

كشفت الدكتورة نجاة اليافعي، مديرة صحة الفم والأسنان بإدارة الصحة الوقائية بمؤسسة الرعاية الصحية الأولية، عن دراسة سكانية حديثة تظهر أن تدخين الشيشة أصبح عادة واسعة الانتشار بين فئات كبيرة من المجتمع، خاصة بين الشباب.
وقالت في بيان أمس « إن الدراسة شملت أكثر من 6900 مشارك من المواطنين والمقيمين، وأظهرت أن نسبة مستخدمي الشيشة بلغت 8.3% من البالغين، وأن الفئة الأكثر استخداماً لها هي الفئة العمرية بين 18 و24 عاماً بنسبة وصلت إلى 10.6%. كما بيّنت النتائج أن النساء يفضلن تدخين الشيشة في المطاعم، بينما يميل الرجال إلى المقاهي، في تغير واضح في أنماط التدخين داخل المجتمع. وبحسب الدراسة ما زال يعتقد 39% أن الشيشة أقل ضرراً من السجائر، وهو اعتقاد يخالف ما أثبتته الأبحاث العلمية الحديثة، والتي تشير إلى أن جلسة شيشة واحدة قد تعادل تدخين 40 إلى 100 سيجارة من حيث كمية الدخان والمواد السامة المستنشقة.
وقالت الدكتورة اليافعي إن هذه النتائج «تبرز الحاجة الملحة لتعزيز التوعية بين الشباب، وتصحيح المفهوم الخاطئ بأن الشيشة أقل ضرراً من السجائر»، مؤكدة أن الشيشة تحمل مخاطر صحية واسعة تتجاوز الجهاز التنفسي، وتمتد بشكل واضح إلى صحة الفم والأسنان.
كما أظهرت الدراسة أن أكثر من نصف مدخني الشيشة أفادوا بظهور أعراض فورية أثناء تدخين الشيشة مثل الدوخة (51%) والصداع (28%) والخفقان (19%) والسعال (17%)، وهي مؤشرات مباشرة على تأثير أول أكسيد الكربون والمواد الكيميائية على مستويات الأكسجين في الجسم.
وذكرت الدكتورة اليافعي أن»هذه الأعراض لا يجب تجاهلها، لأنها تعكس تغيرات فسيولوجية قد تؤثر في المدى القصير والطويل على أجهزة متعددة، من بينها اللثة والعظم المحيط بالأسنان، حيث يؤدي نقص الأكسجين إلى ضعف التروية الدموية وتأخر التئام الجروح.»
وأظهرت الدراسة أن نحو 45% من المدخنين بدأوا استخدام الشيشة قبل بلوغ الثامنة عشرة، مما يزيد من خطورة التأثير على الأسنان والأنسجة الفموية التي تكون لا تزال في مرحلة النمو. كما تبين أن نسبة كبيرة من مستخدمي الشيشة تعتمد على أكثر من نوع من منتجات التبغ في الوقت نفسه، مثل السجائر والسجائر الإلكترونية والمدواخ.
وأوضحت الدكتورة اليافعي أن «الجمع بين الشيشة ومنتجات تبغ أخرى يضاعف المخاطر الصحية، ويرفع احتمالية الإدمان، كما يزيد من احتمالات الإصابة بسرطان الفم وأمراض اللثة المزمنة.»
ورغم أن الدراسة لم تتناول صحة الفم بشكل مباشر، فإن نتائجها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بما يلاحظه أطباء الأسنان في العيادات.
فالشيشة تؤدي إلى جفاف الفم نتيجة انخفاض إنتاج اللعاب، ما يسهم في زيادة خطر التسوس السريع وتراكم البكتيريا المسببة للأمراض. كما أن الحرارة المرتفعة والمواد السامة المستنشقة تؤدي إلى التهابات اللثة، وتراجعها، وظهور تصبغات داكنة يصعب إزالتها بالتفريش. وتشير الأدلة العلمية الدولية إلى أن طول مدة تدخين الشيشة يرفع من مستويات القطران والنيكوتين والمواد المسرطنة في الفم، مما يجعل تأثيرها على اللثة والعظم المحيط بالأسنان أكثر ضرراً من السجائر في بعض الحالات.
وأضافت أن «تراجع تدفق الدم للثة بسبب أول أكسيد الكربون يضعف العظم الداعم للأسنان، ويرفع احتمال فقدانها مع مرور الوقت. وهذا يتطلب تدخلاً وقائياً مبكراً ونشر وعي واسع حول تأثير الشيشة على صحة الفم بشكل خاص. كما أكدت أن الشيشة «لم تعد مجرد وسيلة اجتماعية للترفيه، بل أصبحت سلوكاً له تبعات صحية واضحة يجب التعامل معها بجدية ومسؤولية».