يشارك حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في الاحتفال باستكمال إنفاذ وثيقة الدوحة لسلام دارفور ، تلبية لدعوة من الرئيس المشير عمر حسن البشير رئيس جمهورية السودان، والذي سيقام اليوم الأربعاء في مدينة الفاشر بولاية دارفور.
الاحتفال الكبير يأتي بمناسبة انتهاء أجل السلطة الإقليمية لدارفور التي أنشئت وفقاً لاتفاقية وثيقة الدوحة لسلام دارفور بعد أن تم تمديدها لفترة عام توطئة لقيام مفوضيات بمتابعة تنفيذ ما تبقى من وثيقة الدوحة، وقد أكملت الحكومة السودانية استعداداتها لاستقبال ضيفها الذي سيكون في استقباله الرئيس السوداني عمر البشير وأعضاء حكومته.
أكد سعادة راشد بن عبد الرحمن النعيمي سفير دولة قطر لدى السودان، في تصريح لـ لوسيل ، أن زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى جمهورية السودان الشقيقة تأتي تتويجا للعلاقات المتميزة بين دولة قطر والسودان ومشاركة في الاحتفالات بمناسبة استكمال تنفيذ بنود وثيقة الدوحة للسلام في دارفور بدعوة كريمة من المشير عمر حسن أحمد البشير رئيس جمهورية السودان الشقيقة.
دعم السلام والاستقرار والتنمية
وأشار السفير إلى الاهتمام الكبير الذي تبديه قيادتا البلدين لدعم وتعزيز العلاقات الثنائية وتفعيل أوجه التعاون المشترك في المجالات كافة، مشيراً إلى تطابق مواقف البلدين تجاه العديد من القضايا الدولية والإقليمية والتشاور المستمر بينهما بشأن القضايا التي تهم البلدين وأن قطر أبدت اهتماماً كبيراً بمسألة دعم السلام والاستقرار والتنمية في السودان الشقيق، ومن هذا المنطلق جاءت وساطة قطر بشأن المشاركة في الجهود المؤدية لتسوية سلمية لقضية دارفور، وبفضل الله تكللت تلك الجهود بالتوقيع على اتفاقية السلام.
وأضاف أن مساعي دولة قطر لم تقتصر على توقيع الاتفاقية، بل واصلت دورها في تنفيذ مشاريع خدمية وتنموية بهدف تحقيق العودة للاجئين والنازحين باعتبار أن التنمية والخدمات تساهمان بصورة كبيرة في تدعيم السلام وتحقيق الاستقرار، فكانت المبادرة القطرية بإنشاء مجمعات نموذجية في ولايات دارفور بإشراف وزارة الخارجية القطرية شاملة كافة الخدمات التي تساهم في تحقيق الاستقرار لمواطن دارفور، وقد اكتملت المرحلة الأولى من المبادرة وتجري الترتيبات لتنفيذ المرحلة الثانية.
وأشاد السفير راشد النعيمي بمستوى التعاون الذي ساد مراحل تنفيذ وثيقة الدوحة بين الحكومتين القطرية والسودانية والسلطة الإقليمية لدارفور التي تكونت ضمن استحقاقات وثيقة الدوحة للسلام في دارفور، موضحاً أن هذا التعاون أفضى إلى نجاح وثيقة الدوحة للسلام في دارفور التي شهد بها المجتمع الدولي.
إلى ذلك، أوضح عبد الكريم موسى الناطق الرسمي باسم السلطة الإقليمية لدارفور أن رعاية قطر لوثيقة الدوحة جعلت منها نموذجاً يجب أن يؤخذ به في معالجة الصراعات الداخلية ليس في السودان فقط وإنما في العالم، وقال: هي الاتفافية الوحيدة في السودان التي لم تشهد تشاكسا بين الموقعين عليها بفضل الجهود التي قام بها الإخوان في قطر، حكومة وشعبا. وزاد: أجزلوا في العطاء برعايتهم للاتفاقية التي تم التوقيع عليها في عام 2011 إلى أن بلغت نهاياتها، وقال: نحن نجزم بأن ما تشهده دارفور من أمن حالياً نتاج لوثيقة الدوحة التي نعتبرها المنبر الأوحد لدارفور ولا بديل لنا سواها، وتابع: ما كان للأمن أن يتحقق لولا جهود دولة قطر.
وقال موسى إن جهود قطر لم تتوقف عند تقريب الشقة بين طرفي النزاع قبل التوقيع بل استمرت بعد التوقيع بإقامة مؤتمر للمانحين وذهبت إلى أكثر من ذلك بتنفيذ مشروعات خاصة تمولها قطر وكل المشروعات التي نفذت في إطار وثيقة الدوحة كانت ناجحة وعدد المشروعات التي نفذتها قطر خارج منظومة المانحين وتشمل بناء 5 قرى نموذجية متكاملة تضمن المدارس والمراكز الصحية ومساكن العاملين بأحدث طراز بتكلفة 37 مليون دولار ونجاحها دفع دولة قطر إلى تخصيص 66 مليون دولار أخرى لبناء 10 قرى نموذجية جديدة ليصبح نصيب كل ولاية 3 قرى نموذجية.
تمويل المشروعات
وقال إن قطر لعبت دوراً مفصلياً ونقلت مفهوم العلاقة بين الدولة لعلاقة ريادية بين الشعبين من خلال تنفيذها مشروعات كبيرة عبر السلطة الإقليمية حيث مولت سلسلة من المشروعات: (أ) وهي مشروعات خدمية في مجالات الصحة والمياه والقانون والمطارات بتمويل بلغ 800 مليون جنيه سوداني شملت 315 مشروعا إلى جانب مشروعات المصفوفة.. (ب) التي بلغت 600 مشروع بتمويل وصل إلى 900 مليون جنيه سوداني غطت تمويل مطار الضعين ومطار زالنجي إلى جانب عدد من الطرق التي تؤسس لبنية تحتية، فضلاً عن تمويل حكومة السودان لطريق نيالا كاس زالنجي ونيالا الفاشر بتكلفة بلغت 1.5 مليار جنيه.
وفيما يتعلق بتمويلات المانحين الدوليين أوضح موسى أن الاتحاد الأوروبي موَّلَ مشروع سد وادي أم كوع بتكلفة 18 مليون دولار والذي أحدث تغييرا كبيرا في المنطقة واستفادت منه 35 قرية على طول 50 كيلو مترا في منطقة كانت معروفة بالجفاف في ولاية شمال دارفور، أما تركيا نفذت وساهمت في تسيير المستشفى التركي بنيالا لمدة 5 سنوات بمبلغ 50 مليون دولار وجامعة الدول العربية ساهمت بمشروعات عبر الصندوق العربي لتحسين شبكات الكهرباء في دارفور.
وتابع موسى: أهل دارفور يقدرون اللفتة البارعة لشعب قطر بمناسبة دعوة رئيس الجمهورية لأمير قطر والرئيس التشادي ورئيس إفريقيا الوسطى لحضور الاحتفال المقام بالفاشر في ولاية شمال درافور، بنجاح وثيقة الدوحة وتطبيق بنودها وإنزالها على أرض الواقع بسلاسة، مما انعكس على التحسن الكبير في الوضع الأمني، وتغيير الحالة المذاجية من التفكير الدارفوري في الصراع إلى بناء جديد ونهنئ الحكومة القطرية، أميراً وشعباً، على ما قدموه لأهل دارفور.
وأكد موسى أن وثيقة الدوحة لم تواجهها أي مشاكل، صحيح أن كل البنود لم تكتمل لأن بعضها ذو خاصية استمرارية مثل التنمية وهناك بنود موقوتة بزمن تم تنفيذها جميعها وسوف تستمر جهود العودة الطوعية.
وأكد أنه رغم انتهاء أجل السلطة الإقليمية إلا أن وثيقة الدوحة ستظل موجودة لأنها تم إدراجها في الدستور وستنشأ مفوضيات لمتابعة ما تبقى من الوثيقة لأنها أرست قواعد ومبادئ جديدة في معالجة الصراعات وشارك فيها أهل المصلحة، وقال: نحن راضون كل الرضا عن وثيقة الدوحة وعاجزون عن الوفاء بالشكر الجزيل لدولة قطر وشعبها وستظل الوثيقة منبراً مفتوحاً لكل من يأتي للسلام وقطعاً لا نرضى بديلاً لها.
القوات المسلحة السودانية تشيد بجهود قطر
وقال الفريق عثمان بلية، نائب رئيس هيئة الأركان للقوات المسلحة السودانية السابق لـ لوسيل بأن دولة قطر، حكومة وشعبا، لعبت دورا أساسيا ومحورياً في استتباب الأمن في دارفور، وأصبحت وثيقة الدوحة اتفاقية أساسية انضم لها عدد كبير من الفصائل الدارفورية التي كانت تقاتل وارتضت بنود الاتفاقية، وتم إغلاق العديد من المعسكرات وتحويلها إلى مبانٍ سكنية توفر فيها الخدمات الضرورية وأكد أن ما تنعم به شريحة كبيرة من المجتمع في دارفور جاء نتيجة للجهود الجبارة التي بذلتها قطر برعاية كريمة ومباشرة من سمو الأمير، ووفرت مشاق كبيرة للقوات المسلحة ووفرت أموالا ضخمة كانت ستصرفها الحكومة السودانية على الأمن في دارفور. وأضاف أن الاحتفال الذي سيشهده سمو الأمير والرئيس التشادي ورئيس إفريقيا الوسطى يعتبر بمثابة إغلاق لملف دارفور بعد نجاح بامتياز حققته دولة قطر.
التزامات الحكومة السودانية
أكد الدكتور أمين حسن عمر مسؤول ملف دارفور في حديث صحفي، أن الحكومة أوفت بالفعل بكل تعهداتها تجاه قضية دارفور حيث تعهدت بضخ مبلغ 6.2 مليار دولار لتنمية درافور، وقال إن وضع التنمية فيها يحتاج إلى أضعاف هذا المبلغ لاستكمال البنية التحتية والاحتياجات الاجتماعية، مشيرا إلى أن الحكومة السودانية التزمت بدفع 165 مليون دولار لوثيقة الدوحة وفق جدول زمني محدد، كانت قامت بتسليم السلطة الإقليمية لدارفور في يناير 2013 خطاب اعتماد بقيمة 165 مليون دولار.
وأكد علي محمود عبد الرسول وزير المالية السوداني السابق لـ لوسيل أن وثيقة الدوحة لها القدح المعلى في معالجة جل قضايا دارفور وأضاف أن التعهدات بإعمار دارفور بلغت 2 مليار دولار، صحيح أن الالتزام بالتعهدات تجاه إعمار دارفور من قبل المانحين الدوليين شابه بطء ولكن الالتزامات التي أوفت بها الدول العربية والإسلامية، خاصة قطر، كان لها أثر واضح على أرض الواقع في دارفور التي شهدت استقراراً كبيراً في الأوضاع الأمنية مقارنة بالسنوات الماضية بشهادة اليونميد والأمم المتحدة ودعا إلى مواصلة جهود الإعمار في دارفور.
جهود قطر التنموية في دارفور
تعهدت دولة قطر خلال مؤتمر المانحين بمبلغ 500 مليون دولار، خصصت منها مبلغ 88.5 مليون دولار للمشاريع الواردة في إستراتيجية تنمية دارفور، وتم تحويل مبلغ 10 ملايين دولار منها للبرنامج الإنمائي.
كما تم توقيع مذكرة تفاهم مع جمعية قطر الخيرية لحفر 300 بئر على مدى ثلاث سنوات بقيمة 3 ملايين دولار كما نفذت قطر خارج تعهداتها لمؤتمر المانحين عدد 5 قرى نموذجية متكاملة بتكلفة 31 مليون دولار وأتبعتها بعدد (10) قرى أخرى بقيمة 70 مليون دولار من أجل تشجيع العودة الطوعية للأهالي ويتوقع انطلاقة مشاريع استقرار الرحل خلال الفترة المقبلة بتكلفة 50 مليون دولار.
مشروع بنك تنمية دارفور
أعلنت دولة قطر، على لسان صاحب السمو الأمير الوالد، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، في وقت سابق، عن اكتمال الترتيبات الخاصة بقيام بنك تنمية دارفور برأسمال قدره 2 مليار دولار، وينتظر استكمال وضع الشكل النهائي للبنك بعد الحصول على الدراسات اللازمة من بيوت الخبرة المحلية والإقليمية حول احتياجات دارفور، والجوانب الهيكلية، وارتباطه باعتبارات التنمية الدولية، والاستفادة من تجارب بعض البنوك التي كانت قد أنشئت لأغراض مماثلة كما يتوقع عقد مؤتمر للمساهمين خلال الفترة المقبلة بمقر الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي في مدينة جدة.
التمسك بوثيقة الدوحة
أشاد الدكتور التيجاني سيسي رئيس السلطة الإقليمية لدارفور في تصريحات صحفية بالجهود الجبارة التي بذلتها دولة قطر، أميرا وحكومة وشعبا، لجهودها في دعم التنمية والإعمار والسلام بدارفور إلى جانب المانحين الآخرين، على دعمهم ومساهمتهم في تنمية دارفور والدول الشقيقة التي أوفت بالتزاماتها، وقال إن المشاريع التي تم تنفيذها كان لها الأثر الإيجابي في الأمن الذي تشهده دارفور، مؤكداً على تمسكه بوثيقة الدوحة وأن كل من يريد الانضمام لمسيرة السلام بدارفور فإن المنبر الوحيد هو وثيقة الدوحة ولن يكون هناك تفاوض في أي مكان آخر وأشار إلى أن حجم المشروعات التي تم تنفيذها بكل محليات دارفور ضمن المصفوفة (أ) بلغت 315 مشروعا تغطي مختلف المجالات.
وقال ان الحكومة السودانية اعتمدت ونفذت مشروعات تنموية في العام 2014 بتكلفة 900 مليون جنيه سوداني وارتفعت الاعتمادات في العام الماضي إلى 1.7 مليار جنيه وقال إن القرى النموذجية التي نفذتها دولة قطر في دارفور أصبحت منارات شامخة ولامست الحاجة الفعلية والماسة لها.
مشروعات جمعية قطر الخيرية
نفذت الجمعيات الخيرية القطرية عددا من المشروعات التنموية بولايات درافور، حيث قامت جمعية قطر الخيرية بتنفيذ مشاريع التمكين الاقتصادي والوئام الاجتماعي بتكلفة تقدر بأكثر من 27.6 مليون ريال، وذلك استكمالا للجهود التنموية المستمرة التي تقوم بها قطر الخيرية في السودان عامة وذلك في منطقة بلبل تمبسكو في ولاية جنوب دارفور ومنطقة رونقتاس في ولاية وسط دارفور بميزانية إجمالية تقدر بـ 27,594,000 ريال قطري، تتمثل في تنفيذ مشاريع المجمع الخدمي، والتمكين الاقتصادي والوئام الاجتماعي والسكن النموذجي ومؤونة العودة في إطار برنامج مبادرة قطر لتنمية دارفور.