شهدت الأشهر القليلة الماضية، ارتفاعا في عدد شركات الاستثمار والوساطة الاستثمارية التي تقوم بالترويج لأعمالها وأنشطتها عبر منصات التواصل الاجتماعي المتعددة، بالإضافة إلى استخدام الرسائل النصية القصيرة التي تصل إلى الهواتف الجوالة للأفراد تدعوهم إلى توظيف أموالهم واستثمارها في العديد من القطاعات على غرار سوق الأسهم إلى جانب سوق السندات، وأسواق الذهب والمعادن بالإضافة إلى سوق السلع الأساسية والطاقية، بالإضافة إلى دعوتهم إلى الاستثمار في العملات الرقمية والإلكترونية على غرار عملة البيتكوين والتي سجلت زخما كبيرا خلال الأسابيع القليلة الماضية بعد أن سجلت مستويات سعرية قياسية أدارت لها الأنظار بشكل كبير.
إلى ذلك، فإن تلك الشركات الاستثمارية لا تكتفي بالقيام بعمليات ترويج لمنتجاتها الاستثمارية، بل تعد جمهور العملاء ممن تصلهم الدعوات بالثروة وبتعظيم الأرباح في زمن قياسي دون تقديم التفاصيل الكافية عن الشركة، أو عن عناوين الاتصال مع خدمة العملاء، حيث تقتصر الدعوة على رابط إلكتروني يحول المتلقي لتلك الرسالة نحو مواقع إلكترونية مجهولة الهوية والعنوان، وحتى تغيب عنها أرقام التواصل سواء من حيث أرقام الهواتف الجوالة، أو حتى عنوان المقر الرئيسي للشركة أو حتى الفروع التابعة لتلك الشركات، هو ما قد يجعل تلك الشركات تتحول من شركات استثمارية إلى وجهات مجهولة الهوية قد تكون تنتهج عمليات تحايل على الأفراد من خلال إيهامهم بأرباح خيالة، بينما هم وقعوا في فخ شبكات تحايل وعصابات نهب الأموال، خاصة ممن تنقصهم الخبرة أو تقودهم الرغبة في المغامرة والكسب السريع والخيالي في زمن قياسي وحتى قد يكون غير واقعي، بل إن البعض منهم قد يجد نفسه متورطا في جرائم غسل أموال وتمويل الإرهاب وعصابات إجرامية دولية دون أن يدري أو يعرف بما وقع فيه.
إلى ذلك، فإن الخبراء والمختصين والمحللين الماليين يحذرون بشكل كبير من مخاطر تلك الشركات الاستثمارية الوهمية التي قد تكون ستارة لشبكات قراصنة إنترنت أو عصابات إجرامية تنشط بشكل كبير عبر تلك الشركات، والتي بدأت تنشط خلال العام الماضي بشكل كبير وملحوظ، بسبب التحولات الكبيرة التي شهدها العالم نتيجة تفشي جائحة فيروس كورونا كوفيد 19 ، سواء على المستوى الجيواقتصادي، وبالأخص بعد التحولات الجذرية على المستوى التكنولوجي، والتحول السريع من قبل كافة الشركات العالمية والبنوك والمؤسسات المالية والاستثمارية، على استخدام التكنولوجيا الحديثة لتنفيذ كافة المعاملات النقدية والمالية بالإضافة إلى المعاملات الاستثمارية والتواصل مع العملاء في كافة أنحاء العالم، من أجل متابعة استثماراتهم وتدفقاتهم النقدية على الصعيد المحلي وحتى على الصعيد العالمي بشكل عام، حيث تكون تلك المعاملات خاضعة لرقابة وإشراف المؤسسات المالية والنقدية في كافة دول العالم على غرار وزارات المالية والبنوك والمصارف المركزية وهي الجهات التي تقوم بالرقابة والتفتيش على مدى تلبية تلك الشركات للمتطلبات والضوابط الرقابية والإشرافية.
ودعا الخبراء والمختصون الماليون إلى ضرورة أن يقوم الأفراد والمستثمرون ممن تصلهم تلك الدعوات إلى ضرورة التحري عن مصدر تلك الرسائل والتأكد من مدى مصداقية الشركات قبل الدخول معهم في استثمارات مالية في مختلف المجالات سواء كانت في المجالات المالية أو العقارية أو حتى غيرها من القطاعات التي تكون جاذبة نحو تلك الاستثمارات، مشددين على أهمية عدم مشاركة أي مستثمر لتفاصيل عن بياناته سواء من حيث الرقم الوطني أو أرقام الحسابات المصرفية الخاصة بهم، وغيرها من التفاصيل التي قد تستغلها تلك الشركات بصفة غير قانونية قد تضر بهم وبمصالحهم واستثماراتهم المالية مما يؤثر على مراكزهم المالية وعلى حركة أموالهم.
يجمع الخبراء والمختصون ممن تحدثوا لـ لوسيل على أن هناك العديد من الطرق الأساسية التي لا بد من التركيز عليها لتجنب المحتالين في الشركات الاستثمارية وغيرها من الشركات التي تروج إلى تعاملات وهمية، غير أنهم لخصوا تلك الطرق المختلفة، في ثلاث نقاط أساسية ورئيسية، أولها المحافظة على سلامة البيانات المالية والشخصية، مع عدم السعي وراء الوعود الفارغة، مشددين على أنه ليس كل ما يلمع ذهبا، أما النقطة الثانية فهي ضرورة أن يتوخى المستثمر الحذر الشديد بشكل خاص من البرامج التي تدّعي أنها عثرت على الصيغة السرية للنجاح، أما النقطة الثالثة هي ضرورة عدم القيام بتثبيت أي برامج حتى يكون الشخص متأكد تماماً من أنها لن تلحق الضرر بجهاز الكمبيوتر أو قرصنته، وعدم الدخول إلى مواقع إلكترونية محظورة أو مشبوهة أو لا تتضمن معلومات كافية وموسعة حول تلك الشركات الاستثمارية، بما فيها الشركات التي تتعلق بالعمليات الاستثمارية في الأسهم وفي العملات وأسواق الفوركس المختلفة وبالأخص التي تكون عبر شبكة الإنترنت وفي أسواق مالية غير معلنة بشكل واضح وجلي وتعد العملاء والراغبين في الاستثمار بأموال وعوائد مالية ضخمة ولا تقدر بقيمة حقيقية تستند إلى الواقعية وإلى تحركات الأسواق، وحتى إلى قيمة العائد مقارنة بقيمة الاستثمار الذي تم تقديمه عند بداية توقيع العقود عبر شبكات الإنترنت، ومن بين الخطوات التي لابد من مراعاتها من قبل المستثمر عند دخوله في تواصل مع أي شركة استثمارية أو أي وسيط أو شركة فوركس هي البحث عن اسمها التجاري، بمعنى البحث عن مراجعات وآراء العملاء على المواقع الإلكتروني أو استجلاء تجارب بعض العملاء والمستثمرين، إذا لم يكن هناك شيء أو كانت مزيفة، يجب على العميل الابتعاد عن مزود الخدمات هذا بالإضافة إلى ذلك، يمكنك استعراض حالات الاحتيال المنشورة على المواقع الإلكترونية وبعض المنتديات الموثوقة وخاصة إذا كان وسيط الفوركس مذكوراً أو كان موثوقًا به كما هو مطلوب، إلى جانب التأكد أيضًا من معرفة ما إذا كانت هناك أي إجراءات قانونية معلقة ضد الوسيط.
إلى ذلك، لابد من التأكد من مقارنة اللوائح التنظيمية للهيئة المرخصة بالشروط الواردة على موقع الجهات التي تقدم خدمات للاستثمار، من أجل العثور على أوجه التضارب والشذوذ في شروطها، وإذا كان لا توجد ثقة كبيرة عند تلك المقارنات أو إذا لم يكن لدى المستثمر الوقت الكافي أو الآليات اللازمة للتحري، فإنه مطالب بطلب مشورة مستشار مالي مرخص له من الجهات الرسمية والرقابية في الدولة بالإضافة إلى ذلك، يجب طلب إثبات تسجيل الأعمال قبل التداول مع أي شركة استثمار، مع التأكد من قراءة كل الأحكام والشروط المكتوبة عند فتح حساب، خاصة أنه أحيانا يستخدم المحتالون حوافز الحساب ضد المتداول، عندما يتعلق الأمر بسحب الأموال.
نشطت هذه الشركات والمواقع الإلكترونية التابعة لها خلال الفترة الماضية على الترويج لاستثمارات خيالية وعوائد مضمونة دون مخاطر، بل إنهم يقولون إن تلك الاستثمارات دون مخاطر استثمارية محتملة، بل إنها مخاطر صفرية، وفقا لتلك الشركات والمواقع الإلكترونية، التي تلعب على الجانب النفسي وهو الترغيب بتحقيق عوائد ضخمة، حتى أن بعض المواقع والشركات عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو حتى الاتصال بالعملاء لأرباح تراوح قد تصل إلى نسبة 100% من تداول العملات والسلع وغيرها من الاستثمارات، فيما يذهب البعض إلى الترويج لإمكانية مضاعفة المبالغ المستثمرة، عند تجديد الاستثمار والمحافظة على مستويات ربحية أعلى وأكبر من المستويات التي قد يجنيها المستثمر من استثمارات أخرى.
ترصد الوكالات العالمية الاستثمارية المتخصصة العديد من الشركات الاستثمارية الوهمية والمواقع الإلكترونية التي تقوم بنصب الفخ للمستثمرين وتستقطبهم من خلال تلك الرسائل التي تعد بعوائد استثمارية عالية ومضاعفة مرتين وحتى أكثر مقارنة بحجم وقيمة الأصل الاستثماري المطروح الذي يتم تقديمه في المرحلة الأولى، ووفقا لتلك الوكالات والتقارير فإن عدد المواقع الإلكترونية والشركات يعد بالآلاف وزاد عددها خلال الفترة الأخيرة، غير أن ذات الوكالات تشير إلى أن أبرز الشركات والمواقع الوهمية الأخطر يصل عددها إلى نحو 500. كما تحذر ذات الوكالات من التعاطي مع أي مواقع أو شركات وهمية أو هويتها غير واضحة ولا تحمل سجلات تجارية أو أرقام معرفات ضريبية ومقرات رسمية وقنوات اتصال مباشرة، وبالأخص على المستثمرين معرفة أن أي إعلان يروج لأرباح خيالية تصل إلى أضعاف المبلغ المستثمر أو حتى إلى نسب تصل إلى مستويات قياسية وحتى أقل من ذلك، قد ينطوي على تحايل وتضليل، فالأرباح المنطقية التي تروج لها بنوك أو مؤسسات مالية لا تتجاوز 10% في أقصى الحالات، وعليه لا يمكن أن تكون هناك استثمارات مضمونة بأرباح تتجاوز هذه النسبة بشكل مضاعف وضخم لا يستند إلى الأسس الاستثمارية والمالية المتعامل بها من قبل البنوك والمؤسسات الاستثمارية.