وزير المالية: 25 % من الخدمات المصرفية إسلامية
احتضنت الدوحة أمس فعاليات مؤتمر الدوحة الرابع للمال الإسلامي تحت رعاية وحضور معالي رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، وبحضور سعادة السيد علي شريف العمادي وزير المالية وسعادة الشيخ عبدالله بن سعود آل ثاني محافظ مصرف قطر المركزي، وذلك تحت عنوان المستجدات المالية المعاصرة والبناء المعرفي بتنظيم من شركة بيت المشورة للاستشارات المالية بالتعاون مع مركز قطر للمال وبنك بروة كراعٍ ماسي وبالتعاون مع جامعة حمد بن خليفة وكلية الإدارة والاقتصاد بجامعة قطر.
وقال السيد علي شريف العمادي وزير المالية: إن الخدمات المصرفية الإسلامية في قطر تشكل 25٪ من القطاع المصرفي، مشددا على أن البنوك الإسلامية القطرية ثالث أكبر المساهمين في حجم النمو العالمي في الخدمات المصرفية الإسلامية، مؤكدا على أهمية المحافظة على هذا النمو وتعزيزه من خلال العمل على تطوير مبادرات للتمويل الإسلامي، وإقامة شراكات دولية، وتبادل علمي وتقني وتعاون مشترك، واستكمال الخدمات والخبرات المالية.
وشدد وزير المالية على أن قطر أثبتت قدرتها على الاستمرارية في هذا المجال وتنفيذ جميع التزاماتها مع الدول الأخرى، داعيا إلى العمل الجماعي من أجل مواجهة المخاطر المالية وزيادة كفاءة الخدمات المالية الإسلامية بما يضمن النمو والتوسع في المعاملات المالية المتوافقة مع الشريعة ويساهم في بناء اقتصاد متنوع قائم على المعرفة.
وأشار إلى التحديات التي فرضها التطور وخاصة النمو السريع للمعاملات المالية الإلكترونية، سواء المعاملات المصرفية أو الاستثمارات في أسواق المال أو الانتشار السريع للعملات الإلكترونية وهو ما يطرح تحديات متنامية أمام المعاملات المالية الإسلامية، مما يتطلب مزيدا من التعاون والتنسيق والمناقشة للتوصل إلى حلول مناسبة لتلك التحديات، وتابع قائلا: ومن أهم هذه التحديات مواصلة الابتكار والتنمية في طرح منتجات مصرفية إسلامية جديدة للعملاء والمستثمرين.
ومع ابتكار منتجات جديدة يجب علينا أيضا تطوير أطر عمل واضحة تساعد على تحديد المنتج الجديد بوضوح، وتحديد أحكامه، وكيفية حساب الربح، ومخطط سير المنتج، ونوع المنتج، سواء كان استثماريا أو تمويليا، والعلاقة بين المقترض والمقرض.
ومن شأن زيادة هذه الشفافية أن تساعد علماء الشريعة في تحديد الهيكل الصحيح للمنتجات المالية الإسلامية وطريقة عملها، وأن تمكن المصارف من جعل هذه المنتجات أكثر جاذبية للعملاء والمستثمرين . وأكد أن التمويل الإسلامي حقق معدلات نمو قوية في جميع أنحاء العالم، حيث اتجهت الكثير من الدول إلى التمويل الإسلامي لتنويع خدماتها المالية، وتعزيز علاقات العمل مع شركائها المهمين لزيادة تدفق رؤوس الأموال، بالإضافة إلى تقليل المخاطر من خلال التوسع في النظم المصرفية الأقل تقلبا، مضيفا: نمت أصول المصارف الإسلامية من 200 مليار دولار في عام 2003 إلى 1.9 تريليون دولار في عام 2016.
واستنادا إلى أحدث التقديرات، يشكل التمويل الإسلامي 50% من الخدمات المصرفية في دول مجلس التعاون . واعتبر أن المؤتمر يأتي في ظل توقعات بأن تحقق الصيرفة الإسلامية معدلات نمو كبيرة إضافة إلى تزامنه مع تطورات هامة سواء في النظام المالي العالمي أو توقعات النمو الاقتصادي العالمي، وهو ما يتطلب تعزيز روح المبادرة والابتكار في مجال التمويل الإسلامي لمساعدة مئات الملايين من العملاء في الحصول على خدمات مصرفية بجودة عالية وتكلفة مناسبة وتكون متوافقة مع الشريعة.
ونوه سعادته إلى وجود عدد متزايد من الكفاءات في مجال التمويل الإسلامي وهو ما يوفر قاعدة قوية لتحقيق مزيد من التطور والنمو في الصيرفة الإسلامية وخدمات التكافل وإعادة التكافل، مشيرا إلى تميز دولة قطر في تدريس التمويل الإسلامي من خلال برنامج الماجستير في التمويل الإسلامي في جامعة حمد بن خليفة بقطر.
الصناعة المالية الإسلامية
قال سعادة الشيخ محمد بن حمد بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس إدارة مجموعة بنك بروة والعضو المنتدب: إن الصناعة المالية الإسلامية حظيت باهتمام كبير من المختصين والباحثين والمؤسسات العلمية الداعمة من أجل تطوير أدواتها لمواكبة النمو الاقتصادي السريع وإيجاد الحلول والفرص المتاحة لتلبية الحاجة الاقتصادية وفق الطرق والأساليب المعاصرة.
وقد حققت الصيرفة الإسلامية نمواً لافتاً في السنوات الأخيرة فتدفقت مبالغ كبيرة في شرايين هذه الصناعة التي فتحت باب السباق مع البنوك التقليدية لاقتناص أكبر حصة من حجم الأموال الباحثة عن الاستثمار في المنطقة.
وشدد رئيس مجلس إدارة مجموعة بنك بروة والعضو المنتدب على أن مجموعة بنك بروة تضع الأهداف في مقدمة أولوياتها انسجاما مع هويتها المصرفية الإسلامية وأعمالها المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، وتابع قائلا: نقف واثقين بما تحظى به دولة قطر من نظام مصرفي ومالي متمكّن يُشهد له، إذ تؤدي المؤسسات المصرفية فيه دورًا حيويًا في دعم التنمية الاقتصادية من خلال الخدمات المالية المقدمة لتنفيذ المشاريع الرئيسية في الدول، مستندة في هذا الأداء المصرفي الإيجابي على الدور الإستراتيجي لمصرف قطر المركزي والتي تتولى وضع وتنفيذ السياسة النقدية الحكيمة للدولة.
وفيما تتضافر الجهود المصرفية تزداد عزيمة كافة المصرفيين حيال تنفيد هدف واحد هو من دون شك مع رؤية قطر الوطنية 2030 وركيزتها للتنمية الاقتصادية التي يوليها سيدي صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى كل أولوية، داعياً الجميع لتحمل المسؤوليات والاستثمار في الطاقات المحلية، سعيا لترجمتها على أرض الواقع ، مشددا على أن ما يقوم به بنك بروة إلى جانب بنوك إسلامية زميلة يسعى للاستثمار يوميا في ثقة العملاء بالصيرفة الإسلامية وتلبية الحاجة المتنامية لمنتجات مميزة تتحلى بالشفافية والابتكار، مؤكدا التزام مجموعة بنك بروة بالمضي قدما في رسالتها المصرفية، مستندين على دعم مصرف قطر المركزي لمبادرات المجموعة من جهة ومتكئين على التزام وجهود الكادر البشري من المصرفيين المتخصصين من كافة الأقسام.

دعم التمويل الإسلامي
قال يوسف محمد الجيدة، الرئيس التنفيذي لهيئة مركز قطر للمال: إن دعم المؤتمر يؤكد دعم المركز لقطاع الصيرفة الإسلامية الذي نعتبره جزءا لا يتجزأ من نسيج القطاع المالي المحلي ورفداً من روافده.
مشددا على أن المؤتمر سيخرج بمشاريع ومبادرات تسهم في تطوير الاقتصاد الإسلامي بشكل عام والوقوف على أبرز التحديات المعاصرة ووضع الحلول الناجحة والابتكارات النافعة عبر الخبراء والعلماء المدعوين.
من جهته، أوضح الدكتور أسامة بن قيس الدريعي العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة بيت المشورة أن هذا المؤتمر يأتي ضمن سلسلة المؤتمرات المتتابعة التي تنظمها الدوحة حول المال الإسلامي، حيث يبحث المؤتمر الرابع قضايا الاقتصاد والمال الإسلامي ومستجداته لتتواكب مع النمو المتزايد للصناعة المالية الإسلامية، بهدف الوصول إلى مخرجات تدعم مسيرة الصناعة المالية، موضحا أن ما تشهده الساحة من متغيرات وتحديات اقتصادية يثبت كفاءة أدوات التمويل الإسلامي وفاعليتها لاحتواء الصدمات المالية والتكيف مع المستجدات، والسبب في ذلك يرجع لطبيعة تلك الأدوات المعتمدة على أصول الشريعة الإسلامية التي تحصنها من التعرض للمخاطر وتعتمد العدل في توزيع المخاطر المحتملة بين الأطراف المتعاقدة، بالإضافة لما تتميز به من مرونة تستوعب كافة المستجدات وفق الضوابط الشرعية.
107 مليارات دولار
كشف الدكتور هيثم السلامة كبير المستشارين الاقتصاديين بمركز قطر للمال ومستشار وزير المالية، أن قطر تعد خامس أكبر سوق للتمويل الإسلامي من حيث الحجم، وهو ما مكنها من أن تحتل اليوم المركز الثامن عالمياً في قائمة الاقتصادات العالمية الأكثر تطوراً في مجال التمويل الإسلامي لذلك العام، حيث نمت أصول التمويل الإسلامي بمعدل نمو مركب بلغ 11% خلال الفترة ما بين 2012 - 2016، وذلك بأصول إجمالية بلغت 107 مليارات دولار أمريكي، متأثرة بشكل أساسي بقطاعها المصرفي التقليدي القوي الذي تطور بشكل أسرع في نفس الفترة الزمنية بمعدل نمو مركب بلغ 13% ليصل إجمالي أصوله إلى 89 مليار دولار، مؤكدا على أن قطر قادرة على تطوير قطاع التمويل الإسلامي من خلال بناء مركز للتميز، وتعزيز التنسيق في مجال الحوكمة الشرعية، والاستفادة بشكل أكبر من الصكوك، ومواكبة النمو الذي يشهده القطاع المصرفي التقليدي، والذي يمكن توجيهه إلى مجال الصكوك وإدارة الأصول والتمويل غير المصرفي المطابق لمبادئ الشريعة الإسلامية.
ونوه إلى أن مركز قطر للمال، يولي أهمية لقطاع الصيرفة الإسلامية كجزء لا يتجزأ من الاقتصاد المحلي، معلنا عن إطلاق تقرير التمويل الإسلامي القطري 2018، بالتعاون مع مؤسسة تومسون رويترز والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بهدف تعزيز أسس هذا القطاع الحيوي والمهم ودعمه.
وأشار في كلمته إلى أن الأصول الإسلامية في العالم شهدت نموا، حيث قفزت من نحو 200 مليار دولار في عام 2003 إلى 2.2 تريليون دولار بنهاية عام 2016، ومن المتوقع أن يستمر النمو ليصل إلى حوالي 3.7 تريليون دولار بحلول عام 2022، بمعدل نمو مركب بلغ 9.4% نتيجة لارتفاع طلب المستثمرين التقليديين على الصيرفة الإسلامية، بالإضافة إلى زيادة وتسهيل وصول المجتمعات الإسلامية إلى المنتجات المصرفية الإسلامية وبمعدل ربح متيسر.
توصيات المؤتمر
تم خلال الجلسة الختامية للمؤتمر تلاوة التوصيات الصادرة عن المجتمعين، والتي تضمنت ضرورة التحفظ على التعاملات بالعملة الإلكترونية، وعدم التعامل بها ورفضها إلى حين اتضاح الصورة على المستوى العالمي إما من خلال وضع الأطر والضوابط الترتيبية والاقتصادية المنظمة لتداولها واعتمادها قانونيا أو رفضها عالميا نظرا للمخاطر التي تتحوز عليها كمية المضاربات التي تتم من خلالها. وتم التأكيد على ضرورة توظيف الهندسة المالية في مجال التمويل الإسلامي من خلال وضع أدوات جديدة تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وخاصة تنسيق الجهود بين الجهود الشرعية والتشريعية من أجل وضع أطر ترتيبية للعقود تكون متوافقة مع الشريعة. وتمت دعوة المؤسسات إلى تحمل مسؤوليتها تجاه الأوقاف وتمت الدعوة إلى تشكيل لجنة تتكون من التربويين وعلماء الشريعة والمختصين من أجل وضع مناهج تدريسية للطلاب.
قال التقرير الصادر عن قطر للمال ورويترز إن قطر أسرع الاقتصادات نموا في العالم خلال العقد الماضي، حيث بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي 11.3٪ بين عامي 2006 و2016، حيث كشف التقرير أنه على الرغم من توقعات تباطؤ النمو الاقتصادي في السنوات الخمس المقبلة، فإن اقتصاد قطر سيظل مرنا بسبب الاحتياطيات الأجنبية، ودعم الخطط الحكومية للتنويع وتطوير البنية التحتية، من خلال خلق المزيد من فرص العمل وجذب الاستثمار إلى القطاعات غير الهيدروكربونية.
وأظهرت المالية الإسلامية مرونة في مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة، حيث نمت أصول المالية الإسلامية بمعدل 6٪ في عام 2016.
وبلغت قيمة هذه الأصول 386 مليار ريال في 2016، أي ما يمثل 23٪ من إجمالي أصول النظام المالي.
وأكد التقرير أن قطر لديها إمكانات كبيرة ليس فقط للحفاظ على النمو الكبير للصناعة، بل أيضا لزيادة حصتها من الأصول المالية المجملة.
ومن شأن التعاون القوي بين المصارف الإسلامية والمؤسسات المالية الإسلامية الأخرى أن يساعد هذه الصناعة أيضا.
وقد كانت البنوك الإسلامية المحرك الرئيسي لنمو النظام المالي الإسلامي، حيث نمت بـ 13٪ خلال السنوات الخمس الماضية، وهي تحتفظ بأكبر حصة من الأصول المالية الإسلامية بقيمة 323 مليار ريال في 2016، ومع ذلك، فإن السوق المحلية المشبعة والقيود التنظيمية على الإقراض الاستهلاكي تحد من احتمالات المزيد من النمو السريع في الخدمات المصرفية الإسلامية.
ونتيجة لذلك، تتطلع البنوك الإسلامية إلى التوسع في الأسواق المالية الإسلامية الناشئة في الخارج.
وشكلت المؤسسات المالية التكافلية وغير المصرفية مجتمعة 2٪ فقط من إجمالي الأصول المالية الإسلامية في عام 2016، وقد أظهرت المؤسسات المالية غير المصرفية في دولة قطر نموا صغيرا ومحدودا من حيث الحجم والعدد.
وبلغت قيمة الأصول في القطاع المالي غير المصرفي 3.9 مليار ريال.
وبلغ قطاع التكافل في قطر 2 مليار ريال في 2016، وتتمثل العوائق الرئيسية لمشغلي التكافل في صغر حجمها وعدم وجود تمايز في منتجاتها مقارنة مع شركات التأمين التقليدية التي تهيمن على سوق التأمين.
وتمثل الصكوك 15٪ من إجمالي أصول التمويل الإسلامي، بإجمالي 57 مليار ريال في إصدارات السندات القائمة.
وتهيمن الصكوك السيادية على السوق، حيث تساهم بنسبة 87٪ من الإصدارات.
ونظرا لأن 44٪ من الصكوك القائمة من المقرر أن تكون مستحقة الدفع في 2018، فإن زيادة الإصدارات سوف تقلل من احتمال قيام المستثمرين بإعادة استثمار رأس مالهم المسترد في أسواق أخرى أو فئات أصول أخرى.
وتشكل صناديق الاستثمار المتوافقة مع الشريعة الإسلامية أكثر من نصف قطاع إدارة الأصول في قطر، مع إدارة أصول بقيمة 541 مليون ريال.
وبفضل ما يزيد على 600 مليار ريال من الأصول المحلية القابلة للاستثمار، فإن مركز قطر للمال قادر على التمييز بين عروضه الاستثمارية من المحاور المالية الإقليمية الأخرى.
الشيخ خليفة بن جاسم: التمويل الإسلامي يعزز مشروعات القطاع الخاص
أكد سعادة الشيخ خليفة بن جاسم بن محمد آل ثاني رئيس غرفة قطر أهمية انعقاد المؤتمر الدولي الرابع للمال الإسلامي والذي يبحث قضايا هامة تدور حول التمويل الإسلامي والتحديات والآفاق المستقبلية لقطاع الصيرفة المالية الإسلامية، لافتا الى أن مساهمة الغرفة في رعاية المؤتمر جاءت في اطار حرصها على رعاية المؤتمرات والفعاليات التي تناقش قضايا اقتصادية هامة تسهم في تعزيز القطاع الخاص وتنمية الاقتصاد الوطني.
واشار الشيخ خليفة بن جاسم في تصريحات صحفية على هامش افتتاح مؤتمر الدوحة الرابع للمال الاسلامي بفندق الشيراتون امس الثلاثاء، الى نمو التمويل الاسلامي في قطر خلال السنوات الاخيرة، اذ بات يمثل نحو 25 بالمائة من القطاع المصرفي المحلي، منوها بالدور الذي تلعبه البنوك الاسلامية القطرية في تمويل مشروعات القطاع الخاص، مما يعد عاملا مهما في تعزيز نشاط هذا الاخير في السوق المحلي.
واضاف انه مع خطط التوسع الاقتصادي والتنمية الشاملة التي تشهدها الدولة حاليا، فان المجال مفتوح لمزيد من النمو في قطاع الصيرفة الاسلامية في قطر، خصوصا مع تزايد التجارة الاسلامية حول العالم والتي اصبحت قوة لا يستهان بها، وكذلك مع تزايد المشروعات الانشائية والاعمال التجارية في قطر، مما يجعل السوق القطري سوقا جاذبا للشركات والمؤسسات المتخصصة في مجال الصيرفة الإسلامية.