يشهد الأسبوع الحالي جملة من الأحداث والقرارات الاقتصادية والمالية التي تنتظرها الأسواق، فالعيون ستتجه اليوم كلها تقريبا نحو قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي /البنك المركزي الأمريكي/، خاصة بعد الاستعجال الذي أظهره نظيره الأوروبي في رفع سعر الفائدة، واستباقه ظهور نسب التضخم من خلال إعلانه عن رفع سعر الفائدة بـ 75 نقطة أساس للسيطرة على التضخم الذي يهدد الاقتصاديات الأوروبية بالركود.
كما ستتجه الأنظار غدا /الخميس/ نحو اجتماع بنك إنجلترا /البنك المركزي البريطاني/، ومن المرجح أن يعلن البنك خلال الاجتماع عن رفع الفائدة ما بين 50 إلى 75 نقطة أساس.
وفي هذا السياق، أكد بشير الكحلوت، الخبير الاقتصادي في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن الأسواق المالية والبنوك تترقب في معظم أنحاء العالم اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي اليوم الأربعاء في نيويورك، لاتخاذ قرار مهم برفع سعر الفائدة على الدولار للمرة الخامسة هذا العام، وذلك في مواجهة ارتفاع معدل التضخم في الولايات المتحدة، والذي انطلق من عقاله بعد جائحة كورونا.
وأوضح أن مجلس الاحتياط الفيدرالي قد خفض المعدل قريبا من الصفر بعد الأزمة المالية التي ضربت الاقتصاد الأمريكي والعالم في عام 2009، وظل المعدل قريبا من الصفر طيلة تلك السنوات إلى أن تغيرت الأمور بعد جائحة كورونا.
ولفت الخبير الاقتصادي إلى أنه مع ارتفاع معدل التضخم في الولايات المتحدة منذ الربع الأخير في عام 2021 إلى مستوى 6.5%، فإن بنك الاحتياطي الفيدرالي اتخذ قرارات متسارعة برفع معدل الفائدة الأساسي بقوة، وبات يخطط لرفع سعر الفائدة بواقع 75 نقطة مئوية كما في المرة السابقة قبل شهرين، وذلك ضمن جهوده الرامية إلى كبح جماح التضخم وعدم خروجه عن السيطرة، وخاصة في ظل تداعيات أزمة الحرب الأوكرانية الروسية وتأثيراتها القوية على أسعار السلع والطاقة.
في حين ترجح كل المصادر التوقعات برفع الفائدة بـ 75 نقطة أساس، فإن هنالك من يرى احتمال رفعها بـ 50 نقطة فقط، وأن تكون هنالك بالتالي فرصة لرفع آخر في ديسمبر المقبل.
وأضاف: قد استبقت أسواق المال العالمية هذا القرار بعمليات بيع مكثفة، نتج عنها انخفاض مؤشرات الأسهم الأمريكية والعالمية، باعتبار أن رفع معدلات الفائدة يقلل الطلب على الأسهم، ويزيد الإقبال على الودائع البنكية، وعلى الأدوات المالية الأخرى ذات العائد الثابت كالسندات .
وأشار إلى أن العادة جرت أن تحذوا البنوك المركزية في العالم ببنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وترفع معدلات الفائدة على عملاتها وذلك من أجل الحفاظ على استقرار أسعار صرف عملاتها، وهي إن لم تفعل ذلك فإن المودعين غالبا ما سيتجهون إلى نقل ودائعهم إلى العملات التي تعطي عائدا أكبر أو إلى السندات، وذلك يؤثر على استقرار صرف تلك العملات.
وتابع: بالنظر إلى ارتباط سعر صرف الريال القطري (والعملات الخليجية) بالدولار عند مستويات محددة، فإن البنوك المركزية الخليجية تسارع هي الأخرى برفع أسعار الفائدة على عملاتها بشكل مواز. الجدير بالذكر أن معدل التضخم في قطر كان سلبيا لعدة سنوات، ثم ارتفع بقوة في العامين الأخيرين، وبلغ 6% في سبتمبر الماضي، وانخفض مؤشر الأسهم القطرية خلال الأسابيع السابقة دون مستوى 12500 نقطة، بعد أن وصل إلى 14000 نقطة في وقت سابق من العام .
على صعيد آخر، أكد رمزي قاسمية، المحلل المالي، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن الأسبوع الحالي سيكون اقتصاديا بامتياز بنكهة سياسية، مذكرا بقرار المركزي الأوروبي رفع سعر الفائدة بـ 75 نقطة أساس للمرة الثانية على التوالي، كما يتوقع أن يسلك الاتجاه نفسه في شهر ديسمبر المقبل برفعها بـ 50 نقطة أساس أخرى.
وقال قاسمية: إن معدلات التضخم تسير في اتجاه تصاعدي بمنطقة اليورو، حيث وصلت إلى نسبة 10.7 بالمئة، بالرغم من أن التوقعات حامت حول نسبة 10.2 بالمئة، وبالتالي كان مستوى التضخم أعلى بـ 1.5 نقطة، مقارنة بالتوقعات، وذلك بفعل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على أسعار الغذاء والطاقة وغيرها.
وأشار إلى أن الأسبوع الحالي سيشهد بدوره إعلان قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي بخصوص سعر الفائدة مساء اليوم، والذي ينتظر أن يكون بمستوى 75 نقطة أساس، ومواصلة نهج سياسة التشدد التي ينتهجها بهدف كبح جماح التضخم.
كما أوضح أن الأسواق تراقب بيانات الوظائف، التي ستصدر الجمعة 4 نوفمبر الجاري، حيث تحظى بيانات الوظائف باهتمام واسع، خاصة لاعتماد الاحتياطي الاتحادي الأمريكي بشكل كبير على هذه البيانات في رحلة رفع معدلات الفائدة.
فبعد أن أضاف الاقتصاد الأمريكي 263 ألف وظيفة، فمن المتوقع أن يضيف الاقتصاد قرابة 200 ألف وظيفة، إضافة إلى تراجع النمو السنوي لمتوسط الأجور.
وتوقع قاسمية أن يصل مستوى سعر الفائدة إلى مستوى 5 بالمئة في العام 2023، وأن هذا الرفع سيزيد قوة الدولار، مقارنة بالعملات الأخرى، وبالتالي الحد من تنافسية المنتجات الأمريكية في الأسواق العالمية، الأمر الذي سيؤثر على سوق العمل في المدى القريب وبداية العام 2023، ويهدد بدخول الاقتصاد الأمريكي مرحلة الركود الاقتصادي التي تحذر منه النخب الاقتصادية الأمريكية.
وتابع في ختام تصريحه قائلا: إن الدول ذات نسب المديونية العالية مقارنة بالناتج ستعاني بدورها من قوة الدولار .