نظم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أمس، ندوة من السلاح إلى السلام: التحولات من العمل السياسي المسلح إلى العمل السياسي السلمي والتي تستمر حتى الغد. وتعد الندوة هي الأولى من نوعها في المنطقة العربية، من ناحية المضمون العلمي، إذ تبحث في حالات الانتقال من العمل السياسي المسلح إلى النشاط السياسي غير المسلح، من خلال نماذج مختلفة من العالم، ومن ناحية الخبرات السياسية والأكاديمية المشاركة في أعمالها من خلال أوراق ودراسات علمية معمقة. وقال الدكتور عزمي بشارة في محاضرة افتتاحية بعنوان أربع ملاحظات في موضوع التحول من العمل السياسي المسلح إلى العمل السياسي السلمي ، إن هذا الموضوع يتطلب مقاربة منهجية تكاملية ومركبة الأبعاد في العلوم السياسية وعلم الاجتماع والتاريخ الراهن. مشيراً إلى أن التجربة العربية في الأعوام الأخيرة تبين أن الاستبداد الذي لا يترك أي مجال للإصلاح السياسي والتغيير السلمي، إذا اجتمع مع سياسة تهميش اجتماعي وممارسات إذلال جسدي ونفسي لفئات واسعة من المواطنين يخلق بيئة مناسبة للعمل.
وقدم بشارة في محاضرته بعض الملاحظات المتعلقة بمنهجية الرؤية والمعالجة البحثية، ففي عرضه للملاحظة الأولى رأى بشارة أن أسوأ ما جرى لهذا الموضوع بوصفه موضوعا للدراسة والبحث هو أنه يقارب منذ بداية القرن الحالي من زاوية ما نمطته تسمية الحرب على الإرهاب وما أفرزته من أفكار وسياسات عملية، ما عرقل دراسته بمنهج علمي، وأخضعه إلى أجندات سياسية مباشرة من دول كبرى وأنظمة إقليمية ومحلية دخلت في لعبة تبادل المصالح في شراكات واتفاقات، أو معاهدات حول ما يدعى بـ محاربة الإرهاب . فيما لخص عزمي الملاحظة الثانية في مقاربة الموضوع تحت العنوان العام الانتقال من العمل السياسي المسلح إلى العمل السياسي السلمي .
وأكد بشارة أنه لا يجب أن يطمس الفوارق بين أنواع العمل المسلح وأنواع العمل السياسي السلمي. والعلوم السياسية في سعيها للتخلص مما تسميه أحكام القيمة، غالبا ما تنزلق إلى عدم التمييز بين سلاح وآخر. وجادل بشارة في الملاحظة الثالثة البحث في موضوع الانتقال إلى السلم ضمن إطار فروع العلوم السياسية المقارنة، فهي تبحث في الانتقال جميعها، هو بحث تيليولوجي، أي أن غايته الوصول إلى السلم. ومهما أنكر العاملون فيه والمهتمون به انحيازاتهم، فإنهم منحازون غالبا إلى ما ينظرون للانتقال إليه بأدوات العلوم الاجتماعية.
وناقش عمر عاشور رئيس برنامج الدراسات الأمنية النقدية في معهد الدوحة للدراسات العليا أهم الخلاصات العلمية للأجندة البحثية الخاصة بالتحولات من النشاط السياسي المسلح إلى النشاط السياسي السلمي، وعرض ما وصلت إليه الدراسات فيما يخص كيفية حدوث تلك التحولات وأسبابها.
وتناول حمزة المصطفى في مداخلته والتي جاءت بعنوان (من السلاح إلى المفاوضات: تقييم تحولات الحركات الإسلامية السورية: دراسة مقارنة بين أحرار الشام ، و جيش الإسلام ، و فيلق الشام ). وقد عرض فيها التغيرات الخطابية والسلوكية والهيكلية التي مست الحركات الإسلامية المسلحة في سوريا منذ التدخل الروسي في 2015 وتغير موازين القوى لصالح النظام السوري.