نجحت البنوك والمصارف الاسلامية العاملة في الدولة خلال العام الماضي في ادارة المخاطر الناشئة بكفاءة رغم تأثير تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد والمعروف اختصارا بفيروس كوفيد 19 من ناحية، ومن الصمود بقوة واستقطاب تدفقات نقدية رغم انخفاض اسعار النفط منتصف العام الماضي الى مستويات سالبة، حيث ارتفعت قيمة الودائع المسجلة في الجهاز المصرفي بنهاية العام الماضي. وكان من أبرز النقاط الجلية التي تعكس نجاح البنوك والمصارف الاسلامية العاملة في الدولة في ادارة المخاطر المسجلة في 2020، هو التحرك السريع للإدارات المختصة وعلى وجه الخصوص الادارات المكلفة بإدارة المخاطر نحو زيادة قيمة المخصصات الخاصة بالخسائر الائتمانية والتي تنص عليها التقارير المحاسبية، حيث تشير حسابات اجرتها لوسيل الى ان اجمالي قيمة محفظة مخصصات خسائر القروض بلغ نحو 9.99 مليار ريال بما يعادل تقريبا نحو 2.75 مليار دولار امريكي، ليتضاعف تقريبا ثلاث مرات خلال النصف الثاني من العام الماضي وبما يشكل تقريبا نحو 47.94% الى اجمالي الارباح المسجلة والتي تقدر بنحو 20.8 مليار ريال بما يعادل تقريبا نحو 5.71 مليار دولار امريكي، وذلك لسبعة بنوك ومصارف اسلامية عاملة في الدولة ومدرجة في بورصة قطر وهي مجموعة بنك قطر الوطني QNB ومصرف قطر الاسلامي والبنك التجاري ومصرف الريان والدولي الاسلامي والبنك الاهلي والبنك الخليجي، في حين لم يعلن بنك الدوحة وبنك قطر الاول بعد عن صافي المخصصات التحوطية التي تم تخصيصها واستقطاعها خلال العام الماضي لمواجهة اي تحديات على مستوى تدني قيمة الائتمان بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد والمعروف اختصارا بفيروس كوفيد 19، وتسجيل اي تعثر ائتماني طارئ بسبب تعطل الاعمال خلال العام الماضي.
وتعكس الزيادة المسجلة خلال العام الماضي على مستوى مخصصات خسائر القروض إتباع البنوك والمصارف الاسلامية العاملة في الدولة سياسة متحفظة في تكوين مخصصات خسائر القروض من خلال زيادة صافي المخصصات والتعثر بشكل مضاعف لمرتين وثلاث مرات في البنوك والمصارف وفقا للاوزان المعتمدة واحجام القروض والتمويلات الائتمانية التي تم منحها من البنوك والمصارف الاسلامية العاملة في الدولة لكافة القطاعات الاقتصادية النشطة في الدولة بالاضافة الى الافراد.
وقامت البنوك والمصارف الإسلامية العاملة في الدولة بمواصلة اتخاذ أعلى الإجراءات الاحترازية والاستباقية لمواجهة كافة التحديات المستقبلية التي من المتوقع أن تنشأ نتيجة المتغيرات الاقتصادية التي شهدها العالم خلال النصف الأول من العام الجاري، حيث قامت كافة البنوك والمصارف الإسلامية العاملة في الدولة بتفعيل كافة الخطط الإستراتيجية التي يتم تفعيلها عند الضرورة، وخاصة الإجراءات التي تتعلق بالجوانب الإدارية والمالية، بما يساهم في المحافظة على استقرار مختلف المراكز المالية والميزانيات الخاصة بالبنوك والمصارف الإسلامية العاملة في الدولة، وعلى وجه الخصوص الجوانب المتعلقة كذلك بالمحافظة على استدامة الربحية للبنوك والمصارف القطرية، واستقرار رأس المال وكفايته عند المستوى الذي تم تسجيله خلال فترة السنوات القليلة الماضية، حيث نجحت البنوك والمصارف القطرية في زيادة متوسط نسبة كفاية رأس المال على المستوى المحلي والتي بلغت مستوى 18 بالمائة، مقارنة بالمستويات المسجلة على المستوى الإقليمي والتي تقدر عند حدود 16% بشكل عام.
الى ذلك، فان بعض المصادر المالية والمصرفية اشارت في ذات الاطار إلى أن البنوك والمصارف الإسلامية العاملة في الدولة متوقع لها ان تواصل سياستها التحفظية خلال العام الجاري وعلى الاقل طيلة النصف الاول من العام 2021، خاصة في ظل تذبذب الاوضاع الاقتصادية والمالية على الصعيد العالمي، وبالاخص في ظل عودة الحديث عن تفشي سلالات جديدة من فيروس كورونا المستجد والمعروف اختصارا بفيروس كوفيد 19 في العديد من المناطق في العالم وفي مقدمتها بريطانيا والمنطقة الاوروبية، غير ان ذات المصادر شددت على أن البنوك والمصارف الاسلامية العاملة في الدولة ستواصل نهجها التوسعي وبالاخص في السوق المحلية نظرا للفرص المميزة التي يوفرها السوق المحلي مع الأخذ بعين الاعتبار المتغيرات التي شهدها العالم على المستوى الاقتصادي نتيجة لتفشي فيروس كورونا المستجد والمعروف كوفيد- 19 ، حيث من المتوقع ان تقوم البنوك والمصارف الإسلامية العاملة في الدولة بمواصلة تفعيل كافة الإجراءات والسياسات النقدية والإدارية والمحاسبية المتحفظة تحسبا لأي متغيرات، مع العمل على استقطاع مجموعة من المبالغ المالية وتحويلها إلى بند المخصصات وذلك من أجل تغطية أي تحديات قد تطرأ مستقبلا مع العلم أن كافة البنوك والمصارف الإسلامية العاملة في الدولة تحرص بشكل دائم على تكوين جانب من المخصصات لمواجهة أي تحديات أو تقلبات قد يشهدها الاقتصاد العالمي خلال الأشهر القليلة المقبلة من تقلبات مختلفة، وذلك حتى تضمن البنوك والمصارف الإسلامية العاملة في الدولة هامشا كبيرا من الحركة بكل أريحية ومواصلة أدائها وأنشطتها التمويلية بشكل موسع وكبير وتستمر في دعم المشاريع التنموية في الدولة ورفد الاقتصاد الوطني بقيمة مضافة تدعم الناتج المحلي للدولة بشكل عام.
كما ألمحت ذات المصادر الى ان البنوك والمصارف الاسلامية ستواصل دراسة السوق العالمية بشكل كبير للبحث عن فرص اصدار سندات وصكوك واوراق مالية وتجارية مقومة بالدولار الامريكي واليورو خلال النصف الاول من العام الجاري في ظل انخفاض اسعار الفائدة الدولارية وبحث العديد من الدول والحكومات والمؤسسات عن التمويلات المضمونة باحتياطيات تغطيها لمواجهة الاثار المرتبطة بفيروس كورونا والمعروف اختصارا بفيروس كوفيد 19، بالاضافة الى ذلك، ستبحث البنوك والمصارف الاسلامية العاملة في الدولة على فرص استثمارية توسعية في الاسواق العربية والعالمية اما من خلال زيادة حصص استثماراتها في عدد من البنوك والشركات الزميلة والتابعة لها او حتى الاستحواذ على اخرى، بما يساهم في زيادة حجم المحفظة الاستثمارية للبنوك والمصارف الاسلامية القطرية بدرجة اولى ومن ثم تعظيم الارباح والعوائد للمساهمين مع زيادة توزيع المخاطر وتجزئتها وعدم تركيزها في نقطة واحدة وبالتالي تخفيف قدر الامكان من تلك المخاطر وموازنتها والحد من التقلبات التي قد تنشأ في العديد من الاسواق جراء متغيرات جيوسياسية او جيواقتصادية قد تطرأ خلال العام الجاري رغم النظرة المتفائلة من قبل العديد من المؤسسات المالية العالمية.
كما ستقوم البنوك والمصارف الاسلامية العاملة في الدولة خلال العام الجاري بتحديث مستمر للبيانات والإجراءات المتعلقة بالخطط الإستراتيجية بإدارة البنوك والمصارف الإسلامية العاملة في الدولة ومن ثم يتم إبلاغ الجهات الرقابية والإشرافية المختصة في الدولة وفي مقدمتهم مصرف قطر المركزي من أجل ضمان أفضل الممارسات المالية والنقدية وبما يواكب ويتماشى مع المعايير والضوابط الإشرافية التي يحددها مصرف قطر المركزي بصفة دورية من أجل ضمان أكبر قدر ممكن من ملاءمة تلك الإجراءات مع التطورات المالية والنقدية في الدولة وبما يساهم في تعزيز مناخ الثقة في الجهاز المصرفي الذي أثبت جدارته على امتداد السنوات القليلة الماضية.
وكانت البنوك والمصارف الاسلامية العاملة في الدولة بدأت منذ نحو عامين في تطبيق مجموعة من المعايير المحاسبية التي تتعلق بتصنيف التعرضات الائتمانية ومخصص الخسائر الائتمانية المستقبلية المتوقعة والذي يتضمنه المعيار رقم 9، بالاضافة الى تطبيق الارشادات والتعليمات التي اصدرها مصرف قطر المركزي في تلك الفترة فيما يتعلق بتكوين مخصص الخسائر الائتمانية المستقبلية المتوقعة بالاضافة الى مطالبته جميع البنوك والمصارف الاسلامية العاملة في الدولة بضرورة تزويده بتقرير ربع سنوي ملخص ومراجع من مراقب حسابات البنك عن تصنيف التعرضات الائتمانية لديه ومخصصات الخسائر المتوقعة وفقا للنماذج التي تم تحديدها مع مطابقة اجمالي المخصصات المدرجة في التقرير مع المخصصات المدرجة في نظام المخاطر الائتمانية والمركز المالي الشهري بالمصرف المركزي مع تأكيد على البنوك والمصارف الاسلامية العاملة في الدولة حينها على انه عند تصنيف التعرضات الائتمانية للعملاء ما بين كافة مراحل الائتمان وتحديدا المرحلة الاولى والتي تتعلق باحتمال التعثر للسنة المالية فقط وللمرحلة الثانية والتي تتعلق باحتمال التعثر على مدى عمر التمويل حيث يجب ان يكون التصنيف على مستوى المركز الائتماني للعميل والحسابات المرتبطة به مباشرة والتي يرتبط سدادها وترتبط مخاطرها بمخاطر حسابات العميل ويراعى في ذلك انه اذا ما تم تحويل حسابات العميل والحسابات المرتبطة به من المرحلة الاولى الى المرحلة الثانية فانه يتوجب توفر مجموعة من الشروط الاساسية وفي مقدمتها الغرض من الائتمان الجديد يختلف عن الغرض من الائتمان القائم ومصادر سداد الائتمان الجديد مختلفة ومستقلة تماما عن مصادر سداد الائتمان القائم والضمانات والكفالات على الائتمان الجديد ان وجدت مختلفة ومستقلة تماما عن الضمانات والكفالات على الائتمان القائم والائتمان الجديد لا يشكل بأي حالة من حالات اعادة الهيكلة او اعادة الجدولة او اعادة التسعير للائتمان القائم وعدم وجود أي ارتباطات اخرى بين الائتمان القائم والائتمان الجديد من شأنها تأثير تعثر احدهما على الاخر.
وقد ساهمت تلك الآليات التي انتهجتها البنوك والمصارف الاسلامية العاملة في الدولة في تحقيق الاستقرار المالي والنقدي والمحافظة على مراكز مالية رائدة حيث تعد دولة قطر من الدول التي تسجل فيها نسب تعثر ضئيلة جدا مقارنة بعشرات الدول ضمن الاقتصادات الناشئة والمتقدمة والتي تعاني أجهزتها المصرفية من ارتفاع حاد في نسب تعثر الائتمان الممنوح لكافة القطاعات.