جدد سعادة الشيخ عبدالله بن سعود آل ثاني محافظ مصرف قطر المركزي تأكيده على ان القطاع المصرفي في قطر لايزال آمنا وسليما ومتينا متوقعا في ذات الاطار ان يحقق القطاع نموا مستداما بدعم من بيئة الاقتصاد الكلي المواتية في مرحلة ما بعد الجائحة، مضيفا في تصريحات نشرتها شركة كي بي ام جي في تقريرها السنوي عن البنوك في دولة قطر ان مصرف قطر المركزي سيحرص في المدى القصير على تحدیث متطلبات بازل ومعايير مجلس الخدمات المالية الاسلامية وهيكلية الحوكمة اما على المدى القصير الى المتوسط فسيتم التركيز على تحسین ھیكلیة السیولة للقطاع المصرفي، في ظل التشدید على الموارد المالیة المستقرة والتخفیف من وطأة المخاطر المرتبطة بالعملات الأجنبیة والأسواق، بالاضافة الى توحید معاییر الامتثال للشریعة الإسلامیة الخاصة بالمصارف الإسلامیة، مضيفا سیركز مصرف قطر المركزي على المدى الطویل، وفي ظل مراعاة ّ تطورات الاقتصاد الكلي المحلیة والعالمیة المتغیرة، على تعزیز البنیة التحتیة للقطاع المالي على النحو المبین في رؤیة قطر الوطنیة 2030 .
كما شدد سعادته على انه بفضل تدابیر الدعم الشاملة وتعميم حملة التلقيح التي تتسم بالكفاءة نجح الاقتصاد القطري في العودة إلى حالته الطبیعیة في جمیع القطاعات، ونوه سعادته الى ان مصرف قطر المركزي سيراقب تطورات العملات الرقمية المشفرة التكنولوجية والتنظمية عن كثب ويتخذ القرارات الملائمة في الوقت المناسب، مضيفا في ذات الاطار ان العملات الرقمية المشفرة تعتبر عموما اصولا مضاربة ولا يمكن استبعاد امكانية استخدامها لاجراء معاملات غير مضمونة ولقد فرضت القيود بسبب المخاطر المحتملة المرتبطة بالعملات الرقمية المشفرة بما انها تفرض تحديات كبيرة امام استقرار النظام المالي ونزاهته.
واوضح سعادته ان جائحة فيروس كورونا المستجد والمعروف اختصارا بفيروس كوفيد 19، استدعت التطبیق السریع للحلول التكنولوجیة في العملیات التشغیلیة وخدمات الأعمال، حيث باتت التكنولوجیا المالیة من العوامل الممكنة للقطاع المالي التي تضطلع بدور أكبر في ھذا المجال كما قال ان المصارف المركزیة واجهت تحدیات في ظل سعیھا إلى تحدیث إطار إدارة المخاطر من أجل التصدّي للمخاطر المحتملة التي قد تنشأ عن مواءمة التكنولوجیا مع القطاع المالي، وأصبح التخفیف من المخاطر التشغیلیة لضمان استمراریة العمل من بین المسائل البالغة الاهمية.
واضاف سعادته في ذات الاطار ان جائحة فیروس كورونا المستجد ادت إلى تسریع وتیرة التحول الى المدفوعات الرقمیة وإلى ازدیاد المناقشات حول تطویر العملات الرقمیة للمصرف المركزي. وشمل ذلك تعزیز الشمولیة المالیة وتولید الفرص عبر إزالة الحواجز التي تحول دون الوصول إلى الخدمات المالیة، وتخفیض التكالیف التي یتكبدھا العملاء، وتحسین التجارة للحدود والتكامل. لكن لا بد من دراسة التحدیات التي تواجھھا نظم المدفوعات العامة، والسیاسة النقدیة، والاستقرار المالي بشكل مفصل ويجب تقييم نسبة المخاطر الى الفرص.
وشدد سعادته على انه بالنسبة إلى دولة قطر، فإن حوالى تسعین في المائة من الأموال التي یجري تداولھا في النظام ھي اساسا ذات طابع رقمي على شكل ودائع في المصارف التجارية ومن المتوقع ان تتراجع نسبة العملات النقدية التي يجري تداولها في السوق بالتزامن مع اعتماد المزيد من مبادرات الرقمنة الوطنية وبالتالي لا يتوقع مصرف قطر المركزي بروز اي متطلبات فورية تعنى بالعملة الرقمیة التي یصدرھا المصرف المركزي لتسویة مدفوعات التجزئة في قطر، ولكن مصرف قطر المركزي یراقب التطورات المرتبطة بالعملات الرقمیة التي تصدرھا المصارف المركزیة في العالم، وسیتخذ قرار السیاسة الملائم استنادا إلى المعلومات التي سیتم الحصول علیھا.
واعلن سعادته انفتاح المركزي على اية مبادرات في مجال الخدمات المالية التكنولوجية، وتابع قائلا ان مصرف قطر المركزي منفتح لاي ابتكار في القطاع المالي بما يشمل المصارف التي تقدّم خدمات رقمیة فقط. والمصرف ملتزم في الوقت نفسه بالتصدي لاي تحد قد تواجهه المصارف القائمة ومقدمو الخدمات المالية الاخرون نتیجة لبروز ھذا النوع حرصا على تكافؤ الفرص بین ھاتین الفئتین. لذلك، سیتبع مصرف قطر المركزي نهجا اكثر تدرجا لتعزيز الخدمات المصرفية الرقمية في الدولة التي تشمل المصارف الحالية والوافدين الجدد على حد السواء. .
وتطرق سعادته الى الاجراءات والمبادارات التي تم اتخاذها خلال الفترة الماضية لدعم الاقتصاد الوطني، حيث قال ان مصرف قطر المركزي قام بتطبیق مجموعة من التدابیر التنظیمیة النقدیة والمالیة منذ تفشي جائحة فیروس كورونا المستجد لدعم القطاعات المتضررة وتم اعتماد التدابير في مارس 2020 وجرى تمديها استجابة للتطورات الحاصلة وكانت التدابير الشاملة تمثلت في تقديم محفزات مالية واقتصادية في جميع القطاعات ضرورية خلال الجائحة ويتوقف استمرار هذه التدابير على الظروف المتغيرة وتوجيهات الدولة العامة.
وقال سعادة محافظ مصرف قطر المركزي ان الحكومة ومصرف قطر المركزي اتخذوا خطوات استباقیة لاحتواء أثر جائحة فیروس كورونا المستجد، في ظل التركیز على دعم المؤسسات الصغیرة والمتوسطة. ویشمل أحد الأقسام المحدّدة لھذه التدابیر ضخ رؤوس الأموال في القطاعات الهامة من الناحية النظامية وذلك وصولا الى الغاء الاثر القصير الامد على السوق المالي، ومن المھم أن یحظى القطاع المصرفي بالمساحة الكافیة لأداء دوره الوسیط، بالتزامن مع معالجة المخاطر المتكشفة، مضيفا یسجل القطاع مستویات مرتفعة من احتیاطي رأس المال، في حین تبلغ فیه معدلات التأخر في سداد القروض مستویات متدنیة. وفي الوقت نفسه تحسنت مستويات السيولة اذا تمكنت المصارف من الحصول على التمویل من مصادر خارجیة ومحلیة على السواء.
واضاف سعادته ان التوقعات الأخیرة الصادرة عن صندوق النقد الدولي تشير إلى تعاف اقتصادي تدریجي خلال العام 2021، على الرغم من أن التعافي يبدو متفاوتا نظرا لمساهمة الجهود المتظافرة بشان التلقيح وغيرها من التدابیر الداعمة في تیسیر انتعاش الاقتصاد القطري وعودته إلى حالته الطبیعیة ونظرا كذلك الى متانة النظام المصرفي ستجعل التدابیر الداعمة التي اتخذھا مصرف قطر المركزي القطاع مرنا بشكل كاف للصمود في وجه الضغوط الناجمة عن الجائحة، مشيرا الى مجموعة من العبر التي يتم استخلاصها من ازمة فيروس كورونا وعلى رأسها ضرورة مواصلة الاستثمار في البنیة التحتیة للصحة العامة حفاظا على الاقتصاديات وحماية رأس المال البشري من هذا النوع من المخاطر الصحية في المستقبل.
وبشأن الاندماجات المصرفية في دولة قطر قال سعادته ان عملیات الاندماج الأخیرة التي شھدتھا بعض المصارف في القطاع المصرفي القطري بدأت بشكل رئیسي كاستراتیجیات أعمال للمصارف المشاركة لحصد المنافع المتأتیة من تعزیز الكفاءة وتنویع المراكز المالیة، وعليه قامت المصارف بتقديم العروض ومنح مصرف قطر المركزي الموافقة اللازمة بعد اجراء دراسة العناية الواجبة القانونية والمالية وينظر المركزي باعتباره الهيئة التنظيمية في جدوى العروض واثرها على الاستقرار الشامل للقطاع المصرفي وتتوقف امكانية تنفيذ المزيد من عمليات التوحيد بين المصارف بالكامل عل استراتيجية الاعمال لكل مصرف والسعي الى تعزيز الكفاءة.
وعن البيئة والاقتصاد الاخضر، قال سعادة محافظ مصرف قطر المركزي ان المسائل المرتبطة بالحوكمة البیئیة والاجتماعیة والمؤسسیة تحظى بمكانة راسخة في القطاع المصرفي على نحو متزاید، كما أدّت الجائحة إلى تسارع الحاجة إلى إعادة بناء العالم الذي یركز الاستثمارات المستدامة والمراعیة للبیئة. ویتعین على القطاع المصرفي الاضطلاع بدور أكبر على الرغم من أنه لا یزال في مراحل التطورات ّ لكن سبق أن تم إطلاق بعض المبادرات في ھذا الاتجاه مثل السندات الخضراء، والقروض الخضراء، وتوحید عملیات الإفصاح وكافة بالحوكمة البیئیة والاجتماعیة والمؤسسیة، وغیر ذلك وتابع قائلا مصرف قطر المركزي قد أشار في خطته الاستراتیجیة الثانیة لتنظیم القطاع المالي إلى الحاجة إلى تعزیز الاستثمارات المستدامة والتمویل الأخضر وسبق لبعض المصارف القطریة أن تبنت مبادرات خضراء على مستوى ممارسات أعمالھا حیث تقوم بإصدار سندات خضراء، ومنح قروض ورھون عقاریة خضراء، وبطاقات ائتمانیة خضراء وتشكل ھذه المبادرات نقاط انطلاق نحو وضع إطار عمل أكثر تركیزا واستدامة.