في المدن والمطارات وبطن الطائرات والأسواق، في الميادين والساحات العامة، في الفنادق والمقاهي والمطاعم وحتى الأكشاك والمحلات التجارية الصغيرة، التي كنت أطوف بها خلال الشهرين الماضيين، في ازدهار ونمو وانتعاش السفر ورحلاته الجوية، وتحقيقه لأرباح ضخمة، كان الفضل والانشغال والاهتمام والأخبار المتداولة والنشاط والزخم البشري مرتبطا في معظمه وموصولا بشكل مباشر وغير مباشر، أولا: بمونديال 2022م، كحدث عالمي لا يفوقه في الأهمية مثيل، لكونه الوحيد الذي يمثل معشوقة الجماهير "كرة القدم"، التي ينشغل بها الإنسان حتى الثمالة، وتثير حماسته وسعادته وتنسيه أحزانه وآلامه وواقعه المعيشي الصعب، وتجمع المختلف والمتنوع والمتفاوت والمتصدع والمتناثر... من البشر في أنحاء المعمورة... في ساحة الملاعب، على فنيات وتقنيات وإبداعات اللعب ومهارة الفرق واللاعبين، ولأنه يمثل عنصر اختبار وتحدٍّ للبلد المضيف، والعالم يشيد ويطري ويمتدح البلد التي استضافت مونديال 2022م، بما لا مجال للمقارنة مع الاستضافات السابقة. ثانيا: تميز قطر في التنظيم والاستضافة، وسحر وجمال هذا البلد الخليجي وبراعة ونجاح وبُعد نظر قيادته والمخططين في إعلان الدوحة مدينة تضاهي أكثر مدن العالم تقدما ونموا وازدهارا وحداثة وامتلاكا لأضخم المشاريع والصروح والمراكز والمجمعات التجارية والرياضية والثقافية التي ظهرت بصورة أبهرت العقول والأبصار في تصاميمها المعمارية وتناسقها وتكاملها وقدرتها على خدمة عشرات الآلاف من الناس في وقت واحد، وقوة وجودة ومتانة البنية التحتية والخدمات والشبكات العامة على اختلاف مهامها، والتي يتداول الناس صورها وفيديوهاتها ومقاطعها في أرجاء المعمورة بلغاتهم المختلفة، في وسائل التواصل وعبر شبكات النت وتعرضها كبريات قنوات الأخبار، إنها مرحلة زمنية يشعر فيها العربي بالاعتزاز والفخر في أي مكان حلت فيه قدمه، وهو ما لم يحدث عبر العقود الزمنية القليلة الماضية. في تايلاند الكمامات لم تعد ملزمة وإنما اختيارية، ومع ذلك ما زالت تخفي وجوه التايلانديين على اختلاف أعمارهم وجنسهم ومستوياتهم التعليمية في المطارات ومحطات المترو والقطارات والأسواق والأماكن العامة، فـ "كوفيد ١٩"، لا يزال جاثما في القلوب يثير الذعر ويدعو إلى أخذ أعلى درجات الحيطة والحذر، فدروسه العميقة على مدى العامين المنصرمين وما سببه على التايلانديين من خسائر ضخمة في الاقتصاد وفي أوضاعهم المعيشية لا ينسى، فيما لا تزال بعض الأسواق والمحلات التجارية والمنتجعات والفنادق والملاهي والمواقع السياحية في المدن خارج بانكوك، لم تسترد نشاطها ولم تستطع العودة إلى ما كانت عليه في مرحلة ما قبل كورونا.... المستشفيات الخاصة في تايلاند التي استثمر فيها رجال الأعمال بسخاء، وساهمت فيها شركات محلية وعالمية أصبحت تستقطب المرضى والراغبين في إجراء الفحوصات الطبية الشاملة والدورية من جميع أنحاء العالم، بما فيها الدول المتقدمة والمزدهرة في القطاع الصحي، كاليابان مثلا، ففي مستشفى "ساميتيفيج" بقلب العاصمة بانكوك الذي تأسس باستثمار من قبل شركة "سيف" في العام ١٩٧٩م، أضيف إليه مبنى آخر منفصل، عرف بأنه "مبنى اليابانيين"، وعندما استوضحت عن مهامه، قيل بأنه مخصص للمرضى اليابانيين الذين يعالجون بأعداد كبيرة في المستشفى، مفضلين الخدمات الصحية التايلاندية التي تتميز بتكلفة معقولة مقارنة باليابان.