رجحت مجموعة بنك قطر الوطني /كيو ان بي/، أن يشهد الاقتصاد العالمي تحولا كبيرا في 2017 مع انتقاله من أكثر السياسات النقدية تيسيرا إلى سياسة التحفيز المالي وترسخ التعافي في أسعار النفط.
وقال التحليل الاقتصادي الأسبوعي للمجموعة الصادر اليوم، إن من شأن ذلك أن يؤدي إلى ما يشبه تحولا في الاقتصاد العالمي، بدءا من الاقتصادات المتقدمة مع ارتفاع النمو والتضخم، وهو ما قد يجعل العام 2017 بمثابة محطة التغيير في الاقتصاد العالمي.
وأضاف أنه خلال عام 2016 ساد وضع اتسم بانخفاضات متعددة في أسعار النفط وعائدات السندات العالمية بالإضافة إلى المفاجآت السياسية، متوقعا أن يتغير كثير من هذه المظاهر في عام 2017، حيث تشكلت خمسة محاور رئيسية.
وأشار إلى أن هذه المحاور توفر في معظمها قوة دافعة إيجابية للنمو في الاقتصادات المتقدمة، ولكنها قد تكون عوامل إعاقة للنمو في الأسواق الناشئة، إذ توقع التحليل في المحور الأول حصول تحول في التركيز من السياسة النقدية إلى السياسة المالية في الاقتصادات المتقدمة.
كما توقع في الثاني، حصول سياسة مالية توسعية في الولايات المتحدة لدفع بنك الاحتياطي الفيدرالي لتشديد السياسة النقدية بوتيرة أسرع، وهو ما من شأنه زيادة العائدات الأمريكية. أما في الثالث فتوقع أن يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة إلى زيادة مخاطر هروب رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة.
وفي المحور الرابع توقع التحليل حدوث انتعاش في أسعار النفط العالمية مع قيام الأسواق بعملية إعادة توازن في توافق مع خفض الإنتاج من قبل منظمة الأوبك ومع النمو القوي في الطلب، وتوقع في الخامس، تفاقم المخاطر السياسية مع ارتفاع موجة الشعوبية وإجراء انتخابات مهمة في أوروبا.
ولفت في تناوله للتحفيز المالي المتوقع في الاقتصادات المتقدمة في عام 2017، إلى وعود الرئيس المنتخب دونالد ترامب في الولايات المتحدة، بخفض الضرائب وزيادة الإنفاق على البنية التحتية والدفاع، معتبرا أنه في مناطق أخرى، وصلت السياسة النقدية حدودها القصوى مع انخفاض أسعار الفائدة لأدنى مستوى يمكن أن تذهب إليه وفقدان برامج التيسير الكمي لفعاليتها.
وأوضح أن سنوات من التقشف المالي وانخفاض أسعار الفائدة ساعدت على خلق حيز مالي يتسم بالمرونة، ويخطط الآن عدد من الاقتصادات الكبرى لإدخال حوافز مالية للعام 2017. وأضاف أنه في أوروبا، تشير مشاريع الموازنات المقدمة إلى الاتحاد الأوروبي إلى ارتفاع في بنود التحفيز والإنفاق في سنة الانتخابات، كما أعلنت كل من اليابان والمملكة المتحدة زيادة في الإنفاق على البنية التحتية ومن شأن الحوافز المالية أن تساعد الاقتصادات المتقدمة على زيادة النمو إلى 1.7 في المائة في عام 2017 من 1.6 في عام 2016.
وتوقع تحليل /كيو ان بي/ أن تؤدي التحفيزات المالية في الولايات المتحدة، إلى زيادة النمو والتضخم، مما يعني تسريع وتيرة رفع أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، وفي هذا السياق أشار إلى ارتفاع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات بنحو 50 نقطة مئوية منذ انتخاب ترامب بسبب توقع حوافز مالية كبيرة.
وقال إنه في حال تم تنفيذ وعود ترامب بشأن التخفيضات الضريبية والإنفاق على البنية التحتية، من المرجح أن تستمر أسعار الفائدة في الولايات المتحدة في الارتفاع، وأن يشجع ارتفاع معدلات الفائدة في الولايات المتحدة هروب رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة.
وبين أن الأسواق الناشئة شهدت بعد انتخاب ترامب، أسوأ شهر من حيث هروب رؤوس الأموال إلى الخارج في عام 2016 حيث بلغ صافي التدفقات الخارجة للمحافظ نحو 24 مليار دولار في شهر نوفمبر الماضي، حيث وعد ترامب خلال حملته الانتخابية، بعدد من السياسات الحمائية التي ستؤثر، في حال تنفيذها، سلبا على الأسواق الناشئة، ونتيجة لذلك يمكن أن يكون عام 2017 عاما صعبا للأسواق الناشئة مع توقعات بتباطؤ النمو من نسبة 4.2 في المائة المسجلة في عام 2016 إلى 4.0 في المائة.
وفي موضوع تعافي أسعار النفط العالمية، توقع أن تبلغ تلك الأسعار في المتوسط ما بين 55 و60 دولارا للبرميل في العام المقبل، اعتمادا على مدى تنفيذ اتفاق أوبك الأخير. وقد التزمت أطراف الاتفاق بخفض الانتاج بـ 1.2 مليون برميل يوميا من داخل أوبك و0.6 مليون برميل من خارجها.
وأضاف أن من المفترض أن تستفيد الأسواق الناشئة من ارتفاع أسعار النفط بينما سيشكل ذلك عبئا على النمو في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو بوصفهما مستوردين رئيسيين للنفط، مستبعدا أن يشكل ارتفاع أسعار النفط تأثيرا يضاهي الأثر الإيجابي لدوافع النمو الأقوى المذكورة أعلاه.
ونبه إلى أن التطورات السياسية خلال عام 2017 ستكون محط الاهتمام في ظل تزايد الشعوبية في 2016 حيث لوحظ ارتفاع الأصوات المناصرة للتوجهات القومية ومناهضة الهجرة والعولمة الذي تم التعبير عنه من خلال خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي وانتخاب دونالد ترامب في الولايات المتحدة والتصويت برفض التعديلات الدستورية في إيطاليا.
وفي 2017، ستكون المفاوضات المستمرة لخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي والانتخابات في كل من فرنسا وألمانيا وهولاندا واحتمال إيطاليا أيضا بمثابة مخاطر تهدد النمو، فمن شأن فوز المرشحين الشعوبيين زيادة الانعزالية والحمائية بشكل يدعو للشك حول استمرار وجود الاتحاد الاوروبي ومنطقة اليورو نفسها، وهو ما من شأنه زيادة حالة عدم اليقين والتقلبات في الأسواق المالية والتأثير بشكل سلبي على النمو.