 
                            
شهدت السنوات الأخيرة تحولا كبيرا على مستوى أنظمة المدفوعات المصرفية، وتحديدا على مستوى أنظمة الدفع بالنسبة للأفراد، بعدما كانت المعاملات النقدية واستخدام الكاش هما سيدا الموقف نظرا لعدة عوامل لعل أبرزها وأولها غياب التطور التقني والتكنولوجي سابقا، ثانيا شبه انعدام الثقة لدى العملاء والمتعاملين بالنقد في الأجهزة والتقنيات والقنوات المصرفية الموجودة سابقا، قبل أن تتحول تلك النظرة شيئا فشيئا بعد تعميم استخدام البطاقات المصرفية والبنكية الائتمانية.
تشير الإحصائيات الثلاثة إلى أن استخدام بطاقات الائتمان زاد بشكل شبه مؤكد أثناء جائحة فيروس كورونا المستجد والمعروف اختصارا بفيروس كوفيد 19، لا سيما عند مقارنتها بالنقد المتداول. كما سجل تزايدا في نظم المدفوعات غير التلامسية بلا شك المدمجة على البطاقات الائتمانية، مع فرض بعض البلدان عليها، حيث تشير الأرقام العالمية الى انخفاض حجم النقد المستخدم في مختلف دول العالم بنسبة تصل الى نحو 55%. كما تكشف الإحصائيات عن ارتفاع ملحوظ في عدد البطاقات البنكية والمصرفية الائتمانية المصدرة على مستوى العالم، حيث تصل الى نحو لا يقل عن 3.86 مليار بطاقة بنكية ائتمانية، منها نحو 1.06 مليار بطاقة ائتمان مستخدمة في أمريكا، ونحو 2.8 مليار بطاقة ائتمان مستخدمة في جميع أنحاء العالم. كما تكشف أحدث الإحصائيات عن إجمالي المعاملات المصرفية الخاصة بالشراء المنفذة عبر البطاقات البنكية الائتمانية على الصعيد العالمي خلال العام الماضي نحو 452 مليار معاملة بمعدل متوسط يومي يساوي نحو 1.2 مليار معاملة عالمية تنفذ عبر كبرى شركات الطابعة للبطاقات البنكية وهي شركة ماستركارد وشركة فيزا.
أما على المستوى المحلي، فتشير التقديرات الأولية الى أن متوسط عدد البطاقات البنكية التي يمتلكها الفرد في دولة قطر يصل الى بطاقتين على الأقل، واحدة بطاقة سحب والثانية هي البطاقة الائتمانية، وتذهب ذات التقديرات الى التأكيد على أن الفرد الواحد يمتلك على الأقل بطاقة بنكية واحدة وهي بطاقة السحب والتي تمكن حاملها من السحب من اي دولة في العالم شريطة أن يكون قد قام العميل بإبلاغ بنكه قبل السفر او خلال فترة السفر بحاجته للسحب النقدي. ويوضح المختصون أنه بسبب المساعي التي تبذلها الجهات الرقابية على القطاع المصرفي وفي مقدمتها مصرف قطر المركزي من أجل تحقيق الشمول المالي، تعزز عدد العملاء الذين يحملون تلك البطاقات البنكية، كما سجل ارتفاعا في أنظمة المدفوعات عبر البطاقات البنكية الالكترونية، حيث تشير الإحصائيات الى نمو أنظمة الدفع والتسوية في قطر من حيث القيمة والعدد.
وتشير آخر الإحصائيات المحلية الى أنه تم معالجة من خلال نظام الشبكة الوطنية للصراف الآلي والمعروف اختصارا بمصطلح نابس نحو 123 مليون معاملة خلال العام 2019 بنسبة نمو تصل ال 16.42% مقارنة من العام 2018، ومن المنتظر أن يرتفع عدد المعاملات التي تمت معالجتها عبر نظام الشبكة الوطنية للصراف الآلي في الماضي الى مستويات أكثر من المسجلة في العام قبل الماضي، وذلك بعد الإعلان عنها خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وتشير التوقعات الى أن تكون هناك زيادة ملحوظة في العام الماضي مقارنة بالعام الذي سبقه، في ظل التحول الجذري نحو أنظمة المدفوعات الإلكترونية، وذلك ضمن الإجراءات الاحترازية المعلن عنها لمكافحة فيروس كورونا المستجد والمعروف اختصارا بفيروس كوفيد 19، بالإضافة إلى توقعات بأن تواصل بوابـة الدفـع للتجـارة الالكترونية فـي قطـر التـي قدمهـا مصـرف قطـر المركزي لتسـهيل المدفوعات فـي بوابـات التجـارة الاكترونيــة، نموها بشكل كبير نتيجة تزايد عدد الشركات والتجار الذين يقدمون التجارة الالكترونية، وتفضيل المستهلك للتسوق عبر الإنترنت بسبب الراحة المحسنة، والسرعة وسهولة الاستخدام، وثقة المستهلك في التعامل الآمـن مع منصات التجارة الاكترونية، وبيئة التجارة الالكترونيــة المواتية مـع الانترنت العالي، والاختراق الرقمي وجهود دولة قطر المتضافرة لتعزيز التجارة الالكترونية، وكلها ســاهمت في هذا النمو الملحوظ فـي معاملات التجارة الالكترونية.
وبين هذا وذاك، فإن البنوك والمصارف الإسلامية العاملة في الدولة عمدت طيلة الفترات الماضية وعلى وجه الخصوص خلال العام الماضي مع تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد والمعروف اختصارا بفيروس كوفيد 19، للتحفيز على تقليل التعامل بالنقود تجنبا لمخاطر انتقال العدوى، الى تطوير الخدمات المصرفية والبنكية الموجهة للأفراد والشركات في ما يتعلق بالخدمات على البطاقات الائتمانية سواء على مستوى آلية الحصول على تلك البطاقات أو المزايا التي يتم تقديمها للعملاء، بالإضافة إلى الخصومات والفوائد او هوامش الربح المحصلة على تلك البطاقات، بالإضافة الى تقديم جوائز قيمة على تلك البطاقات لتشجيع عملائهم على اقتناء تلك البطاقات الائتمانية، والتي يرى فيها البعض أداة تحفز الأنشطة التشغيلية للبنك من جهة وتساهم في تنشيط قطاع التجزئة والتجارة وتحريك عجلة الاقتصاد من جهة أخرى، وهنا من يرى بضرورة توسيع المزايا الممنوحة على تلك البطاقات وبأهمية حسن اختيار البطاقة وحسن استخدامها بما يتناسب مع المقدرة الشرائية للفرد خاصة في ما يتعلق بجانب الائتمان.
وقد احتدم التنافس بين البنوك والمصارف الإسلامية العاملة في الدولة طيلة الفترة الماضية على تقديم أرقى الخدمات المصرفية عبر البطاقات البنكية الائتمانية من خلال توفير خصومات ومميزات الدخول الى صالات كبار الشخصيات في المطارات وغيرها من المزايا الأخرى مع التأكيد على ضرورة أن تكون تلك البطاقات تتضمن أحد المعايير التقنية والتكنولوجية الحديثة والمتطورة مع ضمان سلامة تلك البطاقات البنكية، من بين البطاقات تلك التي تحمل عنوان اضغط وادفع.
وتهدف خدمة اضغط وادفع (Click to Pay) إلى تبسيط معاملات الدفع عبر الإنترنت لتحلّ مكان معاملات الدفع بواسطة نافذة إدخال أرقام ومعلومات الحساب الشخصية التي يستغرق استكمالها وقتاً طويلاً، واستبدالها بزرّ الدفع الرقمي الذي يبقي البطاقة المعنية في ملف بيانات محمي بموجب معيار الأمان المتبع في الصناعة. ويمكن تشبيه عملية الدفع الرقمية هذه بتجربة الدفع الفعلية ضمن المتجر، حيث يستقبل طرف واحد جميع مدفوعات البطاقات، وهي حاليًا معتمدة على مستوى الصناعة. كما صممت خدمة اضغط وادفع (Click to Pay) لدعم تقنية الترميز مما يجعل عملية الدفع أكثر أمانًا وبساطة حين تكون هذه التقنية مدعومة من قبل الجهة المصدرة للبطاقة والتاجر، بالاضافة الى البطاقات اللاتلامسية، حيث كشفت الدراسات بأن المدفوعات اللاتلامسية أسرع بعشر مرات من أساليب الدفع المباشر الأخرى، مما يتيح للعملاء الدخول إلى المتاجر ومغادرتها في وقت أقل. والأهم من ذلك أن المعاملات التي تتم من دون تلامس توفر للعملاء تجربة تسوق أكثر أمانًا وراحة وصحة. وبهدف توفير مزيد من الراحة للمتسوقين في فترة الوباء، دعمت كبرى الشركات المصدرة للبطاقات البنكية على غرار شركة ماستركارد مبادرة والمصرف المركزي برفع حدود المعاملات التي تتطلب التحقق من هوية حامل البطاقة من 100 ريال قطري إلى 300 ريال قطري، لتمكين الناس من الدفع بطريقة آمنة وصحية عند شراء البقالة والمستلزمات الأساسية الأخرى.
وفي هذا الإطار، يرى حمد المرقب أن البنوك والمصارف الاسلامية العاملة في الدولة نجحت خلال السنوات الماضية وعلى وجه التحديد خلال العام الماضي، من الفوز في التحدي الذي فرضته جائحة فيروس كورونا المستجد والمعروف اختصارا بفيروس كوفيد 19، حيث كسبت البنوك القطرية التحدي من خلال سرعة التأقلم مع تلك التحديات والتحول السريع نحو المعاملات الالكترونية، بالاضافة الى تطوير البطاقات البنكية الائتمانية بما يلبي تطلعات ورغبات العملاء بمختلف فئاتهم العمرية وشرائحهم الوظيفية المختلفة، وتابع قائلا انه في ظل التطور المتسارع للتكنولوجيا والتوسع الذي تقوم به البنوك والتنافسية بينهم سينعكس على الحلول وأنظمة المدفوعات، وبالتالي المزيد من الارتقاء بالخدمات المصرفية المتنوعة، مع تقديم عروض تحفيزية لمختلف عملائهم من اجل مزيد استقطاب قاعدة أوسع من العملاء مستقبلا بما يعطي مجالا اوسع لتنويع الاختيارات والمزايا التي سيتمتع بها العملاء عند اقتنائهم للبطاقات الائتمانية البنكية بمختلف فئاتها، سواء الائتمانية العادية او البطاقات البنكية الائتمانية مسبقة الدفع الى غير ذلك من البطاقات البنكية المختلفة والمتنوعة مع كبرى الشركات العالمية العاملة في مجال اصدار البطاقات البنكية.
من جهته، يرى رجل الأعمال والمستثمر يوسف أبوحليقة أن مع التوسع الملحوظ في استخدام البطاقات البنكية الائتمانية لا بد من المزيد العناية بأنظمة الحماية الالكترونية لتلك البطاقات في المقام الأول، ومن ثم مزيد من توضيح الشروط وضوابط ومزايا البطاقات البنكية التي توفرها البنوك والمصارف الاسلامية لفائدة العملاء، بالأخص في ما يتعلق بتحصيل الرسوم والفوائد على تلك البطاقات وآلية السداد وتجديد البطاقات وآلية توصيلها للعملاء عند القيام بعملية تجديد لمختلف البطاقات.