة من العملات الأجنبية -رغم التراجع الذي شهدته خلال الفترة المنقضية من هذا العام- ما زالت ضمن المستويات الآمنة وفق المقاييس والمعايير المتعارف عليها دولياً، فهذه الاحتياطيات تكفي لتغطية مستوردات المملكة من السلع والخدمات لحوالي ستة أشهر ونصف، ويشار بهذا الخصوص إلى أن رصيد الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي انخفض في نهاية النصف الأول من هذا العام بمقدار 1541.9 مليون دولار، أو ما نسبته %12.6 عن مستواه المسجل في نهاية عام 2010 لتبلغ حوالي 10.9 مليار دولار. وتعود أسباب هذا الانخفاض إلى تراجع الدخل من السياحة بنسبة %10.6 عن مستواه المسجل بنهاية العام الماضي، وأيضاً تراجع تحويلات العاملين في الخارج بنسبة %1.5 بالمقارنة مع مستوياتها بنهاية العام الماضي. وبنهاية شهر يوليو ارتفعت الاحتياطات من العملات الأجنبية إلى حوالي (11.5) مليار دولار، وذلك بعد أن تم الحصول على منح إضافية من الدول الصديقة والشقيقة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، رغم استمرار التراجع في حوالات العاملين والدخل السياحي خلال هذه الفترة بنسبة (%4.8) و(%16)، مقارنة مع أول سبعة أشهر من العام الماضي.
ومن المؤكد أن تحفيز الصادرات لا يمكن اعتباره تعويضاً عن الانخفاض في تحويلات العاملين والدخل السياحي، فكل بند من هذه البنود يحتاج إلى التعامل معه بشكل مباشر، فمثلاً فيما يتعلق بتحويلات العاملين، هناك تواصل مستمر مع الدول الشقيقة لزيادة استيعابها من العاملين الأردنيين، كما أن هناك في الوقت نفسه إجراءات تتخذ لتشجيع المغتربين الأردنيين على زيادة تحويلاتهم إلى وطنهم الأم، مثل منح إعفاءات لقطاع العقار وغيرها، كما أنه وللحد من تراجع العائدات من السياحة، قامت الحكومة باتخاذ العديد من الإجراءات الهادفة لتحفيز قطاع السياحة من خلال تخفيض نسبة الضريبة على الإقامة في الغرف الفندقية من (%16) إلى (%8)، ومعاملة السائحين العرب نفس معاملة الأردنيين، إضافة إلى تمديد فترة إقامة السيارات العائدة للسياح لمدة تصل إلى ثمانية أشهر، والسماح للسائحين العرب والمغتربين بإدخال سيارتين بدلاً من سيارة واحدة، وإعفاء بعض الجنسيات مثل الإخوة الكويتيين من ضريبة المغادرة، وزيادة مخصصات دعم هيئة تنشيط السياحة بمقدار (5) ملايين دينار، وغيرها من الإجراءات التي تهدف إلى تشجيع السياح خاصة العرب على القدوم للمملكة.
أما على صعيد تحفيز الصادرات، فقد قامت الحكومة بإجراء العديد من الإصلاحات كما ذكرت سابقا، مثل فتح الأسواق الخارجية أمام البضائع والسلع الأردنية عبر عقد اتفاقيات التجارة الحرة مع العديد من الدول، وإعفاء الصادرات من ضريبة الدخل، بالإضافة إلى الاستمرار بإعفاء مدخلات الإنتاج الصناعي من الرسوم الجمركية.
هل يمكن المراهنة على مشاريع الطاقة النووية واستخراج الزيت الصخري لوقف استيراد المملكة للنفط الذي يرهق ميزانيتها سنوياً؟ وهل يمكن للمشاريع توفير 150 ألف برميل من النفط يومياً؟
- أبوحمور: الطاقة أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني في الوقت الراهن، نظراً لحاجة الأردن المتزايدة من الكهرباء والتي تبلغ حاليا حوالي (2700 ميغاواط/ ساعة)، ومن المتوقع أن تزداد خلال العشرين سنة القادمة إلى حوالي (8000 ميغاواط/ ساعة) نظراً لتزايد أعداد السكان وتغير أنماط استهلاكهم، الأمر الذي سيؤدي في حال استمراره إلى ارتفاع كبير في فاتورة الكهرباء، نظراً لارتفاع أسعار النفط عالمياً ومضاعفة أسعار الغاز المستورد من مصر حسب الاتفاقية الجديدة، والتي تضمنت رفعاً للأسعار عما كانت عليه سابقاً بما نسبته %100 تقريباً.
وفي ظل الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها المملكة، فإن التوجه نحو تنويع مصادر الطاقة للتخفيف من مخاطر تقلب أسعارها على الاقتصاد الوطني يعتبر مهمة ملحة، منوهاً في هذا الشأن باستراتيجية المملكة في تنويع مصادر الطاقة والاعتماد بشكل أكبر على مصادر الطاقة المتجددة، هذا من جانب، ومن جانب آخر رفع كفاءة استخدام الطاقة بشكل عام، وفي هذا المجال لا بد من الإشارة إلى أن الحكومة قامت بتوقيع عدة اتفاقيات امتياز لاستخراج الصخر الزيتي وإنتاج النفط منه، كمشروع شركة شل ومشروع تطوير غاز الريشة وطاقة الرياح.
أما على صعيد الطاقة النووية، فإن الدراسات الأولية تشير إلى أن مشاريع الطاقة النووية ستوفر في مرحلتها الأولى، ما يقارب %35 من إجمالي احتياجات المملكة من الطاقة الكهربائية. أما الصخر الزيتي فإنه من المتوقع أن يساهم بما نسبته %11 و%14 من إجمالي احتياجات المملكة من الطاقة في الأعوام 2015 و2020 على التوالي. وفي هذا المجال لا بد من الإشارة إلى أنه تم توقيع اتفاقية ما بين الحكومة الأردنية وشركة Enefil الإستونية لاستغلال الصخر الزيتي، ومن المتوقع أن يكون الإنتاج الأولي للشركة في عام 2016 بمقدار 38 ألف برميل يومياً، علما بأن الأردن تعتبر أول دولة في المنطقة والرابعة عالمياً بعد إستونيا والبرازيل والصين، التي تنفذ سياسات وخطط للاستفادة من موارد الصخر الزيتي على المستوى الصناعي.
هل هناك مشاريع جديدة يمكن للأردن خصخصتها؟ وكيف تقيمون الأثر المالي لبيع البوتاس والفوسفات والاتصالات على خزينة الدولة؟
- أبوحمور: لقد تم خلال النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي، البدء في عملية الخصخصة للمشاريع والشركات التي تملكها وتساهم فيها الحكومة، وقد تم تحقيق إنجازات كبيرة خففت الأعباء المالية على خزينة الدولة وحسنت مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين وزادت أعداد العاملين في القطاعات التي تم خصخصتها وتولى إدارتها القطاع الخاص. وفي ظل الظروف المالية الصعبة وارتفاع عجز الموازنة، فقد تم تبني برنامج للشراكة بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ مشاريع كبرى يساهم بها القطاع الخاص لارتفاع تكاليفها، مثل مشروع إدارة وتدوير النفايات الصلبة، ومشروع جر مياه الديسي، ومشروع توسعة مطار الملكة علياء وغيرها من المشاريع الأخرى في القطاعات الاقتصادية المختلفة.
لقد بلغ إجمالي عوائد برنامج التخاصية حتى نهاية عام 2010 حوالي 1.730 مليار دينار، منها حوالي 940.1 مليون دينار عوائد تخاصية شركة الاتصالات الأردنية، وحوالي 134 مليون دينار عوائد تخاصية شركة البوتاس، ونحو 81.4 مليون دينار عوائد تخاصية شركة الفوسفات. وقد تم إيداع جميع هذه المبالغ في حساب خاص يسمى صندوق عوائد التخاصية. كما تم استخدام عوائد التخاصية في أغراض عديدة تشمل سداد الديون التي تحملتها الحكومة والخاصة بالمؤسسات أو المشاريع التي تمت إعادة هيكلتها وإجراء التخاصية عليها، وتغطية النفقات الناجمة عن ذلك، وشراء الديون المترتبة على الحكومة للاستفادة مما تأتى لها من خصم على هذه الديون أو لتسديدها عن طريق المبادلة أو أي طريقة أخرى يقرها مجلس التخاصية ويوافق عليها مجلس الوزراء، إضافة إلى الاستثمار في الأصول المالية، وتمويل النشاطات الاقتصادية والاستثمارات الجديدة في قطاعات البنية التحتية ذات المردود الاقتصادي والاجتماعي المجدي والتي تساعد في تحقيق التنمية المستدامة.
كما تتمثل هذه الأغراض أيضا بإعادة تأهيل وتدريب العاملين في المؤسسات والهيئات التي تمت إعادة هيكلتها أو تخاصيتها وتسوية حقوقهم المالية المترتبة تجاه هذه الجهات، وشراء سنوات خدمة للموظفين في المؤسسات التي تم تخاصيتها والذين تم إخضاعهم لقانون الضمان الاجتماعي، وبناءً على ما تقدم فقد تم استغلال الجزء الأكبر من عوائد التخاصية لشراء ومبادلة وإعادة هيكلة الدين العام، وتنفيذ عدد من المشاريع التنموية ذات الأولوية.
وقد تم في عام 2006 تنفيذ دراسة علمية لتقييم آثار التخاصية على مختلف الأصعدة، وأجرى هذه الدراسة أحد المكاتب الاستشارية العالمية وبتمويل من الاتحاد الأوروبي، وقد خلصت الدراسة إلى أن التخاصية كان لها العديد من الآثار الإيجابية على مختلف القطاعات الاقتصادية.
بشكل عام يمكن القول إن الأردن تمتع بتجربة رائدة على مستوى المنطقة في مجال تنفيذ عمليات التخاصية، واستغل عوائدها أفضل استخدام.
هل تكفي مساعدات الدول الشقيقة والصديقة لتغطية العجز في الميزانية الأردنية لعام 2011؟
- أبو حمور: بلغ مجموع المنح التي تلقتها الخزينة من الدول الصديقة والشقيقة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية خلال الشهور السبعة الأولى من هذا العام حوالي (1024) مليون دينار أو ما يعادل (1440) مليون دولار، وتمثل هذه المنح ما هو مقدر في قانون الموازنة العامة لعام 2011 والبالغ حوالي 440 مليون دينار، سيتم استخدامها لتمويل المشروعات التي وردت في قانون الموازنة. أما الجزء الآخر والبالغ حوالي 584 مليون دينار فيمثل منحة إضافية ستساعد في مواجهة التداعيات والمصاعب التي يتعرض لها الاقتصاد الأردني. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن مجلس الوزراء قد قرر مؤخراً إصدار مشروع قانون ملحق بقانون الموازنة العامة لعام 2011 بقيمة المنح الإضافية لتلبية احتياجات فعلية ذات ضرورة ملحة، بما فيها تنفيذ المكرمة الملكية السامية بصرف 100 دينار للموظفين والمتقاعدين والعسكريين والمستفيدين من صندوق المعونة الوطنية لتخفيف الأعباء الاقتصادية عن المواطنين، من خلال تأمين جانب من احتياجاتهم المعيشية الأساسية، بالإضافة إلى تخصيص مبلغ (384) مليون دينار ضمن الملحق لدعم المواد التموينية والمحروقات (الخبز والأعلاف وأسطوانة الغاز) جراء ارتفاع الأسعار عالمياً، وتثبيت أسعار المشتقات النفطية (البنزين والسولار والكاز) في السوق المحلية، إضافة إلى تغطية نفقات أخرى تشمل نفقات المعالجات والمقاولين وغيرها.
ومن المعلوم أن هذه المنح جاءت نتيجة لتفهم الدول الشقيقة والصديقة للأوضاع الاستثنائية التي تمر بها المملكة والمنطقة بشكل عام، لذلك فقد تم توجيهها لمواجهة المصاعب التي طرأت نتيجة للأوضاع في المنطقة، وهكذا تستطيع أن تحافظ على المبلغ المقدر لعجز الموازنة العامة كما هو محدد، حيث إن ملحق الموازنة الذي سيتم استكمال إجراءاته الدستورية هو ملحق متوازن ولا يضيف أي أعباء جديدة على الموازنة العامة.
الفقر والبطالة والعجز والمديونية ستبقى أهم المشاكل المؤرقة للاقتصاد الأردني، برأيك ما أهم السبل التي تتخذها وزارة المالية للمساهمة بالقضاء على مثل هذه المشاكل؟
- أبو حمور: تولي وزارة المالية عناية خاصة لمشكلتي الفقر والبطالة، كما تساهم من خلال الإجراءات والسياسات التي تت