مقابل مساعدات مالية وتقنية من إيطاليا

قبائل جنوب ليبيا تكافح الهجرة والإرهاب

لوسيل

روما - الأناضول

قالت ميكيلا ميركوري، أستاذة التاريخ المعاصر في جامعة ماتشيراتا الإيطالية، إن رعاية روما اتفاق المصالحة بين قبيلتين في الجنوب الليبي، جاءت ضمن توجهها نحو تمكين المجتمعات المحلية، عبر تقديم مساعدات مالية وتقنية، لتشكل حائط صد أمام تدفقات الهجرة غير الشرعية من دول إفريقيا جنوب الصحراء، إضافة إلى مكافحة الإرهاب، ومن ثم ضمان أمن الحدود الجنوبية لأوروبا.

ففي نهج جديد، رعت إيطاليا اتفاقا بين قبيلتي أولاد سليمان و التبو ، بعد مفاوضات في روما، دامت 72 ساعة، ويتضمن الاتفاق 12 بندا، وينص على مراقبة 5 آلاف كم من الحدود الليبية الجنوبية، وذلك بحضور نحو 60 من شيوخ القبيلتين، وممثلين عن قبائل الطوارق وحكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليا، وفق وزارة الخارجية الإيطالية، في بيان، الأحد الماضي.

ومن بين ما نص عليه الاتفاق، الذي جرى توقيعه الأربعاء الماضي: الصلح الشامل والدائم بين الطرفين، جبر الضرر للمتضررين من الطرفين، على أن تتكفل إيطاليا بدفع القيمة المالية، وعلاج الخلافات، إضافة إلى إخلاء الأماكن العامة في الجنوب من التشكيلات المسلحة وتسليمها إلى الجيش والشرطة، على أن يكون للجميع الحق في المشاركة في تولي الوظائف العامة.

الاتفاق القبلي الليبي يمثل، وفق ميركوري، خطوة متقدمة ضمن توجه إيطاليا إلى وأد تدفقات الهجرة في منبعها، ولا سيّما دول إفريقيا جنوب الصحراء.. روما تعهدت بتقديم مساعدات تقنية ومالية لتلك القبائل، ضمن جهود ضبط الحدود الليبية الجنوبية .

وعامة، يعتمد التوجه الإيطالي الجديد على تقديم المال والمساعدات التقنية للمناطق الحدودية، مقابل سيطرة المجتمعات المحلية على منافذ الهجرة غير الشرعية، ووضع حد لتجارة تهريب البشر نحو أوروبا.
لكن اهتمام إيطاليا بليبيا، جنوب البحر المتوسط، لا يتوقف عند ملف الهجرة، فروما، بحسب الأكاديمية الإيطالية المختصة في الشأن الليبي، أكبر مستورد للنفط، والمتلقي الوحيد للغاز الليبي عبر أنبوب الدفق الأخضر Greenstream . وتابعت بقولها: علينا أن نتذكر أن المحطة التابعة لشركة إيني الإيطالية للنفط في ميناء ملّيتة النفطي (غرب) لا تزال واحدة من المحطات القليلة العاملة حتى اليوم، فضلا عن أنشطة التعدين البحري الإيطالية قبالة ساحل (العاصمة) طرابلس (غرب) .

وضمن الجهد السياسي لتأمين المصالح الإيطالية في ليبيا تبدي روما دعما لحكومة الوفاق، برئاسة فائز السراج. واعتبرت ميركوري أنه لم يبق لحكومة الوفاق من حليف سوى إيطاليا، التي أعادت فتح سفارتها في طرابلس، وأقامت مستشفى ميدانيا في مصراتة (206 كم جنوب غرب طرابلس)، فضلا عن تدريبها أفراد خفر السواحل الليبي .
محمد سندو، مستشار سلطان التبو ، زيلاوي مينا صالح، الذي وقع على اتفاق روما، قال من جانبه إن الحكومة الإيطالية علمت باحتياجات التنمية لدينا، لا سيّما البنى التحتية الواجب تشييدها، ومصاريف الأمن، وإمكانية علاج جرحانا في المستشفيات الإيطالية، إضافة إلى إنشاء مراكز تدريب مهني وتقديم منح دراسية لبعض أبنائنا للدراسة في إيطاليا .

وشدد على أن الالتزام الرئيسي في اتفاق روما هو مكافحة الهجرة غير الشرعية والإرهاب، وسنعمل على تنفيذه.. سيتم ضبط الحدود بطول خمسة آلاف كيلومتر عبر اتفاقيات تنفيذية أمنية مع إيطاليا تبرم لاحقا .
وبعد التوقيع على اتفاق روما، قالت الخارجية الإيطالية إن مبادرة الوساطة الإيطالية (بين القبيلتين الليبيتين) تهدف إلى مكافحة اقتصاد مبني على التهريب، يؤدي إلى مقتل المئات في البحر المتوسط، وآلاف البائسين الباحثين عن حياة أفضل، والتصدي لتصاعد موجة الشعبوية (المناهضة للمهاجرين في أوروبا)، إضافة إلى الإرهاب في الصحراء .

وبموجب هذا الاتفاق، سيتم تشكيل قوة من حرس الحدود الليبيين، للسيطرة على 5 آلاف كيلومتر من الحدود الجنوبية، ومكافحة مهربي المهاجرين ، وفق تصريحات لوزير الداخلية الإيطالي، ماركو مينيتي، نقلها التلفزيون الحكومي عقب الاتفاق، وشدد خلالها على أن توفير الأمن في الحدود الجنوبية الليبية يعني ضمان أمن الحدود الجنوبية لأوروبا .