تستعد قطر لإقرار ضريبة القيمة المضافة التي ينتظر أن يبدأ العمل بها في دول الخليج بداية من يناير 2018، وجددت مصادر لـ لوسيل تأكيدها على مواصلة الفرق المختصة والفنيين تهيئة البنية التحتية والتشريعية للقانون والضوابط الملزمة والمنظمة لضريبة القيمة المضافة التي تم الاتفاق عليها ضمن اجتماعات وزراء مالية دول مجلس التعاون، والتي أفضت إلى الاتفاق على تحديد نسبة الضريبة بـ 5%، سيتم تطبيقها على عدد من المنتجات والخدمات المتنوعة مع استثناء السلع الأساسية والقطاعات الحيوية وفي مقدمتها قطاعا التعليم والصحة إضافة إلى المواد الغذائية والحياتية الأساسية كالقمح والسكر والأرز والخضروات وغيرها من الأغذية التي لا يمكن للفرد الاستغناء عنها، حيث تشير المصادر إلى أن القانون سيعفي قرابة 100 سلعة بما فيها الكتب والمراجع التعليمية.
ورجحت ذات المصادر أن يتم الانتهاء من مسودة قانون ضريبة القيمة المضافة قبل نهاية العام الجاري، على أن يبدأ التطبيق مطلع عام 2018 قبل أن تعمم بشكل كامل في نهاية العام المقبل ومطلع عام 2019، مذكرة بقيام عدد من الجهات الحكومية المختصة في قطر إضافة إلى الشركات والمؤسسات المالية والاقتصادية بتنظيم ورش تدريبية، الهدف منها التعريف بمبادئ ضريبة القيمة المضافة وأسس تطبيقها والضوابط المنظمة لها وآثارها المترتبة عنها على الحكومات والأفراد والشركات التي ستكون هي في الخط الأول لتطبيق هذه الضريبة، قبل أن يتحملها المستهلك، والتي يختلف جوهرها عن ضريبة المبيعات، حيث تفرض القيمة المضافة على السلع والخدمات خلال مختلف مراحل سلسلة التوريد بما في ذلك مرحلة البيع النهائي.
بدأت بعض الجهات، خاصة المحللين والمراقبين في تقديم توقعاتهم حول الآثار التي ستنتج عن تطبيق القيمة المضافة على الاقتصاد الوطني، خاصة على الإيرادات الحكومية التي ستحصلها الدولة بشكل غير مباشر، حيث ذكرت تقارير أن الإيرادات المتوقعة خلال السنوات الأولى من التطبيق ستصل إلى نحو 2% من إجمالي الناتج المحلي وبالتالي ارتفاع الإيرادات العامة إلى ما يقارب 5%.
وتعتبر ضريبة القيمة المضافة من الموارد التي تدعم خزينة الدولة بعيدا عن الإيرادات من القطاعات الهيدروكربونية ويشار إلى ارتفاع إيرادات الاستثمارات بالأرقام الفعلية في موازنة 2014-2015 إلى نحو 111.8 مليار ريال، والإيرادات الأخرى شاملة بند الضرائب إلى نحو 61 مليار ريال وهو ما يمثل على التوالي نحو 33.2% و18.12% من إجمالي الإيرادات مقارنة بنحو 23.1% و14.7% في موازنة 2010-2011 بالأرقام الفعلية، وبالتالي ستساهم ضريبة القيمة المضافة حال مباشرة تطبيقها في زيادة الإيرادات غير النفطية بما يدعم استمرارية توفير الخدمات الحكومية إضافة إلى تقليص الاعتماد على النفط والتوجه نحو تنويع مصادر الدخل الحكومي.
تأثير على الشركات
ضريبة القيمة المضافة ستكون لها آثار على الشركات والأفراد، حيث يقول الخبير الاقتصادي علي حسين الخلف: إن أي ضريبة ستفرض على المبيعات لها تأثير مباشر على تكلفة السلعة النهائية، مشيرا إلى أن السؤال المطروح هو كيف سيتم تطبيق هذه الضريبة خلال الفترة المقبلة وهل ستشمل جميع الشركات منذ البداية أو سيتم تطبيقها تدريجيا إلى حين إقرارها كليا؟، وتابع قائلا: يجب الانتباه عند التطبيق إلى ضرورة أن يكون سليما حتى لا تكون لتلك العملية أضرار عكسية سلبية تؤثر على عمليات التحصيل لتلك الضريبة لاحقا ، مشددا على أن الأمر يحتاج إلى مزيد من الدراسة الفنية المستفيضة ووضع الأسس السليمة لهذه الضريبة خاصة أنها تطبق لأول مرة.
وأوضح الخبير الاقتصادي علي حسين الخلف أن التحدي الأساسي لضريبة القيمة المضافة هو ارتفاع التكاليف، وتحديدا ارتفاع أسعار المواد التي ستشملها الضريبة وبالتالي الانعكاسات المترتبة على المستهلك بدرجة أولى، حيث من المنتظر أن ترتفع تكاليف المعيشة، وهذه النقطة يجب أن توضع في الاعتبار، مشيرا إلى أنه قد تكون هناك بدائل تراعي ارتفاع أسعار المعيشة بعد فرض ضريبة القيمة المضافة.
وأشار الخلف إلى أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة قد يشهد في الفترة الأولى بعض السلبيات إلى حين انتظام العملية بشكل كامل واستقرار الأنظمة وتحصيل إيرادات الضريبة.
ضريبة غير مباشرة
من جهته قال شريك في مؤسسة موور استيفنز للمراجعة والتأكيد والضرائب والخدمات المحاسبية بقطر فتحي أبو فرح: إن ضريبة القيمة المضافة المطروحة جاءت بناء على اجتماع وزراء المالية بدول التعاون في العام الماضي بالاتفاق على أن تكون بنسبة 5% وهي ضريبة غير مباشرة تحصلها الشركات وتوردها للجهات الحكومية، معتبرا أن التشريعات الرئيسية في قطر لم تتضح معالمها بعد والتي من المتوقع أن يبدأ تطبيقها في بداية يناير 2018 أو كحد أقصى في يناير 2019، مشددا على أهمية التفريق ما بين ضريبتي المبيعات والقيمة المضافة حيث إن الأخيرة تنتقل من مورد لآخر في عملية البيع والشراء ويتم خصمها من الضريبة المحصلة عند عملية البيع ويتم تحصيلها بشكل نهائي عند نافذة البيع الأخيرة (المستهلك).
وقال أبو فرح إن نسبة الضريبة المتوقعة في قطر تتراوح ما بين صفر و2% و5% بالتالي تحتاج لنظام مبيعات وأنظمة محاسبة معدة مسبقة لتطبيق هذه الضريبة، مشيرا إلى أن البنوك والمؤسسات المالية التي تقدم خدمات بنكية ومالية لا تكون خاضعة لضريبة القيمة المضافة.
وأوضح أبو فرح أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة سيتبعه ارتفاع في أسعار السلع الكمالية، إلا أنه أوضح أن هناك بعض الشركات من المتوقع أن تحافظ على حصصها من السوق بأن تقوم بتحمل تبعات القيمة المضافة بمعنى أن تتحمل القيمة المضافة من ميزانية الشركة حتى تحافظ على عملائها ووضعها في السوق ولضمان تنافسية أكبر خاصة أن نسبة 5% تعتبر نسبة صغيرة بالتالي هي تمتص ضريبة القيمة المضافة وتبيع سلعها بنفس السعر ما قبل تطبيق القيمة المضافة، ملمحا إلى أن المواطن سيلحظ ارتفاعاً في الأسعار بمجرد تطبيق ضريبة القيمة المضافة، باعتبار أن الضريبة هي بالأساس على السلع الكمالية والتي قد لا تشكل نحو 10% من مصروف المواطن العادي وتزيد هذه النسبة على الطبقات فوق المتوسطة.
إعداد التشريعات
وأفاد أبو فرح بأن قطر تحتاج لوقت أطول لتطبيق هذه الضريبة مقارنة بدول الخليج الأخرى، وذلك لأن قطر لا تطبق الضريبة المباشرة إلا على المقيمين بنسبة ضئيلة لا تتجاوز 10% ولا توجد ضرائب على الرواتب ولا على الأفراد والمواطنين، مضيفا: تحتاج قطر لإعداد تشريعات وفريق تفتيش لتطبيق الضريبة وتحديد الإقرارات الضريبية على حسب نوع الشركات .
وشدد على وجود فرق تفتيش وموظفين ليقوموا بعمليات التفتيش التي تضمن تطبيق الضريبة كما أن الشركات تحتاج لنقاط بيع لتعريف السلع التي تطبق عليها الضريبة من السلع المعفاة بالإضافة لنظام بيعي ومحاسبي يستوعب هذه الضريبة.
ولضمان مبدأ التنافسية يرى الخبير أبو فرح أن التشريعات في دول مجلس التعاون يجب أن تكون بنفس المستوى وذلك لضمان التنافسية في حركة التجارة وجذب الاستثمارات الأجنبية وحتى لا يؤثر على توجهات التجارة والاستثمار، مراعاة عدم وجود فروقات في تطبيق الضريبة في دول التعاون.
أيضاً توقع أن تكون عائدات الضريبة في دول الخليج متفاوتة من دولة لأخرى بدول التعاون باعتبار أنها تقوم بشكل أساسي على الاستهلاك.
توزيع المسودة
وتوقع أبو فرح أن يتم التطبيق في النصف الثاني من 2018، متوقعا أن تصدر هذه المسودة في 2017 وتوزيعها على الجهات المعنية لدراستها وستكون جاهزة في 2018 بعد إعداد الورش التعريفية ومن المنتظر أن يتم تطبيقها بشكل رسمي في 2019، حسب أبو فرح، لأن التشريعات تحتاج لمزيد من الوقت حتى تطبق بشكل فعلي.
وعدَّدَ أبو فرح مميزات تطبيق الضريبة في أنها توفر مصدرا آخر للحكومة وبمبالغ جيدة، كما لن تؤثر على ذوي الدخل المحدود بمعنى أنك تدفع ما تستهلكه من سلع كمالية، وهذا النوع من الضريبة لا يؤثر على رواتب الأفراد وأرباح الشركات.