مقدمة
قبل أن يغادر البيت الأبيض منتصف شهر يناير المنصرم، شاء الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، أن يختم فترة رئاسته بالتوقيع على عدة قرارات رئاسية. كان من أهمها تلك المتعلقة بالرفع الجزئي للعقوبات الاقتصادية التي فُرضت على الحكومة السودانية منذ حوالي ما يناهز العقدين من الزمن.
ولكن ثمة أسئلة تطرح نفسها وتستوجب الوضوح والشفافية في الإجابة عليها لأنها تهُم المواطنين بالدرجة الأولى. منها على سبيل المثال: كيف تمَّ رفع الحظر؟ وهل هناك بنود سرية في القرار؟ ولماذا جاء القرار في هذه الظروف؟ وهل ثمة شروط ما تزال قائمة يمكن أن تعيد الكرة للمربع الأول؟ وهل لذلك تأثير في العلاقة مع الصين شريك (الضراء) أثناء فرض العقوبات؟ ما دور إسرائيل في ذلك؟ أيهما الأكثر تضررًا من العقوبات، المواطن أم الحكومة؟ ومن هو المستفيد الأول بعد رفعها؟ ولماذا لم ترفع العقوبات كلها؟ وما دور القوى المعارضة في تلك التداعيات؟ وأخيرًا وليس آخرًا، وما موقف الإدارة الأمريكية الجديدة؟
الملاحظات الدولية تحتاج لقراءات واقعية باستقراء ما ذكرناه أعلاه. مثلما أن الأسئلة المتعلقة بالواقع المحلي مثل أيهما المنتفع والمتضرر من القرار، أو محاولات البحث عن دور للقوى المعارضة، أو تأثير ما حدث في السجال الدائر بين الحكومة والمعارضة نفسها، فكل هذه الأسئلة ستكشفها الأيام المقبلة.
وقبل أن يفيق السودان من ابتهاجهم برفع الحظر الأمريكي يفاجئهم الرئيس الجديد دونالد ترامب في أول أيامه بوضع السودان ضمن الدول المحظور على مواطنيها دخول الولايات المتحدة، ليشكل علامة استفهام أكبر حول مستقبل تلك القرارات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أشاد بدور قطر والسعودية والإمارات.. وزير المالية السوداني:
500 مليار دولار خسائر السودان بسبب الحصار الأمريكي
كشف بدر الدين محمود وزير المالية السوداني بأن خسائر بلاده من جراء الحصار الاقتصادي الذي فرضته الولايات المتحدة الأمريكية منذ العام 1997م وحتى رفعه في يناير من العام الحالي تجاوزت الـ500 مليار دولار. وقال في تصريح لصحيفة لوسيل إن قرار رفع العقوبات بالنسبه لبلاده تعتبر المرحلة الأولى ونسعى إلى رفع اسم السودان من قائمة الدول الرعاية للإرهاب ، مشيرًا إلى وجود لجنة تعمل منذ شهور لحصر الخسائر ولجنة أخرى تعمل على تحسين العلاقات مع الأمريكية والعمل في محور إعفاء ديون السودان، مشيرًا إلى اتفاقية الديون الصفرية التي وقعتها بلاده مع دولة جنوب السودان التي تم تمديدها مرتين ونتطلع أن يقوم المجتمع الدولي للوفاء بالتعهدات.
وقال إن رفع العقوبات تم بناءً على اتفاق بين مؤسسات تلعب الدور الرئيسي في صنع القرار بالبلدين ولأول مرة يتم التفاوض بين مؤسسات مع الطرف الأمريكي وقيل لنا إن هناك تفاهمات مع الإدارة الأمريكية الجديدة.
وزير المالية قال إن السودان بدأ مرحلة جديدة للتعاون والعمل مع المؤسسات الدولية في التبادل التجاري والتحويلات المصرفية التي توقفت بسبب الحصار الاقتصادي. وأضاف نتوقع أن تسهم الإدارة الجديدة لفتح السوق السوق السوداني للبضائع الأمريكي ، مشيرًا إلى أن الموقع الجغرافي للسودان الذي يفتح على سوقين العربي والإفريقي، مؤكدًا على تلقي سفاره بلاده بأمريكا سيل من الطلبات للشركات الأمريكية لتوثيق مستنداتها للدخول إلى للسوق السوداني.
وكشف الوزير بأن القطاع الاقتصادي السوداني يعكف حاليًا لإعداد خطة للتعامل مع القرار.
وأشاد بدور السعودية وقطر والإمارات لبذلهم جهودا كبيرة ومقدرة في مساعدة بلاده في رفع العقوبات بجانب الاتحاد الإفريقي. وقال الآن نعكف على مراجعة السياسات المالية والنقدية والتخلص من كل الإجراءات التي استحدثناها عنوة وقصرا للتعامل مع الحصار الأمريكي .
ـــــــــــــــــــــــــــ
خبير مصرفي لـ لوسيل :
70 مليار دولار خسائر الصادرات والواردات بسبب الحصار
قدر الدكتور عصام الزين الماحي، الخبير المصرفي ومدير سوق الخرطوم للأوراق المالية الأسبق، خسائر الحصار الاقتصادي على السودان في مجالي الصادر والوارد بنحو 70 مليار دولار، منها 30 مليار دولار في مجال الصادر و40 مليار دولار في قطاع الواردات، مشيرًا إلى أن متوسط صادرات السودان خلال 20 عاما التي شملها الحصار الاقتصاد في حدود 4 مليارات دولار سنويا للصادرات غير البترولية بسبب السماسرة والوسطاء. وأكد وجود دول لم يسمها استفادت من الحصار الاقتصادي على السودان من خلال إعادة تصدير المنتجات السودانية للأسواق العالمية وتقوم بشرائها من السودان بأسعار أقل بكثير من أسعارها العالمية وأحيانا تتجاوز نسبة الانخفاض 30%، خاصة أن الحصار الاقتصادي شمل النقل والتأمين والترحيل وهذه العمليات تنفذ للسودان بأسعار عالية جدًا مشيرًا إلى أن متوسط الصادرات السودانية في العام 4 مليارات دولار فضلًا عن السلع التي يتم تهريبها وهي كميات كبيرة.
وتابع عصام الزين بأن السودان يستورد أغلب احتياجاته من الخارج بعد أن تأثرت الصناعات المحلية وأصابها شلل نصفي بسبب الحصار، وكانت كل عمليات الاستيراد للسودان تتم بقيمة أعلى من قيمتها الحقيقية في الأسواق العالمية وكثير من الجهات الخارجية فتحت لها مكاتب في المناطق الحرة ببعض الدول لتقديم خدمات وعمليات الاستيراد للسودان حيث إن متوسط الواردات السنوية على مدى العشرين عاما الماضية 6 مليارات دولار لتصبح جملتها خلال سنوات الحصار 120 مليار دولار 40% منها تمثل فرق الأسعار العالمية والتي يخسرها السودان أي أن جملة خسائرها تقدر بـ40 مليار دولار مشيرًا إلى أن حجم الواردات الآن وصل إلى 10 مليارات دولار في العام.
وقال عصام إن الحصار التجاري والاقتصادي الشامل على السودان أعاق كل الاستثمارات الحكومية للسودان في الخارج فلم يعد للدولة استثمارات خارجية أوحسابات بالدولار في البنوك العالمية أو أي استثمارات في الأوراق المالية في الأسواق العالمية وهذ أثر بشكل كبير على بنك السودان المركزي بسبب فقدان الحسابات والأرصد الخارجية أو حقوق حسب الخاص في التعاملات مع الخارج.
وأكد عصام أن العقوبات استثنت الصمغ العربي بضغوط من الشركات الأمريكية والذي يدخل في 70 -90% من منتجاتها الغذائية والدوائية رغم أن أمريكا تستورد بشكل مباشر من السودان صمغا عربيا بقيمة 11 مليون دولار من جملة الوارات البالغة 54 مليون دولار. وأضاف في عهد جورج بوش الابن تم تجديد العقوبات وتحول القرار (14067) إلى القرار (13400) تم فيه قرن أحداث دارفور من الأحداث الأخرى مشيرًا إلى أنه في الأعوام الأخيرة ضاعف مكتب إدارة الأصول الأمريكية الخارجية عقوباته على المتعاملين مع السودان وجعل العقوبة ضعف المعاملة وتم إضافة أخرى للقرارات ضد السودان بالقرار (1592) قرار مجلس الأمن الخاص بقضية دارفور وتجميد الأصول التي تساهم فيها الحكومة السودان بأكثر من 50% وشمل الحظر الخطوط الجوية السودانية والسكة الحديد وعددا من البنوك الحكومية.
وتوقع أن يكون لرفع العقوبات على السودان أثر إيجابي يسهم في تحقيق الاستقرار في الميزان التجاري وحركة رؤوس الأموال القادمة وبداية لإحداث شراكات اقتصادية جديدة وتوسيع الشراكات القائمة.
ـــــــــــــــــــــ
فتحي الضو لـ لوسيل :
لعبت CIA والمخابارات السوادنية الدور الأكبر
فرضت العقوبات على مرحلتين كما هو معلوم، الأولى في العام 1997 بموجب القرار رقم 13067 أي في ظل إدارة الرئيس الأسبق بيل كلنتون، وبتهم وجهت لها وتتعلق بالإرهاب، فرضت عليها عقوبات تضمنت تجميد أصول الحكومة، ووقف التعاملات المالية، وحظرا تجاريا واستثماريا. أما المرحلة الثانية فكانت في العام 2006 بموجب القرار رقم 13412 أي تحت إدارة الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش الابن. وجاءت بعد تفاقم الأوضاع الإنسانية بصورة مأساوية في دارفور، ومن ثمَّ أصبح بينها وبين التهم الثلاثة التي وجهتها المحكمة الجنائية الدولية، خيط رفيع رغم عدم توقيع الولايات المتحدة على ميثاق روما. ولذا كانت عقوبات المرحلة الثانية هذه هي الأكثر تشددًا، لأنها تشمل المعدات العسكرية والتقنية المتطورة.
أولًا جدير بنا القول - وفقًا لسياسة الجزرة والعصا المعروفة - كان من المأمول أن تطرح بعض الإدارات الأمريكية، وبالأخص إدارة الرئيس بوش الابن التي أسهمت وأشرفت على المفاوضات التي جرت بين الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة زعيمها الراحل الدكتور جون قرنق والحكومة. أن تقدم هذه الإدارة وعودًا درجت تسميتها في الثقافة الأمريكية بقطعة (الحلوى السياسية)Political Candy وذلك لتحفيز الطرف المعني بالأمر على الإقدام نحو فعل إيجابي، والذي طالما كان متعلقا في أجندة الإدارة الأمريكية بالحروب وكيفية وقفها. لكن عوضًا عن ذلك فتحت الحكومة جبهات أخرى أكثرها إيلامًا مأساة دارفور، قبل أن توقع على اتفاق السلام (نيفاشا) لوقف حرب الجنوب، بل لعبت دورًا سالبًا بعد التوقيع في استقرار الدولة الجنوبية المنفصلة، الأمر الذي جعل الإدارات الأمريكية تغض الطرف عن العقوبات ورفعها. وأكثر من ذلك زادت عليها بعقوبات المرحلة الثانية المذكورة أعلاه.
نظرًا لكل تلك الحيثيات لعبت الأجهزة الأمنية، أي وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA وجهاز الأمن والمخابرات السوداني الدور الأكبر في رفع العقوبات. وقد وضح هذا الدور بجلاء في الاتصالات الهاتفية بين الطرفين. وطالما أن هذه الأجهزة لعبت الدور الأساسي، فبالضرورة التأمين على أن هناك بنودا سرية، لم ولن يزاح عنها النقاب بالطبع. ولهذا يدور حديث كثيف في بعض الأروقة، منها ما هو متعلق بثروات السودان، ومنها ما يقترب مع العلاقة مع إسرائيل وفق ما سلفت يدها. ومنها ما هو متعلق بالوجود الأمريكي راهنًا ومستقبلًا في السودان للتحكم في مسارات القارة الإفريقية المضطربة دومًا (السفارة الأمريكية الجديدة في الخرطوم شيدت على أرض تبلغ مساحتها نحو أربعين هكتارا، وتعد أكبر سفارة للولايات المتحدة بعد كوبا)!
ثمَّ دخلت ظروف أخرى مستجدة مثل موضوع الإرهاب المتنامي في غرب القارة الإفريقية، واحتمال ازدياد رقعته الجغرافية ليشمل عدة أقطار بما فيها السودان نفسه، علاوة على موضوع الهجرة غير الشرعية وتدفق اللاجئين نحو الدول الأوروبية، إلى جانب تطورات إقليمية قامت بها الحكومة السودانية وهي تصب، إما في مصلحة الإدارة الأمريكية أو دول لها علاقة بها مثل قطع العلاقة مع إيران التي حجمت تلقائيًا العلاقة مع حماس، وحدت من تدفق السلاح من إيران لها. وكذلك دخول الحكومة طرفًا في حرب اليمن إلى جانب الحكومة السعودية، وهو ما يعني تقاربًا مع هذه وتباعدًا أكثر مع تلك. ولكن فوق كل ذلك تظل مسألة الاتصالات السرية مع إسرائيل، والذي كشف إعلامها عن دور لها في رفع العقوبات هي أم الأجندة الخفية!
ـــــــــــــــــ
محطات في عقوبات واشنطن على الخرطوم
1993: إدراج السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، لاستضافته أسامة بن لادن.
3 نوفمبر 1997: بقرار تنفيذي من الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، واشنطن تفرض عقوبات مالية وتجارية على السودان، تم بموجبها تجميد الأصول المالية السودانية، ومنع تصدير التكنولوجيا الأمريكية له، وألزمت الشركات الأمريكية، والمواطنين الأمريكيين، بعدم الاستثمار والتعاون الاقتصادي مع هذا البلد.
20 أغسطس 1998: سلاح الجو الأمريكي يقصف مصنع الشفاء في الخرطوم، بحجة تصنيعه أسلحة كيميائية.
2002: صدور قانون سلام السودان من الكونجرس، وربط العقوبات الأمريكية بتقدم المفاوضات مع الحركة الشعبية لتحرير السودان.
2006: الكونجرس يفرض عقوبات ضد الأشخاص المسؤولين عن الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية .
- الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن يحظر ممتلكات عدد من الشركات والأفراد السودانيين، شملت 133 شركة وثلاثة أفراد.
13 أكتوبر 2006: الرئيس بوش يقول إن سياسات السودان تهدد أمن وسلام وسياسة أمريكا، خاصة في مجال النفط.
نوفمبر 2012: الرئيس باراك أوباما يجدد العقوبات الأمريكية المفروضة على السودان.
17 فبراير 2015: إدارة الرئيس أوباما تعلن تخفيف العقوبات على السودان، بما يسمح للشركات الأمريكية بتصدير أجهزة اتصالات شخصية، وبرمجيات تتيح للسودانيين الاتصال بالإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي.
نوفمبر 2016: إدارة أوباما تمدد لمدة عام عقوباتها المفروضة على الخرطوم.
13 يناير 2017: البيت الأبيض يعلن رفعا جزئيا لبعض العقوبات الاقتصادية المفروضة على الخرطوم، ويقول إن ذلك نتيجة للتقدم الذي أحرزه السودان، لكن الإدارة الأمريكية أبقت السودان على لائحة الدول الداعمة للإرهاب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
القرار التنفيذي رقم 13067 3 نوفمبر 1997
صدر من الرئيس الأمريكي بيل كلنتون، بموجب القانون الأمريكي للطوارئ الاقتصادية تم بموجبه تجميد الأصول المالية السودانية، ومنع تصدير التكنولوجيا الأمريكية للسودان ومن ثم حصار اقتصادي يلزم الشركات الأمريكية وأي مواطن أمريكي بعدم الاستثمار والتعاون الاقتصادي مع السودان.
جاء في الحجز على الأصول والممتلكات السودانية في أمريكا، وإيقاف التداول والتبادل التجاري مع السودان الآتي:
1. عدم استيراد أي سلع أو خدمة منشؤها سوداني.
2. عدم تصدير أي سلع أو خدمات أمريكية المنشأ للسودان؛ بما في ذلك التكنولوجيا الأمريكية.
3. منع التسهيلات عبر أشخاص أمريكان؛ بما في ذلك منع التسهيلات والوساطة المالية لأي سوداني.
4. عدم عمل أي عقود أو مشروعات بواسطة مواطن أمريكي للسودان.
5. عدم منح قروض أو تسهيلات مالية بواسطة مواطن أمريكي لصالح حكومة السودان.
6. عدم القيام بأي نشاطات أو إجراءات تتعلق بنقل البضائع من السودان أو إلى السودان، وبالمثل عدم التعامل مع أي وسيلة نقل مسجلة في السودان.
ـــــــــــــــــــ
الأمر التنفيذي رقم 13400 26 أبريل 2006
أصدره الرئيس الأمريكي بوش، يتعلق بحظر ممتلكات عدد من الشركات والأفراد السودانيين، وعدم تحريك ممتلكاتهم أو تصديرها أو صرف عائدها أو التعامل بها، حيث شملت 133 شركة و3 أفراد.
ـــــــــــــــــــــــ
الأمر التنفيذي الثالث رقم 13412 13 أكتوبر 2006
وقعه أيضًا الرئيس بوش باعتبار أن سياسات حكومة السودان تهدد أمن وسلام وسياسة أمريكا، خاصة سياسة السودان في مجال النفط. وهو يعني تعاون السودان مع الصين وماليزيا والهند، وبالتالي فإن البترول السوداني المستخرج بواسطة شركات هذه البلدان سوف يصدر لها، ولن يكون متاحًا للسوق الأمريكي، وذلك يشكل تهديدًا للأمن القومي الأمريكي.