تحل غدا الذكرى السنوية الأولى للزلزال المدمر الذي ضرب في السادس من فبراير 2023، جنوب شرق تركيا وشمال غرب سوريا، موديا بحياة أكثر من 50 ألف شخص في تركيا وما لا يقل عن 6000 شخص شمال سوريا، فضلا عن عشرات الآلاف من الجرحى والمصابين.
ومنذ اللحظات الأولى لوقوع كارثة الزلزال، برزت دولة قطر في مقدمة المتضامنين مع الأشقاء في تركيا ومع الشعب السوري الشقيق، من خلال الاتصالات الفورية مع المسؤولين في جمهورية تركيا الشقيقة وتقديم التعازي، والتأكيد على وقوف دولة قطر إلى جوار الشعبين التركي والسوري في هذه الكارثة الإنسانية.
وتنفيذا لتوجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، أطلقت دولة قطر جسرا جويا لدعم الجمهورية التركية الشقيقة لمواجهة الكارثة، ورافق أولى رحلات الجسر الجوي فريق من مجموعة البحث والإنقاذ القطرية الدولية التابعة لقوة الأمن الداخلي (لخويا)، مجهزا بآليات متخصصة بعمليات البحث والإنقاذ، بالإضافة إلى مستشفى ميداني ومساعدات إغاثية وخيم ومستلزمات شتوية، كما خصصت دولة قطر 10 آلاف منزل متنقل تم نقلها إلى المناطق المتضررة، وتحركت كل الأجهزة والمؤسسات المعنية لتقديم كل أشكال الدعم والمساعدة للأشقاء المتضررين، فضلا عن المساعدات المختلفة من الهلال الأحمر القطري وجمعية قطر الخيرية، ودشنت هيئة تنظيم الأعمال الخيرية حملة /عون وسند/ الإغاثية العاجلة لمتضرري الزلزال، وقد تبرع حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى بمبلغ 50 مليون ريال قطري لصالح الحملة.
وقد بلغت قوة الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا في فبراير الماضي 7.7 درجة على مقياس ريختر، أعقبه آخر بعد ساعات بقوة 7.6 درجات، ومئات الهزات الارتدادية العنيفة التي وصلت تردداتها إلى مصر، وقد استمرت كارثة الزلزال خمساوستين ثانية، وحولت مئات الآلاف من المباني إلى كومة من الأنقاض، وتضرر بسببها أكثر من 20 مليون شخص كما تسببت بحالة ذعر وخراب في 11 محافظة تركية.
ووفق معاهد مختصة وقع الزلزال على عمق نحو 17,9 كيلومتر وكان مركزه في منطقة بازارجيك في محافظة كهرمان مرعش بجنوب شرق تركيا على مسافة 60 كيلومترا من الحدود السورية. وكشفت السلطات التركية أن الزلزال ألحق الضرر بمنطقة يقطنها 13.5 مليون نسمة، وقالت إن منطقة تأثير الزلازل غطت مساحة تقارب 110 آلاف كيلو متر مربع.
ومع حلول الذكرى الأولى للزلزال بدأت الحياة هناك تعود إلى طبيعتها بشكل تدريجي، فيما تواصل السلطات التركية المختصة جهودها الحثيثة لإزالة آثار الكارثة والتخفيف من معاناة المتضررين، وقد شرعت منذ اللحظات الأولى للزلزال، فيما وصف بأكبر جهد لإعادة الإعمار في تركيا منذ تأسيس الجمهورية عام 1923.
وتلعب موارد تركيا الاقتصادية والمالية مع القوى العاملة المدربة دورا كبيرا في إعادة الإعمار وإعادة الاقتصاد إلى طبيعته في المنطقة المنكوبة.
وفي هذا السياق أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن حكومته تعتزم في غضون شهرين تسليم 75 ألف منزل للمتضررين من كارثة زلزال فبراير الماضي، جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال حفل أقيم السبت الماضي، لسحب القرعة وتسليم المنازل للمواطنين في ولاية هطاي جنوبي تركيا، وهي واحدة من 11 ولاية تضررت من الكارثة.
ولفت الرئيس التركي إلى أن الحفل يشمل تسليم 7 آلاف و275 منزلا لأصحاب الحقوق. كما شهد الرئيس التركي حفلا يوم الأحد الماضي لتسليم أكثر من عشرة آلاف منزل بولاية غازي عنتاب وهي من الولايات التي ضربها زلزال فبراير الماضي.
وأكد الرئيس أردوغان أن الدراسات التي قامت بها حكومته أظهرت أن عدد الأشخاص الذين يحق لهم الحصول على المساكن في منطقة الزلزال هو 390 ألفا، مشيرا إلى أن حكومته ستقوم تدريجيا بتسليم 40 ألف منزل قيد الإنشاء حاليا في المنطقة إلى أصحاب الحقوق كلما اكتملت أعمال البناء على أمل الانتهاء من تسليم 75 ألف منزل في جميع أنحاء منطقة الزلزال في غضون شهرين، وينتظر أن يصل عدد المنازل التي تسلمها الحكومة إلى 200 ألف منزل بحلول نهاية العام الجاري.
كما افتتح الرئيس التركي السبت الماضي، مستشفيين بولاية هطاي تم تشييدهما بعد الزلزال، وأكد في كلمة بهذه المناسبة، أن حكومته تهدف إلى النهوض بولاية هطاي، وكافة الولايات المتضررة من الزلزال في أقرب وقت.
وفي يوليو الماضي، قدر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التكلفة الإجمالية للأضرار الناجمة عن الزلزال بحوالي 104 مليارات دولار، وأعلن اكتمال عمليات إزالة الحطام، وقال إن العمل جار على بناء مساكن دائمة في مناطق خالية من مخاطر الزلازل، معربا عن أمله في التغلب على هذا العبء بدعم من أصدقاء تركيا.
وأكد أن شعبه لن ينسى مساعدة الدول الصديقة والشقيقة من جميع أنحاء العالم التي هرعت إلى منطقة الزلزال، وسيتذكر بامتنان كل من وقف إلى جانب تركيا في تلك الفترة العصيبة.
وفيما تتواصل جهود إعادة بناء ضخمة في المناطق، التي دمرها الزلزال، يتم هدم العديد من المباني المنهارة أو المتضررة بشدة وإزالة الأنقاض، مع بقاء بعض المباني المهجورة ذات الجدران المتصدعة أو المنهارة. وقال مسؤولون حكوميون في إسطنبول: إن المنازل الجديدة، التي يجرى بناؤها مصممة لتحمل الزلازل القوية.
في الوقت ذاته، يتم إيواء الأسر التي لم تتمكن من العثور على مسكن جديد بمفردها، في مدن من الحاويات تضم ما يقدر بنحو 430 ألف شخص وفق الصليب الأحمر الدولي.
وتفيد مؤسسة أبحاث السياسات الاقتصادية التركية (تيباف)، بأن محافظة هاتاي فقدت خلال الزلزال عددا من الأبنية، يوازي عدد المباني الذي يشيد في غضون عقد من الزمن.
وتحتل الولايات التي تعرضت للزلزال المدمر مكانة مهمة في الاقتصاد التركي، ما دفع الحكومة هناك لاتخاذ حزمة من الإجراءات الرامية لإعادة تأهيل اقتصاد المدن المنكوبة سريعا.
ونشرت مؤسسة سيتا البحثية التركية تقريرا، ذكر أن مناطق الزلزال تحديدا تتمتع بقدرة إنتاجية خطيرة تمثل أكثر من ثمانية بالمائة من الصادرات، مشيرا إلى أن الطاقة صدرت ما قيمته 20 مليار دولار عام 2022، وكان من المتوقع أن تصدر ما يقرب من 22 مليار دولار عام 2023، وأشار التقرير إلى أنه كان من المقدر أن يبلغ الدخل القومي لتركيا عام 2023، نحو 942 مليار دولار وأن تبلغ الصادرات 270 مليارا، لكن آثار الزلزال تسببت في ضرر جزئي لهذا الاتجاه.