إيرباصتتجه للتحرك الدبلوماسي في أوج التوتر الإقليمي

لوسيل

وكالات - لوسيل

يبدأ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف اليوم، جولة دبلوماسية حساسة في محاولة لإنقاذ الاتفاق النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة بعد المخاوف الدولية التي أثارها التصعيد العسكري غير المسبوق بين إيران وإسرائيل على الساحة السورية.
وسيزور ظريف على التوالي بكين وموسكو وبروكسل مقر الاتحاد الأوروبي لإجراء محادثات حول الاتفاق النووي المبرم عام 2015 والذي تحاول الدول الأخرى الموقعة عليه - بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا وألمانيا - الحفاظ عليه.
وتلتقي وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني الثلاثاء نظراءها من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا على أن ينضم إليهم وزير الخارجية الإيراني لاحقا، بحسب ما أعلن مكتبها أمس.
وتعقد هذه الاجتماعات بعد أسبوع على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني وبينما يسعى الأوروبيون إلى إنقاذه من خلال أخذ زمام المبادرة.
وبدأ الأوروبيون مشاورات منذ الأربعاء لإقناع إيران بعدم التخلي عن الاتفاق رغم الانسحاب الأمريكي.
وأكدت موغيريني أن الاتحاد الأوروبي مصمم على الحفاظ على الاتفاق النووي أحد أهم النجاحات الدبلوماسية على الإطلاق .
وكانت موغيريني اعتبرت أن الاتفاق يحقق هدفه القائم على ضمان ألا تطور إيران السلاح النووي ، وذلك بعد إعلان ترامب انسحاب بلاده.
وجددت الصين وروسيا الموقعتان على الاتفاق دعمهما له.

موقف إيراني هادئ

ويرى محللون أن إيران تبدو مصممة على عدم الانجرار إلى نزاع مفتوح مع إسرائيل، عدوتها اللدود التي رحبت بالانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات الأمريكية على إيران.
وفجر الخميس، في تصعيد مفاجئ شنت إسرائيل عشرات الغارات على أهداف قالت إنها إيرانية في سوريا معلنة أنها تأتي ردا على قصف صاروخي من الاراضي السورية على هضبة الجولان المحتلة، نسبته لإيران.
وفي أول رد فعل لها، نددت إيران أمس بالضربات الإسرائيلية في سوريا معتبرة أنها تمت على أساس ذرائع مفبركة .
وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية بهرام قاسمي بأن الهجمات المتكررة للكيان الصهيوني على الأراضي السورية التي جرت بذرائع مفبركة ولا أساس لها، تعد انتهاكا للسيادة الوطنية ووحدة الأراضي السورية وعملا يتعارض مع جميع القوانين والقرارات والمعايير الدولية .
واعتبارا من الخميس أبلغ الرئيس الإيراني حسن روحاني المستشارة الألمانية انغيلا ميركل في اتصال هاتفي أن بلاده لا تريد توترات جديدة وأنها عملت على الدوام على خفض التوترات في المنطقة .

الجبهة السورية

سادت بوادر تهدئة صباح أمس مع سعي قادة العالم إلى احتواء هذا التصعيد الأمني وتداعيات قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مطلع الأسبوع الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني.
وأكدت بعثة الأمم المتحدة في جنوب لبنان الجمعة أنها تراقب الحدود الجنوبية مع إسرائيل عن كثب وبأن المنطقة هادئة .
وقال اندريا تينيتي، المتحدث باسم بعثة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) إننا نراقب الوضع بشكل عام، ولكن فيما يتعلق بمنطقتنا الوضع هادئ .
وقالت إسرائيل إنها شنت الضربات فجر الخميس ردا على صواريخ أطلقها فيلق القدس من جنوب سوريا وسقطت في هضبة الجولان المحتلة بدون التسبب بإصابات. لكن إيران نفت بشكل قاطع الجمعة الرواية الإسرائيلية للأحداث.
وكانت القوات الإسرائيلية في شمال الدولة العبرية في حالة تأهب شديد في انتظار معرفة كيف يمكن أن ترد إيران على الضربات التي أطلقت عليها إسرائيل اسم عملية بيت الورق قائلة إنها ضربت نحو 50 هدفا داخل سوريا.
وعلى الجانب الآخر من الحدود كانت قوات النظام السوري أيضا في حالة تأهب شديد وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وخلال زيارة إلى الجولان السوري المحتل، قال وزير الدفاع الإسرائيلي افيغدور ليبرمان أستغل فرصة زيارتي اليوم للجولان، لأدعو الأسد إلى طرد الإيرانيين، وطرد قاسم سليماني و فيلق القدس من سوريا .
وسليماني هو قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني المكلف العمليات الخاصة خارج إيران.
ويرى محللون أن إسرائيل تشعر بأنها تحظى بضوء أخضر أمريكي للتحرك بشكل أكثر حزما ضد الوجود الإيراني في سوريا وخصوصا بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي.

سلاح ثقيل

يرى خبراء أن إيران في وضع دقيق حيث إنها تريد إبداء حزم في وجه الولايات المتحدة وإسرائيل لكن في الوقت نفسه هي بحاجة لدعم الأوروبيين للحفاظ على الاتفاق النووي والإبقاء على المكاسب الاقتصادية الضئيلة التي حققتها.
وقال كريم اميل بيطار مدير الأبحاث في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية لوكالة فرانس برس إن إدارة روحاني لديها مصلحة في إنقاذ ما تبقى من الاتفاق عبر إجراء مباحثات مع أوروبا والروس والصين وبالتالي محاولة ضبط التصعيد في سوريا قدر الإمكان وعدم المضي بعيدا في ردها .
وأكدت إيران أنها ستبقى في الاتفاق إذا قدم الأوروبيون وروسيا والصين ضمانات قوية بأن المصالح الاقتصادية الإيرانية ستكون مصانة.
وتحاول روسيا حليفة نظام الرئيس السوري بشار الأسد والمقربة من إيران ومن إسرائيل في الوقت نفسه، لعب دور وساطة لتجنب تصعيد إضافي في المنطقة.
لكن يوسي ميكلبرغ من مركز الأبحاث شاتام هاوس في لندن يرى أن موسكو ليس راضية على أن تحظى إيران بالكثير من السلطة والنفوذ في سوريا. وأضاف أن الضربات الإسرائيلية تمت على الأرجح بموافقة ضمنية من روسيا التي تعتبر أن إيران تشكل خطرا على مصالحها .
وبحسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية فإن ضباط استخبارات إسرائيليين قالوا لوزراء الخميس بأن اندلاع مواجهة جديدة مع إيران في سوريا ليس مرجحاً.
لكن الصحيفة حذرت أيضا في افتتاحيتها من المبالغة في ردود الفعل الإسرائيلية الواثقة لأن طهران يمكن أن تلجأ إلى سلاحها الثقيل، حزب الله، وعندها سيأخذ النزاع بعدا مختلفا تماما .

المصالح الاقتصادية للأوروبيين في إيران

ألمانيا

ألمانيا أكبر مصدِّر أوروبي إلى إيران، إذ نمت المبادلات بينهما بعد 2015 لترتفع إلى 2,57 مليار يورو من السلع في 2016 (بزيادة 22% على سنة)، ثم إلى 2.97 مليار يورو في 2017 (بزيادة 15.5% على سنة). وتصدر برلين بشكل خاص الآلات والأدوية والمنتجات الغذائية. وبلغت مبيعات السلع الإيرانية إلى ألمانيا 314 مليون يورو في 2016 و410 ملايين يورو في 2017.
وجددت شركة سيمنز الموجودة في إيران منذ 1868 حضورها فيها في مارس 2016 من خلال شراكتها مع شركة مابنا الإيرانية في مجال توربينات الغاز ومولدات محطات إنتاج الكهرباء ثم وقعت في يناير 2018 عقدا لتزويد مصنعين لعلاج الغاز الطبيعي 12 جهاز ضغط. ووقعت ديملر في يناير 2016 محاضر اتفاقات مع مجموعتين إيرانيتين لصنع وتسويق شاحنات مرسيدس-بنز.

فرنسا

ارتفعت الصادرات الفرنسية، وفق مصدر دبلوماسي، من 562 مليون يورو في 2015 إلى 1.5 مليار في 2017، لتصل الى مستوى قريب مما كانت عليه قبل العقوبات المشددة على إيران. وارتفعت الواردات بصورة مذهلة لتصل إلى 2,3 مليار يورو، وهو أعلى مستوى منذ 2008، في حين سجلت 66 مليون يورو في 2015.
ومنذ الاتفاق النووي، دخلت شركة توتال في شراكة مع مؤسسة النفط الصينية لاستثمار 5 مليارات دولار في استغلال حقل فارس الجنوبي. ولكن حتى الآن، لم تنفق الشركة أكثر من 100 مليون دولار، وفق مصدر مقرب من الملف.
والعام الماضي، أشارت شركة بيجو-سيتروين (بي اس أ) الفرنسية والتي تملك 30% من السوق الإيرانية إلى اتفاق لتوزيع علامة دي اس في إيران وعن إجراء محادثات لعقد شراكات أخرى. وتبيع رينو كذلك سيارات في إيران.

إيطاليا

نمت الصادرات الإيطالية إلى إيران في 2016 بنحو 30% على فترة سنة لتتجاوز 1,5 مليار يورو، ثم ارتفعت مجددا في 2017 بنسبة 12.5% إلى 1.7 مليار يورو.
وفي يناير، خصصت إيطاليا خط ائتمان من 5 مليارات يورو بهدف دعم الاستثمارات الإيطالية في إيران.
ووقعت شركة السكك الحديد فيروفي ديلو ستاتو ايطاليانا عقداً لبناء خطين للسكك الحديد للقطارات السريعة. ووقعت شركة فينكانتييري لبناء السفن عدة عقود.

المملكة المتحدة

بلغت صادرات المملكة المتحدة إلى إيران 167 مليون جنيه إسترليني (191 مليون يورو) في 2016 بزيادة طفيفة عن 2011. ولكن هذا الرقم يبقى أقل بكثير من صادرات بداية 2000 عندما بلغت 400 مليون جنيه إسترليني. وبلغت واردات المملكة المتحدة 41 مليون جنيه استرليني في 2016.
ولا يتواجد سوى عدد قليل من الشركات البريطانية الكبرى في إيران. إذ ليس هناك أي وجود لمجموعة بريتش بتروليوم التي كانت فيها منذ بداية القرن العشرين في إطار شركة النفط الإنجليزية الفارسية. وبالمثل لا تتواجد فيها شركة رويال داتش شل التي وقعت مع ذلك في 2016 اتفاقات لاستكشاف فرص الاستثمار في حقول الغاز والنفط.

شركة إيرباص

أعلنت شركة صناعة الطيران الأوروبية إيرباص عن عقود مع شركتين إيرانيتين هما إيران ايرتور و طيران زاغروس لبيع مائة طائرة في المجمل في صفقة تقدر قيمتها بنحو عشرة مليارات دولار. ولدى إيرباص مصانع ومقار في فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وإسبانيا.

روسيا والصين

الاتفاق ورفع العقوبات أديا إلى عودة الشركات الأوروبية إلى إيران وإلى منافسة قوية لكن استمرارها يواجه صعوبات اليوم ما يفسح المجال بشكل أكبر أمام روسيا.
وتحسنت العلاقات بين روسيا وإيران مع انتهاء الحرب الباردة عندما وافقت روسيا في منتصف التسعينيات على استئناف عقد بناء محطة بوشهر النووية في جنوب إيران بعد تخلي ألمانيا عنه، بينما كانت إيران تعيش عزلة دولية.
وسعى البلدان حتى قبل توقيع الاتفاق النووي إلى تعزيز الروابط الاقتصادية بينهما رغم العقوبات السارية.
من شأن هذا الوضع أن يعزز من جديد التبادلات الاقتصادية بين إيران وروسيا والتي تشهد تراجعا منذ بضع سنوات رغم الدور الذي يلعبه العملاق الروسي روساتوم في القطاع النووي المدني الإيراني وعملاقا النفط لوك-اويل و روسنفت في استثمار الموارد النفطية لإيران.
الموقف نفسه من جانب الصين التي تمول في إيران مشاريع بعشرات مليارات الدولارات في مجال المحروقات والبنى التحتية والكهرباء. وأكدت بكين أنها تريد الحفاظ على علاقات اقتصادية وتجارية طبيعية .