أرجع التحليل الأسبوعي لـ QNB التباين بين توقعات بنك الاحتياطي الفيدرالي والسوق، إلى اختلاف في وجهات النظر حول التضخم الذي شهد نسقًا تراجعيًا خلال معظم عام 2017.. مشيرًا إلى اعتقاد بنك الاحتياطي الفيدرالي أن ضعف التضخم حالة مؤقتة وأنه سينتعش إلى المعدل المستهدف 2% في عام 2018.
وفي الجانب الآخر، يرى المتشككون في السوق أن ضعف التضخم ناتج أساسًا عن عوامل هيكلية طويلة الأجل ومن غير المرجح أن يتم التغلب عليه بسرعة.
ويتوقع البنك أن يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة 3 مرات خلال الفترة من الآن وحتى نھایة عام 2018 حیث ستستمر العوامل الھیکلیة في الإبقاء علی التضخم دون المستوى المستھدف في حین ستتلاشى العوامل المؤقتة التي تعمل على إضعاف التضخم حاليًا.
وكشف التحليل عن ثلاثة تفسيرات للعوامل الهيكلية الرئيسية التي تقف وراء انخفاض التضخم.. أولًا، أدى انتشار العولمة إلى ارتفاع حدة المنافسة وزيادة التكامل في عملية إنتاج السلع والخدمات بين المصانع والشركات عبر العالم مما أدى إلى خفض تكاليف وأسعار التجزئة للمستهلكين العالميين.
وأظهرت البحوث التي أجراها بنك التسويات الدولية أن أثر العولمة على التضخم المحلي تدريجي ويمكن أن يستمر لعدة سنوات.. وهذا يعني أنه رغم تراجع وتيرة العولمة في السنوات الأخيرة، يبدو أن عوامل انتقال آثار انخفاض تكاليف العمالة الأجنبية لمختلف القطاعات، وزيادة المنافسة، وزيادة كفاءة الإنتاج، لا تزال تؤثر على التضخم في الولايات المتحدة اليوم.
ثانيًا، أدى ظهور التجارة الإلكترونية إلى زيادة المنافسة في سوق التجزئة من خلال زيادة الشفافية وانخفاض التكاليف..
ويتم حاليًا إجراء ما يقدر بنسبة 8% من مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة عبر الإنترنت، وتكشف مؤشرات الأسعار الرقمية عن انخفاض الأسعار في عدد كبير من فئات السلع بالمقارنة بـ الفئات المماثلة في مؤشرات أسعار المواد الاستهلاك الرسمية. ولذلك، فإن من المحتمل أن يكون سبب انخفاض الأسعار نتيجة لزيادة مبيعات التجزئة عبر الإنترنت.
ثالثًا، تقلص نمو الأجور بتراجع قدرة العمال على المساومة مما أدى إلى انخفاض التضخم. ويعكس ذلك حقيقة أن الشركات تنمو دومًا فتصبح شركات أكبر حجمًا، وتراجع قوة النقابات العمالية، وضعف نمو الإنتاجية.
ففي الماضي، كانت القيمة المضافة للعاملين تنمو بمعدل أسرع وكان العاملون أكثر فعالية في المساومة من خلال النقابات أمام شركات أصغر حجمًا، وهو ما كان يؤدي إلى نمو أسرع للأجور، وبالتالي إلى ارتفاع معدل التضخم.
وقال التحليل لكن رفض بنك الاحتياطي الفيدرالي عمومًا كل هذه التفسيرات للنوبة الحالية من ضعف التضخم. وبدلا من ذلك، يرى البنك أن معظم الضعف في التضخم يعزى إلى أحداث تقع لمرة واحدة. وبشكل أكثر تحديدًا، ينطوي ذلك على تغييرات منهجية في الطريقة التي يتم بها حساب تكاليف الهاتف المحمول وكذلك أثر سنة الأساس للقفزة في تكاليف الأدوية في عام 2016.
لكن السياق العام لوجهة نظر بنك الاحتياطي الفيدرالي يرتكز بشكل كبير على فرضية أن قوة سوق العمل سوف تؤدي في نهاية المطاف إلى ضغوط تضخمية .
وقلل التحليل من توقعات بنك الاحتياطي الفيدرالي المتفائلة بارتفاع معدل التضخم إلى المعدل المستهدف 2% بسرعة في عام 2018.. مؤكدًا أن معدل التضخم لم يبلغ المستهدف 2% خلال السنوات الخمس الماضية، ومن المرجح أن يكون وجود العوامل الهيكلية المذكورة سابقًا سببًا رئيسيًا لذلك. ولا يتوقع أن تتلاشى تلك التأثيرات الهيكلية فجأة.
وختم التحليل بـ ستتلاشى العوامل المؤقتة التي تؤثر على التضخم في عام 2018، وهو ما يتوقع له أن يضيف نحو 0.2% إلى معدل التضخم الأساسي، ليصل إلى 1.7% - 1.8% في عام 2018. وعندما نستخدم هذا المعدل التضخمي مع قاعدة تايلور (المعادلة القياسية لبنك الاحتياطي الفيدرالي لتقدير سعر الفائدة المناسب) بدلًا من معدل 2.0% الذي يتوقعه بنك الاحتياطي الفيدرالي، سنجد أن رفع سعر الفائدة ثلاث مرات خلال الفترة من الآن وحتى نهاية عام 2018 سيكون مناسبًا .