

تواصل بعض الإدارات المدرسية تعزيز «التواصل مع المجتمع» الخارجي بالاستعانة بمفردات التقنية الحديثة، بما فيها اللجوء إلى مشاهير «السوشال ميديا»، الذين اكتسبت اسماؤهم وحساباتهم رواجا خاصّا لدى الطلاب، وذلك لتحقيق المزيد من الفوائد التعليمية والتربوية، تحت مظلة «الشراكة المجتمعية» التي تستوعب الجميع.
وفي هذا السياق اعتبر نشطاء على مواقع التواصل أن استعانة المؤسسات الوطنية بما فيها التعليمية والمدارس الحكومية والخاصة، بمشاهير السوشيال ميديا، هو اتجاه جديد فرض نفسه في ظل تزايد الوعي بمواكبة التطور في تقنية الاتصالات، مشيرين الى عدم وجود أي تقصير أو خطأ، من وجهة نظرهم، حين تستعين المدارس بخدمات المشاهير في اثراء العملية التعليمية وتوصيل رسائلها للطلاب.. على غرار ما يحدث في المؤسسات والهيئات الوطنية المختلفة. وفي هذا السياق، فقد استجاب صاحب حساب غيص قطر الشهير على مواقع التواصل الاجتماعي، حمد السليطي، لدعوات من مؤسسات تعليمية بما فيها مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، لإلقاء محاضرات حول البيئة البحرية في دولة قطر، وتعريف الطلاب بمفردات هذه البيئة واهم الكائنات البحرية فيها، بوصفها تهيمن على مضامين الخطاب، كما ألقيت محاضرتين عن البيئة البحرية في أكاديمية الخور.

نافذة وطنية
من جهته، قال جابر الشاوي، أحد أبرز ناشطي التواصل الاجتماعي في قطر، إن التطور في تقنية الاتصالات الحديثة يتطلب مواكبة من هذا النوع، وهو ما ساهم في تعزيز العلاقة بين المدارس والمجتمع الخارجي بكافة فئاته بمن فيهم مشاهير السوشيال ميديا، باعتبار هذه المواقع هي نوافذ وطنية تطل على الواقع وتعالج قضايا إيجابية سواء تعليمية او سياحية او بيئية او ما الى ذلك، ولكن لا يجب أن يتم تعزيز هذه الروابط على حساب العلاقة مع اولياء الأمور الذين يفترض أنهم شركاء أساسيون في مسيرة نجاح اي مدرسة، منوها بأهمية مجالس أولياء الأمور ودورها في إيجاد قنوات اتصال دائمة بين المدرسة والمجتمع والأسرة تحديداً.
الدعم المناسب
من جهته، قال الاستاذ خالد محمد اليافعي، أكاديمي، إن المدارس تولي أهمية كبيرة لتعزيز مفهوم «الشراكة المجتمعية» ولاسيما العلاقة مع أولياء الأمور كأولوية تربوية ضمن خطط المدرسة وأهدافها، ولذلك تحرص بعض الإدارات المدرسية: على نقل هذا الشعور إلى المعلمين والطلبة على حد سواء، وإشعارهم بأهمية التواصل وتحقيق الدعم المناسب للقيام بأدوارهم بشكل فاعل، أكثر إيجابية، لتحقيق النتائج المرجوة.
وأكد اليافعي ان الشراكة المجتمعية ضرورة في هذه المرحلة وليست شعاراً تربوياً ترفعه المدارس بلا مضمون.. لأن العملية التعليمية في وقتنا الراهن لا تعتمد على المدرسة وحدها، بل أصبحت تشمل إلى جانب المدرسة، الأسرة والمجتمع كله بشتى مؤسساته مثل الوزارات والمراكز الشبابية والأندية، وكذلك فئات المجتمع بمن فيهم الخبراء والباحثون والمشاهير.
واعتبر ان أغلبية «جمهور» المشاهير على مواقع التواصل هم من فئة الطلاب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 10 – 18 سنة، لذا من المفترض أن يكونوا – هؤلاء المشاهير - قدوة لغيرهم، مع ضرورة تركيزهم على الإيجابيات وابراز القيم الجمالية في المجتمع، وهو ما يضع هؤلاء المشاهير في دائرة الضوء، ويحملهم مسؤولية ما يعرضونه من محتويات على حساباتهم.
ونوه بأهمية الدور الأسري في مراقبة الأبناء ووضع ضوابط للتعامل مع مواقع التواصل، والتصدي للسلوكيات الخاطئة التي قد تروجها تلك المواقع، بل لا بد وأنها تروجها، في ظل تقليد المراهقين لمشاهير الإنترنت والسوشيال ميديا واتخاذهم قدوة، سواء في المظهر الخارجي أو في الهوايات وهذا مما قد لا يتناسب مع مجتمعاتنا، خاصة انها تؤثر على جيل المراهقين والشباب.
زيادة الوعي
وأشار الاستاذ سعد السعدي، أخصائي اجتماعي، إلى أهمية التنمية المستمرة للعلاقة بين الإدارة المدرسية والمجتمع، من خلال اشراكه في الفعاليات والأنشطة المدرسية لتوثيق الصلة بين المدرسة وكافة فئات المجتمع الخارجي ولا سيما الأسرة، لأن الأخيرة تلعب دوراً كبيراً في تحفيز أداء الطالب وترفع من تحصيله العلمي، علاوة على زيادة التكيّف مع محيطه المدرسي ومتابعة سلوكياته، واجباته، ودرجاته والارتقاء بواقعه، منوهاً برفع مستوى الوعي لدى الأسرة بأهمية وجود شراكة مع المجتمع المدرسي.
واعتبر السعدي أن استعانة بعض المدارس بمشاهير مواقع التواصل ربما تعكس رغبة مجتمع السوشيال ميديا واستعداده للاندماج والمساهمة الفعالة في جهود «الشراكة المجتمعية» وتحسين التعليم وتطويره، داعياً هؤلاء المشاهير إلى لعب دور مؤثر في حياة الجيل وجذبه إلى مفاهيم وقيم مجتمعية أصيلة في حياتنا، وما أكثرها.
كما نوه السعدي بأهمية اجتماعات أولياء الأمور ودورها في توثيق العلاقة بين المدرسة والبيت، من خلال استقبالهم في لقاءات دورية، حيث يقفون عن كثب على مستوى أبنائهم، الأكاديمي والسلوكي، من خلال مقابلاتهم مع المعلمين والإداريين والنائب الأكاديمي والإداري ومنسق شؤون الطلاب، كما تستمع إدارة المدرسة الى ملاحظات أولياء الأمور ومقترحاتهم لأن هذه اللقاءات يطغى عليها الجانب التربوي الأسري بحيث تمتزج فيها الآراء والأفكار بما يخدم العملية التعليمية ويسهم في تحقيق النتائج المرجوة.
الشراكة المجتمعية
يذكر ان المدارس الحكومية تولي أهمية لتطبيق مفهوم الشراكة المجتمعية فى العملية التعليمية، من خلال مجالس الأمناء واشراك مختلف فئات المجتمع في منظومة التعليم لضمان جودة التعليم كما نص قانون المدارس على أن يتم تشكيل مجلس أمناء كمجلس رقابى إشرافى يعمل — بالتنسيق مع الإدارة المدرسية— على ضمان جودة التعليم فى المدارس، حيث يقوم المجلس بإسداء النصح والمشورة للإدارة المدرسية، كما أن المجلس يعتبر بمثابة صوت المجتمع والممثل له فى المدارس ويشكل أداة للإشراف والمشاركة المجتمعية.
ويقوم مجلس الأمناء بعدة مهام من بينها الإشراف (التحقق من الجودة)، حيث يعمل المجلس بالتعاون مع ادارة المدرسة على وضع معايير موضوعية لتقييم أداء المدرسة من حيث العمليات الإدارية المدرسية، وكتابة تقارير أداء بشكل منتظم. كما يقدم المجلس المشورة حول المعايير الموضوعية لعملية المتابعة تحقيقاً لأهداف المدرسة ذات الأولوية. كما يقوم مجلس الأمناء بإسداء النصح حول الإشراف المالى بمراجعة تقارير الدخل والمصروفات ووثائق التدقيق والتخطيط المالي، ومتابعة أداء المجلس نفسه من خلال وضع أهداف للأداء وإجراء تقييم ذاتى منتظم.
التواصل بين المدرسة والمجتمع
تشير البحوث التربوية لأهمية التواصل بين المدرسة والمجتمع ولا سيما الأسرة وحضور أولياء الأمور للفعاليات المدرسية والأنشطة التطوعية في المدرسة، والمشاركة في المؤتمرات التي تعقد بين أولياء الأمور والمعلمين والإداريين لبحث وظائف ومهام المدرسة وشواغلها مما ينتج عنه مخرجات اجتماعية وأكاديمية رفيعة المستوى، ذلك أن وجود أولياء الأمور في المدرسة يساعدهم على متابعة ومعرفة التقدم الاجتماعي والأكاديمي لأبنائهم والتخطيط السليم لمستقبلهم الجامعي.
كما تشير معطيات البحوث التربوية الى ان الطلبة الذين يشارك آباؤهم في تعليمهم يحرزون معدلات عالية في تحصيلهم الأكاديمي وفي مجال الاعتماد على الذات، وتشكيل الهوية والذاتية، ويخططون بصورة ايجابية لتطلعاهم المهنية، ويميلون لتشارك الأفكار والمعلومات مع والديهم مما يساعد الوالدين على توجيههم للمسار الأكاديمي السليم وفق رغباتهم وميولهم وقدراتهم العلمية.
كذلك كشفت البحوث عن أن الطلبة المراهقين عندما يشعرون أن آباءهم يتطلعون لتحقيق أهداف عالية المستوى من خلال تعليم أبنائهم تتولد لديهم الرغبة والدافعية في الذهاب إلى المدرسة ويكونون منظمين أكاديمياً وبصورة ذاتية ويضعون لأنفسهم أهدافا عالية خلال مسيرتهم الدراسية وغيرها من المعطيات ونتائج البحوث التي تؤكد أهمية المشاركة المجتمعية ونتائجها الإيجابية على المدرسة والبيت على حد سواء.