بحلول أكتوبر الحالي يكون قد مر عامان على إقرار حزمة الحوافز والتسهيلات الحكومية لتشجيع القطاع الخاص ورجال الأعمال للاستثمار في قطاعات غير تقليدية استجابة لحاجة السوق المحلي.
حزمة الإجراءات والتسهيلات الحكومية حينها جاءت لمواكبة حالة النمو المتواصل الذي شهده الاقتصاد الوطني في النصف الثاني من العام 2017، لا سيما الأرقام التي تؤشر لنمو ملموس في الاقتصاد الوطني في مجال إنشاء وتأسيس الشركات الجديدة بالإضافة إلى نمو الصادرات الوطنية غير النفطية وزيادة نسب الاستثمار الأجنبي في الدولة.
تنوعت التسهيلات الحكومية ما بين قرارات وقوانين وتسهيل إجراءات وإطلاق مبادرات بالوصول إلى الهدف المرجو من حزمة الحوافز الحكومية، لعل من أبرز تلك التسهيلات تخفيض القيمة الإيجارية في المناطق اللوجستية وتأجيل أقساط القروض لأصحاب المشاريع الصناعية وإطلاق مبادرة امتلك مصنعا خلال 72 ساعة.
وأكد رجال أعمال وخبراء أن إقرار حزمة التسهيلات والإجراءات والحوافز قبل عامين جاء استجابة لحالة السوق المحلي وقتها، لافتين إلى أنها استطاعت تحقيق نتائج إيجابية جيدة والهدف المرجو منها لا سيما وأن العديد من المشاريع كانت في طور التأسيس والإنشاء.
وبينوا لـ لوسيل أن المرحلة المقبلة تحتاج إلى حزمة جديدة من التسهيلات الحكومية والحوافز يتم استهداف مرحلة الإنتاج والتسويق لضمان استمرار ونجاح المشاريع التي تم تأسيسها خلال العامين الماضيين خاصة في القطاع الصناعي الذي شهد نقلة نوعية من حيث عدد المصانع وكميات الإنتاج ونوعيتها.
أكد النائب الثاني لرئيس غرفة قطر راشد العذبة أن القطاع الخاص دائما يطمح لتسهيلات وحوافز أكبر لا سيما في الظروف الاقتصادية الحالية التي يشهدها العالم كله، لافتا إلى أن هناك ركودا في الاقتصاد العالمي مما يؤثر على الاقتصاد الوطني في ظل اقتصاد العالم المفتوح.
وبين العذبة لـ لوسيل أن المرحلة الماضية على المستوى المحلي شهدت تسهيلات وحوافز حقيقية استفاد منها قطاع الأعمال، لافتا إلى أن تلك التسهيلات كان لها الدور الأكبر في المساهمة في نمو القطاع الخاص في قطاعات غير تقليدية أبرزها القطاع الصناعي الإنتاجي.
ونوه أنه بالرغم من التسهيلات التي تم تقديمها من قبل الجهات المعنية إلا أن القطاع الخاص ورجال الأعمال ما زالوا يطمحون للمزيد من التسهيلات والحوافز الحكومية التي من شأنها دفع عجلة النمو الاقتصادي.
وحول أبرز التسهيلات التي يطمح لها القطاع الخاص المحلي خلال المرحلة المقبلة، بين العذبة أن التمويل والتسهيلات الائتمانية وتمديد القروض الحالية بنسب فائدة منخفضة تعد من أبرز الحوافز التي ينتظرها رجال الأعمال من قطاع البنوك بناء على تفاهمات مع الجهات الحكومية، بالإضافة إلى تخفيض الإيجار في المناطق اللوجستية والصناعية لضمان استمرار عجلة الإنتاج الوطني.
وأكد أن سعر الإيجار المناسب في المناطق اللوجستية والصناعية هو 10 ريالات لكل المناطق مما يحقق المساواة ما بين القطاعات، لافتا إلى أن سعر الإيجار في المناطق الصناعية اليوم 10 ريالات للمتر فيما يبلغ في المناطق اللوجستية 20 ريالا.
وأكد جدية الحكومة بتحفيز القطاع الخاص من خلال إقرار العديد من القرارات والإجراءات التحفيزية للقطاع بما يضمن زيادة مشاركته في الناتج الإجمالي المحلي حسب رؤية قطر 2030.
وأقر مجلس الوزراء شهر في أكتوبر من العام 2017 حزمة من الإجراءات والقرارات التحفيزية شملت تخفيض القيمة الإيجارية بنسبة 50% لجميع المستثمرين في المناطق اللوجستية جنوب الدولة التابعة لشركة المناطق الاقتصادية، خلال عامي 2018 و2019، وتأجيل أقساط القروض لأصحاب المشاريع الصناعية لمدة تصل إلى 6 أشهر بهدف دعم المستثمرين في القطاع الصناعي وإعطاء دور أكبر للقطاع الخاص في مشاريع التنمية الاقتصادية في الدولة آخرها إلزام كافة الوزارات والأجهزة الحكومية برفع نسبة شراء المنتجات المحلية من 30% إلى 100% في حال كان المنتج المحلي مطابقاً للمواصفات والمقاييس القطرية المعتمدة.
أكد الصناعي ورجل الأعمال سعد آل تواه الهاجري رئيس مجلس إدارة مصانع الاختيار الألماني أن الفائدة التي تم تحقيقها من التسهيلات والحوافز التي تم إقرارها خلال الفترة الماضية كانت ضئيلة ولا تلبي طموح القطاع الخاص المحلي، لافتا إلى أن هناك قضايا يحتاجها القطاع الخاص تتجاوز ما تم تقديمه من قبل الجهات المعنية.
وبين الهاجري أن القطاع الصناعي تحديدا يواجه تحديات كبرى تحتاج إلى دراسة عميقة من قبل الجهات المعنية لمعالجتها بما يضمن النهوض بالقطاع واستمرار عجلة النمو الاقتصادي، لافتا إلى أن تخصيص الأراضي سار بخطى جيدة حققت أهدافها للقطاع الخاص المحلي خلال السنوات الماضية.
وأشار إلى أن ما يحتاج إليه القطاع الصناعي خلال المرحلة المقبلة إعادة النظر في تعريفة الكهرباء والماء، موضحا أن التعريفة تعتبر مرتفعة جدا على القطاع الصناعي لاسيما في ظل استخدام الطاقة الكهربائية في الإنتاج مما يعني استهلاك الكثير من الكهرباء مما يزيد الكلف التشغيلية على القطاع الصناعي.
وبين أن الكلف التشغيلية للقطاع الخاص المحلي متعددة سواء من الإقامات وتجديدها بالشكل السنوي وتوفير سكن العمال ضمن الاشتراطات المطلوبة وغيرها الكثير من الكلف، مشيرا إلى أن تلك الكلف أصبحت ترهق أصحاب العمل وتزيد من المخاطرة في الاستثمار.
ونوه إلى أن هناك إيجابيات عديدة لابد من الإشارة إليها ومنها الإجراءات الحكومية التي يتعامل معها المستثمر المحلي جيدة وسهلة وسلسة بالإضافة إلى تجاوب القطاع الخاص مع التسهيلات الحكومية.
وأوضح أن الصناعة المحلية شهدت خلال الفترة الماضية طفرة حقيقية على مستوى تأسيس المصانع المعنية بالغذاء والدواء، مؤكدا مواصلة القطاع الخاص المحلي للقيام بدوره الوطني في المحافظة على استقرار الاقتصاد الوطني بما يجعله أكثر مناعة أمام الظروف والتحديات.
أطلقت اللجنة التنسيقية لإدارة نظام النافذة الواحدة في بداية شهر يوليو مبادرة خاصة بالقطاع الصناعي تحت عنوان امتلك مصنعا خلال 72 ساعة في قطر ، تم من خلالها تقديم تسهيلات حقيقية للمستثمرين من التأشيرات للعمالة وتجهيز الأراضي بالإضافة إلى الإعفاء الجمركي ودعم 10% على المنتج الحكومي.
وشملت المبادرة قطاعات صناعية منها صناعة المعادن والمواد الغذائية والطبية والورقية والكيميائية والآلات والمركبات والكهرباء والمطاط واللدائن، وطرحت اللجنة أيضا 250 فرصة استثمارية في القطاع الصناعي المحلي.
من أبرز التعديلات التي شهدتها البيئة التشريعية الاستثمارية خلال الأشهر الماضية تعديل قانون تنظيم الاستثمار غير القطري والذي ضمن عدة مزايا للاستثمار الأجنبي أهمها نسبة التملك بـ 100% على عكس ما كان متاحا قبل التعديل، إذ كان لا يسمح بالتملك للاستثمار الأجنبي لنسبة تزيد على 49%، وثاني أهم التعديلات القانونية تعديل قانون بشأن المناطق الحرة الاستثمارية الذي أصدره حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى نهاية العام الماضي.
وتعد المناطق الحرة إحدى أدوات دفع عجلة التنمية الاقتصادية والمساهمة بتطوير قطاعات صناعية وتجارية بهدف فتح أسواق محلية خارجية جديدة، وتتمتع المناطق الحرة عادة بالتسهيلات والمرونة التشريعية التي من شأنها تحفيز الاستثمارات واجتذاب رؤوس الأموال الأجنبية لها.
وتضمنت التعديلات الجديدة في قانون المناطق الحرة الاستثمارية عدم وجود قيود على جنسية رأس المال وحرية اختيار الشكل القانوني للمشروع، وكذلك حرية تحديد أسعار المنتجات ونسبة الأرباح، بالإضافة إلى إعفاء الأصول الرأسمالية ومستلزمات الإنتاج والصادرات والواردات من الضرائب وغيرها من الرسوم، كما تمنح المشروعات القائمة بالمناطق الحرة العديد من الضمانات، من أبرزها عدم تقييد ملكيتها، ومنح حوافز ومزايا خاصة للمشروعات التي تعمل على زيادة نسبة المكون المحلي في منتجاتها والمشروعات التي تستثمر في مجالات الخدمات اللوجستية أو الاتصالات من بينها على سبيل المثال أسعار مخفضة أو تيسيرات في قيمة الطاقة المستخدمة وإعفاء كامل المكونات المحلية من الرسوم الجمركية في حال البيع للسوق المحلي، وتقديم كافة التسهيلات المطلوبة لإصدار الموافقات على التراخيص بإقامة المشروعات من إدارة هيئة المناطق الحرة وذلك توفيراً للوقت والجهد بالإضافة إلى توفير الأراضي المجهزة بالمرافق اللازمة لإقامة تلك المشروعات وفقاً للمساحات التي تتناسب وطبيعة كل مشروع، فضلاً عن التيسيرات اللازمة بشأن تأشيرات الدخول للمستثمرين واستقدام العمالة المطلوبة لهذه المشروعات.
نمت الاستثمارات الصناعية المسجلة العاملة والمرخصة في الدولة خلال النصف الأول من العام الجاري بنحو 435 مليون ريال ليصبح إجمالي الاستثمارات 287551 مليون ريال مقارنة بـ 287116 مليون ريال بنهاية العام الماضي 2018، وفقا لبيانات بوابة قطر الصناعية.
وزاد عدد المنشآت الصناعية المسجلة بالدولة خلال النصف الأول من العام الجاري إلى 828 منشأة صناعية مقارنة بـ 795 منشأة مع نهاية العام الماضي 2018، فيما زادت المنشآت الصناعية المرخصة إلى 617 منشأة مقارنة بـ 613 منشأة، ليصبح عدد المنشآت الصناعية الجديدة التي تم تأسيها أو ترخيصها نحو 37 منشأة صناعية خلال الستة أشهر الأولى من العام الجاري.
ويقصد بالمنشآت الصناعية المرخصة المصانع التي حصلت على ترخيص إقامة وهي بمراحل التأسيس والإنشاء، أما المنشآت الصناعية العاملة فهي المنشآت القائمة ولديها خطوط إنتاج بالفعل.
وزاد عدد المنشآت الصناعية الغذائية خلال العامين الماضيين بنحو 35 منشأة صناعية، إذ بلغ بنهاية العام الماضي عدد المصانع الغذائية نحو 112 مصنعا مقارنة بنحو 77 مصنعا غذائيا بنهاية العام 2016.
نمت الصادرات غير النفطية خلال الربع الأول من العام الجاري 5.8% وبنحو 600 مليون ريال، إذ بلغت نحو 10.3 مليار ريال مقارنة بـ 9.7 مليار ريال في الربع الأول من العام 2018، فيما بلغ إجمالي الصادرات الخارجية نحو 70 مليار ريال.
توزعت الصادرات غير النفطية (باستثناء الوقود المعدني وزيوت التشحيم) بحسب بيانات جهاز التخطيط والإحصاء الربعية للتجارة الخارجية على الأغذية والحيوانات الحية بـ 46 مليون ريال، والمواد الخام غير الصالحة للأكل بنحو 109 ملايين ريال، وزيوت ودهون وشموع حيوانية ونباتية بـ 3 ملايين ريال، والمواد الكيميائية ومنتجاتها غير المذكورة 5.5 مليون ريال، والسلع المصنعة والمصنفة أساسا حسب المادة بنحو 1.9 مليار ريال، والآلات ومعدات النقل 1.4 مليار ريال ومصنوعات متنوعة بنحو 1.26 مليار ريال، والسلع والمعاملات غير المصنفة بنحو 24 مليون ريال.