4 عوامل رئيسية ساعدت على الانخفاض

قطر الوطني يتوقع تراجع النمو العالمي

لوسيل

الدوحة - لوسيل

استعرض بنك قطر الوطني في تحليله الأسبوعي العوامل الرئيسية وراء الانخفاض الأخير في توقعات النشاط العالمي للنمو، وأشار البنك في تحليله الصادر أمس إلى أنه في أحدث إصدار لتقرير آفاق الاقتصاد العالمي، خفض صندوق النقد الدولي توقعات النمو العالمي على المدى القريب إلى 3.7% من 3.9% لكل من العام الجاري والعام المقبل، ورغم أن التوقعات الجديدة لا تزال تشير إلى أداء قوي، خاصة بالمقارنة مع العقد الماضي، إلا أنها أقل تفاؤلا.
ونوه البنك إلى أنه على ما يبدو أن النمو العالمي قد بلغ ذروته مع استمرار ارتفاع وبروز مخاطر الهبوط، بالإضافة إلى ذلك، هناك احتمالات أقل لمفاجآت صعودية، كما أصبح التوسع الاقتصادي أقل تزامنا واتساقا بين الدول. وأوضح البنك أن أربعة عوامل رئيسية قد ساهمت في الانخفاض الأخير في توقعات النشاط العالمي، أولها: أن البيانات الاقتصادية الأخيرة وأبحاث الأعمال التجارية الرئيسية تشير إلى أن الاقتصاد العالمي قد بدأ يفقد الزخم فعليا، حيث كان آخر مسح لمؤشر مديري المشتريات العالمي، الذي صدر في بداية أكتوبر، هو الأضعف في 24 شهرا، وبالرغم من أن قراءة المؤشر البالغة 52,8 نقطة لا تزال في منطقة الارتفاع (فوق 50)، إلا أنها أدنى من متوسط 53.8 لعام 2017.
وجاء النشاط الاقتصادي مخيبا للآمال بشكل خاص في الاقتصادات المتقدمة الرئيسية، مثل منطقة اليورو والمملكة المتحدة، حيث تم تخفيض توقعات النمو إلى 2.0% من 2.4% وإلى 1.4% من 1.6% على التوالي، ويبدو أن ضعف النمو في أوروبا قد نتج عن عوامل دورية مؤقتة وأخرى أكثر ديمومة، وتشمل الأحوال الجوية، وارتفاع مستويات الإجازات المرضية، والإضرابات العمالية، وانخفاض نمو الصادرات والاستثمارات.
وأشار البنك إلى أن السبب الثاني يتمحور حول أنه للتخفيف من فرط النشاط الاقتصادي، بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في تشديد السياسة النقدية، ومن المتوقع أن يقوم بإجراء أربع جولات إضافية من رفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في كل منها حتى نهاية عام 2019، وهو ما من شأنه تقييد النمو في الولايات المتحدة من الارتفاع القوي البالغ 2.9% في 2018 إلى حوالي 2.5% في 2019، أي أكثر قربا من معدل النمو الممكن والذي يقدر بحوالي 2.0%.
ومن المتوقع أن ينخفض النمو أكثر في منطقة اليورو في 2019، حيث سيوقف البنك المركزي الأوربي أخيرا برنامج التيسير الكمي تدريجيا بنهاية العام، وينظر في إمكانية رفع أسعار الفائدة بنهاية 2019، وعلى نحو مهم، من المتوقع أن يؤدي رفع أسعار الفائدة في الاقتصادات المتقدمة الرئيسية إلى وضع مزيد من الضغوط على الأسواق الناشئة مع زيادة متطلبات التمويل الخارجي، ويتسبب خروج رؤوس الأموال ومخاطر الانخفاض غير المنتظم لقيمة العملات في إجبار العديد من البنوك المركزية على تشديد سياستها النقدية، مما يقيد النمو.
ولفت العامل الثالث إلى أن ارتفاع أسعار النفط يساهم في خفض الدخل المتاح للإنفاق، وهو ما يُضعف الاستهلاك ويخفض معدلات النمو، لا سيما في البلدان المستوردة للنفط، ونظرا لقيام عدة بلدان بإلغاء إعانات الوقود خلال الفترة الماضية التي اتسمت بانخفاض أسعار النفط بين عامي 2015 و2016، فإن المستهلكين أكثر عرضه للتأثر بارتفاع أسعار النفط هذه المرة، وقد بلغ متوسط سعر خام برنت 55 دولارا أمريكيا للبرميل في عام 2017، وبلغ متوسط سعره 73 دولارا أمريكيا للبرميل حتى الآن في العام الحالي.
ووفقا للعامل الرابع، فإن مستويات عدم اليقين السياسي والتوترات التجارية مرتفعة وآخذة في التصاعد، فقد شهد مؤشر عدم اليقين بشأن السياسة الاقتصادية العالمية، الذي يقيس عدم اليقين استنادا إلى حجم التغطية الصحيفة في 20 اقتصادا من الاقتصادات الرئيسية، ارتفاعا بنسبة 76.7% في السنة حتى تاريخه، ويقترب من بلوغ أعلى مستوى له على الإطلاق.
وحسب تحليل بنك قطر الوطني فإن تصاعد النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، أكبر اقتصادين في العالم، يؤثر سلبا على ثقة المستهلكين والأعمال التجارية، فقد أقدمت الولايات المتحدة بالفعل على فرض تعريفات جمركية على ما قيمته 250 مليار دولار أمريكي من الواردات الصينية، وردت الصين بفرض تعريفات جمركية على صادرات أمريكية بقيمة 110 مليارات دولار أمريكي.
وقال بنك قطر الوطني في تحليله إن توقعات النمو العالمي تميل إلى الجانب السلبي، ففي حين تعتبر الصين أكبر مساهم في النمو العالمي، فإنه من المرجح لأي هبوط في الاقتصاد الصيني أن يكون له تأثير متلاحق على عدد من الاقتصادات الأخرى، وخاصةً على كبار المصدرين الآسيويين للسلع الأساسية ومصدري المنتجات الصناعية ذات القدرة التنافسية العالية، كما يحتمل أن يؤثر خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي بطريقة غير منظمة وبدون اتفاق في مارس القادم أيضاً على آفاق النمو في الاقتصادات المتقدمة في العام المقبل.