شدد خبراء ورجال أعمال على قوة الاستثمارات القطرية الخارجية، مشيرين إلى أن قطر تتمتع بمحفظة استثمارية ضخمة قادرة على تجنيب البلاد أي أزمة اقتصادية أو تغييرات سياسية في المنطقة.
ويعتبر جهاز قطر للاستثمار الذي يعد ضمن أقوى عشرة صناديق سيادية في العالم صمام الأمان للاقتصاد القطري بالإضافة لكونه ثروة قومية تحتفظ بها الدولة للأجيال القادمة.
ووفقاً لمعهد الصناديق السيادية الأمريكي وهو أكبر المؤسسات التي تقيم أداء وتحركات أصول الصناديق السيادية فإن أصول جهاز الاستثمار بلغت نحو 335 مليار دولار ضمن محفظة متنوعة في كافة قطاعات الاستثمار خارج قطر.
وقال سعادة الشيخ عبد الله بن محمد بن سعود آل ثاني، الرئيس التنفيذي لجهاز قطر للاستثمار لـ لوسيل في وقت سابق: إن الجهاز لديه أصول كافية لتقديم عائد لدولة قطر في أي وقت، مشيراً إلى أن الجهاز ثروة قومية للأجيال القادمة.
وبين الشيخ عبدالله بن سعود خلال أعمال الدورة الثانية للحوار الاقتصادي والاستثماري بين قطر والولايات المتحدة في الدوحة، أن الجهاز هو جهاز مستقل تم إنشاؤه من قبل الدولة وعهدت إليه باستثمار الفائض من عوائد النفط والغاز، وقد أرسى مشاريع استثمارية متنوعة في جميع أنحاء العالم، متوخيا دائما تحقيق الشروط الملائمة للاستثمار، مشيرا إلى أن جهاز قطر للاستثمار يؤدي مهامه باستقلالية تامة يعتمد على أسس اقتصادية وإدارية بحتة، وما يهمه في البلدان التي يستثمر فيها هو المناخ الاستثماري الصحي والبيئة القانونية اللازمة التي تحمي الاستثمارات.
واستطاعت قطر أن تحتفظ بمحفظة استثمارية ضخمة حول العالم وتشير التقديرات إلى أن قيمة استثمارات قطر الخارجية تقدر بنحو 450 مليار دولار في العالم منها نحو 335 مليار دولار حصة الصندوق السيادي القطري (جهاز قطر للاستثمار). وبالنظر للخارطة الاستثمارية الخارجية لقطر فإن بريطانيا لديها نصيب الأسد من هذه الاستثمارات أبرزها برج شارد في قلب لندن الذي يعد أعلى ناطحة سحاب في أوروبا ومصرف باركليز البريطاني وسلسلة متاجر هارودز الراقية و20% من الشركة المالكة لمطار هيثرو وثلث متاجر ماركس أند سبنسر، بالإضافة لاستثماراتها في فرنسا مثل نادي باريس سان جيرمان واستحواذها على مبنى (نيور) الباريسي الذي يضم السفارة الأمريكية وصحيفة لوفيغارو الفرنسية وشرائها حصصاً في شركة توتال الفرنسية.
وفي أمريكا والتي يخطط فيها الجهاز لاستثمار نحو 35 مليار دولار خلال 5 سنوات يجري حالياً في واشنطن إنشاء مشروع للديار القطرية باسم (واشنطن دي سي) وشراء شركة (ميرامكس) الأمريكية للإنتاج السينمائي وأيضاً حصص من شركة بورش الألمانية واستثمارات بقيمة 5 مليارات دولار في بورصة الصين.
واستطاع الجهاز أن يعقد شراكات إسراتيجية مع شركات ومؤسسات دولية في مختلف المجالات آخرها الشراكة الإستراتيجية التي تم إعلانها مؤخراً مع شركة (جلينكور) لتجارة السلع الأولية بعد الاستحواذ على عملاق النفط الروسية (روسنفت) بأكثر من 10 مليارات دولار.
وقال رجل الأعمال سعد الدباغ لـ لوسيل ، إن قطر قادرة على تجنب أزمة اقتصادية أو تغيرات جيو اقتصادية في المنطقة، مثلما استطاعت أن تتجاوز أزمات من قبل، مبينا أن قطر أعدت العدة لمثل هذا اليوم، مشيراً إلى أن أصول صندوق الثروة السيادي القطري يقدر بنحو 335 مليار دولار، بالإضافة لفائض تجاري بلغ 2.7 مليار دولار في شهر أبريل وحده، وفقاً لآخر إحصاءات بالإضافة إلى منشآت موانئ واسعة يمكنها أن تستخدمها بدلاً من حدودها البرية.
ويرى الدباغ أن حجم الأصول الخارجية لقطر لا يرتكز على قطاع واحد من الاستثمارات ولا في بلد واحد وإنما هي استثمارات متعددة في مختلف القارات مثل العقارات والزراعة والنفط والتكنولوجيا والمؤسسات المالية العملاقة والمطارات كلها محفظة استثمارية تنمو بشكل مضطرد، عزز جهاز الاستثمار بالدخول في قطاعات حيوية أخرى مثل مكتب وادي السيليكون بأمريكا مما يعني التوافق مع توجه قطر بالاستثمار في اقتصاد المعرفة.
جهاز الاستثمار.. محفظة استثمارية مليئة بالإنجازات 
المتابع لمسيرة صندوق جهاز قطر للاستثمار يدرك أن العقلية التي تقف خلفه تعرف أن تدير ثروة البلاد وتحقق نجاحات في وقت قصير فقد استطاع ومنذ تأسيسه في 2005 إدارة فوائض النفط والغاز الطبيعي.
كنتيجة لإستراتيجية الصندوق في التقليل من مخاطر اعتماد قطر على أسعار الطاقة، فإنه يستثمر في الغالب في أسواق عالمية (الولايات المتحدة وأوروبا ودول آسيا والمحيط الهادئ) إضافة إلى الاستثمار في قطر خارج قطاع الطاقة.
وبالإضافة لصفقة (روسنفت) الروسية استحوذ جهاز الاستثمار ضمن كونسورتيوم على أغلبية في شبكة الغاز ببريطانيا بنحو 4.5 مليار دولار، وفي العام الماضي فقط استطاع الجهاز أن يحقق صفقات ضخمة مثل استحواذه على 4 مبان إدارية فخمة في لوس أنجلوس الأمريكية بقيمة 1.34 مليار دولار، كما استحوذ ضمن تحالف على شركة (اسكيانو) الأسترالية في مارس الماضي بصفقة تقدر بنحو 6.8 مليار دولار بعد حرب عطاءات استمرت لمدة 7 أشهر. وأبريل الماضي أسس الجهاز صندوقا ماليا للاستثمار العقاري بالشراكة مع شركة أسكوت العقارية السنغافورية بقيمة 500 مليون دولار للاستثمار في عقارات مميزة بالتركيز على الأسواق الآسيوية والمحيط الهادئ.
كما بحث الجهاز في أبريل أيضاً رفع حصته في مجموعة العقارات الإسبانية (كولونيال) للمرة الثانية بعد أن زاد الحصة إلى 13.1% في 2014.
وفي أواخر أبريل الماضي استثمر الجهاز بنحو 52 مليون جنيه إسترليني بمبان سكنية بالعاصمة البريطانية لندن بالتعاون مع اسكوت السنغافورية، واستحوذ على فنادق في أمريكا مايو الماضي إضافة لاستحواذه على 9.9% من شركة (جلينكور) لتجارة السلع بنحو 625 مليون دولار.
ويرى الدكتور يوسف داؤود الأستاذ بمعهد الدوحة للدراسات العليا أن توجه الدول نحو الاستثمارات الخارجية وتنوع محفظة أصولها الخارجية يعود بالنفع على اقتصادتها ويعمل على الاستقرار خاصة إذا كانت هذه الاستثمارات متنوعة وفي أكثر من دولة واحدة، بعكس أن تكون الاستثمارات مركزة في دولة معينة وقطاع واحد لأن الأخير سيعود سلباً على هذه الاستثمارات خاصة في حال تغيير سعر الصرف في هذه الدولة.
إلا أن الدكتور داؤود ركز على توجه قطر بتنويع محفظتها الاستثمارية الخارجية ودعا لتوجيه الاستثمارات في الدول العربية حتى تعود الفائدة للطرفين في المنطقة، مشيراً إلى أن هناك فرصا استثمارية كبيرة بالدول العربية خاصة تلك الدول التي تتمتع بالاستقرار وقلة المخاطر الاستثمارية وارتفاع العوائد على الاستثمار.
وأعلن سعادة الشيخ عبد الله بن محمد بن سعود آل ثاني، الرئيس التنفيذي لجهاز قطر للاستثمار أواخر مارس الماضي لـ لوسيل على هامش منتدى الأعمال والاستثمار القطري البريطاني بلندن أن قرار جهاز الاستثمار بافتتاح مكتب في وادي السيليكون بمدينة سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة الأمريكية نهاية العام الحالي يأتي في إطار التوجهات التي يقودها الجهاز بالدخول في قطاعات جديدة تشجع على الابتكار وتواكب التوجهات التكنولوجية.
مشيراً إلى أن مكتب وادي السيليكون يأتي في إطار خطة الجهاز لاستثمار نحو 35 مليار دولار في أمريكا والتي نفذ منها أكثر من 60% من الاستثمارات في الوقت الذي يخطط فيه للدخول في قطاع البنية التحتية باستثمارات تقدر بنحو 10 مليارات دولار بأمريكا.