توقع خبراء مصرفيون أن يشهد العام الحالي انخفاضا في أداء المصارف المركزية والبنوك في مختلف أنحاء العالم، نتيجة لتراجع أسعار النفط والطاقة منذ حوالي 9 اشهر، بنسبة بلغت نحو 66%، حيث تدنت الأسعار إلى دون 30 دولارا للبرميل.
وبحسب الخبراء، ستسارع البنوك خلال الفترة المقبلة الى اتخاذ عدة تدابير وإجراءات مالية للحد من التأثيرات السلبية لتراجع أسعار النفط والانكماش المالي، من خلال توظيف أدوات مالية متعددة كالتشدد في منح القروض أو التوجه نحو تخفيض اسعار الفائدة، التي قد تصل نحو الفائدة السلبية.
وهنا يثار الاستفسار حول إمكانية توجه مصرف قطر المركزي ومن خلفه البنوك المحلية لخفض أسعار الفائدة قصد تنشيط الاقتصاد وتوفير السيولة. ويعرف سعر الفائدة بأنه أداة مالية تجيز للبنك أو المصرف المركزي التحكم في عرض النقد في التداول من خلال تغيير هذا السعر صعودا ونزولا على المدى المتوسط، كما أنه السعر الذي يدفعه المصرف المركزي على إيداعات البنوك سواء أكان استثمارا لمدة ليلة واحدة أم لمدة شهر أو أكثر.
ووفقا لما هو متعارف عليه فإنه في حال تم رفع أسعار الفائدة فإن ذلك يعني وجوبا كبح عمليات الاقتراض وبالتالي تقليل نسبة السيولة في السوق، مما يؤدي إلى خفض نسبة التضخم، أما في الحالة العكسية أي تخفيض أسعار الفائدة والوصول بها إلى الأسعار السلبية فإن ذلك يعني فرض البنك أو المصرف المركزي لفائدة يدفعها البنك التقليدي للبنك المركزي على الأموال المودعة لديه، أو فرض البنوك التجارية لفائدة على إيداعات الأفراد لديها، والهدف منها تشجيع البنوك على الإقراض بالأساس، وضخ المزيد من السيولة غير العاملة في شكل مشروعات جديدة وزيادة الاستثمارات.
إلى ذلك يقول الخبير المالي نضال الخولي لـ لوسيل ، إنه في حال قرر مصرف قطر المركزي خفض أسعار الفائدة في الفترة القادمة، عليه عدم الاكتفاء بخفضها على الودائع وإنما يجب خفضها كذلك على الإقراض لتنشيط الاقتصاد ومكافحة انكماش الأسعار، الذي قد يدفع الشركات إلى تأجيل مشاريعهم في انتظار تدني الأسعار بشكل أكبر في المستقبل، داعيا في ذات السياق إلى تقليص فارق الهوامش بين فوائد الإقراض والإيداع حيث أشار إلى أن الهامش يتراوح بين 3 و 3.5% .
الخولي أوضح أن تفاوت أسعار الفائدة قد يشجع الناس على التوجه إلى القطاعات الأكثر أمانا وتحقق عوائد أفضل، كقطاع العقار الذي يعتبر الملاذ الآمن للمستثمر وهو ما قد يسفر عن تضخم في سوق العقار.
وتشير التقارير إلى تأثر البنوك بالفوائد على أسعار الدولار، إضافة إلى توجه البنوك نحو رفع الفوائد على إقراض الشركات مما يهدد السوق بحصول ركود، لذا فإن عددا من الخبراء الاقتصاديين ورجال أعمال أطلقوا صيحة فزع مؤخرا تطالب بتخفيض أسعار الفائدة على إقراض الشركات إلى نحو 2 و3% لتشجيعهم على الاستثمار في مختلف القطاعات، وعدم الاقتصار على القطاع العقاري الذي يعيش بدوره طفرة بحكم الاستعدادات الجارية لاستقبال المحافل العالمية وفي مقدمتها كأس العالم 2022. وقال هؤلاء إن تواصل ارتفاع أسعار الفائدة سيبطئ من نمو النشاط الاقتصادي ويقلص الأجور ويؤدي إلى انعكاسات سلبية على الاقتصاد الوطني.
من جهة ثانية تتعالى الأصوات داخل الفيدرالي الأمريكي داعية إلى الإسراع بإعادة رفع الفائدة مجددا بعد أن رفعها نهاية العام الماضي بـ0.25، وهو قرار اتبعته دول خليجية باستثناء قطر التي حافظت على أسعار الفائدة، حيث قالت لورييتا ميستير رئيسة الاحتياطي الفيدرالي إن البنك المركزي ينتظر هدوء الأسواق قبل رفع معدل الفائدة، محذرة من تأجيل القرار.
وعن إمكانية تأثر دول الخليج بما فيها قطر بقرار الفيدرالي رفع الأسعار مجددا، قال الخبير الخولي إن الفيدرالي الأمريكي يحافظ على تخفيض أسعار الفائدة على الودائع والإقراض منذ عشر سنوات مضيفا أن دول الخليج كانت تفرض فوائد تلك الفترة تتراوح بين 3 و5% ولم تقتد بالفيدرالي في تخفيضه لأسعار الفائدة.
وتعاني دول الخليج بوادر ركود اقتصادي نتيجة ارتفاع حجم الإنفاق وتراجع الإيرادات المتأتية في أغلبها من المنتوجات النفطية والطاقية، وإذا سارعت الدول الخليجية اليوم إلى رفع الفوائد فإن ذلك سيؤثر على الحركة الاقتصادية وعلى مستويات النمو، لذا فهي مدعوة اليوم إلى محاولة كبح جماح أسعار الفائدة لتحفيز الدورة المالية وضخ السيولة في الأسواق.