نمو أنشطة الأعمال الاستثمارية خلال العام ونصف العام الماضي، سواء في قطاعي التجارة والصناعة دفع باتجاه ضرورة توحيد مرجعيات القطاع الخاص المحلي، بما يحقق رؤية الدولة في تحفيز مشاركته في مسيرة التنمية الشاملة للدولة.
إصدار حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، قرارا بتعيين وزير للتجارة والصناعة، يعد رؤية ثاقبة لمتطلبات مستقبل بيئة الأعمال الاستثمارية بالدولة وبما يدعم التطوير المؤسسي ويسهل الإجراءات أمام تأسيس الأعمال التجارية والصناعية، كما سيكون لها دور في تحفيز رؤوس الأموال المحلية والأجنبية إلى الاستثمار بالقطاع غير النفطي.
وبحسب القرار الأميري رقم 68 لسنة 2018 فإن وزارة التجارة والصناعة تختص بالإشراف على النشاط التجاري والصناعي وتوجيهه بما يتفق مع متطلبات التنمية الوطنية والعمل على تنمية الأعمال والمساهمة في جذب الاستثمارات ودعم وتنمية الصادرات، وتطوير أساليب وإجراءات تقديم الخدمات العامة لقطاع الأعمال والاستثمار، والإشراف على مزاولة المهن التجارية، وقيد وتسجيل المنشآت التجارية والاستثمارية، وإصدار التراخيص اللازمة لممارسة نشاطها، والإشراف على تنظيم ومراقبة الأسواق في مجال اختصاصها، واتخاذ التدابير اللازمة لحماية المستهلك ومكافحة الغش التجاري وحماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، وحماية حقوق الملكية الفكرية، ووضع السياسية العامة للتصنيع وتنمية الصناعات الوطنية، وتطوير واستغلال المناطق الصناعية التابعة لها، واقتراح إنشاء مناطق صناعية جديدة.
توازن القطاعين
بالرغم من تناقض أفكار وأساليب الأعمال التجارية والأعمال الصناعية والتنافس المحموم فيما بينهما في محاولة لكسب الرهان في السيطرة على الأسواق المحلية وزيادة نسبة مبيعاتها إلا أنها تحتاج إلى جهة حكومية راعية واحدة تعنى بتنظيم قضاياها ووضع أسس كل منهما بشكل يفضي في نهاية المطاف إلى التوازن بالأنظمة والتعليمات والقوانين بما يضمن حصة قطاعي الصناعة والتجارة المناسبين لكل منهما.
كما سيكون هناك دور مباشر لوزارة التجارة والصناعة لضمان عدم وجود ممارسات تضر بالإنتاج الوطني من خلال عدم إغراق الأسواق المحلية بالمنتجات المستوردة والتي تهدف إلى إلحاق الضرر بالمنتجات الوطنية.
بلغة الأرقام فإن قطاع الأعمال المحلي حقق العديد من القفزات الملموسة، فعلى صعيد تأسيس الشركات وتسجيلها فقد تم خلال الربع الثالث من العام 2018 تسجيل نحو 6039 شركة جديدة، فيما نما عددها خلال شهر سبتمبر الماضي بنسبة وصلت إلى ما يقارب 42%، وعلى صعيد الصادرات غير النفطية خلال تسعة أشهر من العام 2018 الجاري بلغت نحو 18.03 مليار ريال، مقابل 13.2 مليار ريال لنفس الفترة من العام الماضي محققة نموا بنسبة 36.5%. أما على الصعيد الصناعي فإن إجمالي المنشآت الصناعية وصل لنحو 1393 منشأة في 2018 مقارنة بنحو 1076 منشأة في 2014.
مشاريع غير تقليدية
توجه المستثمرون إلى تأسيس مشاريع استثمارية في قطاعات مختلفة وغير تقليدية تستوجب إعادة النظر في منظومة التشريعات والقوانين والأنظمة والتعليمات التي تحكم العملية الاقتصادية برمتها وهو ما حدث بالفعل من خلال إصدار العديد من القوانين والأنظمة خلال العام الحالي، بالإضافة إلى تقديم حزم متنوعة من التسهيلات الحكومية.
ومن أبرز التعديلات التي شهدتها البيئة التشريعية الاستثمارية خلال الأشهر الماضية تعديل قانون تنظيم الاستثمار غير القطري والذي ضمن عدة مزايا للاستثمار الأجنبي أهمها نسبة التملك بـ 100% على عكس ما كان موجودا قبل التعديل، إذ كان لا يسمح بالتملك للاستثمار الأجنبي لنسبة تزيد على 49%، وثاني أهم التعديلات القانونية تعديل قانون بشأن المناطق الحرة الاستثمارية الذي أصدره حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى نهاية العام الماضي.
هيكل تنظيمي
وأكد رجال أعمال وخبراء أن توحيد مرجعيات قطاعي الصناعة والتجارة في هيكل تنظيمي إيجابي يحقق الدعم الحقيقي للقطاع الخاص، مشيرين إلى أن قطاع الأعمال شهد تغيرات جوهرية من حيث طبيعة الاستثمار المستهدف من قبل رجال الأعمال والقطاعات المطلوبة بالسوق المحلي.
إلى ذلك أكد رجل الأعمال والصناعي سعد آل تواه الهاجري أن إدراج قطاعي الصناعة والتجارة ضمن وزارة واحدة سيكون له دور مباشر في تسهيل الإجراءات المقدمة للقطاع الخاص المحلي، لافتا إلى أن القطاع الصناعي من القطاعات الواعدة في الاقتصاد الوطني والتي باتت تشهد طفرة في عدد المنشآت الصناعية.
وقال إن الفترة الماضية شهدت اهتماما ملموسا بالصناعة الوطنية وتقديم العديد من التسهيلات المهمة للقطاع والتي كان لها الدور الأكبر في نموه، مشيرا إلى أن الفترة المقبلة تحتاج إلى بذل مزيد من الجهود ليكون هناك دور أكبر للقطاع الصناعي في الناتج الإجمالي بالإضافة إلى تواجد أكبر للصناعة في السوق المحلي.
وبلغ عدد المنشآت الصناعية القائمة والمقيدة بالسجل الصناعي حتى 2018 نحو 782 منشأة صناعية، نتيجة لما يتم تقديمه من حوافز مجزية وبلغت استثماراتها حوالي 289 مليار ريال وعدد العاملين بهذه المنشآت 93189 عاملا وموظفا. وبلغ مجموع استثمارات المشاريع الصناعية الأساسية في قطاع صناعة المنتجات البترولية المكررة وتحويل الغاز إلى سوائل حوالي 113.5 مليار ريال. كما بلغ مجموع استثمارات المشاريع الصناعية الأساسية في قطاع صناعة المواد والمنتجات الكيميائية حوالي 57.9 مليار ريال.
الاستثمار الأجنبي
وقال رجل الأعمال حسن يوسف الحكيم إن بيئة الأعمال شهدت تطورات وتغيرات جوهرية خلال الفترة الماضية، إذ شهدنا تأسيس العديد من الشركات والمصانع وجذب العديد من الاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى استقطاب العلامات التجارية العالمية وفتح فروع لها داخل دولة قطر، مشيرا إلى أن كل تلك المتغيرات كان لابد أن يكون هناك تغير في الجهات الراعية والمعنية بتنظيم قطاع الأعمال المحلي.
وبين أن جعل قطاعي الصناعة والتجارة ضمن وزارة واحدة سيكون له دور في تنمية القطاعين وتحقيق أفضل نمو للقطاعي على حد سواء، مشيرا إلى أن القطاع الخاص المحلي استطاع خلال الفترة الماضية إثبات نفسه من خلال تأمين الأسواق المحلية بكافة الاحتياجات بالإضافة إلى أنه استطاع زيادة حصة المنتجات الوطنية في السوق المحلي.
ويذكر أنه تم الإعلان مؤخرا عن إنشاء قاعدة بيانات صناعية متطورة تجمع بين بيانات الصناعة في دولة قطر وبيانات التجارة الخارجية وقد أطلق على القاعدة اسم بوابة قطر الصناعية وتخدم هذه البوابة 4 أهداف تتمثل في دعم التخطيط الصناعي المبني على المعرفة، وتحقيق الشفافية والمصداقية من خلال إتاحة المعلومات والبيانات، وتمكين المستثمرين في قطاع الصناعة من اتخاذ القرارات الاستثمارية الصحيحة والمناسبة، والترويج للاستثمار وإقامة المشروعات الصناعية في دولة قطر.