منتدى الدوحة 2025.. رئيس مجلس الوزراء: قطر تؤمن بأن العدالة ركيزة أساسية لصون السلم الدولي وترسيخ الاستقرار

alarab
منتدى الدوحة 2025.. رئيس مجلس الوزراء: قطر تؤمن بأن العدالة ركيزة أساسية لصون السلم الدولي وترسيخ الاستقرار
محليات 06 ديسمبر 2025 , 02:35م
قنا

 شدد معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية على أن دولة قطر تؤمن بأن العدالة ليست غاية سياسية فحسب، بل ركيزة أساسية لصون السلم الدولي، وترسيخ الاستقرار.

وقال معاليه، في كلمته التي ألقاها في الجلسة الافتتاحية لمنتدى الدوحة 2025 في دورته الثالثة والعشرين، صباح اليوم، إنه "من هذا الإيمان تنطلق سياساتنا من تطابق القول مع العمل، ومن انسجام المبادئ مع الممارسة، ومن التزام ثابت بمسؤولية دولية، لا نميز فيها بين الأطراف، بل نقف فيها إلى جانب ما يخدم الإنسان، ويحفظ كرامته".

وأضاف أن دولة قطر، وسيرا على هذا النهج، تواصل دورها في الوساطة الفاعلة، باعتبارها أحد أعمدة سياستها الخارجية فتبادر إلى فتح قنوات الحوار، وتوفير منصات تفاوض موثوقة، وتسهيل التفاهمات بين الأطراف المتنازعة.

وأشار معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية إلى أن سجل دولة قطر، من النجاحات في جهود الوساطة والثقة التي يبديها المجتمع الدولي حيال الدور الذي تقوم به في تحقيق السلام، أثبت أن الوساطة ليست رفاهية سياسية، أو خيارا مصلحيا بالنسبة لقطر، بل منهجا راسخا تمارسه بإخلاص، إيمانا بأن بناء السلام الحقيقي، يبدأ من الإشراك لا الإقصاء، ومن توسيع المساحات المشتركة، لا من تعميق الانقسام.

وأكد أن هذا النهج تجسد بوضوح، فيما تم التوصل إليه بالأمس، حيث نجحت دولة قطر، بالتعاون مع شركائها من النرويج وإسبانيا وسويسرا، في تحقيق اختراق مهم، بين حكومة كولومبيا وجماعة EGC المعلنة ذاتيا حيث أتاح الاتفاق، فرصة حقيقية لتعزيز أمن الكولومبيين، وصون كرامتهم، ومنح المجتمعات المتأثرة بالنزاع، بارقة أمل عملية للخروج من سنوات العنف.

وأوضح أن الاتفاق فتح الباب أيضا أمام مسار سياسي منظم يهدف إلى نزع السلاح، ومكافحة إنتاج المخدرات وتصديرها، وبناء سلام مستدام في إطار متفق عليه، بما يعيد الاستقرار إلى المناطق التي طالها الصراع.

ولفت معاليه إلى أن هذا التقدم يؤكد أن الوساطة الصادقة والمسؤولة قادرة على حماية المدنيين، وفتح الأبواب أمام سلام يرتكز على المسؤولية، والثقة والتزام الأطراف بما يخدم الشعوب.

وشدد معاليه على أن العالم لا يحتاج إلى مزيد من الوعود، بل يحتاج إلى عدالة يمارسها الجميع دون ازدواجية في المعايير، ومسؤولية يتحملها الكل دون محاباة، وشجاعة تترجم الأقوال إلى أفعال.

وأبرز في معرض كلمته، أن منتدى الدوحة يعد منصة عالمية رائدة تجمع صناع القرار وقادة الفكر والخبراء من مختلف أنحاء العالم، وتشكل مساحة مؤثرة للحوار، حول التحديات الكبرى، وصياغة حلول عملية لها.

وقال معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية: إن "عنوان منتدى هذا العام "ترسيخ العدالة: من الوعود إلى واقع ملموس" يعكس حقيقة نلمسها جميعا أن الفجوة بين الخطاب والممارسة تتسع، وأن العدالة باتت في كثير من الأحيان؛ غائبة عن مسار القانون الدولي، وسط عالم تتقدم فيه المصالح على المبادئ، ويستبدل فيه القانون بالقوة".

وحذر معاليه من أن العالم يشهد تفاقما غير مسبوق للأزمات ليس بسبب غياب الموارد أو المعرفة، بل بسبب غياب المساءلة، واستمرار النزاعات دون حلول عادلة، ما يشكل تهديدا مباشرا للسلم والأمن الدوليين.

وأشار في هذا السياق إلى أن الأزمات عندما تدار بمنطق القوة بدلا من القانون، وحين يبقى المعتدي بعيدا عن أي مساءلة، فإن النظام الدولي يتحول إلى ما يشبه "مجموعة من الوعود غير المنجزة".

وأوضح معاليه أن التوترات المتلاحقة كشفت أن إدارة الأزمات بحدها الأدنى، أو الاحتفاظ بتوافق دولي مؤقت دون معالجة جذور الصراع، لم يعد خيارا صالحا، فالأزمات حين لا تحقق حلولها العادلة تعود أشد تعقيدا، وتتمدد إلى ما وراء حدودها، وأن التوافق المؤقت لا يوقف التاريخ، بل يؤجل استحقاقاته.

وشدد في هذا الإطار على أن الحلول العادلة وحدها، هي التي تصنع السلام المستدام، وتمنع استمرار دائرة النزاع والانقسام.

وحذر من أن غياب المساءلة يظل أحد أخطر مظاهر الاختلال في النظام الدولي، "وهو ما يتجلى في منطقتنا، فمعاناة الشعب الفلسطيني تحت انتهاكات صارخة للقانون الدولي، والمآسي التي يشهدها السودان، من مجازر وانتهاكات جسيمة، تبرز جميعها أن تحقيق العدالة، وحماية الحقوق شرط لا غنى عنه لصون استقرار المنطقة ومنع تفككها".

وفي معرض حديثه عن سوريا، قال معاليه إنه بعد سنوات قاسية من غياب العدالة، يمضي الشعب السوري، في مسار يأمل أن يقوده إلى التعافي، ضمن عدالة انتقالية تعزز التماسك ونبذ الطائفية، ما يهيئ الطريق نحو سلام يطوي صفحة الماضي، ويستند إلى المشاركة والعدالة.

كما لفت معاليه إلى أن التحديات التي تواجهها المنطقة ليست معزولة عما يشهده العالم، من تراجع خطير في احترام القانون الدولي، والاستخدام المفرط للقوة دون محاسبة، وإضعاف دور المؤسسات الدولية، واعتبر أن كل ذلك عوامل تنتج بيئة دولية، تتزايد فيها المخاطر، وتتآكل فيها ثقة الشعوب بالنظام العالمي.

وقال في هذا الصدد "إن عالمنا اليوم يحتاج إلى إعادة الثقة في القانون، وإلى منظومة دولية أكثر عدلا، وإلى تمكين المجتمعات والمنظمات الإنسانية، باعتبارها شريكا أصيلا في صنع مستقبل أكثر استقرارا وشمولا، فالسلام الدائم، لا يتحقق بقرارات شكلية، بل بجهد تشاركي يضع كرامة الإنسان في صميم كل السياسات".

وفي ختام كلمته أعرب معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية عن تطلعه إلى أن يشكل منتدى الدوحة منصة لتعميق التعاون بين الحكومات والمجتمعات والمنظمات الإنسانية، من أجل مستقبل أكثر إنصافا وأمنا للبشرية جمعاء.